مصليات النساء في المساجد
19 شعبان 1435
عبد الحميد ظفر الحسن

تمهيد:

فرض الله الصلوات الخمس، وأمرنا بأدائها في وقتها، واهتم المسلمون ببناء المساجد وتشييدها في كل زمان، وما ذلك الاهتمام إلا لأداء الصلوات المفروضة في وقتها جماعة، وحضور الرجال والنساء والصبيان إلى المساجد لأداء الصلوات وسماع الذكر أمر معلوم منذ عهد النبوة، إلا أن حضور النساء إلى المساجد لأداء الصلاة جماعة كان في نفس المسجد في زاوية معينة، ولم يكن لهن مصلى أو مبنى خاص يصلين فيه، فمصليات النساء بالطريقة المعروفة في زماننا –في بعض البلدان-  لم تكن معروفة في زمن النبوة، وخاصة المصلى المنفصل تماماً عن المسجد. فما هو حكم صلاة المرأة اقتداء بالإمام في هذه المصليات؟ جواب هذا السؤال هو ما سأبحثه في هذا المبحث من خلال مطلبين:

 

المطلب الأول: مدى مشروعية حضور النساء المساجد وشهودهن الصلاة مع الرجال.
المطلب الثاني: حكم مصليات النساء بأنواعها المختلفة.
وفيما يلي التفصيل:

 

المطلب الأول: مدى مشروعية حضور النساء المساجد وشهودهن الصلاة مع الرجال:

لقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على مشروعية شهود المرأة المساجد لأداء الصلوات الخمس مع الرجال جماعة في الجملة(1)، مع إجماعهم على أن ذلك لا يلزمهن فرضاً بلا خلاف(2).
واستدلوا على ذلك بجملة من الأحاديث النبوية الصحيحة التي تدل على أن النساء كن يشهدن الجماعة مع الرجال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الأحاديث:
1- عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلّم قام النساء حين يقضي تسليمه، ويمكث هو في مقامه يسراً قبل أن يقوم".
قال الزهري: "نرى –والله أعلم- أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن أحدٌ من الرجال(3).

 

2- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متَلَفِّعَاتٍ بمروطهن(4)، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغَلَس(5).
وغير ذلك من الأحاديث النبوية التي تدل على أن النساء كنّ يشهدن الجماعة في المسجد مع الرجال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما لا بد من ذكره هنا أن جمهور الفقهاء(6) يرون أن الأفضل للمرأة صلاتها في بيتها.

 

ثم إن الناظر في الكتب الفقهية يجد عدداً من الأقوال والتفصيلات المختلفة في حكم شهود المرأة لصلاة الجماعة في المسجد، حتى إن المذهب الواحد تنوعت وتعددت الأقوال فيه، وكل من يقول بمشروعية خروجها للصلوات المكتوبة لا يتعدّى قوله الاستحباب(7). وان ذكر تلك التفصيلات يأخذ مساحة طويلة من البحث؛ لذا آثرت أن لا أذكر تلك الأقوال والتفصيلات، وإنما أذكر هنا أهم الشروط المتفق عليها والمختلف فيها، وهذه الشروط إنما هي استنتاج من تلك الأقوال والتفصيلات، وأغلب أقوال الفقهاء واستثناءاتهم – وجوداً وعدماً، نفياً واثباتاً، ترخيصاً ومنعاً - تدور مع علة الافتتان والفساد وعدمهما(8).
يقول الشنقيطي: "اعلم أن خروج المرأة إلى المسجد يشترط فيه عند أهل العلم شروط يرجع جميعها إلى شيء واحد، وهو كون المرأة وقت خروجها للمسجد ليست متلبسة بما يدعوا إلى الفتنة مع الأمن من الفساد(9).

 

ومن أهم هذه الشروط التي تستنتج من أقوال الفقهاء(10):
 الشرط الأول: أن يخرجن إلى المساجد غير متطيبات، فإذا تطيبت المرأة يكره خروجها إلى المساجد كراهة تحريم(11) وذلك للأحاديث الواردة في ذلك:
1- عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً"(12).
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة أصابت بخوراً، فلا تشهد معنا العشاء الآخرة"(13).
ففي الحديثين السابقين نهي عن تطيب النساء إذا أتين للمساجد؛ لما في ذلك من الفتنة.

 

الشرط الثاني: أن يخرجن إلى المساجد بإذن أزواجهن أو أوليائهن، فإذا استأذنت المرأة زوجها أو وليها في الخروج إلى المسجد كره له منعها، إذا لم يكن في خروجها ما يدعو إلى الفتنة(14). وذلك لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها"(15)، وفي لفظ: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله(16).
فالحديث يدل على أن المرأة لا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه لتوجه الأمر إليه بالإذن.

 

الشرط الثالث: أن تكون المرأة عجوزاً غير حسناء لا إرب للرجال فيها. أما إن كانت حسناء سواء كانت شابة أو غير شابة فيكره لها ذلك إذا أمنت الفتنة، وأما إذا خافت الفتن فيحرم(17)؛ وذلك لأن الحسناء والشابة أكثر تعرضاً للفتنة وأذى الفسّاق، فيكون حضورها مظنة الافتتان فقطعاً لذلك الأولى منعها(18).

