ومضة تربوية
صرنا نخترع طرقا نربي بها ابناءنا ، وطرقا نعالج بها مشكاتنا التربوية ، واخرى نتعامل بها مع المعضلات ، كل ذلك بلا اساس ولا تثقيف تربوي ولا علم !
لحظات الغضب لحظات كاشفة لحقيقة القيم والمبادىء والطبائع ، وأوقات الشدائد مسفرة عن معدن الإنسان ، والخلافات موطن مناسب لبيان القدرة على الاستمساك بالتعاليم والثوابت .
ربما تكون هناك اصوات صاخبة ، او عناوين متكاثرة ، او سوكيات مؤيدة ، لكن حقيقة السعادة وصحيح الفرحة لن نجدها إلا فيما حث عليه الله سبحانه ، وما امر به رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير "
مقام البلاغ غير مقام الوعظ، ومقام التعليم يختلف عن حديث القصاص ومستدري الدموع بالرقائق بما تضمه من واسع التحديث بالحكايات والأعاجيب إلى جانب الثابت وغير الثابت من حديث النبي صلى الله عليه وسلم.
لاشىء أثمن في هذه الحياة من قلب رقيق طاهر عابد ، يستشعر الخير فيسارع إليه ، ويتاثر بكل متالم ومحتاج ويسارع في معونته والبذل له ، يرتجف لصرخة الطفل الباكي ، ويهتز لنداء الأم الثكلى .
عادة ما يكون الختام علامة على المسير ، وتكون النهاية تعبيرا عن الخطا ، فهي بشرى لمن اختار طريق البشريات ، وصبر وثبت ، وهي خسارة عميقة لمن غفل
إن مما يدمي الفؤاد ويحز في النفس ذلك البون الكبير والفرق الشاسع بين اتهام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنفسهم وشدة محاسبتهم لها رغم اجتهادهم في العبادة وحرصهم على الاقتداء والتأسي بالمصطفى العدنان صلى الله عليه وسلم وبين إطلاق بعض المسلمين اليوم لشهواتهم وتبريرهم لذنوبهم بنصوص كان من حقها أن تكون محفزا لهم على حسن الاقتداء بخير القرون
ضعف الإيمان وشدة التعلق بالدنيا وتراجع تذكر الآخرة وغلبة المقياس المادي الدنيوي على القيم والأخلاق والنواحي الروحية ...دفعت بعض المسلمين إلى مقاطعة ذويهم وهجر أقربائهم ومجافاة أرحامهم لأسباب ما أنزل الله بها من سلطان .
كنا في جنازة صديق صالح نحسبه والله حسيبه ، فتاثرنا وتأخرنا عند قبره نبلل الثرى بالبكاء حبا له وألما لفراقه ودعاء له ورجاء أن يغفر الله له ، ثم تحركت اقدامنا من بين القبور خطوة خطوة ، فإذا بالرؤوس المنكوسة تبدأ لتشرئب نحو الحياة ، وإذا بالدمعات الساقطة على الخدود تجف ، وإذا بالقلب المترتجف يسكن عن الرجفة ، وإذا بأماني الآخرة تتحول شيئا فشيئا إلى أماني الدنيا !
الحاصلون على اعلى الشهادات ليسوا اذكى الناس ، لكنهم من اكثرهم إيجابية في أخذ قرار السير في طريق التعليم .
والتجار الكبار ليسوا اكثر الناس نشاطا ، لكنهم من أكثر الناس اخلاصا في عملهم ، وبذلا لجهودهم في مجالهم .
إن معاني الإيمان تلك ليست مجرد معان جامدة , ولا نظريات مكتوبة , بل إنها تطبيق وعمل , وتحرك وإيجابية وعطاء , ودفع تنفيذي نحو المسارعة بالمنفعة
لم يكتف البعض بسوء التلبس بترك الحياء وجريرة المجاهرة بما يخالفه ويناقضه في هذه الأيام بل راح يستكثر على غيره أن يكون حيّيا ويستنكر عليه أن يتخلق بخلق الإسلام بدعوى أن لا مكان للحياء في هذا العصر أو أنه بات يضر بصاحبه ولا ينفعه !
اقصد به ذلك الشعور المشتت في كل اتجاه ، بين تحقيق الآمال والطموحات الكبيرة والكثيرة ، وبين معرفة الطريق الامثل للوصول لتلك الآمال ، وبين معرفة الذات وإمكاناتها ومناسبة تلك الطموحات لها .
