11 رجب 1431

السؤال

فاجأتني إحدى قريباتي بأن أختها وابنة أخيها (ليست محرماً لي) تعاكسان من منتصف الليل حتى ساعة متأخرة وهما لا تزالان في مرحلة الأول ثانوي، وعند تفتيش غرفة أختها (محرم لي) وجدت شريحة بها 8 أفلام جنسية.. والعياذ بالله.. ووجدت رسائل حب وغرام بين الفتيات وحاولت تنبيهها إلى أنها كشفتها، لكن بنت أخيها وشريكتها في الغزل نبهتها إلى أنه انكشف أمرهما وقامت الأخت المغازلة بمسح الأرقام من جوال أختها التي كشفتها.. وبعد أسبوعين اتصلت بي قريبتي هذه وهي أخت إحدى الفتيات وعمة الأخرى وجعلتْ الأمر في عنقي؛ كون الناس في قريتي يتوسمون في الخير ويعلقون علي آمالاً كبيرة، وأنا أصبحت حائراً في مسألة معالجة الأمر.. فهل أصارح قريبتي هذه المغازلة وأجلس معها جلسة ود وصدق ومصارحة فأنا أستطيع ذلك علماً أنها تُكنّ لي التقدير والاحترام خاصة أني أهديتها هدية قبل فترة عبارة عن إكسسوار جعلها في قمة الفرح والسرور، فهي فاقدة لأمها منذ أن كانت صغيرة، ووالدها كبير سن جداً وإخوتها وأخواتها متزوجون جميعا ولا يوجد بهذا البيت إلا هي وابنة أخيها قرينتها في الغزل والدراسة.. وأنا أعرف يقينا أنها هي التي جرتها لهذا الطريق أصلحهما الله.. أرجو مساعدتي عاجلا قدر المستطاع.. فوالله إن الأمر شديد علينا لو انكشف أمرهما..
ملاحظة: الفتيات لم يخرجن أبداً مع الكلاب البشرية والدليل أن الشاب يضغط عليها لتخبره عن مكان بيتها لكنها ترفض وتقول أنا اتفقت معك أنه مجرد كلام فقط لا غير..

