قاعدة عموم نفي المساواة وأثرها في الفقه الإسلامي (1-4)
3 جمادى الأول 1432
د. عبد الرحمن بن محمد القرني

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن موضوع العموم والخصوص من الموضوعات المشهورة في علم أصول التشريع، نال اهتمام علمائنا الأماجد وأئمتنا الأفاضل من عصورٍ قديمة، فحاز في المدونات الأصولية موقعاً كبيراً ونزل منزلة لائقة به، فضلاً عما كان لقواعده من أثر ظاهر في الفروع الفقهية ومسائل الخلاف. 
وإني أتناول في هذا البحث مسألة من مسائله المهمة، ألا وهي (عموم نفي المساواة)؛ حيث جمعت من بطون الكتب الأصولية ما عسى أن يكون فيه الفائدة للقارئ الكريم، مع ذكر جملة من آثار هذه القاعدة في الفقه الإسلامي؛ حيث ظنَّ بعض المتأخرين أن الخلاف في هذه القاعدة لا طائل تحته، حيث قال المَقْبَلي([1]): وكلامهم في هذه المسألة مجرد جدل([2]).
حتى إن ابن الوزير([3]) في كتابه (المصفَّى) جرت عادته أن يضرب الأمثلة ويضع التمارين لما يذكره من قواعد، فلما جاء لقاعدة عموم نفي المساواة قال: «ونفي الاستواء هذا قليل في أحكام الشرع بل عزيزٌ جداً؛ ولذلك تركناه من الأمثلة والتمارين» اهـ([4]).
فأردت بهذا البحث دحض هذه الشبهة ودفع هذا الوهم، مع جمع مادة علمية مرتَّبة أحسب أنها مفيدة لطالب علم الأصول، حيث لم أَرَ مَنْ تصدى لبحث المسألة في هذه الأيام إلا بحثاً واحداً لم أكن أعلم به عند كتابة بحثي هذا، وهو لفضيلة الدكتور أكرم أوزيقان، وعنوانه: (عموم نفي المساواة في علم أصول الفقه) نشر في مجلة الحكمةمقسوماً في العددين الثاني والعشرين والتاسع والعشرين، وقد اطلعت على بحثه فيما بعد فرأيته قد أحسن فيه وأجاد، غير أنه قَلَّتْ عنده أدلة المذاهب حيث ذكر دليلين للجمهور وثلاثة لمخالفيهم، وكذا الحال فيما أورده من اعتراضات عليها، ومعلوم أن استيفاء الأدلة واستيعاب النقود والردود مطلب مهم؛ لإنصاف تلك المذاهب فيما ذهبت إليه؛ وليكون تمهيداً لترجيح دقيقٍ منصف، كما أن الباحث الكريم لم يستوفِ أسباب الخلاف كلها في المسألة، ولم يتعرض لضوابط المسألة، ولا لنوع عموم نفي المساواة عند القائلين به، فلعل بحثي هذا يكون تتميماً لما بدأه فضيلة الباحث الكريم، وتكميلاً للفائدة، وأسأل الله تعالى لي وله ولكافة الباحثين التوفيق لخدمة علوم ديننا الحنيف.

وقد قسمته إلى ثلاثة مباحث:
§   المبحث الأول في التعريف بالمسألة، وفيه أربعة مطالب: أولها في معنى مفردات عنوان المسألة، وثانيها في المعنى الاصطلاحي لعموم نفي المساواة، وثالثها في ضوابط المسألة، ورابعها في نوع العموم في نفي المساواة.
§   المبحث الثاني في الخلاف في حكم المسألة، وفيه خمسة مطالب: أولها في أقوال الأصوليين في مدلول نفي المساواة، وثانيها في تحرير محل النزاع، وثالثها في أدلة القولين ومناقشتها، ورابعها في سبب الخلاف، وخامسها في الترجيح.

§      المبحث الثالث في الآثار الفقهية للمسألة.
وكان منهجي في البحث هو الرجوع إلى المصادر الأصيلة، ومجانبة الكتب الحديثة إلا عند الحاجة، كما قمت بعزو الأقوال لأصحابها وتخريج الأحاديث وترجمة الأعلام، وشرح ما يحتاج إلى الشرح من غريب اللغة والمصطلح، مع سلوك سبيل الإيجاز في ذلك كله قدر الإمكان.
هذا وإنني قد بذلت في بحثي هذا من الجهد والوقت ما الله به عليم، ولا أدعي أنني أصبت في كل موضع فيه، بل إنني عرضة للخطأ، ومَنْ ذا الذي يسلم منه؟! وحسبي أنني اجتهدت والخير أردت، فإن يكن صواباً فهذا فضلٌ من الله وحده، وإن يكن خطأً فمن نفسي ومن الشيطان، وأسأل الله العزيز الرحيم أن يغفر لي ولسائر المسلمين، وأن ينفع بهذا البحث إخواني الباحثين وعموم المسلمين، وأن يصلح لي ولهم النيات والأعمال، وأن يتقبلها منا، فإن الله على كل شيء قدير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المبحـــث الأول:
التعريف بالمسألة
وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول
معنى مفردات عنوان المسألة :
من الملاحظ في لقب هذه المسألة أن هناك ثلاث كلمات تحتاج إلى تعريف وبيان، وهي (عموم) و(نفي) و(المساواة).
*   فأما الأولى وهي (عموم)؛ فإنَّ (العموم) هو مصدر الفعل: عَمَّ، يقال: عَمَّ الشيءُ يَعُمُّ عموماً: إذا شمل الجماعةَ، كما يقال: عَمَّهُم بالعطيةِ([5])، وعَمَّ المطرُ عموماً فهو عامٌّ([6]).
قال الخليل بن أحمد([7]): عمَّ الشيءُ يعمُّ فهو عامٌّ: إذا بلغ المواضعَ كلّها([8]).
*       والعام في الاصطلاح: هو لفظٌ واحد دالٌّ من جهة واحدة على شيئين فصاعداً([9]).
وللأصوليين تعريفات متعددة للعامّ وكلام طويل فيها([10])؛ طلباً منهم لحدٍّ سالمٍ من الدُّخُول([11]) والنظر، وقال محمد الأمين الشنقيطي([12]): تعريفه التامُّ الجامع المانع هو أنه: كلامٌ مستغرِق لجميع ما يصلح له دفعةً بحسب وضعٍ واحد بلا حصر([13]). والله تعالى أعلم.
مثاله: أن الفقهاء قالوا بأن الزوجة الحرة الصغيرة إذا توفي عنها زوجها وجبت عليها عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً([14])؛ استدلالاً منهم بعموم قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) ([15]).
*   وأما الكلمة الثانية فهي (نفي)، بإسكان الفاء، مصدر الفعل (نَفَى) يقال: نفيتُ الشيءَ أنفيه نَفْياً، إذا رَدَدْتُه([16])، ثم قيل لكل شيءٍ تدفعه ولا تثبته: نفيتُه فانتفَى([17]).
فالنفي: خلاف الإثبات([18])، قال أبو الفتح المُطَرِّزي([19]): النفي خلاف الإثبات، ومنه: المنفي نَسَبُه([20]).
ومن ذلك: المنافاة بين الشيئين؛ لأن أحدهما ينفي الآخر([21])، ومثله التنافي([22]).
*   والنفي عند النحاة من أقسام الخبر وهو مقابل الإثبات، وهو من الحالات التي تلحق المعاني المتكاملة المفهومة من الجمل التامة والتعبيرات الكاملة.

وهذه أدوات النفي عند النحاة مع أمثلتها:
‌أ-            (ما) كقوله تعالى: (مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) ([23]).
‌ب-        (لا) كقوله تعالى: (لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) ([24]).
‌ج-         (لن) كقوله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ([25]).
‌د-           (لم) كقوله تعالى: (لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) ([26]).
هـ- (لمَّا) كقوله تعالى: (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) ([27]).
و-    (إِنْ) كقوله تعالى: (إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) ([28]).
ز-    (ليس) كقوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ) ([29]).
ح-   (الاستفهام) أحياناً، كقوله تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) ([30]).