هذه أربع جمل مختصرة ، في بناء الإراة الإيمانية القوية ، والصحة النفسية التامة ، وإنبات ما يستتبعها من تفاؤل وثقة وايجابية واستقبال الحياة بالاثر الفعال ، خصوصا مع تقلبات ظروف الحياة ، والأحداث من حولنا ، وتغيرات نفوس الناس .
إنها أعمق من المرايا التي نقف امامها ، إذ المرايا تظهر الظواهر وتخفي البواطن ، لكن نفوسنا هي بواطننا الحقيقية ، وواقعنا الذي نظهر منه ونخففي .
إنها البئر الأعمق الذي يربض فيه باطن الإثم ، ودوافعه ، ويكمن فيه الرياء والعجب ، والشرور والأحقاد ، والأمراض كلها ..
وسط ضجيج صاخب من الفرقعات الضوئية الملونة وضباب كثيف من دخان الألعاب المضيئة يشق صاحبي طريقه بعناء ليصل الى بيته القريب من ميدان الاحتفالات بالكريسماس
إن ساعة من التخطيط الجيد للذات يوميا ، والترتيب المنظم للأوقات ربما تقدم في بعض الأحيان على غيره من أعمال الخير ، لأنه ايضا يصلح أن يكون عبودية إذا أصلح صاحبه النية وجعلها لله ..
كثيرة هي الإحصائيات والبحوث والدراسات العلمية التي قام على إعدادها مختصون من غير المسلمين وأصدرتها جامعات غربية تتحدث عن وجود طاقة ما يسمى "الأيونات الصباحية" التي تبدأ من أوقات السحر إلى وقت طلوع الشمس , وتؤكد أن من شأن التعرض لها إحداث تغيير في نفسية الإنسان , وأنها تجعل الدورة الدموية أفضل وتنظف الكبد والكلى وتساعد القلب على أن يعمل فترات أفضل .....
القلوب النقية تمر عليها مواقف الخلاف مرورا سهلا هينا ، تسامح وتصبر ، وتعفو وتغفر ، ترجو رحمة الله وتنتظر فضله وثوابه ..
مر الإمام أحمد برجل فاغلظ له القول حتى بلغ سبابه ، فلما ذهب عنه قيل له إنه أحمد ، فأسرع خلفه يرجوه أن يغفر له ويسامحه ، قال له أحمد : والله لقد سامحتك فور تركي إياك ..
لا أرى نموذجا أرقى ولا أروع في التعامل المادي بين الإخوة من مشهد الصحابيين الجليلين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع رضي الله عنهما , آخا بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة , فضربا للمسلمين وللبشرية جمعاء مثالا يحتذى في التعامل المادي الراقي المنسجم مع تعاليم دين الله الحنيف .
الظروف الصعبة اختبار شاق يمر بالمرء ، تظهر فيه صفاته الحقيقية ، وخفاياه الدفينة ، كما تظهر فيه قدراته الكامنة وإمكاناته المخبوءة ..
إنه حال القلب الصادق الواثق المخلص المتوكل على ربه ، الموقن في قدرته وقيوميته ورحمته ، المعترف بفقره وحاجته وضعفه ، يلجا إلى ربه الرحيم ..
فيطرح نفسه بين يديه سائلا راجيا داعيا أن : جئت إليك ، ولجات إليك ، ووقفت على بابك
دهشة لابد أن تأخذك عندما ترى المنشآت العملاقة وناطحات السحاب الراسخات ، تتهاوى كأنها علب من ورق بينما الأرض تهتز في زلزال عبر ثوان معدوات ،
أو عندما ترى السيارات تتطاير والاشجار تنكسر بفعل عاصفة رياح قاسية .. !
ومن دقق في مثل هذه السمات والصفات والمزايا أدرك أنها لا يمكن أن تجتمع برجل ما لم يكن مسلما متمسكا بدين الله متبعا لأوامر كتاب الله متأسا بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على علم وفهم وبصيرة .
فاذا افتقدت كثرة المال يوما ، فأنظر إلي صحتك واحمد الله ، وإذا افتقدتهما فأنظر لأولادك تجدهم في خير عن غيرهم ، وان افتقدت الثلاثة ، فأنظر لأهلك وسكنك , واحمد الله علي كل هذا الخير .