دليلك إلى مسائل الصيام 1(*)
26 شعبان 1428
مجموعة من المشايخ الفضلاء

مقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا تلخيص لمسائل كتاب الصيام من "الشرح الكبير لمتن المقنع في الفقه الحنبلي" لأبي الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر المقدسي-رحمه الله-(ت682)، اقتصرنا فيه على ذكر المسألة والأقوال وقائليها دون استدلال إلا ما جاء عرضاً كبعض الإجماعات، وزدنا عليها ترجيحات شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-(ت728) من "مجموع الفتاوى"بجمع ابن قاسم-رحمه الله-(ت1392) (ط.مجمع الملك فهد-رحمه الله-) ومن الإنصاف للمرداوي-رحمه الله-(ت885)(ط.عالم الكتب)، وترجيحات العلامة ابن قيم الجوزية-رحمه الله-(ت751)من "زاد المعاد"(ط.الرسالة)، واختيارات اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية(أنشأت عام1391)، وترجيحات سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-(ت1420) من "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة"(ط.الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء)، وترجيحات فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين-رحمه الله-(ت1421) من "الشرح الممتع"(ط.ابن الجوزي) ومن "الفتاوى"(ط.دار الثريا) والأصل هو الشرح، ومتى كان النقل من الفتاوى أشرنا إلى ذلك.

فإن كان ترجيح من ذكرنا لقولٍ من الأقوال التي ذكرها الشارح أشرنا إليه بعده بين قوسين تمييزاً له عن كلام الشارح، وإلم يكن أضفنا قوله، وعلامة الأقوال المضافة مما ليس في الشرح الكبير أن يكون القائل بهذا القول مذكوراً بين قوسين، وليس ثَم غيره، وهناك نزر يسير من المسائل ليست في الأصل (الشرح الكبير)، مشاراً إلى مصدرها، مع العلم أن بعض الأقوال المذكورة في الأصل تكون رواية عن الإمام أحمد -رحمه الله-(ت241) ولا يذكر الشارح ذلك تبعاًَ للموفق أبي عبد الله ابن قدامة-رحمه الله- (620) في المغني، في حين يذكران مَن قال به مِن علماء الحنابلة (الأصحاب) كالقاضي أبي يعلى-رحمه الله- (ت458)و أبي بكر الخلال-رحمه الله- (ت311)أحياناً، ويُعرف كونها رواية من "الإنصاف"لأبي الحسن المرداوي-رحمه الله-، وهذه سِمة لكتابيهما.

و قد قام إخوانكم في {الخميسية الفقهية} بهذا العمل قبل عام من تاريخه، وهم كلٌّ من الأخوة الأكارم: أحمد بن علي بن صالح، وعبد الله بن خالد القاسم، وعماد بن عبد الله الأيداء، وعبد الله بن عمر طاهر. فما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان من خطأ فمن أنفسنا والشيطان، وبارك الله في أخٍ أرشدنا إلى تصويبه، سائلين العلي القدير أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به، آمين.
و الله ولي التوفيق

مسألة 1: تعريف الصيام:
لغة: الإمساك. قال النابغة الذبياني:
خيل صيام وخيل غير صائمة تحتَ العَجاج وأخرى تعلُك اللُّجما
اصطلاحًا: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس تقربًا إلى الله تعالى.

مسألة 2: ما يثبت به دخول شهر رمضان أحد ثلاثة أشياء:
أ‌) رؤية هلال رمضان: يجب به الصوم إجماعاً.
ب‌) كَمَالُ شعبان ثلاثين يوماً: يجب به الصوم, ولا نعلم فيه خلافاً.
ج) أن يحول دون منظره ليلة الثلاثين من شعبان غيمٌ أو قترٌ:
القول الأول: يجب صيامه، ويجزئه إن كان من رمضان.
وهو مذهب عمر وابنه وعمرو بن العاص وأبي هريرة وأنس ومعاوية وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر رضي الله عنهم، وهو ظاهر المذهب واختيار الخرقي وأكثر شيوخ أصحابنا.
القول الثاني: لا يجب صومه، ولا يجزئه عن رمضان إن صامه.
وهي رواية عن أحمد وقول أبي حنيفة ومالك والشافعي وكثير من أهل العلم (واختار ابن تيمية الإباحة وعدم الوجوب.الإنصاف7/327-328، وكذلك ابن القيم2/44)
القول الثالث: الناس تبعٌ للإمام, فإن صام صاموا وإن أفطر أفطروا.
وهو قول الحسن وابن سيرين ورواية عن أحمد.
القول الرابع: لا يجوز صومه.
(عزاه شيخ الإسلام لأبي حنيفة ومالك والشافعي ورواية عن أحمد 25/122) فيكون هو القول الثاني (اللجنة10/117) (وابن باز 15/408) (وابن عثيمين 6/307)

مسألة 3: إذا رؤي الهلال نهاراً في أول رمضان، فهل يُعتبر لليلة الماضية فيُمسكوا(1)، أو يُعتبر لليلة المقبلة فلا يعتد به حتى يُرى بعد الغروب؟
القول الأول: يُعتبر لليلة المقبلة فلا يعتد به حتى يُرى بعد الغروب.
وهو الصحيح من المذهب وقول مالك وأبي حنيفة والشافعي (وابن عثيمين 6/307)
القول الثاني: يُعتبر لليلة الماضية فيُمسكوا.
وهي رواية عن أحمد.

مسألة 4: إذا رؤى الهلال نهاراً في آخر رمضان، فهل يعتبر لليلة الماضية فيفطروا، أو يعتبر لليلة الماضية فلا أثر لرؤيته حتى يُرى بعد الغروب؟
القول الأول: يعتبر لليلة الماضية فلا أثر لرؤيته حتى يُرى بعد الغروب, سواءً رؤي قبل الزوال أو بعده.
وهو قول عمر وابنه وابن مسعود وأنس رضي الله عنهم والمشهور عن أحمد, وقول الأوزاعي ومالك والليث وأبي حنيفة والشافعي وإسحاق (وابن عثيمين 6/307).
القول الثاني: يعتبر لليلة الماضية فيفطروا.
روي عن عمر رضي الله عنه، وحكي عن أحمد، وبه قال الثوري وأبو يوسف.

