ايمانيات
ماأجمل قدوم هذا الشهر العظيم الذي يتسابق فيه المتسابقون ويسارع فيه العباد نحو الخير , فالكل يريد أكبر نصيب من ذلك الخير والهدى , فأوله المغفرة وأوسطه الرحمة وآخره العتق من النيران , فالطاعات متعددة , ولا أفضل من أن يبدأ كل أمرىء بإعطاء كل ذي حق حقه في هذا الشهر العظيم .
لقد كان إخلاص السلف الصالح لله تعالى في العمل , وإخفاء الأعمال الصالحة عن الناس , والبعد عن الشهرة والسمعة والرياء ما استطاعوا , سببا رئيسيا في نصر الله تعالى لهم , واستحقاقهم لثوابه ورحمته ورضاه , ولعل حب الشهرة والسمعة المجنون الذي نراه في زماننا , وقلة وندرة المخلصين من المسلمين , هو سبب رئيسي لما نشهده من حالنا المخزي والمهين
إنه بالفعل معنى من معاني إدارك رمضان جديد , شرطه الوحيد أن يستشعر المسلم أن رمضان الذي سيهل هلاله بعد أيام ربما يكون رمضان الأخير له في هذه الدنيا , بل يخشى على نفسه أن لا يدركه أصلا , فيتمنى ويدعو الله بإخلاص وصدق أن يبلغه رمضان , لينهل من فيض عطاءاته وفيوضاته ما يستطيع
قد يكون مر بك رمضانات كثيرة وازددت فيها إيمانا، وتمنيت أن يكون لأسرتك نصيب من هذه التربية الإيمانية، لا تتوقف عند نهاية شهر الصوم فقط، بل تمتد لتكون منهج حياة.وربما تألمت للأوقات المهدرة خلال شهر العبادة، للأطفال من إخوة وأبناء وحتى النساء، وربما أنت.
نحن هنا ننثر أمامك عقدا من الأفكار التربوية
الأيام القليلة المتبقية لحلول شهر الصيام هي بمثابة النداء الأخير لأولئك الذين ما زالوا شاردين عن منهج الله وبعيدين عن نور هداه ....أن عودوا إلى الله وأدركوا اللحاق بمسيرة ركب عباده الصالحين قبل فوات الأوان
إنها استراحة إيمانية يومية , يكررها الصالحون في الغداة والعشي , بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر , وربما زادوا على ذلك , ولاشك أنهم سيزيدون في جوف الليل الآخر وعند السحر , حيث ينام الخلائق , إلا الذين يحملون هم اللقاء القريب , ويرتجون الجنة ويهربون من النار..
هو يوم النجاة، وهو يوم الشكر، ويوم التتويج لجهود السنين بل القرون، ويوم النصر، ويوم حصاد الدعوة الطويلة وثمرتها، أو بالإجمال هو: يوم عاشوراء.
رمضان فرصة حسنة جدا للإحسان إلى النفس, (حيث إن ضبط النفس إحسان لها , وتهذيب النفس إحسان لها, وتقويم مسارها خير إحسان لها), ففي رمضان يقوّم الصوم كثيرا من شهواتها , وتقوّم الصلاة كثيرا من رغباتها
من الحكمة في مواجهة الأزمات ان تضع لها حلولا مختلفة وألا تقتصر على حل واحد , بل إن بدائل الحلول هي كلمة السر في حل الأزمات , وكلما كان البديل واقعيا وقريبا من الإمكانات والقدرات كلما كان أقرب للتطبيق
التوكل على الله ما هو إلا اعتماد القلب عليه والعلم بكفايته سبحانه لعباده، مع التسليم والرضا والثقة بالله، والطمأنينة إليه سبحانه، وتعلق القلب به في كل حال، والبراءة من الحول والقوة إلا به
لا ريب أننا جميعاً نرجو عفو ربنا سبحانه وتعالى؛ فهلا عفونا عمن أساؤوا لنا حتى نتصف بهذه الصفة الربانية ونكون من الأكرمين؟!
