حرائق "إسرائيل" .. وافراح العاجزين !
29 صفر 1438
د. خالد رُوشه

تابعت تلك الفرحة الواسعة التي ملأت مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار الحرائق التي نشبت في الكيان " الإسرائيلي " ، وتلك الفرحة التي تحدث عنها كثير من الناس نتيجة ما اصابهم ، ما دعا البعض أن يتوهم أنها نهاية ذلك الكيان !

 

لم أستغرب من هكذا رد فعل من البعض ، لكنني قد أصابني شىء من الألم !

 

فلاشك أن الأمة جميعها تفرح بما يصيب عدوها وينكؤه ، فيعيقه عن إيذائها والإضرار بها ، بل إنها تدعو عليه ليل نهار بالهزيمة والصغار .

 

ولاشك كذلك أن تحجيم الكيان الصهيوني  ومنعه عن التوسع و" الاستيطان " والاحتلال والحصار وغيره أمور تسعد الأمة الإسلامية جميعا وتصب في صالح العدل والقسط .

 

ولاشك كذلك أن إيقاظ الروح واستعادة المشاعر وإحياء الذاكرة تجاه مغتصبي الاقصى ، ومحتلي البلاد ، والمسيئين للمقدسات له أثره في إحياء القضية العادلة " قضية فلسطين " ، وقضية الأمة بأجمعها ..

 

نعم المؤمنون لايفرحون بالإضرار بالزرع ولا بالحياة ، ولا يفرحون بأذى الأطفال ولا النساء ولا الأبرياء الذين لا يعلنون عن عداوتهم ولا يشاركون في إيذاء أمتنا ولا الإضرار بها ولا التحريض ضدها ..

 

غير أن الناس قد بانوا وكأنهم منفصمين تماما عن الواقع الحي ، ومنغمسين في معاني السلبية التامة ، ناظرين إلى أنفسهم باعتبارهم مشاهدين لمباراة فريقين في ميدان بعيد قد تقوقع أحدهما وانزوى في ركن الميدان  , بينما ملأ الآخر ساحة الميدان ، فهو يباري نفسه بنفسه , فيسعد هذا الجمهور ويصيح ويهيج كلما تعثر أفراد الفريق الأوحد أو كلما أصابتهم مضرة !

 

لقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من العجز والكسل ، وامتدح المؤمن القوي الفاعل الإيجابي المؤثر ، فهو خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ..

 

لكن داء العجز قد ضرب بجذوره في ابناء أمتنا ، حتى إنهم صاروا كالعجائز القاعدين ، غاية ما يفعلونه هو التهليل والشماتة !

 

يستطيع شبابنا أن يكونوا فاعلين في قضاياهم بأشكال غير متناهية ، ويستطيعون أن يؤثروا تأثيرا إيجابيا في حياة شعوبهم ومجتمعاتهم ، فيهابهم عدوهم ، ويضع لنفسه خطوطا حمر بينه وبينهم ، ويفكر ألف مرة قبل الإقدام على إيذائهم والإضرار بهم ..

إننا لسنا معوزين إلى كوارث طبيعية لنحيي قضيتنا ، ولسنا في حاجة إلى أن نعلن عن مبادئنا عن طريق الشماتة والغوغائية ..

 

قضايانا يجب أن تكون حية بذاتها في حياتنا ، قائمة بمعانيها في قيمنا ، راسخة بعدالتها في مبادئنا .

 

ودورنا الشرعي الفاعل والفعال هو المعبر الاول عن تلك المعاني .

 

إنجازاتنا العلمية والتطبيقية , وكفايتنا لحاجاتنا الأساسية , وقدرتنا على بناء قوتنا الذاتية ، ومسايرتنا للعصر على مستوى التقدم والبناء ، وحفاظنا على ديننا وموروثاتنا القيمية , هي اسس يجب ان نفرغ فيها طاقاتنا ، فيعلم عدونا أن قيمنا تدفعنا نحو التعملق والقوة والرسوخ .

 

لنرى نحن بأعيننا أن عدونا يعرف قدرنا فلا يستهين بنا ، ونعلم أن قيمتنا أكبر كثيرا من التهليل والتصفيق لحوادث ههنا وههناك