 

الشرط الرابع: أن تخرج المرأة إلى المسجد ليلا: وهذا مذهب أبي حنيفة(19) خلافاً لأبي يوسف ومحمد(20)، فتخرج المرأة إلى المسجد عن أبي حنيفة ليلاً، أي في الظلمة؛ وذلك في صلاة الفجر والمغرب والعشاء. لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن"، وفي رواية مسلم: "لا تمنعوا النساء من الخروج إلى المساجد بالليل"(21)، فالحديث فيه دلالة صريحة على جواز خروج النساء إلى المساجد بالليل دون النهار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خصَّ الخروج والإذن بالليل دون النار.
ولأمن الفتنة عليهن من الفساق وأشرار الطرقات، فهم في هذه الأوقات غالباً مشغولون بالنوم أو بتناول الطعام، والجوّ مظلم، والظُّلمة تحول دون النظر منهم أو إليهن(22).

 

هذه هي أهم الشروط التي تستنتج من أقوال الفقهاء، إلا أن تفريق الفقهاء بين الشابة والعجوز، أرى – والله أعلم- أنه غير صحيح؛ لأن هذا التفريق لم يرد فيه دليل، وإنما الأدلة جاءت مطلقة في حق المرأة دون ذكر هذا التفريق، ولهذا فالأولى عدم اشتراطها، ويحتمل أن يكون اشتراط الفقهاء بناءً على ما كان في زمنهم. أما في هذه الأزمنة فإن المرأة سواء كانت شابة أو عجوزاً إن خرجت للمسجد بحجاب شرعي فلا حرج في ذلك(23).

 

وكذلك اشتراط أبي حنيفة بأن يكون خروج المرأة في الظلمة فالحديث الذي فيه تخصيص الإذن بالليل لا يدل على المنع نهاراً من عدة أوجه، لعل من أهمها أن الحديث لا يدل على منعها من الذهاب إلى المسجد نهاراً، بل يجيز ذلك من باب مفهوم الموافقة للفظ الحديث؛ لأن الشارع الحكيم قد أذن للمرأة بالخروج إلى المسجد ليلاً –وهو مظنة الريبة والخوف والأذية- فمن باب أولى أنه يجوز خروجها إليه في النهار حيث لا فتنة ولا أذية، ولا يجرؤ أحد من الفسّاق على أذيتها والتعرض لها غالباً؛ لأن النهار يفضحهم ويصدهم عن التعرض لها ظاهراً لكثرة انتشار الناس ورؤية من يتعرض فيه لما لا يحل له فينكر عليه، ولا يحمل المطلق على المقيد في الأحاديث لكثرة أحاديث الإطلاق، ولثبوت خروج النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات النهارية في عدة أحاديث مشهورة(24).

 

وبهذا نستطيع أن نقول إنه يباح للمرأة حضور جماعة المسجد؛ لأداء الصلوات المكتوبة؛ إن أذن لها زوجها أو وليها ما لم يترتب على شهودها فتنة أو فساد، فتمنع وتمتنع. وان كان الأفضل صلاتها في بيتها. وفي هذا يكون الجمع بين الأدلة والآثار في هذا الباب، والتي فيها إقرار النبي صلى الله عليه وسلم للنساء في شهودهن الجماعة في حياته صلى الله عليه وسلم مع التنبيه إلى أن صلاة المرأة في بيتها أفضل في غيرها، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خير لهن"(25)، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لأم حميد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما، لما جاءت تقول له: "يا رسول الله، إني أحب الصلاة معك؟" فقال صلى الله عليه وسلم: "قد عَلِمْتُ أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي"(26).

 

أما إذا كانت المرأة تخرج متطيبة متزينة ففي هذه الحالة لا يجوز لها الخروج إلى المسجد، وكذلك الحال إذا كان هناك خوف فتنة من خروجها، وعلى هذا يحمل قول عائشة رضي الله عنها: "لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهنَّ المسجد كما منعت نساء ببني إسرائيل"(27).

 

وأفضلية صلاتهن في البيت محمولة على ما إذا كانت الصلاة في المسجد غير مقترنة بسماع وعظ ونحوه مما لا يتيسر للنساء في بيوتهن(28)؛ لأن النساء طلبن من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهن يوماً يعلمهن فيه أمور دينهن(29)، والظاهر أن ذلك كان في المسجد.

 

المطلب الثاني: حكم مصليات النساء بأنواعها المختلفة:

أولا: مدى مشروعية عزل النساء عن الرجال في المساجد:

إن حضور النساء إلى المساجد أمر معلوم منذ عهد النبوة –كما سبق بيان ذلك في المطلب السابق- وكان الحضور في ذلك الزمن في المسجد نفسه، ولم يكن هناك فاصل أو حاجز بين النساء والرجال؛ وإنما كانت النساء يصلين في مؤخرة المسجد، وهذا ما نفهمه من حديث أم سلمة رضي الله عنها، حيث قالت: "إن النساء كنّ إذا سلمن من المكتوبة قمن، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال"(30). وفي رواية للبخاري أيضاً: "... قال ابن شهاب: فأرى – والله أعلم – أن مكْثه لكي يَنْفُذَ النساء قبل أن يُدْركَهُنَّ من انصرف من القوم"(31).

