تجربة حملة بر الوالدين:عرض وتقييم

بداية نرحب بالأستاذ ياسر الحمد صاحب فكرة الحملة الناجحة لبر الوالدين في منطقة الرياض، ونريد في البداية أن نعرف الأسباب الدافعة إلى فكرة برنامج بر الوالدين؟
بادئ ذي بدء أشكر الإخوة في موقع (المسلم) على إتاحتهم لهذه الفرصة لإثراء البرنامج والقيام بتأمينه ومشاركتهم لي في إثراء برنامج حملة بر الوالدين التي قمنا بها، أما بالنسبة لحملة بر الوالدين فقد كانت في ذهني منذ مدة، فقد منّ الله عليّ بوالدين كبيرين في السن فكنت أعلم أنهم من نعم الله _عز وجل_ علي.
أما الذي دفعني إلى تلك التجربة فهي عدة أسباب منها كتاب للدكتور صالح العايد في كتابه (يظل الرجل طفلاً حتى تموت أمه) فعند قراءتي لهذا الكتاب أثّر في تأثيراً كبيراً جداً، وهو أنه عن نتيجة الإخلاص والبر بأمه وأبيه جميعاً، منذ هذه الحملة اقترح عليّ أحد الإخوة أن نقوم بحملة على مستوى منطقة الرياض تكون مختصة بهذا البرنامج، بدأت بإعداد الخطة فقط، لكن لم أبدأ بإعداد البرامج الفعلية, كانت مقتصرة على المحاضرات فقط, ثم بدأنا في ترتيب البرامج المصاحبة لها، بدأت الفكرة، ويسر الله لي أن تفرغت للحملة وبدأت تطبيقها في أحد مدارس منطقة شمال الرياض، ثم بدأ العمل فتذللت لي كثير من الصعاب من ناحية التكلفة المالية.

لكن لماذا بالتحديد موضوع بر الوالدين؟
ذلك لعدة اعتبارات أولها: أني لم أجد موضوعاً يتفق عليه الجميع مثل هذا الموضوع، فجميع الطوائف وجميع التيارات كلها تتفق على بر الوالدين، فهذا مما دعاني القيام بهذا الموضوع, الشيء الآخر: الحاجة الداعية له في المجتمع عندنا هنا، وجدت أثر بر الوالدين حتى على الأمن في المجتمع، حتى على الأمن سبحان الله! عندما يبر الابن بوالديه ينتقل أثره على المجتمع مباشرة، تستقيم أمور الحياة، تنقلب أمور الحياة إلى الأفضل انقلاباً كبيراً, الأمر الثالث: أنه عندما يقرأ الإنسان الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في هذا الموضوع يرتاح جداً لهذا الموضوع, الرابع: أنني وجدت تذليل الصعاب والعون من الآخرين, خامساً: كان مناسبة الموضوع أيام الهجمات الإرهابية فلم أجد أي موضوع مناسب غير هذا الموضوع بالنسبة لي خصوصاً الشريحة المستهدفة كانت عندي مهيأة للعمل في هذا المجال.

قبل بداية البرنامج. . ألم تكن هناك فكرة بالاستفادة من تجارب المهتمين بالقضايا التربوية؟
فعلاً قبل بداية البرنامج أولاً:قمنا بالتركيز على الموضوع ومدى مناسبته فتم استفتاء الشباب والقيام بجولات عامه في الغالب كانت في المدارس. وثانياً زرت وعرضت الفكرة على مجموعة من المتخصصين , كان على رأسهم الدكتور صالح العايد، الذي شد من أزري، وطرحت عليه فكرة البرنامج وتشجع لهذه الفكرة كلها لدرجة أنه قال لي: أي أمور مالية فهي عنده، واستشرت كثيراً منهم الدكتور حمد الماجد، و الدكتور عبدالرحمن اللويحق، والشيخ محمد الدويش، والشيخ سليمان الزكري (المشرف العام على مدارس الفرسان)، ومنهم مختصون تربويون أعانوني على القيام بهذه التجربة.

