ومضة تربوية
استيقظتُ على ذكرى درس (منار السبيل) ..
وكيف كنا نتهيأ لهذا الدرس من كل جانب .. نؤجل مواعيدنا وارتباطاتنا من أجله ..
ونُقدِم عليه وكلنا شغف وتطلع لما سيُلقى فيه ..
الأمر سهل يسير مادام الوالدان في صحة وعافية , يستطيعان القيام بأمرهما , يضحكان ويسعدان في أوقات السعادة , ويعبران عن مكنون قلوبهما في أوقات الحزن , فيسهل فهم طرائق برهما بكلمة طيبة أو هدية مناسبة , أو اعتذار لطيف .
غير أنه سبحانه يمتن على عباده المؤمنين فيثبتهم في المواقف , ويصبرهم في المصائب , ويرضيهم بقضائه , ويهون عليهم الآلام , وينصرهم على عدوهم , ويقويهم أمام العقبات .
منة من الرحمن سبحانه أن جعل لنا أوقاتا مباركة , تسعد فيها الارواح , وترتاح النفوس , وتهدأ القلوب , ويعيش فيها المؤمنون بيئة إيمانية صالحة , تعينهم على التوبة والإصلاح , والإيجابية والعبودية ..وتمر على النفس أوقات وأيام تكون فيها أقرب
إن من رزق الله سبحانه أن علمنا كنزا من كنوز الدعاء عندما تضيق الدنيا في عيوننا بقول " لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " قالها يونس عليه السلام عندما كان في الظلمات في بطن الحوت , ففرج الله كربته .
هذه العملية المركبة في مطاردة الذنوب , ينبغي أن تكون دائمة طوال حياة الإنسان , كما ينبغي أن تكون متابعة مع كل ذنب ينتبه المؤمن أنه قد عاوده .
لكن لاينبغي أن يؤثر ذلك على حياته وإنجازاته وإيجابيته في مسايرة خطواته الفعالة في سبيل نجاحه وإصلاحه لحياته ومجتمعه , فالتوبة عملية دائمة , والإصلاح أيضا هو عملية دائمة , والإنجاز في الحياة عملية موصولة مع كل خطوة من خطوات المؤمن .
فعليك إذن أن تخطو نحو الأمام في حياتك , وتتابع قلبك وتطهره وتنقيه من آثار الخطايا , وترجو ربك وتدعوه بالتوفيق ... كله معا
وللأسف فالبعض يريدوننا دائما أن نعيش لأجلهم , ولأجلهم فقط , ربما يكون ذلك لأنهم تعودوا منا على العطاء , قد نعذرهم في بعض الأحيان لنواياهم الطيبة , وربما لأنهم لم يروننا يوما نتألم أو نطلب منهم شيئا ..!
لكن يجب أن نحادث من حولنا بأننا أيضا نحتاج لأوقات للسعادة , ونحتاج لراحة , ونحتاج لهدوء وطمأنينة وأمان ودعم نفسي وعملي لنستطيع مواصلة الطريق ونستمر في العطاء
يجب أن نبحث عن لحظات السعادة لأنفسنا , ونأخذ هذا القرار , لمصلحة أنفسنا وايضا لمصلحة من نحب ..
فلا قيمة لعطر بدون سلوك , ولا اثر لريح حسن بغير قلب طيب حسن .
يقول ابن القيم : " الطيب غذاء الروح التي هي مطية القوى، والقوى تتضاعف وتزيد بالطيب كما تزيد بالغذاء والشراب والدعة والسرور ومعاشرة الأحبة، وحدوث الأمور المحبوبة "
إنها وظيفة من وظائف النفاق , ليحدث زلزالا كاذبا في صفوف أبناء أمتنا ومجتمعاتنا , وقد كشفهم القرآن وفضحهم في كل وقت وحين , وربط سلوكهم بالمنافقين والذين في قلوبهم مرض , ليعلم دورهم , ولتتبين خبيأتهم , ولتفضح سريرتهم ..
قال سبحانه : " لَئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلًا "
ومن هنا فإنه من الطبيعي أن لا تكون هذه الألعاب مناسبة للمسلمين , وأن تكون في ممارستها واستخدامها الكثير من المحاذير والشبهات , الأمر الذي ينبغي أن يدفعنا - إن كان لا بد من الألعاب – للاعتماد على أنفسنا في اختراعها بما يناسب معتقداتنا ومجتمعاتنا الإسلامية .
رمضان شهرنا للتوبة والاستغفار , وفرصة لنا جميعا للفرار إلى الله والنجاة من النار , يقول الله عز وجل " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون "
إن الفرص الذهبية التي تمر بالمسلم للتوبة والإنابة والاصطلاح مع الله قد لا تتكرر , فمن يدري لعل الواحد منا لا يدرك رمضان القادم , بل ربما لا يدرك بقية هذه الأيام المباركة العظيمة التي نعيشها الآن , فالدنيا لا تستأهل منا كل هذا العناء والوقت والجهد , بينما تستأهل الآخرة منا
وليس اصحاب المظاهر الظاهرة , والغنى الطاغي , والزينة الفارهة , والزخارف الملفتة بالانسب للمعرفة والمعامل , بل إنه قد يكون الضعيف الفقير أحق بالصحبة والقربى .
فالمرء يقاس بمقدار قربه لربه وتقواه ، وقيمة الإنسان بمقدار نفعه لمحيطه ومجتمعه , وقدرته على نشر الخير والإصلاح ومساعدة المحتاج .