 

وأوضح من هذا حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أنه قال: "لقد رأيت الرجال عاقدي أزرهم في أعناقهم مثل الصبيان من ضيق الأُزُر خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال القائل: يا معشر النساء لا ترفعن رؤوسكن حتى يرفع الرجال"(32).

 

فالشاهد في الحديثين:
تأخير انصراف الرجال عن النساء في المسجد حتى لا يدركهن الرجال. وكذلك النهي للنساء من عدم رفع رؤوسهن قبل الرجال؛ لئلا يلمحن عند رفع رؤوسهن من السجود شيئاً من عورات الرجال. فإن هذا دليل على أن النساء كن يصلين في المسجد في العهد النبوي من دون حائل أو حاجز، وإلا لما كان هناك فائدة من تأخير القيام من قبل الرجال، وتأخير رفع الرؤوس من قبل النساء.

 

إذا ثبت هذا، فإننا نستطيع الجزم بأن مصليات النساء – كما هي موجودة في هذه الأزمنة – لم تكن موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فضلاً أن يكون هناك ساتر أو حاجز يفصل بين الرجال والنساء. وهذا لا يعني أن النساء كن يختلطن مع الرجال في المساجد، بل كان هناك عزل تام يمنع الاختلاط بين الرجال والنساء، ويدل على هذا أمور ثلاثة:
الأول: حديث أم سلمة رضي الله عنها الآنف الذكر.
قال صاحب عون المعبود: والحديث فيه أنه يستحب للإمام مراعاة أحوال المأمومين والاحتياط في الاجتناب ما قد يفضي إلى المحذور، واجتناب مواقع التهم، وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلاً من البيوت"(33). وقال البهوتي: "ولأن الإخلال بذلك يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء"(34).

 

الثاني: تأخير صفوف النساء عن الرجال: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها"(35).
قال النووي: "فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلّين متميزات لا مع الرجال، فهنَّ كالرجال، خير صفوفهن أولها وشرها آخرها.
والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء: أقلها ثواباً وفضلاً، وأبعدها من مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه، وإنما فضِّل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهنّ من مخالطة الرجال ورؤيتهم، وتعلّق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، و ذمّ أول صفوفهن لعكس ذلك، والله أعلم"(36).

 

الثالث: وجود باب خاص للنساء للدخول والخروج منه للمسجد: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو تركنا هذا الباب للنساء" قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات(37).
فالحديث فيه دليل على أن النساء لا يختلطن في المساجد مع الرجال بل يعتزلن في جانب المسجد ويصلين هناك بالاقتداء مع الإمام(38).

 

نستنتج من كل ما سبق أموراً كثيرة، أهمها ثلاثة:
1.    شهود النساء للصلاة جماعة مع الرجال إلى المساجد أمر معلوم منذ عهد النبوة، وكان حضور النساء في مؤخرة المسجد، ومن دون اختلاط، وكنّ متميزات عن الرجال، سواء كان ذلك في الدخول من الأبواب أم في المكث في المسجد.
2.    النساء كنّ على علم بانتقالات الإمام، إما بسماع صوت الإمام أو مشاهدة فعله أو فعل من خلفه.
3.    ثبت مشروعية عزل النساء عن الرجال في المساجد، إلا أن ذلك العزل لم يكن بحاجز أو بحائل؛ وإنما العزل بالأجساد؛ بحيث كنّ في مؤخرة المسجد.

 

ثانياً: حكم عزل النساء عن الرجال في المساجد بحائل أو حاجز:

إن عزل النساء عن الرجال في المساجد في زمننا يختلف عن ما كان في السابق، فاليوم تفصل النساء عن الرجال في المساجد بحائل أو حاجز، فلا نكاد نرى الفصل بينهم في المساجد مثل ما كان في السابق؛ إلا ما ن ا ره في الحرمين الشريفين؛ وأرى أن ذلك راجع إلى فهم الناس من ضرورة فصل النساء عن الرجال وعدم الاختلاط بينهم، ومع هذا لا بد من الحكم الشرعي على مصليات النساء الموجودة في زماننا باختلاف صورها وأشكالها.

 

إن الفقهاء المتقدمين –رحمهم الله- عند كلامهم على شروط اقتداء المأموم بالإمام تكلموا في ما إذا كان هناك فاصل أو حاجز بين صفوف المصلين، وما إذا كان المأموم خارج المسجد أو في بناء آخر غير بناء الإمام. فظاهر كلام الفقهاء أنهم لم يفرقوا في هذه المسألة بين الرجال والنساء(39). وفي حدود بحثي واطلاعي – والعلم عند الله – لم أر عند أحد من الفقهاء كلاماً على الشروط التي يجب توفرها لاقتداء النساء بالإمام مثل ما تكلموا عن اقتداء الرجال بإمامهم، ولعل السبب يرجع في ذلك إلى أمرين مهمين:

1. شهود النساء المساجد كما نشاهده الآن لم يكن معروفاً لديهم بهذه الكثرة.
2. أ ن وجود مصليات خاصة بالنساء مع الفاصل أو الحاجز لم يكن معهوداً في زمنهم.

 

ولهذا أرى أن إلحاق مسألة اقتداء النساء بالإمام بمسألة اقتداء الرجال بالإمام بعيد. والأقرب الاكتفاء بما ثبت في عهد النبوة، وهو: أن النساء كن يقتدين بالإمام بأحد ثلاثة أمور:
1-    سماع صوت الإمام.
2-    رؤية فعل الإمام.
3-    رؤية أفعال المأمومين(40).