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

أخي السائل الكريم: بداية أشكرك على مصارحتك ومكاشفتك للموقع بهذه الأمور البالغة الأهمية، والتي تحتاج إلى أناة وحكمة في التعامل معها، وما حكيته هو من القضايا الخطيرة جدا والتي بدأت تهدد مجتمعاتنا، وتنخر فيه كالسوس، ولو ما تداركنا أبناءنا وسعينا يدا واحدة، وكل من جانبه ومن موقعه، لحماية شباب أمتنا من هذا الداء الذي ينخر في جسمه، سنستفيق يوما نجد أننا فقدنا أبناءنا، وأضعنا جيل الغد وأطرا عاملة وناجحة، وفقدنا الأمل في المستقبل الذي سيقيم قواعده أبناء جيل اليوم، لأن الساعد الذي علينا أن نقويه للبناء، إذا ما أهملناه تحول يوما إلى معول لهدم هذا البناء.
قرأت هذه المشكلة المطروحة مرات عديدة، لأصل في النهاية إلى أن الحل الوحيد هو مواجهة هذا المشكل، بالمصارحة والمبادرة حالا في التوجيه والإرشاد وحماية هذه العمة وبنت أختها من هذا الضياع، ومن انكشاف أمرهما وما قد ينتج عن ذلك من عواقب خطيرة، على دينهما وعلى عرضهما وعلى سمعتهما..
والذي أراه كحَل ممكن في هذه الحالة هو أن تشترك أنت أخي الكريم وبمساعدة قريبتهم في إنقاذ هاتين الأختين، وتعملا معا لردهما لطريق الهداية، فواجب القريبة من جهة أن لا تبتعد عنهما، وتتخلى عن واجبها اتجاهها، باعتبارها مرأة مثلهما، تستطيع أن تصارحهما أكثر، وتحتك بهما أكثر، وحبذا لو تسعى لتوثيق علاقتها بهما أي بأختها وبنت أختها، وتكسب في الوقت نفسه ثقتهما وصداقتهما، وتتردد عليهما باستمرار، وتحاول أن تخرج معهما، أو أن تزورهما أو تستضيفهما عندها، بحسب المناسب لها ولظروفها، المهم أن لا تدع فرصة دون أن تغتنمها فتجلس معهما وتحدثهما، حتى تتعودا على وجودها معهما وفي حياتهما، وكأنها بمثابة الأم لهما التي لا تتخلى عن واجبها اتجاه أبنائها حتى لو رفضوها، وبمثابة الأخت الصديقة والعمة القريبة التي توطن نفسها لحل مشاكلهما، والتي عندها استعداد أن تكون إلى جانبهما، كيفما تكون تصرفاتهما، ورغباتهما، وأحلامهما، حتى لو كانت منحرفة، فأول الفهم العلم، وهذا يحتاج للإنصات أولا قبل المبادرة في التغيير والإصلاح، ولتشعرهما بالأمان من جهتها، وأنها كاتمة لأسرارهما، يقدران أن يقولا لها كل شيء وفي أي وقت من غير أن يشعرا بخوف أو ارتباك أو خجل، ولا تكن جلادا يجعلهما ينفران منها ومن حديثها ونصيحتها، فلتمهد الأرضية، ولتبسط البساط الجميل، حتى تنجح في آداء مهمتها في توعيتهما، وتهذيبهما، وتوجيههما بالتدريج وبالحلم وبالصبر، وبالترغيب والترهيب معا، ولتحاول في نفس الوقت أن تعرفهما على صحبة طيبة، تعينهما على تقوية إيمانهما، وتهزم بداخلهما نزغات الشيطان وهمزاته ونفثاته، أو تدخلهما في أنشطة معها هادفة، وتشغل أوقاتهما بالنافع والمفيد لحياتهما، وتفرغ طاقتهما فيما هو هادف، كذلك تملك هذه القريبة أن تستدعيهما بعد أن تكسب مودتهما، لزيارات عائلية، أو لجلسات ُتعقد فيها دروسا ومواعظ مفيدة لهما سواء بالمسجد أو بالبيت، تهذب أخلاقهما، وتقوِّم سلوكهما، وتربطهما بدينهما برباط متين، يصرفهما عن أهواء النفس، وعن عبث العابثين،
وأنت من جهتك أخي الكريم حاول أن تحل هذا المشكل، بأن توجه القريبة التي وضعت هذا الأمر بين يديك، لتتعاون معك وتشاركك في نجاح مهمتك، ولا تضع الأمر كله على عاتقك، حتى يتوحد المجهود ويتحقق الهدف، حاولا أن تخططا معا لأجل أن تخلصا هذين الأختين من براثن الفساد والانحلال، وحتى تحميانهما من مصير الهلاك، هذه رسالتكما معا، وعليكما أن تنجحا في تحقيقها، وما دمت أنت أخي الكريم تقدر من جهتك أن تنجز هذا الأمر مع قريبتك، التي زلت قدمها مع بنت أختها في طريق محفوف بالمخاطر والمهالك، فواجبك يحتم عليك أن لا تسكت، أو أن تدعهما وشأنهما، وكأن الأمر لا يمت إليك بصلة، بل الأصل أن تواجه هذا المشكل وتعمل على حله، بطريقة لا تشيع خبرهما، أو تسبب الأذى لهما، أو تضر بمصلحتهما وسمعتهما ومستقبلهما، حاول أن تجلس مع قريبتك خاصة أنها تثق بك وتحترمك، وهذه ورقة لصالحك استخدمها في هذا الموطن، وحاول أن تكلمها بالموضوع بأسلوب يناسب سنها وفهمها ونضجها، ومن غير أن تخبرها بمن بلغك بهذا الموضوع، ولن تعدم حيلة في أن تجعل وكأن الخبر وصلك بطريق الصدفة، فهذا سيقلقها ويخيفها، وسيشعرها أن أمرهما لم يعد يجري بالخفاء، وإنما صار يشيع وينتشر، وهنا تبين لها أن سبب تدخلك إنما هو خوفك عليها وعلى بنت أختها من أن يعرف باقي أفراد الأسرة والقرية الخبر، فكما عرفت أنت ممكن أن يعرف الباقي، ثم بعد ذلك اعمل على توجيهها ونصحها، أرشدها لخطورة الطريق الذي يسيران فيه معا، وأن استمرارهما على هذه التصرفات، معناه ضياع مستقبلهما الدراسي، وضياع لدينهما، ولحياتهما.. حاول أن توقظ بداخلها الوازع الديني، بأسلوب جميل ومؤثر ورادع، تشعر بعده بتأنيب الضمير، وبرغبة في التوبة والإقلاع عن هذا السلوك المنحرف.
ستبذل خلال رحلتك مجهودا وعناء، وستحتاج لوقت طويل، ولسعة صدر، ولجرأة وصبر، ولكن إياك أن تمل أو تكل أو تتكاسل أو تتخلى عن أداء مهمتك، لا تنس أنك بهذا تخدم دينك، وتؤد واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنبي صلى الله عليه وسلم يوجهنا لذلك فيقول: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فليغيره بلسانه فإن لم يستطع فليغيره بقلبه وذلك أضعف الإيمان) فلا تتخل أنت ولا قريبتهم عن واجب الرعاية وعن المسؤولية التي على عاتقكما، وحاولا معا أن تنجحا في إنقاذ هذين الأختين بكل الطرق الممكنة.
أسأل الله العلي القدير أن يوفقكما لما فيه الخير لهذين الأختين، وان يرشدكما لتوجيههما ونصحهما وردعها وردهما لطريق الحق رداً جميلاً.