مقدمة ملف الاستفتاء

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن منصب الإفتاء منصب خطير فهو منصب تولاه الله تعالى بنفسه، قال تعالى: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ) (النساء: من الآية127).
والمفتي يقوم بعمل الأنبياء، فالله تعالى قال عن نبيه: (إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ) (هود: من الآية12).

والفتوى فرض كفاية على الأمة، إذا قام بها بعض الناس سقطت عن البعض، وفي العصر الحديث أصبحت الفتيا لها أبعاد وإشكالات كثيرة لتشابك الأحداث وسرعة التطور والتقدم التقني في مجالات عديدة ومنها التقدم في المجال الإعلامي وتنوع وسائل الاتصال الحديثة وقد كان لهذه التقنية الحديثة جوانب إيجابية كثيرة وأخرى سلبية.

ومن جوانبها الإيجابية ولا شك توظيف هذا الإعلام في الخدمة العلم الشرعي بأسلوب الإفتاء أو غير ذلك، حيث أصبح المرء يستطيع أن يصل إلى العلم بكل يسر وسهولة سواء في بيته أو السيارة في جميع بلاد العالم، وهذا بخلاف ما كان عليه الحال في أزمنة سابقة حيث كان المستفتي يرحل – أحياناً – من أجل مسألة، كما ذكر ذلك الخطيب البغدادي (ت 462هـ) في الفقيه والمتفقه (2/375) حيث قال: "أول ما يلزم المستفتي إذا نزلت به نازلة أن يطلب المفتي ليسأله عن حكم نازلته فإن لم يكن في محله وجب عليه أن يمضي إلى الموضع الذي يجده فيه فإن لم يكن ببلده لزمه الرحيل إليه وإن بعدت داره فقد رحل غير واحد من السلف في مسألة".

ولأهمية هذا الموضوع كان فقه الاستفتاء من أهم المواضيع التي يجب على الناس إدراكها وخاصة المرتبطين بالعلم الشرعي لأن الاستفتاء الآن أصبح يحكمه عدة عوامل تجعل الفتوى وتطبيقها على الواقع في أقطار شتى واختلاف المفتين وبرامج الإفتاء مواضيع مهمة لا بد من الإحاطة بها والاهتمام بها ولذلك أراد الركن العلمي في موقع (المسلم) وضع اليد على بعض الجوانب المهمة ومحاولة جمع ذلك في ملف فقه الاستفتاء وشمل الملف البحوث والدراسات والمقالات والحوارات وبعض الفتاوى المتعلقة بهذا الملف وكذا الصوتيات والمراجع.

ويجب أن نعلم أن الاستفتاء له فقه سواء من المستفتي أو المفتي، وهو ما حاولنا إبرازه لعلّه يساهم في زيادة الوعي وتبصير الناس بهذا الأمر ومحاولة معالجة ظاهرة برامج الإفتاء وإبراز الإيجابي منها والسلبي واختلاف المفتين وموقف العامة من ذلك وفتاوى الأقليات وغير ذلك من المواضيع المهمة التي حرصنا من خلال ملف فقه الاستفتاء معالجتها والمساهمة في حلها.
ونسأل الله الكريم أن يتقبل منا ومنكم الأعمال ويصلح الأحوال.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،



اللجنة العلمية