ما الشريحة المستهدفة؟ وهل كان البرنامج خاصاً بهذه الشريحة فقط؟
كانت الشريحة التي أعمل معها شريحة المرحلة الثانوية من البنين كنت أخوض هذه التجربة معهم، فطبقت التجربة معهم، وجربت بعضهم في الفعاليات المصاحبة لهذه المرحلة.

هل هناك عقبات واجهتكم في بداية الحملة؟
أما بالنسبة للعمل تعودت عليه، ولا يخلو عمل من عقبات، وعندي قناعة أنه لا توجد مشكلة إلا ولها حل، والإنسان دائماً ينبغي أن يكون متفائلاً في كل شيء، لم أكن أتوقع أن يكون البرنامج بهذه الصورة والحجم، رغم زحمة الأعمال، كنا نعاني من مثلاً عدم ضبط بعض الأمور ضبطاً جيداً مناسباً مثلاً: ما كنا نتوقع التوفير المالي للحملة، لكن تتيسر من حيث لا تشعر، قد تعوقنا بعض الأشياء المالية، لكن الحمد لله تيسرت كثيراً فلم يكن هناك معوقات كثيرة تذكر، فكانت الأمور _بحمد لله_ ميسرة بفضل الله _عز وجل_ ثم بفضل الإخوة الذين يعملون فيها وحماسهم الشديد لها.
وأخص منهم: أ/ محمدالفهيد، وأ/ عبدالرحمن المطيري، وغيرهم من الذين بصماتهم وجهودهم عليها لا تزال.

ما مدى قبول الطلاب -الشريحة المستهدفة- لهذه الفكرة؟
هذه نتيجة معاناة يعايشها كثير من الطلاب، وكنت إذا طرحت فكرة برنامج بر الوالدين يقال: مطروح كثيراً، لكن عندما تأتي بأشياء عملية وتطرح بأسلوب جديد وجذاب، هنا ينبع نجاح الفكرة وإلا فالموضوع مطروح يعرفونه ويدرسه الطلاب, أما أن تأتي ببرامج جيدة متميزة وفيها إبداع وفيها حركة وفيها مشاركة فهنا تظهر النتائج.

هل كان هناك برامج تجعل الطالب بدلاً من أن يأخذ المادة نظريا يأخذها كمادة عملية تطبيقية؟
في بداية البرنامج كانت هناك جهة مشرفة عليه، لكني لم أغفل جانب مشاركة الأبناء فيه، وكونت اللجان وكان من هدفي أن يعمل فيها الطلاب وكنت كجهة إشرافية فقط، هم الذين اقترحوا الأفكار، هم الذين طبقوا، هم الذين أشرفوا على البرنامج، يعني هذه الأفكار نتيجة كثير منهم، لما ترى مثلاً (البنرات) أو الإعلانات فأنا غير متخصص في التصميم أو شيء، لكن هي نتيجة إبداعاتهم وهم يعيشونها.

هل يمكن أن تعرض بعض اللجان وأعمال كل لجنة باختصار؟
كما ذكرت سابقاً فقد كان هناك مشاركة للأبناء وفي طبيعة الحال فقد تم تقسيمهم لعدة لجان ليسهل العمل والإشراف على العمل، فكانت هناك لجنة إعلامية ولجنة ثقافية ولجنة للتنسيق والمتابعة كذلك لجنة للمالية والجوائز بالإضافة إلى لجنة للمعرض والحفل الختامي للحملة وكل لها اختصاصها، فاللجنة الإعلامية كانت مهامها إبراز الجانب الإعلامي للحملة كنا نعلن عنها قبل مدة من الزمن وهناك استعدادات للحملة وبرامجها وفعالياتها وما سيكون فيها، كما تقوم اللجنة الإعلامية بالإخبار عن الفعاليات اليومية عن طريق رسائل الجوال حتى أننا كنا نرسل لجوال الأب والأم، كما كان من مهامها تفعيل اللوحات الحائطية في المدرسة.