مسألة 5: إذا رأى الهلال أهلُ بلدٍ هل يلزم الناس كلهم الصوم؟
القول الأول: نعم.
وهو المذهب وقول الليث وبعض أصحاب الشافعي(وابن باز15/83).
القول الثاني: التفصيل: إن كان بين البلدين مسافة قريبة لا تختلف المطالع لأجلها كبغداد والبصرة لزم أهلها الصوم برؤية الهلال في أحدهما، وإن كان بينهما بُعْدٌ كالحجاز والعراق والشام فلكل أهل بلدٍ رؤيتهم.
وهو قول بعض أصحاب الشافعي (وابن تيمية.الإنصاف7/336) (وابن عثيمين 6/310).
القول الثالث: لكل أهل بلدٍ رؤيتهم.
وهو قول عكرمة ومذهب القاسم وسالم وإسحاق.
القول الرابع: الناس تبعٌ لولي الأمر إذا اختلفوا. (اللجنة10/99,97).

مسألة 6: من يُقبل قوله في رؤية هلال رمضان.
القول الأول: قول عدل واحد.
وهو قول عمر وابنه وعلي رضي الله عنهم ، والمشهور عن أحمد وقول ابن المبارك والشافعي في الصحيح عنه(وابن القيم2/36) (واللجنة10/90) (وابن باز15/61) (وابن عثيمين 6/315و يشترط مع العدالة قوة البصر)
القول الثاني: لا يُقبل إلا شهادة عدلين.
روي عن عثمان رضي الله عنه، وهي رواية عن أحمد، وقول مالك والليث والأوزاعي وإسحاق.
القول الثالث: التفصيل: إن رآه وحدَه ثم قدِم المِصْرَ صام الناس بقوله، وإن كان الواحد في جماعة الناس فذكر أنه رآه دونهم لم يقبل إلا قول اثنين.
وهو قول أبي بكر عبد العزيز.
القول الرابع: في الغيم تقبل شهادة واحد، وفي الصحو لا يقبل إلا الاستفاضة.
وهو قول أبي حنيفة.

مسألة 7: إن أخبره برؤية الهلال مَن يثق بقوله لزمه الصوم، وإن لم يثبت ذلك عند الحاكم.
ذكره ابن عقيل.

مسألة 8: إن كان المخبـِرُ امرأةً:
القول الأول: قُبل قولها.
وهو قياسُ المذهب، وقولُ أبي حنيفة وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي.
القول الثاني: لا يقبل.
احتمال (واختاره ابن باز 15 /62).

مسألة 9: مَن يُقبل قوله في رؤية هلال سائر الشهور كشوال.
القول الأول: عدلان.
قول الجميع إلا أبا ثور (وابن باز15/61) (وابن عثيمين 6/320)
القول الثاني: يقبل في هلال شوال قول واحد.
وهو قول أبي ثور.

مسألة 10: ولا يقبل في هلال شوال شهادة رجلٍ وامرأتين، ولا شهادة النساء المنفردات وإن كثرن، وكذلك سائر الشهور.
مسألة 11: إذا دخل شهر رمضان بشهادة اثنين فإنه يخرج الشهر بإكمال ثلاثين يوماً إذا لم يُر هلال شوال.
مسألة 12: وأما إذا دخل بشهادة واحد فعلى وجهين:
أحدهما: لا يفطرون.
الثاني: يفطرون.
وهو منصوص الشافعي، وحُكي عن أبي حنيفة (وابن عثيمين6/317) .

مسألة 13: فإن صاموا لأجل الغيم في أول رمضان لم يفطروا بإكمال ثلاثين يوماً.
مسألة 14: من رأى هلال رمضان وحده ورُدَّتْ شهادته:
القول الأول: لزمه الصوم، سواء كان عدلاً أو فاسقاً، شَهِد عند الحاكم أو لم يشهد، قُبلت شهادته أو رُدَّت.
وهو المشهور في المذهب، وقول مالك والليث والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر (وابن عثيمين 6/320 ويكون سراً).
القول الثاني: لا يصوم.
وهي رواية عن أحمد:(لا يصوم إلا في جماعة الناس) ورُوي نحوه عن الحسن وابن سيرين، وهو قول إسحاق وعطاء (وابن تيمية.الإنصاف 7 /7 34، الفتاوى25 /114) (وابن باز 15 /73)

مسألة 15: مَن رأى هلال شوال وحده.
القول الأول: لا يفطر.
مروي عن عمر وعائشة رضي الله عنهم ، وعن مالك والليث، وهو المذهب (واختاره ابن تيمية.الإنصاف 7/348،الفتاوى25/114) (وابن باز15/73) (وابن عثيمين6/320).
القول الثاني: يحل له أن يأكل بحيث لا يراه أحد.
وهو قول الشافعي.

مسألة 16: إن رأى الهلال اثنان فلم يشهدا عند الحاكم جاز لمن سمِع شهادتهما الفطر إذا عرف عدالتهما, ولكل واحدٍ منهما أن يفطر بقولهما إذا عرف عدالة الآخر، وإن شهدا عند الحاكم فردّ شهادتهما؛ لجهله بحالهما فلمن علم عدالتهما الفطر (2).
مساْلة 17: إن اشتبهت الأشهر على الأسير ونحوه، فلا يمكنه تَعرُّف الأشهر بالخبر، تحرّى واجتهد، فإذا غلب على ظنّه عن أمارةٍ تقوم في نفسه دخول شهر رمضان صامه، ولا يخلو من أربعة أحوال:
أ) أن لا ينكشف له الحال: فيصح صومه ويجزؤه.
ب) أن ينكشف أنه وافق الشهر أو ما بعده:
القول الأول: يجزؤه.
وهو قول عامة العلماء.
القول الثاني: لا يجزؤه حتى في الحالة الأولى.
حُكي عن الحسن بن صالح.
جـ) أن ينكشف أنه وافق ما قبل الشهر:
القول الأول: لا يجزؤه.
وهو قول عامة الفقهاء.
القول الثاني: يجزؤه.
اْحد القولين عند الشافعية.

د) أن يوافق بعضُه رمضان دون بعض: فما وافق رمضان أو بعده أجزأه، وما وافق قبله لم يجزئه.