ط-   (غير) كقوله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) ([31]) أي: بلا حساب([32]).
*   وأما الكلمة الثالثة فهي (المساواة)، ومعناها: المماثلة([33])، ومنه قولهم: «هذا يساوي درهماً » أي تعادل وتماثل قيمتُه درهماً([34])، قال الشاعر:
سَلِيْ –إنْ جهلتِ– الناسَ عنَّا وعنهمُ ***  وليس سَواءً عالِمٌ وجَهُولُ([35])
وقال الآخر:
وأَعلمُ أنَّ تَسْليماً وتَرْكاً *** لَلَا متشابهانِ ولا سَوَاءُ([36])
أي: لا يتعادلان ولا قريباً من المعادلة([37]).
واستوى الشيئان وتساويا: ساوَى أحدهما صاحبَه، وساوى بين الشيئين وسَوَّى بينهما([38])، فالمساواة والاستواء هنا واحدٌ([39])، قال تعالى: (حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) ([40]) يعني أنه رَدَمَ طريقَي يأجوج ومأجوج حتى سَوَّى أحدهما بالآخر([41]).
وكذلك لفظ (سَوَاسِيَة)، ومنه قول الشاعر:
لهم مجلسٌ صُهْبُ السِّبالِ([42]) أذِلةٌ  ****  سَوَاسِيَةٌ أحرارُها وعبيدُها ([43])
وفعل الاستواء – مثبتاً كان أو منفياً – لا يكون إلا بين شيئين أو أكثر، فلا يصح أن تقول: (يستوي زيدٌ) وتسكت، ولا أن تقول: (ما ساوَى عمروٌ) وتسكت([44]).

المطلب الثاني
المعنى الاصطلاحي لعموم نفي المساواة
لم أجد من الأصوليين مَنْ عرَّف بالحدِّ أو الرسم قاعدة عموم نفي المساواة واكتفوا بالتعريف بالمثال، غير أنه يمكن اقتباس تعريف اصطلاحي رسمي لها مما ذكروه في لقب المسألة أو صيغة القاعدة.
*       وإليك أهم عباراتهم في المسألة:
نفي المساواة بين الشيئين يقتضي نفيها من كل وجهٍ([45]).
نفي المساواة بين الشيئين يقتضي نفي الاستواء في جميع الأمور([46]).
نفي مساواة الشيء للشيء يفيد نفي اشتراكهما في كل صفاتهما([47]).
نفي المساواة بين الشيئين يفيد العموم في كل شيء([48]).
نفي المساواة يقتضي العموم أي يدل على عدم جميع وجوه المساواة([49]).
نفي الاستواء بين الشيئين يقتضي نفي الاستواء من جميع الوجوه([50]).
نفي المساواة بين شيئين يقتضي العموم فَيُنْفَى به جميع وجوه المساواة([51]).
وبقية عباراتهم تدور حول هذه المذكورات.
*   وأنتَ ترى تقارب عباراتهم في لقب المسألة، وكلها يفيد معنىً واحداً للقاعدة لا خلاف بينهم فيه؛ فمن ثَمَّ اقتصر بعض الأصوليين على صيغة موجزة للقاعدة فقال: (نفي المساواة للعموم) ([52]).
*   ويمكن أن يقال في التعريف الاصطلاحي للمسألة، هو: أن ينفي الشارع المساواة بين شيئين فيدل ذلك على نفي استوائهما في كل وجهٍ ممكن.
مثاله: قول الله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) ([53]) حيث نَفَى الباري سبحانه وتعالى المساواة بين المسلمين والكافرين، فدل على انتفاء اشتراكهما في كل حكمٍ ممكن، فاقتضى هذا التعميم أنه لا يقتل المسلم بقتله الذمي([54]).
قال ابن بَرْهان([55]): «وصورة الاستدلال: أن علماءنا استدلوا في مسألة المسلم لا يقتل بالذمي بقوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) ([56]) قالوا: هذا اللفظ يدل على نفي القصاص؛ لأن الآية اقتضت نفي المساواة، فإذا استويا في وجوب القصاص فقد خرج اللفظ عن أن يكون دليلاً على نفي المساواة، ولابد من العمل بمقتضى اللفظ» اهـ([57]).

المطلب الثالث:
ضوابط المسألة
يظهر من عرض الأصوليين لمسألة عموم نفي المساواة مما ذكروه في لقبها وأدلتها وأمثلتها وغير ذلك أن هناك قيوداً لابد من توافرها في المسألة، فمن ذلك:
أولاً: أن يقع النفي للمساواة أو ما في معناها:
ومعنى هذا الضابط أن يرد النفي للمساواة والاستواء، ونحو ذلك مما هو في معناه كالتماثل والمماثلة.
نحو قولنا: (الكافر لا يساوي المسلم) وقولنا: (الكافر لا يماثل المسلم)([58]).
وقد جاء هذا الضابط صريحاً في كلام بعض الأصوليين([59])، وقال بدر الدين الزركشي([60]): «تنبيه: هذا الخلاف في عموم المساواة يجري في كلمة (مثل) بل هو أدلُّ على المشابهة من لفظ (المساواة) ([61]) ولم يذكروه، قال ابن دقيق العيد([62]): لفظ (المثل) دالٌّ على المساواة بين الشيئين إلا فيما لا يقع التعدد إلا به » اهـ([63]).
قلت: قول الزركشي: (ولم يذكروه) يعني أن كلمة (مثل) آكد وأَدَلُّ على المشابهة من كلمة (مساواة)، وكأنَّ الزركشي بذلك يشير إلى أنه هو أول مَنْ نَبَّه عليه من الأصوليين.
*   ثم اعلم أنه لا يشترط ورود النفي على خصوص الاسم، بل تجيء المسألة في نفي الاسم ونفي الفعل([64])، قال علاء الدين المرداوي([65]): «نفي الاستواء وما في معناه من التساوي والمساواة والتماثل والمماثلة ونحو ذلك سواء فيه نَفْيُه في فعلٍ مثل (لا يستوي كذا وكذا) أو في اسمٍ مثل (لا مساواة بين كذا وكذا) ... » اهـ([66]).
فمثال نفي الفعل قول الله تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ) ([67]).
ومثال نفي الاسم قول الله تعالى: ( * لَيْسُوا سَوَاءً) الآية([68])، حيث جعلها تاج الدين([69]) السبكي([70]) وبدر الدين الزركشي([71]) من أمثلة القاعدة.
ثانياً: أن يقع نفي التساوي صريحاً أو تقديراً:
وذلك بأداة من أدوات النفي، وقد سبق في المطلب الأول تعداد أدوات النفي عند النحاة.
*       مثال الصريح قول الله تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ) ([72]).
ومثال التقديري قوله تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) ([73]). فإن نفي التسوية مقدرٌ في الآية، والمعنى: ما نجعلهم سواءً، كما قال سبحانه في آية أخرى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) ([74]) وجعلها تاج الدين السبكي([75]) وبدر الدين الزركشي([76]) من أمثلة القاعدة.
ثالثاً: أن النفي يكون في كل حكمٍ يمكن نفيه:
والمعنى أن التعميم في نفي المساواة بين الشيئين يكون في كل شيء يمكن نفيه؛ وذلك لأنَّ من الأشياء ما لا يمكن نفيها فلا تكون مرادة بالتعميم؛ فإن قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) ([77]) لا ينفي الإنسانية والصفات البشرية المشتركة بينهما، قال ابن بَرْهان في التعليل لهذا: «لأن التساوي في الصفات الحسية والمعنوية غير مقصود للشرع، فلا عبرة بالتساوي فيه، وإنما مقصود الشرع نفي المساواة في الأحكام الشرعية» اهـ([78]).
وقد جاء هذا الضابط صريحاً في كلام بعض الأصوليين، حيث قال جلال الدين المحلي([79]): «فهو لنفي جميع وجوه الاستواء الممكن نفيها » اهـ([80])، وكذلك قال غيره([81]).
