ومضة تربوية
لا بد من التذكير بأن الله تعالى أكد في كتابه العزيز بأن الشيطان هو عدو الإنسان , وبما أن التسويف وسيلة من وسائل الشيطان لصد الإنسان عن التوبة والإقبال على طاعة الله تعالى وفعل الخيرات و..... فهو لذلك ليس عدو الإنجاز فحسب , بل عدو المؤمن أيضا .
إن هناك فضيلة عظمى للمحبة في الله ، فعن معاذ رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "قال الله تبارك و تعالى : وجبت محبتي للمتحابين فيّ ، و المتجالسين فيّ و المتزاورين فيّ ، و المتباذلين فيّ " أخرجه في الموطأ
فإذا كان قانون الله تعالى لم يحابي المسلمين وفيهم ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم , لمجرد مخالفتهم بندا وأمرا من أوامره صلى الله عليه وسلم , ومن المعلوم أن أوامر الرسول هي أوامر الله تعالى , مما يعني أن أي مخالفة لمنهج الله تعالى من عباده , قد تكون سببا لعدم تحقيق وعده لهم بالنصر والتمكين , فكيف بنا ونحن قد أكثرنا من الثغرات والأخطاء والتجاوزات لمنهج الله تعالى وأوامره ونواهيه .
لابد لطالب العلم من تفهم قدراته الشخصية وميزاته الذاتية وميوله النفسية والعقلية، وعندئذ يتخير من القراءة والدراسة ما يقوي منها ما يتميز فيه، وينمي فيها ما يحب أن يتخصص فيه، فليختر لنفسه مجالا تميز وسبيل تخصص وليهتم فيه بجمع العلم من أطرافه ..
لقد كان السلف الصالح يقرؤون القرآن بنية الالتزام والتنفيذ , فيشعر كل واحد منهم أن هذا القرآن نزل عليه هو , وأنه المخاطب في كل آية من آياته , وكل كلمة من كلماته , فأصبحوا بطريقتهم هذه قرآنا يمشي على الأرض , يراهم الناس فيرون الإسلام .
وأنبياء الله ، خير البشرية جميعا ، كانوا أنفع الناس لها ، إذ نشروا نور الحق في ارجاء الأرض ، وعلموا الخير والعلم ، فأصلحوا به الدنيا ، ونصحوا لمن أراد إصلاح الآخرة ..
تذكرت أثناء الحديث مع صديقي عن تقلبات الحياة التي أصابت أهل الشام مؤخرا حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما بقي منها ؟ ) قالت : ما بقي منها إلا كتفها . فقال صلى الله عليه وسلم : ( بقي كلها غير كتفها ) . سنن الترمذي برقم 2470 وقال : هذا حديث صحيح .
فياايتها القلوب الطيبة ، عالجي حالك بنية صالحة ، وسارعي إلى أوبة وتوبة ، وإلى إيجابية ودافعية تعيدي بها ما تراجع من قيمنا ومبائنا ومقامنا النازف الكسير ..
إنها أغلى خمس دقائق صامتة في حياتك ، وأجدرها بالاهتمام والتطبيق والتنفيذ والتعود .. إنها من قوانين الحكمة التي غابت في زمن غابت عنه الفضائل ..
القناعة والرضا يدفعان المرء إلى الحياة الهانئة الراضية ، تلك التي لا تنافس فيها ، ولا صراع ، ويعينه على كثرة الحمد والشكر ، و يجعل القليل عنده كثيرا , فيسعد بنفسه، ويسعد لغيره , إذ هو يعرف حقيقة الصورة جيدا أنها لا تكتمل إلا في الآخرة .
إن هذا الوقت الذي تضخمت فيه أعداد يتامى المسلمين جراء ما يجري في كل من سورية والعراق واليمن وغيرها هو وقت كفالة اليتيم بامتياز , فإن لم يبادر المسلمون إلى التخلق بهذه الخلق النبيل الآن , ولم يساهموا في حماية جيل كامل للأمة من الضياع ......فمتى ؟
إن خطر تكرار مشاهدة المسلمين لتلك المشاهد غير الشرعية يتعدى حدود المعصية العابرة أو غير المقصودة , إذ إن تكرارها قد يجعلها مألوفة وغير مستهجنة , وهو ما قد يوقع المسلم في أمرين أحلاهما مر كما يقال : فهو إما أن يكون قد أحل ما حرم الله - عياذا بالله - إن كان يرى أنها مباحة لا شيء فيها , وإما أنه يصر على مشاهدتها رغم علمه بحرمة ذلك , وهو ما يعني أنه مصر على الذنب الذي يجعل من الصغيرة كبيرة كما هو معلوم .
