أنت هنا

الجهاد ليس لعبة ولا تجارة
18 ربيع الأول 1431
موقع المسلم

أحد الزعماء العرب "الثوريين" قرر إعلان الجهاد ضد سويسرا الكافرة الفاجرة-بحسب توصيفه في خطبة علنية على الهواء مباشرة-!! ويطالب جميع المسلمين بمقاطعة بضائع الدولة المذكورة، ومحاربتها بكل السبل المتاحة.
قد يظن البعض -وبعض الظن إثم- أن الرجل غاضب من تصويت أغلبية الشعب السويسري لمنع بناء المآذن هناك!! وربما التمس هذا البعض عذراً للقائد عن تأخره في الاستياء من الحظر الأثيم، بالرغم من أن النبأ في حينه انتشر انتشار النار في الهشيم، لأن انشغال الزعيم الجاثم على صدر شعبه عنوة منذ عشرات السنين بابتكار نظرياته الأممية لإصلاح حال البشرية، حَالَ دون اطلاعه على ذلك الخبر!!

 

فكيف يهتم رجل مثله بقضية كهذه وهو صاحب مشروع قتل أصحاب اللحى في الشوارع باعتبارهم"كلاباً ضالة"على حد هرائه في خطبة متلفزة؟
هنا يصبح اللغز شديد الإثارة، فهل يُعْقَلُ أن يتحول مبغض المتدينين جملة وتفصيلاً إلى مجاهد ضد الكفر والفجور بين عشية وضحاها؟وكيف يستوعب العاقل انقلاب شخص يدعو إلى حذف كلمات من القرآن الكريم ليغدو فجأة متمثلاً بقول الحق سبحانه لنبيه الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } سورة النساء-الآية84؟

 

قد يقال: إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلّبها كيف يشاء، وهذا حق جاء في السنة النبوية الصحيحة الصريحة، لكنه لا ينطبق على حال زعامات من هذا النمط!!فعلائم الاهتداء إلى الحق والإنابة إلى الله تبارك وتعالى محددة وليس فيها أدنى لبس، وشروط التوبة النصوح معروفة لكل مسلم، وأولها:الإقلاع الجازم عن المعصية والندم على ما فات والعزم على عدم العود إليها، ويضاف إلى تلك الشروط شرط رابع إذا كان الذّنْبُ متعلقاً بالخَلْق وهو ردّ المظالم إلى أهلها بأداء الحقوق إلى أصحابها أو استبراء الذمة منهم بالصفح والمسامحة.
والزعيم الفذ لم يفعل من ذلك شيئاً فهو لم يعلن توبته من قريب ولا بعيد، والعلانية في حاله وحال أمثاله ضرورة حتمية، لأنهم ظلموا الأمة حتى صدق فيهم قول المعري:
مُلَّ المقامُ فكم أعاشر أمةً أَمَرَ بغير صلاحها أمراؤها
ظلموا الرعية واستجازوا كيدها وَعَدَوْا مصالحها وهم أُجراؤها

 

وأول مظلمة للأمة عند هذا واشباهه هي استيلاؤهم على قيادتها من غير وجه حق، ثم إسرافهم في إيذائها بقتل الأبرياء وسجنهم وتشريدهم ونهب أموالهم......
ولو كان هؤلاء صادقين في ادعاءاتهم لوجب عليهم فوق ما سلف، تغيير المنكرات العظيمة السائدة في أوطانهم بتواطؤ منهم بل بتحريضهم في كثير من الأحيان.
وهذا "المجاهد"الافتراضي لو أراد أن يخدعنا لاختار إعلان الجهاد على الكيان الصهيوني وعلى الأمريكيين الذين يحتلون أراضي المسلمين ويؤازرون أعداءهم بكل الوسائل وبأقصى طاقتهم؟لكن ذلك من رابع المستحيلات لأن واشنطن هي التي تحمي كراسي هؤلاء المستبدين، وتؤيد توريثم الجمهوريات المزعومة لأبنائهم!!

 

فهل يظن أولئك أن الأمة ما زالت على سذاجتها قبل 60عاماً عندما كان عميل للغرب مثل الحبيب بو رقيبة يسمي نفسه المجاهد الأكبر-كذا والله-!!
وهل يتوهمون أننا لا نقرأ ولا نكتب ولا نرى ولا نسمع، لكي نعرف أن السبب وراء الجهاد المزعوم هو أن القضاء السويسري أصدر حكماً ضد أحد أبناء الديكتاتور المشار إليه، لأنه أساء معاملة خادمته؟