أنت هنا

الكرامة التركية.. وسقطات الصحف الذليلة
28 محرم 1431
موقع المسلم

تصدرت صحف عربية عديدة خبراً يفيد بأن "إسرائيل" اعتذرت عن إهانتها للسفير التركي. توحدت العناوين تقريباً، وهي تود بذلك أن ترضي قراءها بعناوينها وتدغدغ مشاعر الكراهية المتأصلة عند المسلمين والعرب بسبب جرائم الكيان الصهيوني.

جيد، لكن الطريف أن كل الصحف قد عنونت صفحاتها الأولى قبل أن تعتذر "إسرائيل" فعلاً!! وبالتحديد قبل يوم واحد من اعتذار الكيان الصهيوني، وللدقة يوم 13 يناير الحالي؛ فهل كانت بالفعل جاهلة بما حدث، أم أنها تمثل إفرازاً حقيقياً لحالة المهانة التي أشربتها فارتضت مجرد إشارة خبيثة من الكيان الصهيوني لتطير بها تنقل لقرائها "البشرى".. وهكذا تجسد الذل فيها فابتلعت طعماً لفظته الدبلوماسية التركية الحكيمة.

لقد حاولت "إسرائيل" أن تمرر الاعتذار على نحو قرأته الخارجية التركية؛ فكان الاعتذار الوهمي الذي قدمه نائب وزير الخارجية الصهيوني داني أيالون، بيان يفيد بأن الاحتجاج الذي قدمه إلى السفير "ما زال قائماً... لكن مع ذلك، ليس من أسلوبي المس بكرامة سفراء أجانب، وفي المستقبل سأوضح مواقفي بالطرق الدبلوماسية المتبعة". وبعث أيالون برسالة إلى السفير التركي، عبر صديق مشترك، أكد فيها أنه لم تكن له نية الإساءة إليه وأنه يكنّ له الاحترام الشخصي. وقال الناطق باسم رئيس الحكومة إن رئيس الحكومة يعتقد أن احتجاج وزارة الخارجية "الإسرائيلية" "كان مبرَراً في جوهره، لكن توجب التعبير عنه بطرق أكثر ديبلوماسية".

هذا كل ما في الأمر، وما كشفه للغافلين في بعض ووسائل إعلامنا صحفنا في بلاد عربية عديدة كان هو الإصرار التركي على تلقي اعتذار مناسب، وأعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان "لقد استلمنا الرد الدبلوماسي الذي كنا نريده"، وعلى الفور أعلن رئيس وزراء الكيان الغاصب "بعثت برسالة اعتذار رسمية لتركيا"، وجاءت التفاصيل "16 عضوا في الكنيست وقعوا على خطاب الاعتذار".

إن وسائل الإعلام تلك لم تخرج كثيراً عن سياق المذلة التي تعيشها بعض الدول العربية، ولم يكن بعضها ليطمع بأكثر من إشارة وتلميح باعتذار كهذا من أي جهة غربية، لا عن كرسي أقل ارتفاعاً من نظيره، وإنما على كرامة وأرواح وثروات ذهبت في حروب ومغامرات بلا ثمن.