بين النبي والقرآن
7 محرم 1427

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
لما تنقص بعض أهل الجهل النبي _صلى الله عليه وسلم_ ثارت ثائرة المسلمين، ولعله من أعظم مظاهر اتفاقهم اتفاق كلمتهم على إنكار تلك الجريمة التي تتعدى حدود الحريات لتدخل ضمن نطاق التعدي على الرسل _صلوات الله وسلامه عليهم_ وتبعاً لهم أتباعهم، وردة الفعل تجاه هذا الحدث تدل على أن الأمة لا تزال بخير، وأن اتفاقها على القضايا الكبرى جدير بأن يسعى إليه ويؤمل.

ولعل مما لفت أنظار البعض هو أن العالم الإسلامي لم يتحرك يوم امتهن بعضهم القرآن تحركه لنصرة نبيه _عليه الصلاة والسلام_، وقد سألني بعضهم أيهما أعظم حرمة وأجدر بالانتصار المصحف، أم النبي _صلى الله عليه وسلم_.

ولا شك أن كلاً منهما حرمته عظيمة، ومكانته رفيعة، فمن تنقص النبي _صلى الله عليه وسلم_ وطعن فيه فقد تنقص مرسله عز وجل، ومن تنقص المصحف أو امتهنه فقد تنقص من تكلم به سبحانه وتعالى، إلاّ أن النبي الكريم _صلى الله عليه وسلم_ تتعلق بتنقصه حقوق، لا تتعلق بامتهان المصحف.

فسابه _عليه الصلاة والسلام_ يقتل ولا تقبل له توبة إن كان مسلماً وفي ترك قتل من سبه ثم أسلم من الكفار خلاف.
فهذا سبب من أسباب تعظيم المسلمين لحدث استهزاء الصحيفة الدنماركية بالنبي الكرم _صلى الله عليه وسلم_.

ومن الأسباب كذلك هو أن من امتهنوا المصحف ثلة أنكرت دولهم الحدث، وتبرأت منه، ووصفته بأنه فردي، بخلاف حكومة الدنمارك التي تعجرف رئيسها ورفض لقاء السفراء الذين طلب لقاءهم رغماً عنه بعد، وزعم أن صنيع الصحيفة يسعه مجال الحريات.
كما أن من امتهنوا المصحف دعا كثير من الناس أنفاً لمقاطعتهم فالدعوة إليها تحصيل حاصل.

وعلى كل حال فإن تنقص الرسول الكريم _صلى الله عليه وسلم_ والسخرية منه، جرم عظيم، فالطعن في النبي طعن في القرآن الذي بلغه، وطعن في الله الذي أرسله، وطعن في أصحابه ومن تابعه.
وهذا ما كان ينبغي أن تتفطن إليه الحكومة الدنماركية قبل أن تقف موقف الباطل مسوغة له مدافعة عنه.

هذا والله أسأل أن ينتصر لرسوله ولكتابه، وأن يشف صدور قوم مؤمنين، وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.