 

وبناء على ما سبق فإذا وُجِد أحد هذه الأمور الثلاثة صح اقتداء النساء بالإمام، وأذكر هنا الصور المختلفة لمصليات النساء في عصرنا، ومن ثمّ الحكم الشرعي عليها.

 

إن مصليات النساء الموجودة في هذه الأزمنة – كما قرأته في كتب الفتاوى ورأيته في هذا البلد(41) وبلدان أخرى – لها ثلاث صور:
الصورة الأولى: أن النساء يصلين في المسجد نفسه، و يكون هناك حائل أو حاجز في جزء معين في ناحية من المسجد نفسه – بناء واحد- يفصل بين الجنسين، وهذا الحائل والحاجز قد يكون حائطاً أو ستاراً من البلاستيك أو القماش ونحو ذلك، ولا يكون الفصل تاماً وإنما يكون هناك فتحة في الأعلى.

 

ففي هذه الحالة النساء لا يشاهدن الإمام ولا من خلفه،وإنما يقتصر الأمر على سماع صوت الإمام عبر مكبرات الصوت فقط. وإن حصل انقطاع سماع الصوت من المكبر لأية أسباب؛ فهناك صوت الإمام أو المبلغ عنه يصل إليهن(42)؛ لوجود فتحة من أعلى الحاجز، لأن السماع بمكبرات الصوت غير معتبر، وإنما المعتبر هو السماع المجرد(43).

 

الحكم الشرعي لهذه الصورة: يجوز للمرأة الصلاة في هذه المصليات اقتداءً بالإمام(44)؛ وذلك لما يلي:
1 – إن من شروط اقتداء المأموم بالإمام: العلم بالأفعال الظاهرة من صلاة الإمام، وعلم المأموم بأفعال الإمام عند جمهور الفقهاء قد يكون بمشاهدة الإمام أو مشاهدة بعض الصفوف، وقد يكون بسماع صوت الإمام أو صوت المبلغ عنه(45)، وقد حصل العلم هنا بسماع صوت الإمام فيصح اقتداء النساء بالإمام.

 

2 – ولأن وجود الحائل لا يمنع الاقتداء عند جمهور الفقهاء إذا لم يكن هناك اشتباه في حالة الإمام، بحيث يمكن الاقتداء به(46)، وهذا في حق الرجال المأمومين فمن باب أولى أن يكون للنساء هذا الحكم.

 

3 – أن النساء في المسجد نفسه ويقتدين الإمام بالصوت، إلا أنهن لا يشاهدنه أو المأمومين لوجود حائل، وكل من كان في المسجد يصح اقتداؤه بالإمام وان بعدت المسافة إن سمع صوت الإمام بحيث يمكنه الاقتداء به، ولا يضر عدم رؤية الإمام في هذه الحالة؛ لأنهن في موضع الجماعة –أي: في المسجد- ويمكنهن الاقتداء بسماع التكبير. والمشاهدة يراد به العلم بحال الإمام، والعلم حاصل بسماع صوت الإمام(47).

 

وفي هذه الصورة يكون خير صفوف النساء أولها، يقول النووي: "يستحب الصف الأول، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه إلى آخرها؛ وهذا الحكم مستمر في صفوف الرجال بكل حال، وكذا في صفوف النساء المنفردات بجماعتهن عن جماعة الرجال. أما إذا صلت النساء مع الرجال جماعة واحدة وليس بينهما حائل فأفضل صفوف النساء آخرها"(48).

 

الصورة الثانية: أن يكون مصلى النساء في سطح المسجد، أو أعلى من مصلى الرجال، ويكون هناك طريق خاص للنساء يوصلهن إلى المصلى، وهذه الصورة لها حالتان:

الأولى: أن تكون هناك فتحة يمكن للنساء مشاهدة الإمام أو بعض المأمومين، أو سماع صوت الإمام أو المبلغ عنه، ففي هذه الصورة يجوز للنساء الاقتداء بالإمام؛ لأن العلم بانتقالات الإمام حاصل هنا بإحدى الوسائل ولا يشتبه عليهن حال الإمام، وهذه الحالة شبيهة بالصورة الأولى.

 

يقول الكاساني: "إن السطح إذا كان متصلاً بسطح المسجد كان تبعاً لسطح المسجد وتبع سطح المسجد في حكم المسجد، فكان اقتداؤه وهو عليه كاقتدائه وهو في جوف المسجد إذا كان لا يشتبه عليه حال الإمام"(49).

 

الثانية: أن لا يكون هناك فتحة أو ثقب، ويكون جدا ا رً كاملاً، فيتعذر هنا رؤية الإمام أو بعض صفوف الرجال، ولا يمكن لهن الاقتداء إلا بسماع صوته عبر المكبرات، وإن تعذر سماع الإمام بالمكبر لأية سبب فلا يصل إليهن الصوت؛ لأنه لا توجد هناك فتحة من الحاجز يمكن سماع الصوت مباشرة من غير المكبر.

 

الحكم الشرعي لهذه الصورة: الذي يظهر لي رجحانه – والعلم عند الله– أنه لا يجوز للنساء الاقتداء بالإمام وهن في مصلى لا يمكن معرفة حال الإمام إلا بمكبرات الصوت.