مسألة 18: في الحالة الثانية من المسألة السابقة: لو وافق صومه بعد الشهر اشتُرِط أن يكون ما صامه موافق لعدد أيام شهر رمضان في تلك السنة(29 أو 30)، ولا يجزؤه أقل من ذلك.
مسألة 19: فإن لم يغلب على ظن الأسير ونحوه دخول رمضان فصام لم يجزئه وإن وافق الشهر؛ لأنه صامه على الشك.
مسألة 20: وإذا صام تطوعاً فوافق شهر رمضان:
القول الأول: لم يجزئه.
نص عليه أحمد، وبه قال الشافعي.
القول الثاني: يجزؤه.
وهو قول أصحاب الرأي (وابن تيمية 25/101ـ102)

مسألة 21: شروط وجوب الصوم بغير خلاف:
1.الإسلام، 2.البلوغ، 3.العقل، 4.القدرة، (5.الإقامة زادته اللجنة10/237 وابن عثيمين 6/326 ونقل المؤلف الإجماع عليه، مسألة45)

مسألة 22: قضاء رمضان على المرتد إذا أسلم:
القول الأول: لا يجب عليه.
وهو المذهب (وابن باز15/360)
القول الثاني: يجب عليه القضاء.
وهي رواية في المذهب، وهو مذهب الشافعي.

مسألة 23: شروط صحة الصوم:
الإسلام والعقل والتمييز(3).

مسألة 24: الصبي العاقل والجارية إذا أطاقا الصوم صح منهما.
مسألة 25: وقت وجوب الصيام على الصبي والجارية:
القول الأول: حده البلوغ.
نص عليهما أحمد، وهو قول أكثر أهل العلم (واللجنة10/145ـ148) (وابن عثيمين 6/323).
القول الثاني: إذا بلغ عشراً.
ذهب إليه بعض أصحاب أحمد.

مسألة 26: يجب على الوليِّ أمرُ الصبي بالصيام ويضربه عليه؛ ليعتاده، وحَدُّ ذلك:
القول الأول: إذا أطاقه.
وهو المذهب، وقول عطاء والحسن وابن سيرين والزهري وقتادة والشافعي.
القول الثاني: إذا أطاق صيام ثلاثة أْيام تِباعاً لا يخور فيهن ولا يضعف.
وهو قول الأوزاعي.
القول الثالث: إذا كان له عشر سنين وأطاق الصيام.
وهو قول الخرقي وابن قدامة.
القول الرابع: إذا بلغ ثنتي عشرة سنة.
وهو قول إسحاق.

مسألة 27: إذا قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار:
القول الأول: لزمهم الإمساك والقضاء.
هذا قول عامة أهل العلم (واللجنة10/244،245) (وابن باز15/251) (وابن عثيمين 6/333).
القول الثاني: لزمهم القضاء دون الإمساك.
رُوي عن عطاء، وذكر أبو الخطاب ذلك رواية عن أحمد، قال ابن قدامة: ولم نعلم أحداً ذكرها غيره، وأظن هذا غلطاً ا.هـ (وجاء عن عطاء لزوم الإمساك. مصنف عبد الرزاق 4/145).
القول الثالث: لزمهم الإمساك دون القضاء.
(قاله ابن تيمية الإنصاف 7/359، الفتاوى25/118).

مسألة 28: كل من أفطر والصوم يجب عليه، كالمفطر لغير عذر ومن ظن أن الفجر لم يطلع وقد طلع أو أن الشمس قد غابت ولم تغب والناسي للنية يلزمهم الإمساك بغير خلاف بينهم.
مسألة 29: إذا طرأ سبب الوجوب في أثناء النهار كبلوغ الصبي وإسلام الكافر وإفاقة المجنون، فهل يلزمهم الإمساك بقية اليوم؟
القول الأول: يلزمهم.
وهو المذهب وقول أبي حنيفة والثوري والأوزاعي والحسن بن صالح والعنبري(وابن تيمية.الإنصاف7/360) (وابن عثيمين 6/334).
القول الثاني: لا يلزمهم.
روي عن ابن مسعود رضي الله عنه، وهي رواية عن أحمد وإليه ذهب مالك والشافعي.

مسألة 30: وهل يلزمهم قضاء ذلك اليوم؟
القول الأول: يلزمهم.
وهو المذهب، وهو قول إسحاق في الكافر إذا أسلم.
القول الثاني: لا يلزمهم.
وهي رواية عن أحمد، وقول مالك وأبي ثور وابن المنذر في الكافر إذا أسلم(وابن تيمية.الإنصاف7/360) (وابن عثيمين 6/334).

مسألة 31: إذا أسلم الكافر في أثناء شهر رمضان يجب عليه صوم ما يستقبل من الشهر بغير خلافٍ.
مسألة 32: هل يجب عليه قضاء ما سبق؟
القول الأول: لا يجب.
وهو قول عامة أهل العلم، ورواية عن الحسن.
القول الثاني: يجب.
وهو قول عطاء، والرواية الأخرى عن الحسن.

مسألة 33: إذا صام الصبي نفلاً وبلغ أثناء النهار ما الذي يلزمه؟
القول الأول: يتم صومه ولا قضاء عليه.
قاله القاضي.
القول الثاني: يتم صومه وعليه القضاء.
اختاره أبو الخطاب.

مسألة 34: ما مضى من الشهر قبل بلوغه:
القول الأول: لا يجب عليه قضاؤه.
وهو قول عامة أهل العلم.
القول الثاني: يقضيه إن كان أفطره وهو مطيق لصيامه.
وهو قول الأوزاعي.

مسألة 35: إذا زال المانع مثل أن تطهر الحائض والنفساء أو يَقْدَم المسافر مفطراً فعليهم القضاء، ولا خلاف فيه.
مسألة 36: هل يلزمهم الإمساك؟
القول الأول: يلزمهم
وهو المذهب وقول أبي حنيفة والثوري والأوزاعي والحسن بن صالح والعنبري (وابن باز15/193) (واللجنة10/210).
القول الثاني: لا يلزمهم
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه، وهي رواية عن أحمد وإليه ذهب مالك والشافعي (وابن عثيمين 6/335).

مسألة 37: الشيخ الكبير والعجوز والمريض الذي لا يُرجى برؤه إذا كان الصوم يجهدهم ويشق عليهم مشقة شديدة:
القول الأول: يفطرون ويطعمون عن كل يومٍ مسكينا.
وهو قول علي وابن عباس وأبي هريرة وأنس رضي الله عنهم، وهو المذهب، وبه قال سعيد بن جبير وطاووس وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي وقول للشافعي (واللجنة10/160) (وابن باز15/202) (وابن عثيمين 6/336).
القول الثاني: لا يجب عليه شيء.
وهو قول مالك والقول الآخر للشافعي.
القول الثالث: بالنسبة للمريض تبقى في ذمته ولا تسقط كسائر الديون.
ذكره السَّامُرّيُّ والمجد في "المحرر" بالنسبة للمريض والكبير والعاجز.

