يا أهلنا في فلسطين: لا سواء.. قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار

الحمد الله القائل: "إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ" [آل عمران: 140]، وصلى الله على من لا نبي بعده، وبعد:
أكتب هذه الكلمات لأهل فلسطين الصابرة والصابرين، والمجاهدة والمجاهدين، لعلي أساهم بها في تخفيف ما أصابهم وتعزيتهم فلم يعد بوسعنا في زمن الذل إلا الكلمات فأقول:
• يا أهل فلسطين "أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ" [البقرة آية 214].
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصيب بما أصيب به من التكذيب والسب والطرد وسال الدم على عقيبيه وجبينه وأوذي هو وأصحابه حتى بلغ بهم الأمر ما وصف الله في كتابه، فهذا سبيل الأنبياء والمؤمنين والصالحين.

• يا أهل فلسطين ألا يكفيكم شرف الفوز بالمدحة الخالدة الباقية، فقد جاء من حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك " قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس " رواه الإمام أحمد وابنه عبدالله وجادة والطبراني في الكبير، قال الهيثمي: ورجال أحمد ثقات. يا أهل فلسطين تأملوا هذا الحديث وقفوا معه لا يصيبكم من كيد الكافرين والمنافقين سوى اللأواء، وهذا ما يصيبنا نحن القاعدون في منازلنا، فالله الله يا أهلنا في الثبات الثبات

• يا أهل فلسطين: أتظنون أن الله مخيب جهادكم إذا حسنت نياتكم؟! وصبرتم على ما أصابكم؟! تأملوا هذا المشهد، فقد روى أهل السير أن قائد المشركين في معركة أحد لما انتشى بكثرة دماء المسلمين وأشلائهم التى تمزقت في ذلك اليوم، وقف على الجبل وصرخ بأعلى صوته: أعل هبل، اعل هبل، فقال صلى الله عليه وسلم والدم يغطي وجهه ولا يستطيع الحراك مما أصابه من الجروح: أجيبوا الرجل، قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل، فقال: لنا العزى ولا عزى لكم!! فقال صلى الله عليه وسلم: قولوا: العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فقال: قتلى بقتلى بدر، فقال صلى الله عليه وسلم: قولوا: لا سواء قتلانا في الجنة وقبلاكم في النار " تأملوا كيف لم يدع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكافر يفرح بما يراه من النصر بل أثبت له أن ما يراه هو هزيمة شنعاء لهم فهم لم يستطيعوا أن ينالوا من روح المؤمنين وعزيمتهم وتوحيدهم. فلا تدعوا العدو ينال منكم ما ود الظفر به من الهزيمة النفسية والتخاذل عن نصر القضية الشريفة والثبات على دين التوحيد، ثبت الله أقدامكم.

• يا أهل فلسطين: قد قال صلى الله عليه وسلم (واعلم أن النصر مع الصبر) وقيل في المثل:النصر صبر ساعة، فالصبر الصبر تفلحوا وتظفروا وتفوزوا برضا ربكم تأملوا هذه الآية التي خاطب الله فيها اليهود يوم كانوا على الحق "وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ" [الأعراف آية 137]. تأملوا المشهد إنها نفس الأرض التي تدور عليها رحى ا لمعركة ونفس شروط النصر فمن ظفر بها ظفر بالفوز والفلاح، قال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [آل عمران آية 200].

كتبت هذه الكلمات وأنا أعلم حق العلم أنها لا تخفى عليكم ولا تغيب عنكم ولكن لأني لا أملك لنصركم سواها والدعاء لكم بالنصر والثبات فتقبلوها على ما فيها.

اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزم اليهود الغاصبين وزلزل بهم ودمرهم وانصر إخواننا المستضعفين في فلسطين وثبت أقدام وانصرهم على القوم الكافرين، اللهم شاف مريضهم وعاف مبتلاهم وأطعم جائعهم وداو جرحاهم وتقبل موتاهم وارحم قتلاهم ووحدهم واجمع شملهم، اللهم حرر المسجد الأقصى من براثن اليهود وارزقنا فيه صلاة قبل الممات يا رب العالمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.