أما سبب المنع فسيأتي ذكره في الصورة الثالثة.

 

الصورة الثالثة: الفصل التام بين النساء والرجال، فيكون مصلى النساء بمبنى مستقل عن مبنى الرجال. وفي بعض الأحيان – خاصة في شهر رمضان- ينصب الخيام بجانب المسجد، حتى تصلي النساء في هذه الخيام اقتداء بإمام المسجد.
ففي هذه الحالة يكون اقتداء النساء بالإمام عن سماع الصوت بالمكبرات، ولا تكون هناك رؤية للإمام أو المأمومين.

 

الحكم الشرعي لهذه الصورة، وللحالة الثانية من الصورة الثانية: لا تجوز صلاة النساء في مثل هذه الصورة اقتداءً بإمام المسجد؛ وذلك للأسباب التالية:
1- أن مراتب اقتداء المأموم بالإمام أربعة –كما قررها الفقهاء-: إما رؤية أفعال الإمام أو أفعال المأمومين، أو سماع قول الإمام أو قول المبلغ عنه. وهنا لا توجد واحدة من هذه المراتب. وأما سماع الصوت فقد سبق أن المعتبر هو السماع المجرد من دون مكبرات الصوت(50).

 

2- الجماعة يطلق ويراد بها الاجتماع في مكان واحد، والواجب في الجماعة أن تكون مجتمعة في الأفعال –وهي: متابعة المأموم الإمام- والمكان، وهنا لا يوجد اجتماع؛ لأن النساء في بناء منفصل تماماً عن بناء الرجال، ويمر الناس بين مصلى النساء ومصلى الرجال(51)، وهذا السبب خاص بهذه الصورة.

 

3- أن هذا العزل التام لمصلى النساء عن مصلى الرجال ق صد منه كمال المحافظة على الأعراض ومنع الاختلاط، لكنه ربما يفتح باباً آخر يهدد أعراضهن، ويعرضهن للترويع والإيذاء والسلب، فقد يجر هذا العزل بعض ضعاف النفوس من الرجال على الدخول فيها وقت وجود النساء في المصلى، ومن ثَمّ إيذائهن بأشكال مختلفة(52).

 

ويروى عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت للنساء اللاتي صلين في حجرته بصلاة الإمام: "لا تصلين بصلاة الإمام، فإنّكنّ دونه في حجاب"(53). إلا أن أحد المعاصرين يضعف هذا الأثر؛ لأن في إسناده من هو متهم(54).

 

لهذه الأسباب أميل إلى عدم صحة اقتداء النساء بالإمام وهن في معزل تام عنه في المصلى ببناء مستقل. وبهذا أفتى كل من: إدارة الإفتاء والبحوث بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي(55)، وقطاع الإفتاء والبحوث الشرعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت(56)، وهذا ما عممت به وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية على فروعها كافة في مختلف مناطق المملكة(57).

 

ويمكن القول بالجواز وذلك في حالة الضرورة -والضرورة تقدر بقدرها- خاصة في شهر رمضان والجمعة، فإن كان هناك زحام ولم يمكن للم أ رة الصلاة إلا في الخيمة أو في مبنى مستقل تابع للمسجد فلا حرج في هذه الحالة –إن شاء الله-(58).

 

وقبل أن أختم هذا المبحث: أود القول بأن عزل النساء عن الرجال في المساجد له أصل؛ ولذا خُصّص للنساء باب للدخول والخروج منه بالمسجد النبوي في أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وبوّب أبو داود في سننه "باب اعتزال النساء في المسجد عن الرجال" وذكر حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما السابق.

 

فهذا التبويب من أبي داود يدل على أنه يشرع أن يكون مصلى النساء خاص بهنّ حتى لا يكون اختلاط وفتنة؛ ولهذا قال الغزالي: "ويجب أن يضرب بين الرجال والنساء حائل يمنع من النظر؛ فإن ذلك أيضاً مظنة الفساد، والعادات تشهد لهذه المنكرات(59). صحيح أنه لم يكن يوجد حائل أو حاجز من جدار أو قماش ونحو ذلك في زمن النبوة؛ ولعل السبب في ذلك:

1-    أن الصحابة رضوان الله عليهم -كما نعلم- لا سيما قبل الفتوحات كانوا في حال عسر وضيق، فلربما لهذا السبب لم يستطيعوا وضع حائل تحول بينهم وبين النساء، ولا أدل على عسر الصحابة من قصة تكفين مصعب بن عمير رضي الله عنه لما استشهد يوم أ حد، حيث لم يجد الصحابة ما يكفنون فيه إلا بُردة. فكان الصحابة إذا غطّووا رأسه خرجت رجلاه واذا غطّي به رجلاه خرج أ رسه، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطّوا بها أ رسه ويجعلوا على رجليه الإذخر(60). فهذا كان في الكفن فما بالنا فيما إذا كان حائل أو ساتر.

 

2-    لا مقارنة بين تلك القرون المفضلة وبين عصورنا هذه، فذلك القرن هو قرن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين ومن تبعهم وهم خير الأمة وعندهم من قوة الإيمان والعلم وتعظيم الله – عز وجل- ما يمنعهم ويصدهم ويدرأ عنهم الفتنة، بخلاف وقتنا الحاضر فإن ضعف الإيمان موجود، وكذلك أيضاً إثارة الفتنة والشهوات والغرائز التي لم تكن في ذلك الزمن.