مسألة 38: مَن به شهوة الجماع غالبة، لا يملك نفسه ويخاف أن تنشقَّ أنثياه يباح له الفطر، كما قال أحمد.
مسألة 39: ومَن يخاف على نفسه الهلاك لعطش أو نحوه إن كان لا يرجو القضاء أطعم بدل الصيام، كما حمل عليه كلام أحمد.
مسألة 40: إن أطعم المفطر لعجزٍ أو غيره مع الإياس من القضاء ثم قدر على القضاء:
القول الأول: لا يلزمه القضاء.
احتمال.
القول الثاني: يلزمه القضاء.
احتمال.

مسألة 41: أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة، وحَدُّ المرض المبيح للفطر:
القول الأول: الذي لا يستطيع معه الصوم، بحيث يزيد مرضه أو يخشى تباطؤ برئه إن صام.
وهو المذهب، وابن باز(15/235) (وابن عثيمين6/341).
القول الثاني: يباح الفطر بكل مرض.
حُكي هذا عن بعض السلف.

مسألة 42: يستحب للمريض إذا خاف الضرر أن يفطر، فإن تَحمَّل وصام كُرِهَ وصح صومه، وكذا المسافر.
مسألة 43: الصحيح الذي يخشى المرض بالصيام يباح له الفطر (والذين يعملون أعمالا شاقَّة لا يجوز لهم الفطر، ويعملون حسب طاقتهم فإذا أحسَّ أحدهم بمبادئ الحرج تناول الطعام والشراب ثم أمسك، وعليه القضاء،اللجنة 10/227- 238 وابن باز15/245).
مسألة 44: من أبيح له الفطر لشدة شبقه إن أمكنه استدفاع الشهوة بغير الجماع كالاستمناء لم يجز له الجماع، فإن جامع فعليه الكفارة، وكذلك إن أمكنه دفعها بما لا يفسد صوم غيره كوطء زوجته أو أمته الصغيرة أو الكتابية لم يُبَح له إفساد صوم غيره، وإن لم تندفع الضرورة إلا بإفساد صوم غيره أبيح له، فإن كان له امرأتان حائض وطاهر صائمة احتمل وجهين (صحح ابن رجب أن وطء الصائمة الطاهرة أولى؛ لأن أكثر ما فيه أنها تفطر لضرر غيرها،و ذلك جائز، أما وطء الحائض فلم يُعهد في الشرع جوازه، القواعد: قاعدة 112 ج2 ص467-468).
مسألة 45: المسافر كالمريض في إباحة الفطر- بالنص والإجماع - وفي كراهية الصوم وإذا صام هل يجزؤه؟
القول الأول: نعم.
وهو قول أكثر أهل العلم (اللجنة10/178, 203،383)(وابن باز15/236) (وابن عثيمين6/327)
القول الثاني: لا.
روي عن عمر وأبي هريرة وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم ، وبعض أهل الظاهر.

مسألة 46: أيهما أفضل في السفر: الفطر أو الصوم؟
القول الأول: الفطر.
وهو مذهب ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم ، وسعيد بن المسيب والشعبي والأوزاعي، وهو المذهب (واختاره ابن تيمية.الفتاوى 25/214) (واللجنة10/200-209) (وابن باز15/237).
القول الثاني: الصوم.
روي عن أنس وعثمان بن أبي العاص رضي الله عنهم ، وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي.
القول الثالث: أفضل الأمرين أيسرهما.
وهو قول عمر بن عبد العزيز ومجاهد.
القول الرابع: التفصيل: إن كان الصوم يشق عليه مشقة شديدة حرم عليه الصوم، وإن كان الفطر أرفق به فالفطر أفضل، وإن استويا فالصوم أفضل (ابن عثيمين6/343).

مسألة 47: إنما يباح الفطر في السفر الطويل الذي يبيح القصر، على الخلاف في ذلك(واختار شيخ الإسلام إباحته في السفر القصير أيضاً.الإنصاف7/374)، ثم المسافر لا يخلو من ثلاثة أحوال:
1) أن يدخل عليه شهر رمضان وهو في السفر: فلا خلاف في إباحة الفطر له فيما نعلم.
2) أن يسافر في أثناء الشهر ليلاً:
القول الأول: له الفطر في صبيحة الليلة التي يخرج فيها وما بعدها.
وهو قول عامة أهل العلم.
القول الثاني: لا يفطر من سافر بعد دخول الشهر.
وهو قول عَبِيدة السلْماني وأبو مِجْلز لاحق بن حميد وسويد بن غَفَلَة.
3) أن يسافر في أثناء اليوم من رمضان:
القول الأول: له الفطر.
وهي أصح الروايتين عن أحمد وقول الشعبي(4) وإسحاق وداود وابن المنذر (وابن تيمية.الفتاوى25/212) (وابن القيم2/53-54)
القول الثاني: لا يباح له الفطر.
وهي رواية عن أحمد، وقول مكحول والزهري ويحيى الأنصاري ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي.

مسألة 48: لا يجوز للمريض أن يصوم في رمضان عن غيره كالنذر أو القضاء، وإن نوى لم يصح صومه عن رمضان ولا عمّا نواه.
مسألة 49: لا يجوز للمسافر أن يصوم في رمضان عن غيره، فإن نواه:
القول الأول: لم يصح صومه عن رمضان ولا عمّا نواه.
وهو الصحيح من المذهب، وقول أكثر أهل العلم.
القول الثاني: يقع ما نواه إن كان واجباً.
وهو قول أبي حنيفة.

مسألة 50: من نوى الصوم في سفره فهل له أن يفطر ويترخص؟
القول الأول: نعم
وهو المذهب، وقال الشافعي مرة: إن صح حديث الكديد لم أََرَ بـِهِ بأساً.
وحديث الكديد متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر وأفطر الناس (5).
القول الثاني: لا يجوز له الفطر.
وهو قول ثانٍ للشافعي.
القول الثالث: إن افطر فعليه القضاء والكفارة.
وهو قول مالك.

