من آثار العولمة على العقيدة
27 شوال 1424

آثار العولمة الثقافية: الآثار العقدية
1- خلخلة عقيدة المسلمين، والتشكيك فيها:
وذلك عبر وسائل وأساليب متعددة مباشرة وغير مباشرة، وإذا ضاعت العقيدة، وفقد المسلم ركناً ركيناً يجنح إليه إذا تشعبت الأمور، فكيف تكون حاله؟ إن فيما نشهده من نسبة ارتفاع وفيات الانتحار في العالم الغربي مقارنة بالعالم الإسلامي، جواباً على هذا السؤال.



وقف الكون حائراً أين يمضي
ولماذا وكيف لو تشاء يمضي

عبث ضائع وجهد غبين

ومصير مقنع ليس يرضي

2- إضعاف عقيدة الولاء والبراء، والحب والبغض في الله:
إن استمرار مشاهدة الحياة الغربية، وإبراز زعماء الشرق والغرب داخل بيوتناً، والاستمرار في عرض التمثيليات والمسلسلات، والاستماع إلى الإذاعات، والأشكال الأخرى لاستيراد الثقافات سيخفف ويضعف من البغض لأعداء الله، ويكسر الحاجز الشعوري، فمع كثرة الإمساس يقل الإحساس، والله _جل وعلا_ يقول: "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" (1)الآية.
3- تقليد النصارى في عقيدتهم:
وذلك باكتساب كثير من عاداتهم المحرمة التي تقدح في عقيدة المسلم كالانحناء، ولبس القلائد والصلبان، وإقامة الأعياد العامة والخاصة، وقد رأينا القصات العالمية، وأشهر (الموضات)، إلى غير ذلك من صنوف التشبه المحرمة "ومن تشبه بقوم فهو منهم" (2).
4- نشر الكفر والإلحاد، حيث إن كثيراً من شعوب تلك الدول لا يؤمنون بدين، ولا يعترفون بعقيدة سماوية، فلا حرج عندهم إذا نشروا أفلاماً تدعو بطريقة أو بأخرى لتعلم السحر، ومن أمثلتها أفلام السحر التي يقحمونها ببعض الألعاب القتالية، وهي منتشرة.
5- ومن أخطر الآثار العقدية الدعوة إلى النصرانية فالعولمة الغربية تتيح للتيارات الفكرية الموجودة بها نشر أفكارها، عن طريق الاستفادة من تقنياتها، فبينما تطحن العولمة الاقتصادية الشعوب الفقيرة يوجد أسطول طائرات يضم أكثر من 360 طائرة في أمريكا وحدها توزع بها الكنائس الإعانات على الفقراء، ومع الدعوة للانفتاح الإعلامي، وبينما لايتجاوز عدد الإذاعات الإسلامية أصابع اليدين يربو عدد الإذاعات والتلفزيونات التنصيرية عن 4050 إذاعة، وهذا أيضاً في أمريكا وحدها وفقاً لإحصائيات (دافيد بار) خبير العمل الإحصائي في الولايات المتحدة، ووفقاً لإحصائيات عام 1992م فيوجد بالعالم 24900 مجلة تنصيرية، وعلى الصعيد السياسي يجد المتأمل أن التيارات الأصولية لها أثرها البين على السياسة الأمريكية وبالأخص اليمين المسيحي، والذي من أبرز رجالاته (بات روبرتسون)، و (جيري فلويل)، و(جيري فيناز)، و(فرانكلين جرهام) صاحب الحملة (الإغاثية!) إبان غزو العراق.
وقديماً استرعى الانتباه المشروع التنصيري الذي يستعد الفاتيكان فيه لبناء محطة تلفزيونية كبيرة، للبث في كافة أنحاء العالم للتبشير بتعاليم الإنجيل بواسطة ثلاثة أقمار اصطناعية تسمى بمشروع نومين(3) (2000) مع العلم أن القمر الواحد يغطي ثلث مساحة الكرة الارضية.
كما عقد قديماً في هولندا اجتماع عالمي للتنصير حضره (8194) منصر، من أكثر من مائة دولة، وكلف (21) مليون دولار، برئاسة المنصر جراهام، وقد تحمل نفقات هذا المؤتمر منظمة سامرتيان برس، وهدف المؤتمر دراسة كيفية الإفادة من البث المباشر في التنصير(4).
ويقول الدكتور: عمر المالكي: "والأمر الملفت للنظر وجود شبكة للبرامج الدينية التي تشرف عليها الكنائس، مثل: شبكة البث المسيحي(5) NBN وشبكة CBN والشبكة الأخرى يصل بثها إلى أكثر من سبعة عشر مليون عائلة عن طريق الكابلي VATC وبرامجها على مدار الساعة تقدم عن طريق القمر الصناعي SATC3 وتوجد عدة قنوات للبث الديني، واحدة منها للبث الديني اليهودي، ومن المقرر بنهاية 1990 م أن يصل عدد الكنائس الموصلة بشبكات البث الخاص عن طريق الأقمار الصناعية إلى عدة آلاف"(6).
هذه بعض آثار وأخطار العولمة الثقافية على عقيدة المسلمين ودينهم، وقد لا تبدو تلك الآثار سريعة، ولكن مع الزمن والتكرار يحدث الأثر.



1 سورة المجادلة آية: 22.
2 حديث ابن عمر رواه ابن أبي شيبة 6/471، ومن طريقه أبوداود في سننه 4/44 برقم (4031)، ورواه الإمام أحمد 2/50، وله شواهد مرسلة، وقد حسنه ابن حجر في (الفتح 10/271)، وفيه عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان والأقرب أنه حسن الحديث.
3 (الحاجة إلى تنسيق وتكامل إعلامي) حمود البدر ص 19.
4 مجلة رابطة العالم الإسلامي (290).
5 الصحيح أن يقول: النصراني؛ لأن هذا هو الاسم الصحيح لهم في القرآن الكريم.
6 مجلة البيان عدد (34).