لم يفت من شعبان إلا أياما معدودة , وهو ما يعني أن الفرصة ما زالت سانحة للاستعداد ولو بصيام بضعة أيام منه , ناهيك عن تلاوة القرآن والقيام به ولو بركيعات في جوف الليل ودقائق السحر , لتكون بمثابة تطويع للأعضاء على تحمّل ساعات الصيام وطول القيام في أيام رمضان ولياليه , الذي نسأل الله أن يبلغنا إياه وأن يجعلنا فيه من المقبولين . آمين
ولئن كانت الملائكة تبسط أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ، فأقل ما نبسطه لطلاب العلم من قاصدي هذا الدرس الوجه بالبشر شاكرين لهم ولاسيما الشباب منهم انصراف هممهم إلى المقاصد العالية والعلم الشريف، والله أسأل أن يشكر مسعاهم
لكأنني أحكي عن قصة عطاء لا محدود , ومسيرة بذل مشهودة , حفت بالعقبات والصعوبات والمشاق , لكنها أيضا بوركت بفضل الله ومنته بالنجاح والتأثير , والأثر المبارك الطيب , والبصمات الإيجابية المحفورة في وجدان الملايين ممن تأثروا بجهد الشيخ وعلمه وتطبيقه .
كذلك على الجانب الآخر , يجب أن نصف الأمور بوصفها الدقيق , فالمؤمنون قد أمرهم ربهم بمنهج عظيم كريم لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , ووعدهم بالانتصار إن هم طبقوه واستقاموا عليه " فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون " .
فإن هم نصروه حق نصره حق فيهم وعده سبحانه وهو لايخلف الميعاد , لكنهم إن لم ينصروا ربهم ولم يرفعوا راية دينهم , ولم يفضلوا ما عنده سبحانه على ما يرغبون فيه من هوى أنفسهم , وإن هم غفلوا ولهو واستحبوا الحياة الدنيا , فستتأخر عنهم المكرمات , وستتراجع عنهم الفضائل والبركات , وسيتأخر عليهم النصر
لا يمكن ذكر جميع الفوائد والمنافع التي يجنيها المسلم من أخوة وصحبة المسجد في الدنيا قبل الآخرة في مقال , ويكفي الإشارة إلى أن أخوة المسجد تضمن للمسلم من ينبهه إذا أخطأ , وينصحه إذا شرد , ويكون عونا له في الشدائد , وحرزا له من شياطين الإنس والجن الذين يريدون غوايته وانحرافه عن جادة صراط الله المستقيم .
وليست الخلوة التي أريدها انقطاع المرء عن الحياة ولا الانطواء عن الخلق , بل هي أوقات مقتطعة من اليوم , يخلو فيها المؤمن بنفسه , يتفكر ويتعلم ويتعبد ويحاسبها , بعد أن يؤدي واجباته وحقوق من يعول , وحقوق من له حق عليه .
فهل من عودة رشيدة للالتزام بالفريضة التي تنقذ سفينة المجتمع المسلم من الغرق كما أكد الحديث الذي رواه النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا ) صحيح البخاري برقم/2493
و بعد تفنيد اسباب ما تواجهه , ووصفه وصفا دقيقا بعيدا عن التوتر , ووضع خيارات الحلول الذاتية , جاء الدور على استشارة أهل الخبرة والعلم , ثم علينا أن نضيف آراءهم وما تفضلوا به من اقتراحات ورؤى الى ما سبقناهم فيه ثم نضع وصفا جديدا وصورة نهائية للازمة وحلها .
إن تكرار المسلمين للأسئلة المتعلقة بالجوانب القلبية والروحية لأي عبادة أو فريضة في الإسلام , بنفس الكم الكبير الذي يستفسرون به عن المسائل الفقهية , يمكن أن يساهم بشكل كبير في إعادة شيء من المفقود من عبادة الكثير من المسلمين , والمتمثل بلا شك بالجانب القلبي والروحي .
لاشك أن هناك فارقا بين المعارف والأصدقاء , ولاشك كذلك أن الأصدقاء درجات ومستويات , ولاشك كذلك أن هناك أعمالا تحتاج إلى صداقة الناس وصحبتهم , كحال الداعية أو المربي أو المعلم أو مثاله , لكن حتى هؤلاء لايجب أن يقربوا منهم الكثرة من الأصدقاء , بل عليهم تقسيم الناس إلى دوائر واقسام , وعليهم أن يختاروا في الدائرة القريبة منهم
ظاهرة عارية تتزين في ثوب مزيف يجب فضحه , فوعدا أماه , سأجعلك تنسين موعد هذا اليوم حينما يصبح عليك كل يوم شعاع الشمس الذي يطل عليك ليذكرك بجمال اليوم الذي قبلة , ولتفتحي عينيك لتتقبلي قبلتي على جبينك مرة ثانية , سأجعلك ملكة من ملوك الدنيا بـبري لك , وسيدة من سيدات أهل الجنة بعملي وإحساني فما جزاء الإحسان إلا الإحسان .
وإذا انحَطَّت ثقافة الذَّوق والأخلاق، وثقافة القراءة والكتابة، انحَطَّت تباعًا ثقافة التواصل الاجتماعي، وتدهور أسلوب الحوار والنقاش، وانقطعت أواصِرُ الانسجام في الفهم وممارسة التفكير والتعبير