وعبارة بعضهم: «يقتضي نفي الاستواء من جميع الوجوه، أي: في جميع الوجوه المتعلقة بالأحكام الشرعية» اهـ([82]).
*   وكما خرج من العموم الصور التي لا يمكن إرادة نفيها بنفي المساواة، فكذلك تخرج الصور المُخْرَجة بأدلة التخصيص، وهو في هذا كسائر العمومات.
ولذا احترز بعضهم بذكر هذا القيد في القاعدة، حيث قال صفي الدين الهندي([83]): «نفي الاستواء بين الشيئين … يقتضي نفي الاستواء من جميع الوجوه فيما بينهما إلا ما خصَّه الدليل» اهـ([84]).
فَيُخَصُّ – مثلاً – عموم نفي المساواة في قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) ([85]) بنحو قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قَتَلَ مُعَاهَداً لم يَرَحْ([86]) رائحةَ الجنة»([87]) وغيره من الأدلة الدالة على تساويهما في حرمة الدم وحرمة العرض والمال وغير ذلك من الأحكام الشرعية.
رابعاً: عدم القرينة المانعة من الحمل على العموم:
فإن وجدتْ قرينة تمنع إجراء نفي المساواة على عمومه عُمِلَ بها، وامتنع حمله على العموم.
*              مثال ذلك من الكتاب العزيز: قول الله سبحانه وتعالى: (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا) ([88]) فإن المراد هنا نفي التسوية بين الفريقين في الثواب والفضل لا في سائر الأحكام الشرعية؛ قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور([89]) في تفسير الآية: «نفي التسوية مرادٌ به نفيها في الفضيلة والثواب، فإن نفي التسوية في وصفٍ يقتضي ثبوت أصل ذلك الوصف لجميع مَنْ نُفِيَتْ عنهم التسوية ... وقد أكَّد هذا الاقتضاء بقوله: (أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا) ... »اهـ([90]).

*   ومثاله من السنة المشرفة: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وأيُّكم مثلي»([91]) فهذا استفهام إنكاري معناه النفي، كما توضحه الرواية الأخرى: «إنكم لستم مثلي »([92]) غير أن نفي التسوية بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أُمَّته في الحديث لا يدل على عمومها في الأحكام الشرعية؛ وذلك لوجود القرينة المتصلة المبينة خصوص نفي المساواة وهي دلالة سياق الحديث؛ حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال في الصوم([93])، فقال رجلٌ: إنكَ تواصل؟! فقال: وأيُّكم مثلي! إني أَبِيْتُ يطعمني ربي ويسقيني»([94]) ولذا قال مُلاَّ علي القاري([95]) عند قول النبي صلى الله عليه وسلم : «إني أبيت ...» قال: «استئنافٌ مبيِّنٌ لنفي المساواة بعد نفيها بالاستفهام الإنكاري» اهـ([96]).
ومما ينفي عموم نفي المساواة هنا القرينة المنفصلة أيضاً، وهي الدلائل الخارجية الدالة على أن الأصل مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته في الأحكام الشرعية إلا ما خصَّه الدليل([97]).

المطلب الرابع:
نوع العموم في نفي المساواة
إذا قلنا إن نفي المساواة بين شيئين يقتضي العموم، فبقي الكلام في نوع هذا العموم، هل هو عمومٌ من جهة اللفظ؟ أو من جهة المعنى؟
والفرق بين العموم اللفظي والعموم المعنوي أن الأول يُعْلَم من جهة الوضع اللغوي، أي أن مداره على أن العرب وضعت هذه اللفظة للدلالة على شمول كل الأفراد الداخلة تحتها، مثل: (أكرم الرجال) فلفظ «الرجال» عامٌّ لفظي لأن الصيغة – وهي الجمع المحلى بأل الاستغراقية – دلت عليه.
بخلاف الثاني، فإن العموم يحصل في الذهن أي يحكم العقلاء أو أهل العرف به عند سماع الكلام من غير بحثٍ عن لفظةٍ دلت عليه.
فقول القائل: (الناجحُ هو زيدٌ) يبادر العقلاء إلى فهم أن عدم النجاح عامٌّ لعمروٍ وخالد وبكر وسعد ... الخ([98]).
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «رُفع عن أمتي الخطأُ والنسيانُ»([99]) يقتضي مقدراً يتوقف عليه صدق الكلام، وهو: رفع عن أمتي حكم الخطأ والنسيان، ثم إن هذا الحكم يعم عند أهل العرف أحكام الدنيا وأحكام الآخرة([100]).
فيظهر من هذا أن العموم اللفظي تابعٌ للصيغة ومدلول لها، والعموم المعنوي ليس تابعاً للصيغة بل المعاني فيه مستقلة؛ ولذا مَثَّلوه بعموم المفهوم وعموم المقتضَى وعموم ترك الاستفصال عند قيام الاحتمال([101]) وغير ذلك.
*   وإذا رجعنا إلى مسألتنا أعني نفي المساواة بين شيئين، فإنه قد قال المَقْبَلي: «إنه ليس بعموم اصطلاحي كالحاصل بلفظ (مَنْ) و(كُلّ) وسائر آلات العموم، ولكن معناه معنى العموم» اهـ([102]).
وهذا يعني أن نفي المساواة من قبيل العموم المعنوي، غير أن هذا بعيدٌ، ويردّه ما جاء في أدلة الجمهور من أن الفعل نكرة، وقد وقع في سياق النفي فيفيد العموم، على ما سبق بيانه، وقد أجمع النحاة على أن الأفعال نكرات.
فهذا يدفع كونه عموماً معنوياً؛ لأن عمومه متلقىً من الصيغة إذاً.
ولهذا فإن بدر الدين الزركشي لمَّا عقد فصلاً مطوَّلاً في العموم المعنوي([103]) وفصَّل أنواعه لم يذكر ضمنها عموم نفي المساواة، بل ذكره قبل ذلك وجعله مفرَّعاً على عموم الاسم النكرة إذا وقع في سياق النفي؛ حيث قال: «مما يتفرع على أن النكرة المنفية للعموم نفي المساواة بين الشيئين » اهـ([104]).
*   هذا وقد قال ابن بَرْهان: «العمومات تنقسم إلى ما يقرب من وضع الشرع ومن الدلالة على مقصوده، ومن العمومات ما يكون بعيداً عن ذلك ...
ومثال العموم البعيد عن وضع الشرع: العموم الذي استدل به بعض علمائنا في قتل المسلم بالذميّ بقوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) ([105]) فإن هذا العموم لا يظهر لنا ظهوراً بَيِّناً كونُه دليلاً في محل الخلاف» اهـ([106])، وهذا الكلام يمثل رأي مَنْ أنكر عمومه رأساً؛ ولذا أعقبه ابن برهان بقوله: «فإن هذا العموم إنما سيق لتفاوت ما بين المسلم والكافر في أحكام الآخرة» اهـ([107]).

 تنبيهــــــات:
وههنا تنبيهات وفوائد تتعلق بهذا المبحث الأول، فمن ذلك:
أولاً: سبق في المطلب الأول ذكر (العامّ) و(العموم) فهل بينهما فرقٌ؟
والجواب: أن بينهما فرقاً أوضحه الزركشي بقوله: «الفرق بين العموم والعام: أن (العامّ) هو اللفظ المتناوِل، و(العموم) تناول اللفظ لما صلح له.
فالعموم مصدرٌ، والعام اسم فاعل مشتق من هذا المصدر، وهما متغايران لأنَّ المصدرَ الفعلُ، والفعل غير الفاعل» اهـ([108]).
وقال أبو البقـاء الكَفَوِي([109]): «العـام هو اللفظ المتناوِل، والعموم تناول اللفظ لما يصلح لـه. فالعام من جهة اللفظ، والعموم من جهة المعنى » اهـ([110]).

ثانياً: أن (العموم) يقع على شيئين:
أ‌-            عموم الشمول، وهو العام.
ب‌-       عموم الصلاحية، وهو المطلق. ويسمى أيضاً (عموم البدل)، وتسميته عموماً باعتبار أن موارده غير منحصرة، لا أنه في نفسه عامٌّ([111]).