مسألة 51: متى يباح للمسافر الفطر؟
القول الأول: إذا خلّف البيوت وراء ظهره.
وهو المذهب (واختيار ابن عثيمين6/346).
القول الثاني: يفطر في بيته إن شاء.
روي عن انس وأبي بصرة الغفاري رضي الله عنهم ، وهو قول الحسن وعطاء (وابن القيم2/53)

مسألة 52: الحامل والمرضع إذا خافتا الضرر بالصوم وأرادتا الفطر فلهما أحوال:
1) إذا خافتا على أنفسهما: فلهما الفطر وعليهما القضاء لا غير، لا نعلم فيه خلافا.
(وبه أفتت اللجنة10/161).
2) إذا خافتا على ولديهما:
القول الأول: أفطرتا وعليهما القضاء وإطعام مسكين لكل يوم.
روي عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم . وهو المذهب والمشهور من مذهب الشافعي، وخالف الصحابيان في القضاء: أنه لا قضاء عليهما في رواية(6).
القول الثاني: أفطرتا وقضتا والإطعام على المرضع دون الحامل.
وهو قول الليث وإحدى الروايتين عن مالك.
القول الثالث: أفطرتا وقضتا ولا كفارة عليهما.
وهو قول الحسن وعطاء والزهري وسعيد بن جبير والنخعي وأبو حنيفة (واللجنة10/226) (وابن باز15/223-227) (وابن عثيمين6/350).

مسألة 53: على القول الأول والثاني : ما مقدار الإطعام؟
القول الأول: مُدُّ بُرٍ أو نصف صاع شعير عن كل يوم.
روي عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وزيد رضي الله عنهم ، وهو المذهب.
القول الثاني: نصف صاع من البر أو صاع من غيره.
وهو قول أبي حنيفة.
القول الثالث: يطعم مدًّا من أي الأنواع شاء.
وهو قول أبي هريرة رضي الله عنه وعطاء والأوزاعي والشافعي(7).

مسألة 54: إن عجزتا عن الإطعام سقط عنهما بالعجز، وقيل: لا يسقط.
مسألة 55: من نوى الصوم قبل الفجر ثم جُنَّ أو أغمي عليه جميع النهار.
القول الأول: لم يصح صومه.
وهو المذهب وقول الشافعي.
القول الثاني: يصح.
وهو قول أبي حنيفة.

مسألة 56: إن أفاق المغمى عليه في النهار:
القول الأول: صح صومه، سواء أفاق في أول النهار أو آخره.
وهو المذهب.
القول الثاني: صح صومه إذا أفاق في أول النهار
وهو أحد قولي الشافعي.

مسألة 57: إن عقل المجنون في النهار:
القول الأول: صح صومه.
وهو المذهب.
القول الثاني: إذا وُجد الجنون في جزء من النهار أفسد الصوم.
وهو قول الشافعي.

مسألة 58: إن نام جميع النهار صح صومه، لا نعلم فيه خلافاً.
مسألة 59: يلزم المغمى عليه القضاء، لا نعلم فيه خلافاً.
مسألة 60: هل يلزم المجنون القضاء؟
القول الأول: لا يلزمه.
وهو المذهب، وبه قال أبو ثور والشافعي في الجديد (وابن باز15/206-207) .
القول الثاني: يقضي، وإن مضى عليه سِنون.
وهو قول مالك ورواية عن أحمد وقول الشافعي في القديم.
القول الثالث: التفصيل: إن جُنَّ جميعَ الشهر فلا قضاء عليه، وإن أفاق في أثنائه قضى ما مضى
وهو قول أبي حنيفة.

مسألة 61: لا يصح صومٌ إلا بنية بالإجماع، فرضاً كان أو تطوعاً،ومحل النية - وقتها - في صيام الفرض كرمضان وقضائه والنذر والكفارة:

القول الأول: يشترط أن ينويه من الليل.
وهو المذهب ومذهب مالك والشافعي (وابن تيمية.الفتاوى25/120) (واللجنة10/244)
القول الثاني: يجزئ من النهار.
وهو قول أبي حنيفة.

مسألة 62: على القول الأول في أي جزءٍ من الليل تكون النية؟
القول الأول: في أي جزء من الليل سواء فعل بعد النية ما ينافي الصوم من الأكل والشرب والجماع أو لم يفعل.
وهو المذهب (واللجنة10/335).
القول الثاني: يشترط أن لا يأتي بعد النية بما ينافي الصيام.
وهو قول بعض أصحاب الشافعي.
القول الثالث: يشترط وجود النية في النصف الأخير من الليل.
وهو قول بعض أصحاب الشافعي.

مسألة 63: إن نوى من النهار صومَ الغد لم يجزئه إلا أن يستصحب النية إلى جزء من الليل، وعليه حُمل كلام أحمد.
مسألة 64: هل تُجْزِئه نية واحدة لجميع الشهر أو تشترط النية لكل يوم؟
القول الأول: تشترط لكل يوم.
وهو المذهب وقول أبي حنيفة والشافعي وابن المنذر (واللجنة 10/246).
القول الثاني:تجزئ نية واحدة.
وهي رواية عن أحمد ومذهب مالك وإسحاق (وابن عثيمين6/356).

مسألة 65: معنى النية القصد، وهو اعتقاد القلب فعلَ الشيء وعزمُه عليه من غير تردد، فمتى خطر بقلبه في الليل أن غداً من رمضان وأنه صائمٌ فيه فقد نوى(وعليه فلا ثمرة للمسألة السابقة: ابن تيمية. الفتاوى25/215).
مسألة 66: إنْ شكَّ في أنه من رمضان ولم يكن له أصل يبني عليه، مثل ليلة الثلاثين من شعبان، ولم يَحُلْ دون مطلع الهلال غيمٌ ولا قَترٌ, فعزم أن يصوم غداً من رمضان:
القول الأول: لم تصح النية ولم يجزئه صيام ذلك اليوم.
وهو المذهب وقول حماد وربيعة ومالك وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وابن المنذر وأحد قولي الشافعي.
القول الثاني: يصح إذا نواه من الليل.
وهو قول الثوري والأوزاعي والقول الآخر للشافعي.

