سمرقند .. ياقوتة آسيا الوسطى

تحتفل الحكومة الأوزبكية وضيوفها المداهنين لها بعيد ميلاد المدينة الإسلامية العريقة سمرقند التي كانت في القرن الرابع عشر عاصمة إمبراطورية تيمورلنك التي امتدت من العراق إلى الصين، بتاريخ تأسيسها قبل 2750 عاماً حسب التخمينات الجديدة.
وقد صنفت مدينة سمرقند التي أطلق عليها المؤرخون العرب اسم "الياقوتة" لشدة جمالها المعماري ضمن قائمة التراث العالمي للمنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو)، وقد احتفلت في 1969 بمرور 2500 عام على إنشائها، لكن عمليات التنقيب الأثرية اللاحقة ترجح أن تاريخ تأسيسها يعود إلى أبعد من ذلك، حسبما تدعي المصادر الرسمية.
وقد نظمت أثناء فعاليات الاحتفال - التي كانت مليئة بالمحرمات الشرعية والشركيات والفسق والفجور التي لا تبالي بها الحكومة إطلاقاً فضلاً عن الممارسات الأخرى التي تخالف العقل والفطرة والصفات الإنسانية السليمة كالرقصات الماجنة واختلاط أشباه الرجال بالنساء شبه العاريات مع الأغاني الصاخبة والخطب المنافقة بكلمات الثناء والإطراء والمديح الكاذب، وإنفاق ملايين الدولارات وتبذيرها في لحظات قليلة في ساحة "ريجيستان" الواقعة وسط المعالم الحضارية الأثرية العريقة بهذه المدينة الإسلامية المظلومة التي تعد من أعرق وأجمل وأروع المدن في العالم.
وتقدر تكاليف ومصاريف هذا الاحتفال - مثله مثل الاحتفالات التي تنظم للمراءاة والمفاخرة والكبرياء والخيلاء - بمئات الملايين من الدولارات، بينما تجد في نفس الوقت الملايين من أفراد الشعب الأوزبكي يكادون يموتون من شدة الفقر والجوع والعوز، فضلاً عمن يموتون تحت التعذيبات والمذابح في السجون المعترفة بها والمعتقلات السرية غير المعترفة بل وفي الشوارع –كما نفذت القوات الحكومية تلك المذبحة البشعة وسط مدينة أنديجان عام 2005 أمام مرأى ومسمع من "العالم المتحضّر"!
كان هذا الاحتفال الصاخب تحت إشراف مباشر من الرئيس الأوزبكي ، فلم يكن مفتوحاً أمام عامة الناس الذين يرون أوزبكستان عبر شاشات التلفيزيون المزوّرة فيحسبونها كأنها جنة من الجنان، ويراها الشعب الأوزبكي في واقعهم المعايش وكأنها حفرة من حفر النيران، بالرغم من وجود تلك المناظر الخلابة والمباني الأثرية القديمة التي تكاد تسّاقط على الأرض من شدة الصخب واللغط والأغاني – كما يحذر من ذلك المهندسون المعماريون المتخصصون -، وتكاد سمرقند وأخواتها تسّاقط وتتمزق ألماً وحسرةً أيضاً من شدة الظلم والطغيان –كما تترجم ذلك صرخات الثكالى وأنّات اليتامى ونداءات القابعين خلف القضبان الحديدية والأوزبكيين المهجّرين في أنحاء العالم-.
حتى المحلاّت التجارية اضطرت لإغلاق أبوابها مكرهةً لانتشار قوات الشرطة المدججين بالأسلحة بأعداد كبيرة في شوارع سمرقند هذه الأيام وذلك لأن الرئيس الدموي و"الستاليني الأوزبكي" الملقب زوراً وبهتاناً بـ"إسلام كريموف" يحضر مختالاً فخوراً، ؛ وجب إخلاء الشوارع التي يمر منها موكب الرئيس من الناس جميعاً إخلاءً كاملاً شاملاً.
وقد بدأت الدول الغربية تشهد في الآونة الأخيرة بأن نظام الرئيس كريموف "نظام ينتهك حقوق الإنسان بشدة"، ولا سيما بعدما شاهد العالم مدى دمويته في قمع التظاهرة الشعبية الكبيرة في مدينة أنديجان في 13/مايو/2005م، حتى امتلأت الشوارع بجثامين الضحايا المدنيين واضطرت القوات الأوزبكية فرض حظر التجول بالمدينة لمدة طويلة.
وأما هذه الاحتفالات الصاخبة والأغاني الماجنة والرقصات الفاسقة الفاجرة وما يدور في فنادق المدينة وملاهيها الليلية من فجور ودعارة وخمور، وما موقف مدينة سمرقند وأخواتها منها فلا حاجة لتطويل المقالة بكتابة تعليق عليها، ومن كان في قلبه ذرة من إيمان وخوف من الله تعالى يكفيه هذه التهديدات الإلهية:
{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)} [سورة الزلزلة].
{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8)} [سورة التكاثر].
{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [سورة الإسراء:27].
{كَلَّا وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)} [سورة المدثر].

وجاء فيما رواه الإمام ابن أبي الدنيا عن الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« إذا عملت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء ، قيل : وما هي يا رسول الله؟ قال : إذا كان المغنم دولاً ، والأمانة مغنماً ، والزكاة مغرماً ، وأطاع الرجل زوجته ، وعقَّ أمه ، وبرَّ صديقه ، وجفا أباه ، وارتفعت الأصوات في المساجد ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، وأكرم الرجل مخافة شره، وشربت الخمور ، ولبس الحرير ، واتخذوا القيان والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها ، فليرتقبوا عند ذلك ثلاثاً : ريحاً حمراء ، وخسفاً ، ومسخاً ».

وقال : "سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ". قيل: ومتى ذلك يا رسول الله؟ قال: "إذا ظهرت المعازف والقينات واستحلت الخمر" رواه الطبراني.
"والذي نفس محمد بيده ليبيتن أناس من أمتي على أشر وبطر ولعب ولهو فيصبحوا قردة وخنازير باستحلالهم الحرام واتخاذهم القينات وشربهم الخمر وبأكلهم الربا ولبسهم الحرير". رواه عبد الله ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة فقط.
"سيكون في آخر الزمان شرطة يغدون في غضب الله ويروحون في سخط الله فإياك أن تكون من بطانتهم" رواه الطبراني.
فـ{إنا لله وإنا إليه راجعون}، ونسأل الله السلامة والعافية وأن يهدي ضلال المسلمين ويعيدهم إلى رشدهم، وينصر عباده المؤمنين المظلومين فينتقم لهم ممن ظلمهم.
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.
اللهم فك قيد أسرانا وجميع أسرى المسلمين، اللهم أنجِ هذه البلاد الطاهرة من أمثال سمرقند وبخارى وطشقند ووادي فرغانه وغيرها من بطش هؤلاء الأنجاس الظالمين، وانصر أهلها من المسلمين المتقين المغلوبـين على أمرهم، واطرد عنها الفساق والفجار وأهل الدعارة والمجون الذين يمرحون ويسرحون تحت حماية وتأييد هذه الحكومة الإجرامية الفاجرة، اللهم استجب دعوات المظلومين كما وعدتنا يا رب العالمين. آمين آمين آمين.