 

3-    إ ن هذا الباب من الوسائل، والوسائل يتوسع فيها ما لا يتوسع في المقاصد، والعلماء – رحمهم الله– يتوسعون في الوسائل ما لا يتوسعون في المقاصد(61).

 

فكون الحائل لم يوجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ليس دليلاً على عدم جوازها؛ لأن عدم وجودها يرجع لأحد الأسباب التي ذكرتها. فالضرب بحائل بين النساء والرجال في المساجد له أصل في السنة النبوية؛ إلا أنه ينبغي للجهات المشرفة على بناء المساجد مراعاة الضابط عند الضرب بحائل للفصل بين الرجال والنساء. والضابط في ذلك –كما سبق الإشارة إليه- اقتداء النساء بالإمام يكون بأحد الأمور الآتية: السماع المجرد لصوت الإمام أو المُبلّغ عنه أو رؤية فعل الإمام أو رؤية أفعال المأمومين. فمتى تحقق أحد الأمور السابقة صحّ اقتداؤهن.

 

ولقد أحسن بعض المعاصرين حين قال: الأولى أن يكون الحائل الذي يفصل بين الجنسين في المسجد من زجاج عاكس تستطيع النساء معه رؤية المأمومين، ولا يستطيعون رؤيتهن، وحرام عليهن أن يتلذذن بالنظر إلى الرجال الأجانب وإنما ينظرن إلى ظهور المصلين حال الاقتداء بالإمام في الصلاة(52).

 

فإذا كان الفاصل بين الرجال والنساء في المساجد بزجاج عاكس فهو حسن، وليس بمعجز أو بمكلف على الجهات المختصة أن تفعل هذا؛ لأن وضع الزجاج العاكس يزيل عن النساء الحرج الذي قد يقعن فيه عند اقتدائهن بالإمام، فقد تدخل المرأة مصلى النساء بعد شروع الإمام في الصلاة –وخاصة في الصلاة السرية-؛ لكنها لا تدري في أي حال هو، فتسمعه يكبر، ولا تدري هل هو يكبر للركوع أم للسجود أم للرفع منه، فتضطر للانتظار حتى يشرع في القراءة – إن كانت الصلاة جهرية-، أو يرفع من الركوع إن كانت سرية.

 

وهناك إشكالية آخر عند النساء، وهي أن يمر الإمام بآية سجدة فيسجد، ويسجد الرجال خلفه، وتبقى النساء في حيرة: هل كبّر الإمام للركوع أم للسجود. وقد يركع الإمام بعد آية تشبه آيةً من آيات السجود فتظنها النساء آية سجود فتسجدن. فإذا كان الحائل زجاجاً عاكساً لا يقعن في مثل هذا الحرج حيث يمكنهن رؤية أفعال الإمام أو المأمومين.

 