مسألة 67: ليلة الثلاثين من رمضان تصح نيته وإن احتمل أن يكون من شوال(8).
مسألة 68: إن بنى على قول المُنجِّمين وأهل الحساب فوافق الصواب لم يصح صومه وإن كثرت إصابتهم؛ لأنه ليس بدليل شرعي يجوز البناء عليه ولا العمل به فكان وجوده كعدمه. (وأفتت به اللجنة 10/93).
مسألة 69: هل يمكن دخول الشهر بالحساب(9)؟
القول الأول: نعم.
وهو قول مطرِّف بن عبد الله وابن سريج الشافعي وابن قتيبة وبعض المالكية.
القول الثاني: لا.
وهو قول جمهور العلم (وابن تيمية.الفتاوى 25/239-139) (هيئة كبار العلماء واللجنة 10/104).

مسألة 70: إن قال: إن كان غداً من رمضان فأنا صائم، وإن كان من شوال فأنا مفطر. فقال ابن عقيل: لا يصح صومه.
ويحتمل أن يصح. (اختاره ابن تيمية. الفتاوى25/101-102).

مسألة 71: حكم تعيين النية في الصوم الواجب:
القول الأول: يجب، فيعتقد أنه يصوم غداً من رمضان أو من قضائه أو من كفارته أو من نذره.
نص أحمد عليه، وبهذا قال الشافعي ومالك.
القول الثاني: لا يجب تعيين النية لرمضان.
وهي رواية عن أحمد (واختاره ابن تيمية إن كان جاهلاً، وإن كان عالماً فلا. الإنصاف 7/391).

مسألة 72: على القول الثاني لو نوى في رمضان الصومَ مطلقاً أو نوى نفلاً وقع عن رمضان وصح صومه، وهذا قول أبي حنيفة إذا كان مقيماً.
مسألة 73: إذا عَيَّن النية عن صوم رمضان أو قضائه أو نذره أو كفارة:
القول الأول: لم يحتج أن ينوي أنه فرض.
(وهو الصحيح من المذهب.الإنصاف 7/398) (لا يجب لكن الأفضل أن ينوي القيام بالفريضة. ابن عثيمين6/356).
القول الثاني: يجب.
وهو قول ابن حامد.

مسألة 74: لو نوى إن كان غداً من رمضان فهو فرضي وإلا فهو نفل.
القول الأول: لم يجزئه.
وهي الرواية المشهورة في المذهب.
القول الثاني: يجزؤه.
وهي رواية عن أحمد. (واختيار ابن تيمية.الإنصاف7/399،الفتاوى 25/101)(وابن عثيمين 6/362)

مسألة 75: لو كان عليه صوم من سنة خمسٍ - مثلاً - فنوى أنه يصوم عن سنة ست، أو نوى الصوم عن يوم الأحد وكان غيرَه, أو ظنّ أن غداً الأحد فنواه وكان الإثنين: صَحَّ صومه.
مسألة 76: مَن نوى الإفطار أثناء اليوم:
القول الأول: أفطر.
وهو ظاهر المذهب وقول الشافعي وأبي ثور (وابن عثيمين6/363).
القول الثاني: إن عاد فنوى قبل أن ينتصف النهار أجزأه.
وهو قول أصحاب الرأي.
القول الثالث: لا يفسد الصوم بذلك.
حكي عن ابن حامد.

مسألة 77: فأمّا صوم النفل فإن نوى فيه الفطر ثم لم ينو الصوم بعد ذلك لم يصح صومه، وإن عاد فنوى صَحَّ صومه ما لم يفطر بالفعل.
مسألة 78: إن نوى أنه سيفطر في ساعة أخرى أفطر، في قول ابن عقيل، وإن تردد في الفطر أو نوى أنه إن وجد طعاماً أفطر وإلا أتمّ صيامه ففيهما وجهان (صوَّب المرداوي أنه يفطر.الإنصاف7/402).
مسألة 79: من ارتدّ عن الإسلام أفطر، بغير خلاف نعلمه.
مسألة 80: هل يصح صوم النفل بنية من النهار؟
القول الأول: نعم، سواء نوى قبل الزوال أو بعده.
روي ذلك عن أبي الدرداء وأبي طلحة وابن مسعود وحذيفة رضي الله عنهم ، وهو المذهب وقول أبي حنيفة والشافعي، وروي عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والنخعي (وابن تيمية.الفتاوى 25/120) (واللجنة10/244) (وابن عثيمين6/358).
القول الثاني: لا يجوز إلا بنيةٍ من الليل.
وهو قول مالك وداود.
القول الثالث: لا يجزىء بنيةٍ بعد الزوال.
وهو قول القاضي أبي يعلى.

مسألة 81: وفي أيِّ وقتٍ من النهار تُجْزِئه النية؟
القول الأول: في أي وقت.
وهو ظاهر كلام ابن مسعود رضي الله عنه وأحمد والخرقي، ويُروى عن سعيد بن المسيب(وابن تيمية25/120).
القول الثاني: لا تُجْزِئه النية بعد الزوال.
وهو مذهب أبي حنيفة والمشهور من قولي الشافعي واختيار القاضي.

مسألة 82: إذا صام من أثناء اليوم نفلاً حُكِم بالصوم الشرعي المثاب عليه:
القول الأول: من وقت النية.
وهو منصوص أحمد وقول بعض أصحاب الشافعي (وابن عثيمين6/360).
القول الثاني: يُحكم بذلك من أول النهار.
وهو قول أبي الخطّاب وبعض الشافعية.

مسألة 83: إنما يصح الصوم بنية من النهار بشرط أن لا يكون طَعِمَ قبل النية ولا فَعَلَ ما يفطر، فإن فعل شيئاً من ذلك لم يجزئه من الصيام، بغير خلافٍ نعلمه.

باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة
مسألة 84: أجمع أهل العلم على الإفطار بالأكل والشرب لما يُتغذَّى به، فأما أكل مالا يُتغذى به:
القول الأول: يحصل به الفطر.
وهو قول عامة أهل العلم (واختاره ابن عثيمين6/367).
القول الثاني: لا يفطر بما ليس بطعام ولا شراب.
حكي عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه وهو قول الحسن بن صالح (10).