والفرق بينهما: أن عموم الشمول يتناول كل الأفراد، وعموم الصلاحية يتناول فرداً غير معيَّن، فقول الله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ) ([112]) عامٌّ فلا يكون المأمور ممتثلاً إلا بالمحافظة على جميعها.
وقوله تعالى: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) ([113]) مطلقٌ فيكفي امتثاله في صورة واحدة أي بإعتاق عبدٍ واحد.
ثالثاً: سبق في ألفاظ القاعدة كلمة (نَفْي)، وهو – من حيث الاصطلاح – بخلاف (التنافي)؛ فإن النفي سلبٌ محض([114])، والتنافي بين الشيئين هو: إثبات تمانعهما على وجه التضادّ أو التناقض([115])، فالنفي سلبٌ والتنافي إيجاب.
ولهذا فإن قول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) ([116]) جاء نفياً للمساواةِ والمِثْليةِ التي زعمها الكفار كما حكاه القرآن عنهم بقوله سبحانه: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا) ([117]) فجاء الجواب: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) فهذا إثبات للتنافي بينهما لأن البيع حلالٌ والربا حرام، فهو نفي للمساواة على سبيل التضاد، فلا يكون من مسألتنا.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الثيِّبُ أحقُّ بنفسها من وليِّها والبكرُ يستأذنها أبوها»([118]) هو من هذا القبيل.
وأمَّا ما نحن فيه فهو (النفي) الذي هو سلبٌ محض؛ فمن هنا عَبَّر بعض الأصوليين في مسألتنا بـ (السلب)([119])، وعَبَّر بعضهم بـ (العدم) حيث قال العَضُد الإيجي([120]): «... يدل على عدم جميع وجوه المساواة» اهـ([121]).
وحُمادَى القول: أن ما كان نفياً معنوياً للتساوي بين شيئين – أي لا تقتضيه الصيغة وإنما يُفْهَم من السياق أو من خارجي – لا تجري فيه القاعدة، وإنما تجري في النفي اللفظي، وهو دخول أداة النفي – صريحاً أو تقديراً – على المساواة ونحوها.
رابعاً: صَدَّر بعضهم كالرازي([122]) في كتابه (المحصول) ([123]) وأتباعه([124]) هذه المسألة الأصولية بآية ومسألة جزئية، أعني قول الله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) ([125]) في دلالته على عدم قتل المسلم بالكافر الذمي، حتى ليخيَّل للناظر في (المحصول) ومختصراته أنهم يبحثون مسألة من الفقه أو من علم الخلاف، وقد نَبَّه على ذلك شهاب الدين القرافي([126]) حيث قال: «مسألةٌ وقعت في كتب الخلاف وكتب الأصول وهي في الحقيقة يليق ثبوتها في مسائل الخلاف؛ لأنها مسألة جزئية والأصل أن لا يثبت في أصول الفقه إلا القواعد الكلية، أمَّا نصُّ جزئي فإنما يبحث في الفقه والخلاف، لكن لمَّا عظمتْ شهرتها وانتشر البحث فيها تَوَلَّعَ([127]) الأصوليون بها، وهي أن الحنفية قالوا: إن المسلم يُقْتَل بالذمي، وقال غيرهم: لا يُقتل به، واستدلوا بقوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) ([128]) فلو ثبت القصاص بينهما وقُتل المسلم بالذمي كما يُقتل الذمي بالمسلم؛ استوى أصحاب النار وأصحاب الجنة، لكن النص دلَّ على نفي الاستواء، فلا يثبت القصاص.
فأثبت الأصوليون – صاحب المحصول وغيره – هذا النص في باب العمومات، وجعلوه مسألة مستقلة من مسائل العموم؛ لتوقف صحة هذا الاستدلال على عموم النفي في وجوه الاستواء من القصاص وغيره، حتى يندرج القصاص في تلك الوجوه المنفية» اهـ([129]).
خامساً: لم يخرج الأصوليون في أمثلة القاعدة من النصوص الشرعية – على ما رأيتُ – عن النص القرآني، ولعل البحث في كتب الخلاف والفقه وفي مدونات السُّنة وغير ذلك كفيلٌ بالعثور على أمثلة صحيحة من الحديث الشريف يجري فيها عموم نفي المساواة.

المبحـــث الثاني:
الخلاف في حكم المسألة
وفيه خمسة مطالب:
المطلب الأول
أقوال الأصوليين في مدلول نفي المساواة:
اختلف أهل العلم بأصول الفقه فيما يقتضيه نفي المساواة بين الشيئين الوارد في نصٍّ شرعي، وكان خلافهم على قولين:
الأول: أن نفي المساواة بين الشيئين يدل على العموم، أي أنه يقتضي نفي جميع الوجوه الممكن نفيها.
وهذا مذهب المالكية([130]) والشافعية([131]) والحنابلة([132]) وبعض الزيدية([133]).
الثاني: أن نفي المساواة بين الشيئين لا يدل على العموم، فينصرف إلى الخاص وهو ما دلَّ عليه السياق، ويبقى فيما عداه كالمجمل يتوقف فيه إلى حين البيان.
وهذا مذهب الحنفية([134])، واختاره أبو الحسين([135]) البصري([136])، وقال بعضهم: إنه مذهب المعتزلة([137]).
وممـن قـال به الظاهـرية([138]) وأبــو حـامد([139]) الغـزالي([140]) وإِلْكِيَــا([141]) الطـبري([142]) وفخـر الديـن الـرازي([143]) وأتبـاعه([144])، وصـفي الديـن الهنـدي([145]) وابن رشيق([146]) المصري([147]) تبعاً للغزالي، وكثيرٌ من الزيدية([148])، واختار القرافي أيضاً عدم دلالته على العموم إلا أنه قال: يختص نفي المساواة بما سيق الكلام لأجله([149]).

المطلب الثاني:
تحرير محل النزاع:
لم أَرَ مَنْ تعرض لتحرير موضع الخلاف في مسالة عموم نفي المساواة سوى ابن الهمام([150])، وتابعه عليه البَدَخْشي([151]) وابن عبدالشكور([152]).
ويمكن تلخيص ما قالوه فيما يلي:
أولاً: أن الحنفية والجمهور لا يختلفون في أن نفي المساواة يدل على العموم من حيث أصل الوضع، كما أنَّ نفي كل فعل عامٌّ في وجوهه، مثل (لا آكل) عامٌّ في وجوه الأكل([153]).
ثانياً: كما أنهم لا يختلفون على عدم صحة إرادة العموم في نفي المساواة، وهي مسألتنا([154]).
وذلك أن الاستواء بين الشيئين بوجهٍ من الوجوه معلوم الصدق؛ لأن كل شيئين متشاركان في وصفٍ، وأقله الشيئية([155]) والوجود([156]).
وأَنَّ سلب الاستواء من جميع الوجوه معلوم البطلان؛ وذلك لتحقق نقيضه وهو الاستواء بوجهٍ ما.
وفي قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) ([157]) يتفق المذهبان – الجمهور والحنفية – أنه لا يراد به العموم؛ لاستواء الفريقين في الجسمية والحيوانية وغير ذلك، فهو عامٌّ مخصوص بقرينة العقل؛ إذْ لا يُجَوِّز عاقلٌ عموم سلب الاستواء([158]).
ثالثاً: وإنما يختلفون في أن المراد من عموم نفي المساواة بعد تخصيصه بالعقل هل هو أمر الآخرة فلا يعارض آيات القصاص العامة فيقتل المسلم بالذمي؟ أو المراد أمر الدنيا والآخرة فيعارضها فلا يقتل المسلم بالذمي؟
هذا هو محل النزاع، فذهب الحنفية إلى الأول، وذهب الجمهور إلى الثاني([159]).
*       أقول: وعليك أن تلاحظ أموراً:
الأول: أن عدم اختلاف الفريقين في أن نفي المساواة دالٌّ على العموم أَقَرَّ به الحنفية من حيث الوضع، ولم يكن محل إجماع، حيث قال بعض موافقيهم في النتيجة كالرازي([160]) وأتباعه([161]) بأنه لا يقتضي العموم أصلاً، فالحنفية يمنعون إرادة التعميم، والرازي وغيره يمنع دلالته على التعميم، ثم إن النتيجة واحدة وهي: عدم صحة حمل النص على العموم.
