أنت هنا

وقف الحرب باليمن.. أهي استراحة محارب للحوثيين؟
28 صفر 1431
موقع المسلم

"مشكلة صعدة انتهت، وتم الاتفاق على طي هذه الصفحة التي سفكت فيها الدماء"، هكذا قال سلطان البركاني رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الشعبي الحاكم في اليمن والأمين العام المساعد للحزب، مؤكداً على الاتفاق مع الحوثيين على إنهاء الحرب في صعدة، وتوافق إعلان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح مع بيان صادر عن الحوثيين على موعد محدد لوقف إطلاق النار بدأ منذ مساء الخميس.

إيقاف الحرب في دولة مسلمة عربية أمر يبعث على السعادة ويبهج كل مسلم مهما كان اختلافه مع الحوثيين، لأننا ندرك أن من يصطلي نار الحرب ليسوا مفجريها في طهران، وإنما المدنيين الأبرياء الذين عادة ما يكونون ضحايا كل حرب بمن فيهم من عوائل لا تشاطر جماعة الحوثي المتمردة أفكارها الإمامية، بل ومن بعض المكرهين الذين وجدوا أنفسهم واقعين بين مطرقة القتال إلى جانب الحوثيين أو التعرض لبطشهم وانتقامهم مثلما أقر العديد منهم في شهادات مرئية بثت على الانترنت منذ شهور.

والحرب التي اندلعت منذ ست سنوات وذهب ضحاياها الآلاف من أبناء الشعب اليمني، وامتدت في الأشهر الأخيرة إلى داخل المملكة العربية السعودية، قبل أن تتمكن الأخيرة من إخمادها بعد تصديها بحزم لهجمات وتحرشات ميليشيات الحوثيين، لا يمكن أن يفرح بها أي مسلم مخلص يريد أن تحقن دماء المسلمين، ولذا فكثيرون سيستقبلون السلم في صعدة بارتياح وتفاؤل كبير، ونحن نشاطرهم تلك الفرحة، غير أننا من حقنا أن نتساءل عن السبب الحقيقي الذي دفع الحوثيين لطلب وقف إطلاق النار والموافقة على شروط الحكومة اليمنية بعد القبول بنظيرتها السعودية، وهل هو الإيمان بأن رفع السلاح في وجه حكومتي صنعاء والرياض، وشعبي اليمن والسعودية كان عملاً دينياً واجباً جرى التراجع عنه فقط تحت طائلة الهزيمة والانكسار العسكري، أو أن ذلك التراجع قد تم لأن الحوثيين قد آمنوا بالفعل أنهم مخطئين بتوجيه سلاحهم للمسلمين من مواطنيهم وغيرهم؟

صحيح أنه لا ينبغي التفتيش في النيات وإثارة الشكوك، لكن الحصافة والحكمة تقتضي أن نضع الأمور في أنصبتها الحقيقية، وأن نأمل من المعنيين في اليمن أن يحصلوا على ضمانات حقيقية تحول دون تشكيل ميليشيات ذات توجه طائفي انفصالي على التراب اليمني، وأن تتخذ الإجراءات الكفيلة بمنع تكرار أي من حلقات التمرد الست الماضيات بكل ما جلبته من ألم على المنطقة.

ينبغي في المقابل أن يتفهم الجميع أن أي رغبة انفصالية أو تمردية تتغذى من مبررات قد يكون بعضها حقيقياً ومنطقياً كمثل ضعف التنمية في مناطقها أو تهميش بعض القبائل والفئات وما إلى ذلك، وأن حل تلك المعضلات لا يكون جذرياً وفاعلاً ما لم ينبنِ على إقامة العدل ومناهضة الفساد وتوزيع الثروات بشكل متوازن.

يحدونا الأمل كذلك، ألا يكون القرار التمردي ناجم عن تفاهم مع الأمريكيين إذا كان لدى الأخيرين حافز للتدخل في اليمن بذرائع أخرى واهية، ونعول على يقظة اليمنيين وإدراكهم لمطامع الروم والفرس في إحدى أهم محطات الملاحة البحرية في العالم.