وكان من ضمن اللجان اللجنة الثقافية وكانت مهتمة بالبرامج الثقافية كبرنامج(الاستشارات الهاتفية)، والذي حوى نخبة من المختصين في هذا الجانب، دعت الحاجة لبرنامج الاستشارات الهاتفية عندما يسأل الشاب مثلاً زميله قد يسأله في سؤال لكن قد لا يجيب له إجابة صحيح، كان هدفي في البرنامج هذا أن الطالب أو الشاب يأخذ راحته مع المختصين بدون أن يذكر اسمه أو أي شيء، وكان _بحمد لله_ له نتائج مثمرة في هذا الجانب، هذا بخصوص الاستشارات الهاتفية، كذلك كان هناك برنامج للمسابقات في هذا المجال -بر الوالدين- كبرنامج أفضل رسالة وأفضل قصة كذلك كنا نضع صور معبرة تتكلم عن المشكلة ونطلب من الطلاب التعبير عنها بعدد من الكلمات، أيضاً استضفنا عدد من المشايخ والدعاة للتحدث عن هذا الموضوع، فاستضفنا مثلاً: الشيخ صالح السدلان، والشيخ إبراهيم الطلحة، كذلك طلبنا من المعلمين الحديث عن برالوالدين في إحدى الحصص.

أما بالنسبة للجنة التنسيق والمتابعة ونهتم فيها بالزيارات الخارجية، يعني فقط كان الهدف منها زيارات أبوية لمجموعة من الكبار المؤثرين زرنا مثلاً (سماحة مفتي عام المملكة)الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، زرنا الشيخ صالح بن حميد، وزرنا كذلك الدكتور عبدالمحسن التركي (الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي)، زرنا (مدير جامعة الملك سعود) الدكتور عبد الله الفيصل، زرنا مثلاً أحد أولياء الأمور في منزله، كان هذا من ضمن الفعاليات المصاحبة لها، فيه مثلاً من ضمن الزيارات كذلك الزيارات المصاحبة لتفعيل البرنامج مثلاً زيارات دار المسنين، وزيارات المستشفيات لتفقد كبار السن وإهداؤهم، كذلك كانت هناك زيارات لمؤسسة إنسان لرعاية الأيتام.

أما اللجنة المالية توفير الجوائز المرجع المالي لجميع اللجان، كذلك بيع وتوزيع وتوفير هدية الوالدين رأينا لها أثراً عجيباً، من خلال ما شاهدته ومارسته في الحملة، وكان الطلاب هم المسؤولون عن اختيار الهدايا وشرائها ويمكن في الهدايا أن تصنعها أنت بنفسك، وبعض الطلاب أو بعض الناس تجده يعيش مدة ما أهدى أمه ولا أباه أي هدية، وفكنا نفهمهم أن الهدية هدفها معنوي، حتى إن أحدهم جاءنى وقال: أنا أهديت أمي، وأمي تريد أن تهدي لوالدتها، هذا نفع متعدٍ ما كنا نتوقعه، هذا الذي ظهر أمامنا غير الأشياء التي لم تظهر أمامنا، هذا من جهة ثانية.

أما بالنسبة للجنة المعرض والحفل الختامي فهي على مسمها، فاهتمامها منصب على المعرض المصاحب للحملة حيث تم فيه عرض لوحات توعوية وعرض كتب وأشرطة تتكلم عن هذا الموضوع، كذلك أشرفت على الحفل الختامي للحملة وقد وزع فيه الجوائز على الفائزين وتكريم الداعمين والمشاركين في الحملة.
هذا باختصار شديد اللجان ومهامها وبرامجها.

هل يمكن تطبيق هذه التجربة – من وجهة نظرك - على شريحة أخرى؟
بعد خوض التجربة وتطبيقها تبين أنها تناسب جميع المراحل حتى التمهيدي وللبنين والبنات، لكني خصصت تجربتها مع البنين وقد أُخذت التجربة الآن وطُبقت في المرحلة الجامعية في بعض الجامعات في المملكة، وطبقت كذلك حسب معلوماتي في بعض المؤسسات التربوية في بعض المراكز الصيفية.