الثاني: أن الجمهور قد نصّوا على أن المراد بالتعميم في مسألتنا هو في الأمور الممكنة، وقد سبق كلامهم في هذا عند ذكر ضوابط المسألة([162])، ولا شك أن السلب إنما يكون في الممكن، وأما غير الممكنات فلا يمكن أن تكون مرادة للشارع أصلاً، وإذا لم تكن مرادة أصلاً فإنَّ حَمْل اللفظ على ما عداها من الصُّور حملٌ للفظ على مقتضاه وجميع معناه، فهو إذاً ليس بعامٍّ مخصوص أو مرادٍ به الخصوص.
ولهذا فإن العطّار([163]) لما نقل عن البدخشي أنه أنكر على مَنْ بنى الخلاف بين الجمهور والحنفية في قتل المسلم بالذمي على الخلاف في القاعدة بقوله: «الحق أنه ليس كذلك؛ لأن الحنفية صرحوا بعمومها في نفي الاستواء، إلا أن حقيقة العموم متروكة بدلالة محل الكلام بعدم قبوله حكم الحقيقة؛ لوجود المساواة في كثير من الصفات» اهـ([164]) أقول: لما نقل العطار عنه هذا قال: أجاب بعض الفضلاء بأن المراد أن الحنفية لا يُجْرون الآية([165]) على عمومها وإن كانت عامة بحسب الأصل، والشافعية يُجْرونها على العموم فلا يُساوى المسلم بالذمي أصلاً عندهم فلا يقتل، وعند الحنفية يجوز أن يتساويا حيث لم تَجْرِ الآية على العموم فيجوز قتل المسلم بالذمي، بل يجب عند قيام الدليل، وحينئذ يجوز أن يكون الخلاف مبنياً على أن الآية مُجراة على العموم أَوْ لا([166]).
الثالث: أن المراد بحمل اللفظ على العموم في نفي المساواة عند الجمهور إنما هو في الأحكام الشرعية؛ لأن كلامنا في مسألة من أصول الفقه، وعلى هذا فلا معنى لما قاله ابن الهمام وابن عبدالشكور من استواء أصحاب النار وأصحاب الجنة في الحيوانية والجسمية وغير ذلك، وجعلهما ذلك مستنداً لعدم إرادة العموم.
قال بدر الدين التُّسْتَرِي([167]): «سلب الاستواء لا يستلزم السلب من كل وجهٍ لامتناعه، فإما أن يراد بالسلبِ سلبُ الأحكام الشرعية، أو غيرها.
والثاني باطلٌ؛ لوجوب حمل كلام الشارع على الحقيقة الشرعية؛ لدلالة بعثته صلى الله عليه وسلم على تعريفه للأحكام الشرعية لا غير، فتعيَّن الأول» اهـ([168]).
الرابع: ولو سُلِّم أنه قد خرجت صفات الحيوانية والجسمية والناطقية عن العموم بقرينة التخصيص، فإن ذلك لا يمنع التعميم؛ لأن دخول المخصِّص لا يعني تجريد اللفظ العام من وصف العموم؛ إذْ لا يكاد يوجد لفظٌ عام في الأحكام الشرعية إلا وقد دخله التخصيص، ولم يمنع ذلك من تسميته عامَّاً عند الفريقين.
ولذا قال أبو الحسين البصري في مسألتنا هذه: «ولقائلٍ أن يقول: إن سُلِّم لهم أن الآية تفيد نفي اشتراكهم في كل الصفات أجمع، لم يضرهم اشتراكهم في كثير من الصفات؛ لأن العموم إذا خرج بعضه لم يمنع من التعلق بباقيه» اهـ([169]).
الخامس: أنه قد يقال: ما ذكروه يقتضي حصر المسألة في نفي المساواة بين أصحاب النار وأصحاب الجنة، والمسألة جارية فيما هو أعم من خصوص الآية الكريمة المذكورة، مثل قوله تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) ([170]) وقوله سبحانه: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ) ([171]) وغيرهما من النصوص، فكيف يقال فيها: إن محل النزاع هو أنه هل يختص بأمر الآخرة أو يعم الدارين؟!
وهذا عند التحقيق ليس وارداً عليهم؛ لأنهم إنما أرادوا تطبيق الخلاف الأصولي على نصّ جزئي ومسألة فرعية اشتهر فيها الخلاف، لا أنهم أرادوا حصر الخلاف في القاعدة في ذلك النص وتلك المسألة الفقهية، هذا لا يقول به أحد؛ ولذا قال ابن الهُمام رحمه الله في آخر تحريره للمسألة: «فظهر أن الخلاف في تطبيق كلٍّ من المذهبين على دليلٍ تفصيلي»اهـ([172]). وقد مَثَّل الأصوليون بأمثلة أخرى وصَرَّح الحنفية بردّ الخلاف فيها إلى الخلاف في قاعدة عموم نفي المساواة، كما ستراه في المبحث الأخير إن شاء الله تعالى.
*   وخلاصة القول في محل النزاع هو: أن ورود النفي على المساواة ونحوها – كالمماثلة – في النص الشرعي هل يدل على عموم نفي التسوية بينهما فيما يمكن نفيه من الأحكام الشرعية؟ أَوْ لا يدل على ذلك؟
فذهب الجمهور للأول، والحنفية وموافقوهم للثاني، بعد اتفاق الفريقين على أن الصورة التي دل عليها السياق مرادةٌ، وإنما النزاع فيما عداها من الصور.
 
-------------------
([1])   هو صالح بن مهدي بن علي المقبلي الصنعاني، فقيه أصولي مشاركٌ في الفنون، من كتبه (العَلَم الشامخ) و(نجاح الطالب) وهو شرح على مختصر ابن الحاجب الأصولي، وله (الأبحاث المسددة) و(الإتحاف لطلبة الكشاف) انتقد فيه الزمخشري، توفي سنة 1108هـ. (البدر الطالع) 1/288.
([2])    (نجاح الطالب) للمقبلي، ص372.
([3])    هو أحمد بن محمد بن علي الوزير الحسني، فقيه أصولي من أهل اليمن، من كتبه (المصفى في أصول الفقه) وله نثرٌ وشعر كثير، مولده سنة 1337هـ.(مقدمة تحقيق كتاب المصفَّى) ص9.
([4])    (المصفَّى في أصول الفقه) لابن الوزير، ص513.
([5])   (الصحاح) 5/1993 و(تاج العروس) 17/507 مادة (عمم).
([6])   (المصباح المنير) ص222 مادة (عمم).
([7])   هو الخليل بن أحمد بن عمرو الفراهيدي، من أكابر أئمة العربية ومستخرِج علم العروض، من كتبه (العين) و(الجمل) و(الشواهد) و(النقْط والشكل) توفي سنة 175هـ. (بغية الوعاة) 1/557.
([8])   (العين) 3/232 مادة (عمم)، وانظر (الصاحبي) لابن فارس ص344.
([9])   (العدة في أصول الفقه) 1/140 و(شرح اللمع) 1/302 و(المستصفى) 2/106 و(إيضاح المحصول) ص269 و(المحصول) لابن العربي ص73 و(ميزان الأصول) 1/389 و(لباب المحصول) 2/552.
([10])   انظر تعريفاتهم للعامّ في (التقريب) للباقلاني 3/5 و(المعتمد) 1/203 و(الحدود) للباجي ص44 و(التلخيص) للجويني 2/5 و(قواطع الأدلة) 1/282 و(أصول السرخسي) 1/125 و(الوصول إلى الأصول) 1/202 و(بذل النظر) ص158 و(المحصول) للرازي 2/309 و(الإحكام) للآمدي 2/195 و(شرح تنقيح الفصول) ص38 و(نهاية الوصول) 3/1221 و(المسودة) 2/1002 و(التوضيح) لصدر الشريعة 1/32 و(البحر المحيط) 3/5 و(شرح الكوكب المنير) 3/101 و(فواتح الرحموت) 1/255 وغيرها.