_____________________

(1)    ابن الهمام، فتح القدير (1/375) ابن عابدين، رد المحتار (2/307)، الخرشي، حاشية الخرشي (2/168)، الدسوقي، حاشية الدسوقي (1/335)، النووي، المجموع (4/93)، الرملي، نهاية المحتاج (2/140)، ابن قدامة، المغني (2/38)، البهوتي، كشاف القناع (1/432).
(2)    أبو حبيب، سعدي. موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي، دار الفكر المعاصر، بيروت – لبنان، 1997م (2/622).
(3)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب صلاة النساء خلف الرجال، حديث رقم 870، وينظر أيضاً كتاب الأذان، باب مكث الإمام في مصلاه بعد السلام، حديث رقم 849.
(4)    أي: متلفعات بأكسيتهن. [ابن الأثير، مجد الدين المبارك بن محمد الجزيري، النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق طاهر أحمد الزاوي، ومحمود محمد الطناحي، دار الفكر، بيروت – لبنان (4/261)].
(5)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت الفجر، حديث رقم 578، ومسلم في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التكبير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس، وبيان قدر القراءة فيها، حديث رقم 645.
(6)    الكاساني، بدائع الصنائع (1/275)، الماوردي، الحاوي (2/51)، النووي، روضة الطالبين (1/444) الشربيني، مغني المحتاج (1/316)، ابن قدامة، المغني (3/39)، ابن مفلح، الفروع (1/597).
(7)    ينظر: النووي، روضة الطالبين (1/444).
(8)    ينظر: المراجع القادمة للشروط، وينظر أيضاً: الشعبي، وضّاح بن سعيد 2011م، أحكام المرأة المسلمة في صلاة الجماعة، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا والبحث العلمي – قسم الفقه وأصوله، جامعة الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، ص 27-49.
(9)    الشنقيطي، محمد الأمين بن محمد بن المختار، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، بيروت – لبنان، دار الفكر، 1415هـ - 1995م، (5/545).
(10)    وهذه الشروط استفدتها من: ابن حميد، جوهرة عبد الله، 1984م، أحكام المرأة في الصلاة، رسالة ماجستير، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية – قسم الدراسات العليا الشرعية – فرع الفقه، جامعة أم القرى، السعودية، ص 100-105.
(11)    ابن الهمام، فتح القدير (1/375)، الدسوقي، حاشية الدسوقي (1/336)، النووي، المجموع (4/94)، البهوتي، كشاف القناع (1/432).
(12)    أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة، حديث رقم 443.
(13)    المرجع السابق، الموضع نفسه، حديث رقم 444.
(14)    الحطاب، مواهب الجليل (2/117)، الدسوقي، حاشية الدسوقي (1/336)، النووي، المجموع (4/94)، البهوتي، كشاف القناع (1/432).
(15)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره، حديث رقم 5238.
(16)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم، حديث رقم 900، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة، حديث رقم 442.
(17)    ابن عابدين، حاشية ابن عابدين (2/307)، الحطاب، مواهب الجليل (2/117)، الخرشي، حاشية الخرشي (2/168)، الدسوقي، حاشية الدسوقي (1/335-336)، النووي، روضة الطالبين (1/444)، النووي، المجموع (4/94)، المرداوي، الإنصاف (2/208)، البهوتي، كشاف القناع (1/432).
(18)    ينظر: المراجع السابقة.
(19)    المرغيناني، الهداية (1/61-62)، ابن عابدين، رد المحتار (2/307).
(20)    ينظر: المرجعين السابقين.
(21)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس، حديث رقم 865، ومسلم في صحيحه ، كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة، حديث رقم 442.
(22)    السرخسي، المبسوط (2/41)، المرغيناني، الهداية شرح بداية المبتدي (1/62)، ابن عابدين، رد المحتار (2/307).
(23)    راجعت في هذا الشرط: أ.د. هشام جميل؛ فأجابني أنه لم يرد في التفريق دليل صحيح، فالأولى عدم اعتباره؛ وليست العلة في منع المرأة إلى المسجد، شابة أو عجوز؛ وإنما العلة التفتن بالمرأة إذا كان هناك ما يدعو إلى الفتنة، فإذا خرجت المرأة بستر وبلباس شرعي فلا حرج في ذلك، والعلماء إنما اشترطوا لاحتمال ما كان موجوداً في زمنهم.
(24)    ينظر: الشنقيطي، أضواء البيان (5/545)، ابن حجر، فتح الباري (2/620-621)، الشعبي، أحكام المرأة في صلاة الجماعة ص 52.
(25)    أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المساجد، حديث رقم 567، والحديث قال عنه النووي: صحيح على شرط البخاري [النووي، المجموع (4/92)].
(26)    أخرجه: أحمد في مسنده، حديث رقم 27090 (45/37). والحديث حسنه ابن حجر [ابن حجر، فتح الباري (2/624)].
(27)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب انتظار الناس قيام الإمام العالم، حديث رقم 869، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة، حديث رقم 445، واللفظ له.
(28)    وزارة الأوقاف – المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية، القاهرة – مصر، 1400هـ - 1980م، (1/74).
(29)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب فضل من مات له ولد فاحتسب، حديث رقم 1249.
(30)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب انتظار الناس قيام الإمام العالم، حديث رقم 866.
(31)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب التسليم، حديث رقم 837.
(32)    أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب إذا كان الثوب ضيقاً، حديث رقم 362، وكتاب الأذان، باب عقد الثياب وشدها ومن ضمّ إليه ثوبه إذا خاف أن تنكشف عورته، حديث رقم 814، وكتاب العمل في الصلاة، باب إذا قيل للمصلي تقدم أو انتظر فانتظر فلا بأس، حديث رقم 1215، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب أمر النساء المصليات وراء الرجال أن لا يرفعن رؤوسهن من السجود حتى يرفع الرجال، حديث رقم 441، واللفظ له.