هل يمكن حصر النتائج؟
أما بعض نتائج الحملة مما ظهر لنا وما خفي أعظم، أولاً: تغير سلوك كثير من الشباب، الذين شاركوا في الحملة إلى إعادة النظر في التعامل مع والديهم وكبار السن، و تغيرت حتى صور عن البر بالآباء، بعضهم ما كان يشعر بعظم البر، نتيجة، تغير السلوك كان ظاهر نتيجة عدم معرفتهم بعظم الأجر الدنيوي والأخروي، بعض الطلاب قد تجدهم مثلاً مشاغبين أو كثيري الحركة، لكن عندما ينغرس في الحملة وتفعله فيها وتسأله فيها قد ينجز لك أشياء كثيرة، وأيضا ارتفاع إيمان كثير من الطلاب، وتعلقهم بالله نتيجة الحملة، هذا جزء من الأشياء التي واجهتنا في الحملة، حتى كثير من الشباب أعاد النظر في قضية بره بوالديه أعاد النظر في علاقته بوالديه، يعني بعضهم مثلاً كان لا يلقي لهم بالاً لا يسلم عليهم، لكن بعد الحملة تغير كثيراً _ولله الحمد_.

بعد انتهاء البرنامج وهذه التجربة، هل استجد شيء جديد وكان فيه تطويرات للبرنامج؟ وهل ستطبق التجربة في سنة قادمة على نفس الشريحة أو تطبق في مكان آخر هل هناك برامج تطويرية ستدخل على فكرة البرنامج؟
والله يا أخي الكريم فيه مقترحات كثيرة تفي للبرنامج وبعضها لا تخرج إلا حسب الشريحة المستهدفة أو بحسب المنطقة أو المكان، مثلا تقيمها في مدرسة بخلاف تقيمها في حي، أو في مجتمع نسائي أو مجتمع رجالي، و تقيمها في مستوى عائلي غير مستوى المناطق أو كذا، والآن هي تناسب جميع الشرائح، واقتنعت قناعة بمدى أهميتها ومناسبتها لجميع شرائح المجتمع سواء أطفال أو كبار، الجنسين البنين والبنات، في الحقيقة أتمنى أن يستفيد منها الجميع وهناك الكثير والكثير من الأفكار العلمية والعملية الإبداعية والمتميزة في هذا المجال

بعد نهاية البرنامج وبعد اطلاع الأشخاص على هذا البرنامج، ما النصائح التي تقدمها لمن يريد تطبيق هذا البرنامج على شريحة من الشرائح؟
من يريد أن يقدم هذا البرنامج يكون أولاً قويا بالله _عز وجل_ ويطرحها بقوة، ويثبت جدارته فيها بطرح أفكار جديدة ومقترحات جديدة وتطبق بكل قوة وكل جرأة، أنا أتمنى أن يطبق البرنامج ليس على مستوى فقط مدرسة أو عائلة أو كذا، أنا أتمنى أن يكون على مستوى دول وتكون هناك حملات على مستوى دول فعلاً ولو كان هناك إعلام متميز لأثبت النجاح بكل قوة، وحسب معلوماتي أنه أقيمت حملة الآن عن بر الوالدين في الكويت وكان لها مردود صدى قوي ومازلت أبحث عن نتائجها. والله ولي التوفيق.

في ختام هذا اللقاء نشكر الأستاذ ياسر الحمد على إجراء هذه المقابلة.

للتواصل مع أ/ ياسر الحمد البريد الإلكتروني: oamer123@hotmail. com y_123@gawab. com جوال/ 0503466433
للمزيد من الاطلاع على التجربة يرجى الضغط على الرابط التالي: لحفظ الملف إلى جهازك اضغط بالزر الأيمن ثم اختر حفظ الهدف باسم