مسألة 85: ويُفطر بـ:
القول الأول: كل ما أدخله إلى جوفه أو مجوَّف في جسده كدماغه وحلقه ونحو ذلك مما ينفذ إلى معدته، إذا وصل باختياره، وكان مما يمكن التحرز منه، سواء وصل من الفم على العادة أو غيرها كالوُجور واللُّدود، أو من الأنف كالسُّعوط، أو ما يدخل من الأذن إلى الدماغ، أو ما يدخل من العين إلى الحلق كالكحل, أو ما يدخل إلى الجوف من الدبر بالحقنة، أو ما يصل من مداواة الجائفة أو من دواء المأمومة، وكذلك إن جرح نفسه أو جرحه غيره بإذنه فوصل جوفه، سواءٌ استقرَّ في جوفه أو عاد فخرج منه.
وهو المذهب.
القول الثاني: بهذا كله قال الشافعي إلا في الكحل.
القول الثالث: لا يفطر بالسعوط إلا أن ينزل إلى حلقه، ولا يفطر إذا داوى المأمومة والجائفة. وهو قول مالك، واختُلف عنه في الحقنة.
القول الرابع: لا يفطر لا بالكحل ولا الحقنة ولا ما يقَطَّر في إحليله ولا ما يداواى به المأمومة والجائفة، وكل ما وصل إلى الجوف بغير الطعام والشراب مما ليس أكلاً.
(ابن تيمية.الإنصاف7/409،الفتاوى 25/233-234) (وابن عثيمين6/369- 371) سواء كانت الحقنة مغذية أو لا.
و القول الآخر في الحقن أنها إذا كانت مغذية فإنها تفطر (اللجنة10/252)(وابن باز15/17،257)و تأتي مفصلةً - بمشيئة الله-.

مسألة 86: هل يفطر بالكحل؟
القول الأول: إن وجد طعمه في حلقه أو عَلِم وصوله إليه فطره وإلا فلا.
نص عليه أحمد، وهو قول أصحاب مالك (أفتت اللجنة بأن الأحوط القضاء10/253)
القول الثاني: إن اكتحل بما يجد طعمه كالذَّرور والصَّبِر والقَطور أفطر, وإن اكتحل باليسير من الإثمد غير المطيَّب لم يفطر.
نص عليه أحمد أيضاً، وقاله ابن أبي موسى.
القول الثالث: إن كان الكحل حادّاً فطره وإلا فلا.
قاله ابن عقيل.
القول الرابع: الكحل يفطر الصائم دون تفصيل.
وهو قول ابن أبي ليلى وابن شبرمة.
القول الخامس: لا يفطره.
وهو قول أبي حنيفة والشافعي (وابن تيمية الفتاوى 25/233-234) (واللجنة10/253)
(وابن باز 15/260) (وابن عثيمين 6/370).

مسألة 87: حكم استدعاء القيء من حيث التفطير به:
القول الأول: يفطر.
وهو قول عامة أهل العلم، وحكاه ابن المنذر إجماعاً(11). (وقال به ابن تيمية.الفتاوى25/261،267) (وابن القيم2/57) (واللجنة 10/254) (وابن باز15/16، 265) (وابن عثيمين6/372).
القول الثاني: لا يفطر.
وهو قول ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم.

مسألة 88: حدّ القيء الذي يحصل به الفطر:
القول الأول: قليله وكثيره سواء.
وهو ظاهر المذهب (وابن عثيمين6/372).
القول الثاني: لا يفطر إلا بملء الفم.
وهي رواية ثانية في المذهب.
القول الثالث: بنصف الفم.
وهي رواية ثالثة في المذهب.

مسألة 89: لو استمنى بيده فقد فعل محرماً. ولا يفسد صومه بمجرده، فإن أنزل فسد صومه,، وكذلك إن أمذى بالاستمناء في قياس المذهب، فأما إن أنزل لغير شهوة كالذي يخرج منه المني أو المذي لمرض فلا شيء عليه(وبه أفتت اللجنة 10/ 256، 279).
مسألة 90: ولو جامع في الليل فأنزل بعدما أصبح لم يفطر.
مسألة 91: إذا قبَّل الصائم أو لمس لا يخلو من ثلاث أحوال:
‌أ- أن لا ينزل ولا يمذي: فلا يفسد صومه بذلك، بغير خلاف علمناه.
‌ب- أن يُمني: فيفطر بغير خلاف نعلمه.
‌ج- أن يمذي:
القول الأول: يفطر.
وهو المذهب وقول مالك.
القول الثاني: لا يفطر.
وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وروي عن الحسن والشعبي والأوزاعي (وابن تيمية.الإنصاف7/418،453) (واللجنة10/273) (وابن باز15/268،314) (وابن عثيمين6/376)

مسألة 92: إذا كرَّرَ الصائم النظر فله ثلاثة أحوال:
‌أ- أن لا يقترن به إنزال: فلا يفسد الصوم بغير اختلاف.
‌ب- أن ينزل به المني:
القول الأول: يفسد صومه.
وهو المذهب، وبه قال عطاء والحسن ومالك (وابن باز 15/269) (وابن عثيمين 6/376)
القول الثاني: لا يفسد.
وهو قول جابر بن زيد والثوري وأبو حنيفة والشافعي وابن المنذر.
ج- أن يمذي بذلك:
القول الأول: لا يفطر.
وهو ظاهر كلام أحمد، وظاهر المذهب (وقول ابن باز15/268) (وابن عثيمين6/377)
القول الثاني: يفطر.
وهو قول في المذهب (وعزاه ابن تيمية إلى أكثر العلماء. الفتاوى 25/265).

مسألة 93: إذا نظر ثم صرف نظره ولم يكرر.
القول الأول: لم يفسد صومه أنزل أو لم ينزل.
وهو المذهب (واختاره ابن عثيمين6/377)
القول الثاني: يفسد صومه إن أنزل.
وهو قول مالك.

مسألة 94: حكم الحجامة للصائم.
القول الأول: يفطر بها الحاجم والمحجوم.
كان جماعة من الصحابة يحتجمون ليلاً في الصوم، منهم ابن عمر وابن عباس وأبو موسى وأنس ابن مالك رضي الله عنهم ، والتفطير به هو المذهب، وبه قال إسحاق وابن المنذر ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وعطاء وعبد الرحمن بن مهدي(وابن القيم4/56في المحجوم) (وابن باز15/271) (واللجنة 10/262).
القول الثاني: يجوز للصائم أن يحتجم ولا يفطر.
رخص فيه أبو سعيد الخدري وابن مسعود وأم سلمة والحسين بن علي رضي الله عنهم وعروة بن سعيد بن جبير، وهو قول مالك والثوري وأبو حنيفة والشافعي.
القول الثالث: إن مص الحاجم القارورة أفطر وإلا فلا، ويفطر المحجوم إن خرج الدم، وإلا فلا (وهو قول ابن تيمية.الإنصاف7/420،الفتاوى 25/252-258) (وابن عثيمين6/378- 382)