([11])   الدُّخُول: جمع (دَخَلٍ) وهو العيب والفساد. (لسان العرب) 11/241 مادة (دخل).
([12])   هو محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي، مدرسٌ وفقيه مفسر، من كتبه (مذكرة في أصول الفقه) و(أضواء البيان) و(دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب) و(آداب البحث) توفي سنة 1393هـ. (الأعلام) للزركلي 6/45.
([13])   (مذكرة أصول الفقه) للشنقيطي، ص359، وراجع (إرشاد الفحول) 1/511.
([14])   وهو حكم مجمعٌ عليه، حكاه ابن المنذر وغيره، فانظر (الإشراف) لابن المنذر 1/250، و(الاستذكار) 18/102 و(المغني) 11/223، 224.
([15])   من الآية 234 سورة البقرة.
([16])   (تهذيب اللغة) 15/475 و(تاج العروس) 20/259 مادة (نفي).
([17])   (المصباح المنير) ص318 مادة (نفي) وراجع (العين) 4/253 و(لسان العرب) 15/336 – 337.
([18])   (المعجم الوسيط) 2/943.
([19])   هو ناصر بن عبدالسيد بن علي الخوارزمي المُطَرِّزي، من علماء النحو واللغة، وكان في الفقه على مذهب الحنفية وفي الاعتقاد على مذهب المعتزلة، من كتبه (المعرب) في لغة الفقه، و(الإقناع في اللغة) و(المغرب في شرح المعرب) و(مختصر إصلاح المنطق لابن السّكّيت)، توفي سنة 610هـ. (بغية الوعاة) 2/311.
([20])   (المغرب في ترتيب المعرب) 2/320.
([21])   (شمس العلوم) 10/6708.
([22])   المصدر السابق 10/6711.
([23])   من الآية 13 سورة فاطر.
([24])   من الآية 36 سورة فاطر.
([25])   من الآية 92 سورة آل عمران.
([26])   من الآيتين 137، 168 سورة النساء.
([27])   من الآية 14 سورة الحجرات.
([28])   من الآية 2 سورة المجادلة.
([29])   من الآية 61 سورة النور.
([30])   من الآية 60 سورة الرحمن.
([31])   من الآية 10 سورة الزمر.
([32])   انظر (شرح المفصل) لابن يعيش 8/107 و(المحرر في النحو) للهرمي 3/1061 و(المعجم المفصَّل في النحو) 2/1126 و(معجم المصطلحات النحوية) ص227 و(معجم علوم اللغة العربية) ص426.
([33])   (الصحاح) 6/2385 و(مجمل اللغة) ص361 و(المصباح المنير) ص155 مادة (سوي).
([34])   (المصباح المنير) ص155 و(تاج العروس) 19/459 – 550 مادة (سوي).
([35])   البيت للسموأل، فانظر (ديوانه) ص22 و(شرح ديون الحماسة) للمرزوقي 1/123.
([36])   البيت لأبي حزام العُكْلي، فانظر (سر صناعة الإعراب) 1/377 و(خزانة الأدب) للبغدادي 10/353، 355 ووقع في (تشنيف المسامع): «وأعلم علماً أن ... » الخ، وهو تحريف ويختل به الوزن.
([37])   (تشنيف المسامع) 2/687 – 688.
([38])   (تهذيب اللغة) 13/126 و(أساس البلاغة) 1/485 و(تاج العروس) 19/548 مادة (سوو)، وراجع (المعجم الوسيط) 1/466.
([39])   (العين) 2/296 و(لسان العرب) 14/410 مادة (سوا).
([40])    من الآية 96 سورة الكهف.
([41])    (العين) 2/296 مادة (سوا) و(تهذيب اللغة) 13/125 – 126 وراجع (مفردات ألفاظ القرآن) للراغب ص441.
([42])   صُهْبُ السِّبال: أي حُمْر الشوارب. (تاج العروس) 2/157 (صهب) 14/327 (سبل).
([43])   (لسان العرب) 14/409 والبيت لذي الرُّمَّة، فانظر (ديوانه) ص176 و(أساس البلاغة) 1/144.
([44])   (المحكم) لابن سيده 8/639 و(حاشية محيي الدين شيخ زاده) 4/107، 108.
([45])   (البحر المحيط) 3/121.
([46])   (الإحكام) للآمدي 2/247.
([47])   (المعتمد) 1/249.
([48])   (المسودة) 1/267.
([49])   (شرح العضد على مختصر ابن الحاجب) 2/114.
([50])   (نهاية الوصول) للهندي 4/1364 وبنحوه في (الوصول إلى الأصول) لابن برهان 1/312.
([51])   (رفع الحاجب) 3/148.
([52])   انظر (أصول الفقه) لابن مفلح 2/826 و(مختصر ابن اللحام) ص111 و(شرح غاية السول) ص315 و(التحبير) 5/2420 و(شرح الكوكب المنير) 3/207 و(حصول المأمول) ص211.
([53])   من الآية 20 سورة الحشر.
([54])   انظر (نهاية السول) 1/463 و(تحفة المسؤول) 3/124 و(شرح المحلي على جمع الجوامع) 1/423 و(التوضيح في شرح التنقيح) لحلولو ص161 و(شرح الكوكب المنير) 3/208 وغيرها.
([55])   هو أحمد بن علي بن محمد بن بَرْهان البغدادي، فقيه شافعي أصولي، أخذ عن الغزالي وغيره، وكان يضرب به المثل في حل الإشكال، من كتبه (البسيط) و(الوسيط) و(الوجيز) كلها في أصول الفقه، توفي سنة 518هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 1/279.
([56])   من الآية 20 سورة الحشر.
([57])   (الوصول إلى  الأصول) 1/313.
([58])   سيأتي مثال شرعي لكلمة (مثل) في الضابط الثالث إن شاء الله تعالى.
([59])   انظر (التحبير) 5/2420 ونقله عن (شرح النبذة الألفية) لشمس الدين البِرْماوي، وانظر (حاشية العطار) 2/19.
([60])   هو محمد بن بهادر بن عبدالله الزركشي المصري، فقيه شافعي أصولي محدّث أديب، أخذ عن جمال الدين الإسنوي وغيره، من كتبه (النكت على البخاري) و(خادم الشرح والروضة) و(البحر المحيط في أصول الفقه) و(تخريج أحاديث الرافعي) توفي سنة 794هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 3/167.
([61])   عَدَّ أبو البقاء الكفوي من ألفاظ المشابهة: (النظير والمساوي والشبيه والمُشَاكِل) وغيرها ثم قال: «وأعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة: المِثْلُ » اهـ. (الكليات) ص906.
([62])   هو محمد بن علي بن وهب القشيري المعروف بابن دقيق العيد، فقيه شافعي مالكي كان يفتي على المذهبين، من كتبه (الإلمام) في الحديث و(الإمام شرح الإلمام) و(شرح العنوان في أصول الفقه) توفي سنة 702هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 2/229 و(شجرة النور الزكية) لابن مخلوف 1/189.
([63])   (البحر المحيط) 3/122.
([64])   (رفع الحاجب) 3/151 و(إسعاف المطالع) للترمسي 1/375.
([65])   هو علي بن سليمان المرداوي الصالحي، فقيه حنبلي مصحِّح المذهب ومنقحه، من كتبه (التحرير في أصول الفقه) و(الإنصاف) و(التنقيح المشبع) و(شرح الآداب) توفي سنة 885هـ. (المنهج الأحمد) 5/290.
([66])   (التحبير) 5/2420 نقلاً عن شمس الدين البِرْماوي.
([67])   من الآية 22 سورة فاطر.
([68])   من الآية 113 سورة آل عمران.
([69])   هو عبدالوهاب بن علي بن عبدالكافي السبكي، فقيه شافعي أصولي، تولى القضاء ودَرَّس بمصر والشام، من كتبه (طبقات الشافعية الكبرى) و(الأشباه والنظائر) و(جمع الجوامع) و(شرح مختصر ابن الحاجب) و(شرح المنهاج) في أصول الفقه، توفي سنة 771هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 3/104.