القلب محل نظر الله عز وجل , وهو أساس قبول وتفاضل الأعمال , فالله عز وجل لا يقبل في الآخرة إلا القلب السليم فقال سبحانه " يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ " ,
إنها وقفة مع النفس يتدارك فيها كل واحد منا ما فات من التفريط في جنب الله تعالى , فيتوب من ساعته عن كل ما بدر منه من الذنوب والمعاصي في الأعوام الخالية , ويعزم من اليوم على تعويض ما مضى من التقصير في اغتنام عمره بما يفيد في الدنيا والآخرة
إننا وإن كنا نرى الشدائد في لحظات قد أظلت وتكالبت وتنادت , بمرض شديد أو ابتلاء ثقيل , فلنعلم أن هناك حلقات مفقودة لا نراها , تلك الحلقات التي يخبئها لنا القدر , فليس علينا إلا إحسان الظن بالله تعالى , فربما تكون هذه حلقات خير ورشد , فرح وفرج , نور وضياء لما هو قادم , لكن أولى لنا ألا نيأس " فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرين "
إنها رسالة إلى الذين علقوا فشلهم على دورة الايام ... فالله وهبنا الحياة ويسر لنا فيها الصلاح والإصلاح وترك لنا أن نختار بين الغفلة والسلبية وبين السعادة الحقيقية والمبادرة نحو الإيمان
حيث السكون يخيم , والناس يرقدون , فاللاهون في لهوهم والعابثون في عبثهم , يخترق السكون صوت خرير الماء الطهور , ينسكب على جوارح الرجل الصالح فيغسل النفس ويكتسح الذنوب التي في طريقه , وصوت الصالح مع نهاية وضوئه " اللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين " ..
قد نجد كثيرا من الأبناء لا يتأثرون لموعظة الأب أو الأم علي الرغم انها لو قيلت من أحد الأصحاب أو أحد الأقارب أو أحد المتحدثين في التلفاز أو غيره قد تؤثر فيهم ويستمعون لها وينتبهون إليها!
إن التزام المسلمين بأوامر الله تعالى وهدي نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم كفيل ليس بشيوع أعمال البر في المجتمع المسلم فحسب , بل وبانتشاره في أصقاع الدنيا من أقصاها إلى أقصاها
إن موقف الإسلام واضح في ذمه للترف , وتحذيره من مغبة الإفراط في التنعم , إذ لا يليق بأمة وصفها الحق سبحانه وتعالى بالخيرية , وحملها واجب التبليغ أن تركن للدعة , وتبذل الأعمار في جلب أسباب الرغد
البصير بنفسه يلتقط كثيرا من الثمار الطيبة , فيعودها ويعلمها الخوف من الله سبحانه , حيث يجد ثمرة ذلك الورع وقصر الأمل , وعليه أن يقويها بالإيمان بلقاء ربه, حيث يجد من ذلك ثمرة الزهد والتقليل من الدنيا
غرباء إذن هم المجهولون فليست الدنيا هي موطنهم , ولا يأبهون إن كان لهم نصيب منها ام لم يكن , لا يطمعون في مال أو جاه , لا يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله , غناهم في قلوبهم , يكتفون بالرضا , والقليل من الزاد , إلا إن زادهم الحقيقي هو ذكر الله , وموطنهم الأصلي هو السماء !
أما الراضي , فلا يجد ذلك الضيق والألم ؛ لأنه يتقلب فيما يختاره الله بنفس راضية مطمئنة , فيكون الأمران عنده سواء بالنسبة لقضاء الله وقدره ، وإن كان قد يحزن من المصيبة ؛ فالكل عنده سواء لتمام رضاه بربه سبحانه وتعالى
على المؤمن أن يتذكر أنّ لنا في رسول الله أسوة حسنة ومهما لقينا من متاعب وصعوبات في الحياة فليست بشيء بجانب ما لقيه صلى الله عليه وسلم سواء في حياته قبل الدعوة أو بعدها ومن الكفار أو حتى من جهل بعض المسلمين حديثي الإسلام عليه
إدراك المسلمين للمفهوم الإسلامي الشامل للرزق له نتائجه وآثاره الإيجابية , حيث يسود الرضى عن الله تعالى , وتلهج الألسنة والأفئدة بشكره على نعمه الظاهرة والباطنة , ورزقه الواسع في جميع المجالات المادية والمعنوية
شرع لنا ديننا تلقين الموتى الراحلين كلمات الخير , وجعلها سنة مستحبة , فيها من الهدى ما فيها لقوله صلى الله عليه وسلم: " لقنوا موتاكم لا إله إلا الله " أخرجه مسلم , وقد أمر الشرع بالتلقين واستحبه , إذ حياة المؤمن قائمة على توحيد الله سبحانه , فيختم عمره موحدا معلنا بشهادة التوحيد , فيلقنه من حضره رجاء أن يختم له بكلمة التوحيد