مسألة 95: ما يلحق بالحجامة(12):
‌أ- الفصد.
القول الأول: لا يفطر المفصود ولا الفاصد.
وهو أصح الوجهين في المذهب.
القول الثاني: يفطر المفصود.
جزم به ابن هبيرة عن أحمد، (واختاره ابن تيمية.الإنصاف 7/423.الفتاوى 25/268) (وابن باز15/273).
ولا فطر على الفاصد في أصح الوجهين.
(وهو اختيار ابن تيمية.الإنصاف 7/423) (واللجنة 10/262) (وابن عثيمين 6/383).
‌ب- الشرط:
القول الأول: لا يفطر به.
احتمال.
القول الثاني: يفطر المشروط دون الشارط.
الاحتمال الثاني (واختاره ابن تيمية. الإنصاف 7/423،الفتاوى 25/257) (وابن عثيمين 6/383)
‌ج- الرعاف:
القول الأول: لا يفطر به.
وهو المذهب (واختيار اللجنة 10/264-268 ما لم يبتلعه) (وابن باز 15/273)
القول الثاني: يفطر به.
(وهو اختيار ابن تيمية.الإنصاف 7/423) (وابن عثيمين6/383)
‌د- النزيف لا يفطر. وكذا خروج الدم بالجروح. (اللجنة 10/266-268, 282).
هـ- التبرع بالدم.
و- أخذ الدم للتحليل.
ويأتي حكمهما - إن شاء الله -.

مسألة 96: شرط الفطر بما سبق من المفطرات أن يفعله عامداً، ذاكراً لصومه.
مسألة 97: من فعل شيئاً من المفطرات ناسياً.
القول الأول: لم يفْسد صومه.
روي عن علي وهو قول أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم ، وقول عطاء وطاووس وابن أبي ذئب والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة وإسحاق، وهو المذهب إلا في الجماع (وابن تيمية.الفتاوى 25/228) (واللجنة 10/269) (وابن باز 15/291) (وابن عثيمين6/385) .
القول الثاني: يفطر.
وهو قول ربيعة ومالك.

مسألة 98: هل يشترط العلم بكونها مفطرات أو يفطر بها الجاهل(13)؟
القول الأول: لا يشترط، فيفطر ولو كان جاهلاً.
وهو الصحيح من المذهب.
القول الثاني: يشترط.
وهو قول في المذهب (اختاره ابن تيمية.الفتاوى 25/228) (وابن عثيمين 6/387).

مسألة 99: لو أراد مَن وجب عليه الصوم أن يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسياً أو جاهلاً فهل يجب إعلامه على من رآه(14)؟
القول الأول: نعم.
وهو أحد الوجوه في المذهب (واللجنة 10/272) وابن عثيمين
القول الثاني: لا.
وهو الوجه الثاني.
القول الثالث: يجب إعلام الجاهل دون الناسي.
وهو الوجه الثالث.

مسألة 100: من فكر فأنزل.
القول الأول: لم يفسد صومه.
وهو المذهب (واختيار ابن عثيمين 6/391)
القول الثاني: يفسد.
حُكي عن أبي حفص البرمكي واختاره ابن عقيل.
دليلك إلى مسائل الصيام (2)
______________
(*)دليلك إلى مسائل الصيام، 200 مسألة من فقه الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين، وترجيحات المحققين، جمع وإعداد: أحمد بن علي بن صالح، عبد الله بن عمر طاهر، عماد بن عبد الله الأيداء، عبد الله بن خالد القاسم.
(1) لأنه إذا كان لليلة الماضية كان اليوم الذي هم فيه أول يوم من رمضان فلزمهم إمساكه.
(2) مسألة 69 من مسائل الرؤية.
(3) ليست منصوصاً عليها في الأصل.
(4) في الأصل: عمرو بن شراحبيل والشعبي.
(5) رواه البخاري.كتاب الصوم , باب: إذا صام أياماً من رمضان ثم سافر ح (1808) ومسلم ح (1875).
(6) الوارد عن ابن عباسرضي الله عنه الإطعام دون القضاء صريحاً, رواه عبد الرزاق (4/219) والدارقطني (ح2348) وقال: إسناد صحيح ونحوه عند أبي داود(ح2318) والبيهقي(4/230) , وورد عنه القضاء دون الإطعام , رواه عبد الرزاق(4/218). أما ابن عمر فورد عنه الإطعام دون القضاء صريحاً , رواه عبد الرزاق(4/218) والبيهقي (4/230)، والدارقطني(ح2354) وفيه عنده الحجاج بن أرطأة، وورد عنه الجمع بينهما رواه البيهقي (4/230).
(7) مقدار نصف الصاع باللتر=1.14ل (وتقريبه بالوزن كيلو ونصف من قوت البلد (ابن باز 15/301) (اللجنة10/310)).
(8) لأن الأصل بقاء شهر الصيام.
(9) ليست في الأصل، وهي في الاستذكار(3/162ح317ط.إحياء التراث)، التمهيد(9/28ح637ط.هجر), القبس لابن العربي(9/16ط.هجر), مشارق الأنوار لعياض(2/173)، المجموع(7/466ط.الكتب العلمية)مجموع فتاوى شيخ الإسلام(25/133،141،181), تهذيب السنن لابن القيم(3/213).
(10) فائدة: ضابط الأكل: إيصال الجامد إلى الجوف عن طريق الفم , ويلحق به الأنف لحديث لقيط رضي الله عنه، وضابط الشرب: إيصال المائع إلى الجوف عن طريق الفم , ويلحق به الأنف لحديث لقيط رضي الله عنه، ضابط ما يلحق بالأكل والشرب: إيصال المغذي عن طريق غيرهما إلى الجوف، أما أثر أبي طلحة رضي الله عنه أنه أكل من البرد وهو صائم وقال: (إن ذا ليس بطعام ولا شراب) فرواه أبو يعلى(ح1424)و البزار (كشف الأستار3/481) وفيه علي بن زيد ين جدعان ومحمد بن معمر شيخ البزار، وهما ضعيفان (مجمع الزوائد3/175، المطالب العالية6/56ح1020)
(11) الإجماع ص 47، قال: وخالف الحسن.
(12) ليست في الأصل.
(13) أصلها في الأصل , وهذا اللفظ من الإنصاف(7/425).
(14) من الإنصاف(7/425).