([70])   (الأشباه والنظائر) لابن السبكي 2/146 – 147.
([71])   (تشنيف المسامع) 2/687.
([72])   من الآية 19 سورة فاطر، ومن الآية 58 سورة غافر.
([73])   الآية 28 سورة ص~.
([74])   من الآية 21 سورة الجاثية.
([75])   (الأشباه والنظائر) 2/146.
([76])   (تشنيف المسامع) 2/687.
([77])   من الآية 20 سورة الحشر.
([78])   (الوصول إلى الأصول) 1/313.
([79])   هو محمد بن أحمد بن محمد المحلي، فقيه شافعي أصولي وأحد العلماء المحققين، من كتبه (شرح الورقات) و(شرح جمع الجوامع) و(شرح المنهاج) في الفقه، توفي سنة 864هـ. (الضوء اللامع) 7/39.
([80])   (شرح المحلي على جمع الجوامع) 2/422.
([81])   انظر (حل العقد والعقل) 1/150 و(نهاية السول) 1/463 و(إسعاف المطالع) 1/375.
([82])   (السراج الوهاج) 1/510.
([83])   هو محمد بن عبدالرحيم بن محمد الهندي الأرموي، فقيه شافعي أصولي، رحل رحلة واسعة ودَرَّس في مدارس كثيرة، من كتبه (النهاية) و(الفائق) و(الرسالة السيفية) كلها في أصول الفقه، و(الزبدة) في الكلام، توفي سنة 715هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 2/227.
([84])   (نهاية الوصول) 4/1364.
([85])   من الآية 20 سورة الحشر.
([86])   لم يَرَحْ : أي لم يَشُمّ. (النهاية في غريب الحديث والأثر) 2/272.
([87])   الحديث أخرجه البخاري 3166، 6914.
([88])   من الآية 10 سورة الحديد.
([89])   هو محمد الطاهر بن عاشور التونسي، فقيه مالكي مفسر أديب، كان رئيس المفتين المالكيين في بلاده، من كتبه (مقاصد الشريعة الإسلامية) و(التحرير والتنوير) في تفسير القرآن، و(أصول الإنشاء والبلاغة) و(موجز البلاغة) توفي سنة 1393هـ. (الأعلام) للزركلي 6/174.
([90])   (التحرير والتنوير) 27/375 وخالف بعضُهم فجعل الآية الكريمة من أمثلة القاعدة وخَرَّجَ عليها كما سيأتي في المبحث التطبيقي إن شاء الله تعالى.
([91])   هذا جزء من حديث سيأتي تمامه بعد أسطر، ويأتي تخريجه إن شاء الله تعالى.
([92])   الحديث أخرجه مسلم 1104.
([93])   الوصال في الصوم: هو أن لا يفطر الصائم يومين أو أياماً. (النهاية في غريب الحديث والأثر) 5/193.
([94])   الحديث أخرجه البخاري 1965، 6851، 7242 ومسلم 1103.
([95])   هو علي بن سلطان محمد الهروي المكي المعروف بالقاري، فقيه حنفي أصولي محدِّث، وأحد المكثرين من التصنيف، من كتبه (شرح الشفا) في السيرة النبوية، و(شرح الشاطبية) و(فتح باب العناية في شرح النقاية) في الفقه، و(شرح الشمائل) توفي سنة 1014هـ. (الفوائد البهية) ص8.
([96])   (مرقاة المفاتيح) 4/480 وأنت ترى أن هذا المثال جاء فيه كلمة (مثل) وهي مثل (سواء) كما سبق في الضابط الأول.
([97])   انظر هذه الأدلة في (روضة الناظر) 2/638 و(الإحكام) للآمدي 2/260 و(شرح تنقيح الفصول) ص290 و(نهاية الوصول) 5/2154 و(شرح الكوكب المنير) 3/219 و(تيسير التحرير) 1/251.
([98])   هذا عند غير الحنفية، فأما الحنفية فلا يقولون بحجية المفهوم المخالف أصلاً، فضلاً عن أن يجعلوا له عموماً. وانظر (تيسير التحرير) 1/260 و(تحفة المسؤول) 3/138 و(شرح المحلي على جمع الجوامع) 1/416 و(مختصر ابن اللحام) ص113.
([99])   الحديث سبق تخريجه.
([100])   هذا عند المالكية والحنابلة وكذا الشافعية على قولٍ كما سيأتي بيانه في سبب الخلاف.
([101])   (البحر المحيط) 3/14 ، 146 وما بعدها، وقد ذكر القرافي في (العقد المنظوم) 1/207 – 210 فروقاً أربعة بين العمومين اللفظي والمعنوي، وفي بعضها نظر يظهر بأدنى تأمل.
([102])   (نجاح الطالب) ص372.
([103])   (البحر المحيط) 3/146 – 175.
([104])   (البحر المحيط) 3/121.
([105])   من الآية 20 سورة الحشر.
([106])   (الوصول إلى الأصول) 1/270.
([107])   المصدر السابق، ثم إنَّ ابن بَرْهان عاد فاختار مذهب الجمهور في كتابه هذا 1/312.
([108])   (البحر المحيط) 3/7 بتصرف يسير جداً.
([109])   هو أيوب بن موسى القريمي الكفوي، فقيه حنفي من القضاة، له كتب منها (تحفة الشاهان) في الفقه، و(الكليات) توفي سنة 1094هـ. (هدية العارفين) 1/229.
([110])   (الكليات) ص601 – 602.
([111])   (البحر المحيط) 3/7 و(إرشاد الفحول) 1/516.
([112])   من الآية 238 سورة البقرة.
([113])   من الآية 3 سورة المجادلة.
([114])   (الشفاء – المنطق / العبارة) ص43.
([115])   (الكليات) ص311.
([116])   من الآية 275 سورة البقرة.
([117])   من الآية 275 سورة البقرة.
([118])   الحديث أخرجه مسلم 1421.
([119])   انظر (حل العقد والعقل) 1/150 و(مجمع الدرر) ق129/ب.
([120])   هو عبدالرحمن بن أحمد الإيجي، فقيه شافعي أصولي من القضاة، له كتب منها (شرح مختصر ابن الحاجب) في أصول الفقه، و(المواقف في علم الكلام) و(الفوائد الغياثية) و(الجواهر) توفي سنة 756هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 3/27.
([121])   (شرح العضد على مختصر ابن الحاجب) 2/114 وكذلك قال ابن قاوان في كتابه (التحقيقات) ص243.
([122])   وهو محمد بن عمر بن الحسين الرازي، فقيه شافعي أصولي متكلم، من كتبه (المحصول) و(المعالم) في الأصلين، و(نهاية العقول) في الكلام، توفي سنة 606هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 2/65.
([123])   (المحصول) 2/377.
([124])    (تنقيح محصول ابن الخطيب) للتبريزي 2/252 و(الحاصل) 2/319 و(التحصيل) 1/359 و(منهاج الوصول) 1/462.
([125])   من الآية 20 سورة الحشر.
([126])   هو أحمد بن إدريس القرافي، فقيه أصولي من أكابر المالكية، من كتبه (شرح المحصول للرازي) و(تنقيح الفصول) و(شرح التنقيح) و(الذخيرةفي الفقه) و(الأجوبة الفاخرة) و(اليواقيت في أحكام المواقيت)، توفي سنة 684هـ. (الديباج المذهب) 1/236.
([127])   تَوَلَّعَ بالشيء: تعلَّقت نفسه به. (المصباح المنير) ص346 مادة (وَلَعَ).
([128])   الآية 20 سورة الحشر.
([129])   (العقد المنظوم) 1/336 – 338.
([130])   (منتهى الوصول والأمل) لابن الحاجب ص110 و(تحفة المسؤول) للرُّهُوني 3/124 و(التوضيح في شرح التنقيح) لحلولو ص160 – 161 و(نيل السول) للوَلَاتي ص162.