(33)    العظيم آبادي، محمد شمس الحق، عون المعبود شرح سنن أبي داود، بيروت – لبنان، دار الفكر، 1415هـ - 1995م، (3/268).
(34)    البهوتي، كشاف القناع (1/469).
(35)    أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها، حديث رقم 440.
(36)    النووي، شرح صحيح مسلم (4/380-381).
(37)    أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب في اعتزال النساء في المساجد عن الرجال، حديث رقم 462، والحديث اختلف فيه: هل له حكم المرفوع أم الموقوف، فقال صاحب عون المعبود: "والأشبه أن يكون الحديث مرفوعاً وموقوفاً". [العظيم آبادي، عون المعبود (2/100)].
(38)    العظيم آبادي، عون المعبود (2/100).
(39)    ينظر: ابن عابدين، رد المحتار (2/330-336)، الدسوقي، حاشية الدسوقي (1/336-337)، النووي، المجموع (4/193-201)، ابن قدامة، المغني (3/44-49).
(40)    ينظر: المطلب الأول من هذا المبحث ص 179.
(41)    أعني بذلك دولة الإمارات العربية المتحدة.
(42)    إذا لم يسمع المأمومون صوت الإمام جاز لهم أن يعتمدوا في انتقالات إمامهم على صوت المبلغ؛ لما روى جابر رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه، فإذا كبّر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبّر أبو بكر، ليُسمعنا. [أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، حديث رقم 413. وينظر: [ابن عابدين، رد المحتار (2/171-172)، الخرشي، حاشية الخرشي (2/171)، الشربيني، مغني المحتاج (1/340)، ابن قدامة، المغني (2/128-129)].
(43)    ينظر: دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، فتاوى شرعية، ط1، 1426هـ - 2005م، (9/173)، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية، مجموعة الفتاوى الشرعية، ط1، 1424هـ - 2003م، (9/72).
(44)    ينظر: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فتاوى (7/340-341.
(45)    ابن عابدين، رد المحتار (2/286)، الحطاب، مواهب الجليل (2/121-122)، الخرشي، حاشية الخرشي (2/171)، النووي، روضة الطالبين (1/464)، ابن قدامة، المغني (3/45).
(46)    ينظر: ابن الهمام، فتح القدير (1/392)، ابن عابدين، رد المحتار (2/333)، الخرشي، حاشية الخرشي (2/171)، الدسوقي، حاشية الدسوقي (1/337-338)، النووي، المجموع (4/198-199)، النووي، المغني (3/45)، البهوتي، كشاف القناع (466-467).
(47)    النووي، المجموع (4/194)، الشربيني، مغني المحتاج (1/340)، ابن قدامة، المغني (3/45)، البهوتي، كشاف القناع (1/466).
(48)    النووي، المجموع (4/192-193).
(49)    بدائع الصنائع (1/146)، وينظر: الحطاب، مواهب الجليل (2/117)، الخرشي، حاشية الخرشي (2/169)، الدسوقي، حاشية الدسوقي (1/336)، النووي، المجموع (4/194)، ابن قدامة، المغني (3/44).
(50)    ينظر ص 188.
(51)    ينظر: العثيمين، الشرح الممتع (4/298).
(52)    ينظر: الماجد، سامي. مصليات النساء والجدار العازل. [مقال منشور على موقع: صحيفة القضاء الإلكترونية، قسم المقالات، زاوية د. سامي الماجد. www.alqodhat.com] ولقد سألت أحد رجال الأمن في هذه الدولة، مدى وجود مثل هذه الجرائم، فأجابني: أن مثل هذا نادر الحدوث، ولا تكاد تذكر.
إلا أن هذه الجريمة يحدث في غير هذا البلد كالمملكة العربية السعودية، وغيرها، كما قرأت ذلك أكثر من مرة في الجرائد والأخبار – والله أعلم -..
(53)    أخرجه البيهقي في سننه عن الشافعي بلا سند إليه، حديث رقم 5347 (4/277)، ورواه البيهقي أيضاً بسند متصل في: معرفة السنن والآثار، تحقيق عبد المعطي أمين قلعجي، دار الوفاء للطباعة والنشر، القاهرة – مصر، ط1، 1412هـ - 1991م، حديث رقم 5849، (4/191).
(54)    الطريفي، عبد العزيز بن مرزوق. التحجيل في تخريج ما لم يخرج من الأحاديث والآثار في إرواء الغليل، الرياض – السعودية، مكتبة ابن رشد، ط3، 1427هـ - 2006م، (1/98)، ولم أر عند أحد الحكم على هذا الأثر – سواء كان بالصحة أو بالضعف – غير الذي ذكرته – والله أعلم -.
(55)    دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، فتاوى شرعية (9/136-137).
(56)    وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويتية، مجموعة الفتاوى الشرعية (8/66-68)، (9/71-72).
(57)    ينظر: جريدة الشرق الأوسط: يوم الاثنين 12 صفر 1432هـ - 17 يناير 2011م، العدد 11738، بعنوان: ("الشؤون الإسلامية" تعمم على المساجد بعدم الفصل التام بين النساء والرجال).
(58)    ولقد عرضت هذه المسألة على الأستاذ الدكتور هاشم جميل، بتاريخ 23 جمادى الأولى 1433هـ، فأجابني: أن المرأة إذا صلت في خيمة أو مبنى مستقل أو كان العزل تاماً من غير فتحة فاقتداؤها يصح؛ وذلك تيسيراً لهن؛ وإن مصليات النساء بالمساجد كثير منها عليه مؤاخذات. والأولى أن يكون مصلى النساء في المسجد مع حائل، ويكون فيه فتحة من شباك أو باب ونحو ذلك.
(59)    الغزالي، محمد بن محمد. إحياء علوم الدين. تحقيق: محمد وهبي سليمان وأسامة عمّورة، دار الفكر، دمشق – سوريا، ط1، 1427هـ - 2006م (2/1481).
(60)    أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الجنائز، باب إذا لم يجد كفناً إلا ما يواري رأسه غطّى به رأسه، حديث رقم 1276، ومسلم في صحيحه، كتاب الجنائز، باب في كفن الميت، حديث رقم 940.
(61)    المشيقح، خالد بن علي، فقه النوازل في العبادات. من دروس الدورة العلمية بجامع الراجحي ببريدة لعام 1426هـ، ص 52، وموقع الإسلام سؤال وجواب، رقم السؤال: 4019، www.islamqa.com.
(62)    الخضيري، إبراهيم بن صالح. أحكام المساجد في الشريعة الإسلامية. بحث منشور على موقع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية (2/67-68). www.al-islam.com، وينظر: جريدة الشرق الأوسط: يوم الاثنين 12 صفر 1432هـ - 17 يناير 2011م، العدد 11738، الخبر بعنوان: ("الشؤون الإسلامية" تعمم على المساجد بعدم الفصل التام بين النساء والرجال).