يقول الأمير شكيب أرسلان : " ومما يجب أن يخلد في الصدور قبل السطور وأن يكتب على الحدق قبل الورق أن حفظ التاريخ هو الشرط الأول لحفظ الأمم ونموها
إن الكلمات لتأبى التعبير والألفاظ تمتنع عن البيان , ولكأن الطرق مسدودة بلون الدم , بلون الألم , والجدران تهدمت , بعدما نخرتها معاول الألم واشتكت من جلد العدو وضعف الصديق
ليس البيع محرماً يوم الجمعة، كما هو معلوم، إلا في وقت صلاة الجمعة فيحرم بالنسبة للرجال البيع والشراء وقتها، لكن ليس عن هذا تأتي هذه السطور.
البداية دائما ما تكون أصعب الخطوات , ولكنها غالبا ما تكون هي مفتاح الإنجاز والعمل , أحاول معك ههنا أن أصف لك بعض المهمات للبداية الصحيحة في اي إنجاز تريده
يستطيع شبابنا أن يكونوا فاعلين في قضاياهم بأشكال غير متناهية ، ويستطيعون أن يؤثروا تأثيرا إيجابيا في حياة شعوبهم ومجتمعاتهم ، فيخافهم عدوهم ، ويضع لنفسه خطوطا حمر بينه وبينهم ، ويفكر ألف مرة قبل الإقدام على إيذائهم والإضرار بهم ..
ذم الإسلام البخل والتقتير والمنع ,وحذر منه فقال تعالى : " ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله خيرًا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير"
إن تذكير المسلمين بفضيلة الإكثار من ذكر الموت في هذا الزمن من الضرورة بمكان , و كأني بلسان حال الغيور على أمته , الحريص على فلاحهم في الدنيا ونجاتهم في الآخرة يقول : إذا لم يكثر المسلمون في هذه الأيام من ذكر الموت والاستعداد له بالتوبة النصوحة والعودة إلى الله تعالى ......فمتى ؟
إن من يعرف قيمة الوقت ويدرك فداحة خسارة من تتوالى عليه الأيام والليالي دون عمل أو إنجاز ديني أو نيوي ....هو وحده الذي يمكنه أن يستشعر ثقل مرور يوم واحد من تلك الأيام عليه , فيتدارك ما فاته ويعوض ما ضاع من ساعات عمره الثمين .
اما من ألفت نفسه الفراغ والبطالة , واستمرأت الكسل واللامبالاة , واعتادت على مرور الساعات والأيام ....فنصيحتي له أن يقوم بعمل واحد ذا قيمة يوما ما , ليدرك من خلاله مدى السعادة التي سيشعر بها لا محالة , وحينها فقط سيظهر له الفرق الشاسع بين حياة الجد والعمل والإنجاز وحياة الخمول والكسل والفراغ , وسيستثقل بعدها يوما واحد يمر عليه دون عمل أو إنجاز .
والحديث بالإيجابيات والصفات الحسنة المتميزة مؤثر إيجابي ايضا في لحظات الألم النفسي ، وانظر إلى كلمات النبوة لسعد بينما كان مريضا مرضا ينتظر فيه الموت , يقول له صلى الله عليه وسلم " لعلك تخلف فينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون " اخرجه مسلم .. وبالفعل شاء الله له أن يمد له في العمر فينفع أقواما بالخير والهدى , ويضر آخرون من أعدائه من الفرس وغيرهم ويفتح الله على يديه القادسية وغيرها .
ليس فقدان البركة والمحبة والثقة فيما بين المسلمين هو الأثر الوحيد لغياب السماحة من بيوعنا , فهناك الإساءة لدين الله تعالى وتنفير الناس عن الدخول فيه , وهل أدخل الناس في دين الله أفواجا في دول كثيرة في آسيا وإفريقيا إلا تعامل التجار المسلمين السمح مع أهل تلك البلاد ؟!!
يومنا وزادنا الله سبحانه على خيره خيرات كثيرات , فحرصنا عليه واقتدينا بنبينا صلى الله عليه وسلم في الحرص عليه , فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ» أخرجه البخاري
هذا ولاؤنا، وذاك براؤنا من الكافرين حتى كان رسولنا الله صلى الله عليه وسلم حريصاً على مخالفة اليهود حتى وهو يصوم يوماً يصومونه، فانتدب لنا صيام تاسوعاء وحادي العشر.. هذا يوم شكر وامتنان وعرفان بمعية الله، وما كان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصاً على مخالفة اليهود ولو توافقت عبادتنا معهم، كانت طائفة ضالة لا تفتأ تسعى لمخالفة المسلمين
فهل يمكن لمسلم عاقل بعد ما سبق أن يدع دقائق الانتظار هذه تفوته دون أن يستثمرها بما يزيد من رصيد حسناته في الآخرة , وينمي ذاكرته وعلمه وثقافته في الدنيا ؟!