([131])   (الوصول إلى الأصول) لابن برهان 1/312 و(الإحكام) للآمدي 2/247 و(شرح المحلي على جمع الجوامع) 1/422 و(شرح الكوكب الساطع) للسيوطي 1/463.
([132])   (المسودة) لآل تيمية 1/267 و(أصول الفقه) لابن مفلح 2/826 و(مختصر ابن اللحام) ص111 و(شرح غاية السول) لابن المِبْرَد ص315.
([133])   (المصفى في أصول الفقه) ص513 والزيدية فرقة من فرق الشيعة، ثم انقسمت الزيدية إلى فرقٍ يجمعها القول بإمامة زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أيام خروجه، وكان ذلك في زمن الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك. (الفَرْق بين الفِرَق) ص22 – 23.
([134])   (الفصول في الأصول) للجصاص 1/71 – 72 و(تقويم الأدلة) للدبوسي ص129 و(أصول السرخسي) 1/194 و(الوافي) للسغناقي 1/234.
([135])   هو محمد بن علي بن الطيب البصري، أصولي متكلم معتزلي المذهب، أخذ عن القاضي عبدالجبار وغيره، من كتبه (الفائق في أصول الدين) و(غرر الأدلة) و(تصفح الأدلة) توفي سنة 436هـ. (طبقات المعتزلة) لابن المرتضى ص118 و(وفيات الأعيان) لابن خلكان 4/271.
([136])   انظر كتابه (المعتمد) 1/249 – 250 وراجع (تلقيح الفهوم) للعلائي ص418.
([137])   (البحر المحيط) 3/121 و(شرح الكوكب المنير) 3/207 و(إرشاد الفحول) 1/541. 
([138])   (الإحكام في أصول الأحكام) لابن حزم 5/835. 
([139])   هو محمد بن محمد الطُّوسي الغزالي، فقيه شافعي أصولي، من كتبه (إحياء علوم الدين) و(المستصفى) و(المنخول) في أصول الفقه و(الوجيز) في الفقه، و(بداية الهداية) و(جواهر القرآن) توفي سنة 505هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 1/293. 
([140])   انظر كتابه (المستصفى) 2/147 ولم يذكر المسألة في (المنخول). 
([141])   هو علي بن محمد الطبري، المعروف بإِلْكِيَا الهَرَّاسي، فقيه شافعي أصولي من النُّظَّار، له كتب منها (شفاء المسترشدين) و(نقض مفردات أحمد) توفي سنة 504هـ. (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة 1/288. 
([142])   (البحر المحيط) 3/122 و(إرشاد الفحول) 1/543. 
([143])   انظر كتابه (المحصول) 2/377 ولم يذكر المسألة في (المعالم)، وراجع (البحر المحيط) 3/121. 
([144])   (تنقيح محصول ابن الخطيب) للتبريزي 2/252 و(الحاصل) لتاج الدين الأرموي 2/319 و(التحصيل) لسراج الدين الأرموي 1/359 و(منهاج الوصول إلى  علم الأصول) للبيضاوي 1/462.
([145])   انظر كتابه (نهاية الوصول) 4/1369 وراجع (البحر المحيط) 3/122 و(إرشاد الفحول) 1/543 لكن الهندي في كتابه (الفائق) 2/221 مال إلى مذهب الجمهور. 
([146])   هو  الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق الرَّبَعي المصري أبو عليّ، فقيه مالكي أصولي انتهت إليه رئاسة المذهب بالديار المصرية، توفي سنة 632هـ. (الديباج المذهب) 1/333 وليس فيه ولا في سائر المصادر ذكر شيء من كتبه. قلت: وهو غير الشاعر الأندلسي الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق التغلبي، يكنى أيضاً أبا عليّ، وتوفي بعد سنة 674هـ، أخباره في (الإحاطة) 1/472 – 476.
([147])   انظر كتابه (لباب المحصول) 2/576 – 577.
([148])   (المصفى في أصول الفقه) ص513.
([149])   يعني ولم يقل: (ويكون فيما عداه مجملاً) كما قالته الحنفية. هذا ومعنى اختصاص النفي المذكور بالسياق أن نحو قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) يختص بحالة النعيم والعذاب لقوله: (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُون). انظر (العقد المنظوم) للقرافي 1/339 – 340 و(شرح تنقيح الفصول) ص186.
([150])    هومحمد بن عبدالواحد السيواسي السَّكَندري، فقيهٌ حنفي أصولي مشاركٌ في فنون كثيرة، من كتبه (فتح القدير) شرح على (الهداية) في الفقه، وله (التحرير في أصول الفقه)، توفي سنة 861هـ. (الفوائد البهية) ص180.
([151])   هو محمد بن الحسن البَدَخْشي، فقيه حنفي أصولي منطقي، من كتبه (مناهج العقول في شرح منهاج الأصول) و(حاشية على تحرير القواعد المنطقية في شرح الرسالة الشمسية) توفي سنة 922هـ. (كشف الظنون) 2/1063 و(معجم المؤلفين) 9/99 ولعل البدخشي نسبة إلى بلدة (بَدَخْش) بالدال والذال، ويقال (بَدَخْشان) وهما بلدة واحدة كما صرح به ياقوت الحموي في (معجم البلدان) 1/360 وانظر (آثار البلاد) للقزويني ص306.
([152])  هو محب الله بن عبدالشكور البَهَاري، فقيه حنفي أصولي، من كتبه (سلم العلوم) في المنطق، و(رسالة في المغالطات) و(مسلَّم الثبوت) في الأصول، توفي سنة 1119هـ. (نزهة الخواطر) 6/252.
([153])   (التحرير) مع شرحه (تيسير التحرير) 1/250 و(مناهج العقول) 2/71.
([154])   (تيسير التحرير) 1/250 وعزاه العطار في (حاشيته) 2/20 إلى البدخشي في شرح (المنهاج) ولم أجده فيه.
([155])   يعني كون كل واحدٍ منهما شيئاً.
([156])   (مسلم الثبوت) مع شرحه (فواتح الرحموت) 1/289 وعنه المطيعي في (سلم الوصول) 2/350 – 351.
([157])   من الآية 20 سورة الحشر.
([158])   (تيسير التحرير) 1/250 و(فواتح الرحموت) 1/289 و(سلم الوصول) 2/351.
([159])   (تيسير التحرير) 1/250 وعزاه العطار في (حاشيته) 2/20 إلى البدخشي في شرح (المنهاج) ولم أجده فيه.
([160])   (المحصول) 2/377.
([161])   (الحاصل) 2/319 و(التحصيل) 1/359 و(منهاج الوصول) 1/462.
([162])   راجع المطلب الثالث من المبحث الأول.
([163])   هو حسن بن محمد العطار الأزهري المغربي المصري أبو السعادات، فقيه شافعي أصولي مشارك في فنون عدة وتولى مشيخة الأزهر، من كتبه (رسالة في كيفية العمل بالاسطرلاب) و(المجيب والبسائط) و(حاشية على جمع الجوامع) و(حاشية على شرح الأزهري) في النحو، توفي سنة 1250هـ. (معجم المؤلفين) 3/285.
([164])   كذا نقله عن البدخشي، وليس هو في كتابه (مناهج العقول).
([165])   يعني بالآية قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ).
([166])   (حاشية العطار) 2/20.
([167])   هو محمد بن أسعد التُّسْتَري، فقيه شافعي أصولي مشارك في فنون، أخذ عنه جمال الدين الإسنوي وغيره، من كتبه (شرح مختصر ابن الحاجب) و(شرح منهاج البيضاوي) في أصول الفقه، و(شرح الغاية القصوى) في الفقه، و(شرح طوالع الأنوار) توفي نحو سنة 732هـ. (طبقات الشافعية) للإسنوي 1/319.
([168])   (مجمع الدرر) للتستري ق130/أ.
([169])   (المعتمد) 1/250 وانظر في معناه أيضاً (أصول السرخسي) 1/143.
([170])   من الآية 36 سورة آل عمران.
([171])   من الآية 19 سورة فاطر، ومن الآية 58 سورة غافر.
([172])   (التحرير) لابن الهمام ص89.