د. باحارث " للمسلم " : يجب أن يكون هناك اختلاف بين منهج تربية المرأة والرجل

تمر الأسرة المسلمة في البقاع المختلفة بأوقات عصيبة تفتقد فيها بوصلتها المنهجية التربوية في تربية أبنائها وحسن تنشئتهم على وجه إسلامي صائب , ويحتاج المربي دوما لتوجيهات ونصائح المتخصصين في المجالات التربوية المختلفة يصوب بها آداءه ويوجه بها خطواته  , وقد كان لموقع " المسلم " هذا الحوار مع الدكتور عدنان باحارث رئيس قسم الإشراف الاجتماعي بجامعة أم القرى وعضو هيئة التدريس بكلية المعلمين , وعضو اللجنة العلمية في الهيئة الإسلامية العالمية للتعليم برابطةالعالمالإسلامي , تحدث فيه حول بعض أهم التساؤلات الخاصة بالتربية الوالدية للفتاة ودور الوالدين وعقبات الآداء التربوي الأسري :
 
 
 
المسلم :  في خضم زحمة الحياة والاهتمامات المتغايرة والمختلفة قد يحتاج الكثيرون إلى بيان أسباب اهتمام قطاع من الدعاة بالتربية والمناداة كثيرا بتطبيقها فكيف ترى أهمية التربية ومدى ما يجب أن يكون من السعي بالتمسك بها ؟
 
هذا سؤال مهم جداً في بناء الإنسان، فالشخصية الإنسانية متعددة الجوانب، يحتاج كل جانب منها إلى تربية ؛ بمعنى الزيادة والنماء، فالجانب الإيماني من شخصية الإنسان يحتاج إلى تربية حتى يبلغ المنزلة التي قدَّرها الله له، وكذلك الجانب: الأخلاقي، والنفسي، والجسمي، والعقلي...، فلابد لكل جانب من هذه الجوانب في الشخصية الإنسانية أن يلقى حقَّه الكافي من الرعاية التربوية حتى يبلغ الدرجة التي قدرها الله تعالى له؛ بحيث يكون عند المسلم الحد الأدنى على الأقل من كل جوانب الشخصية، وما زاد على ذلك فهو فضل ونفل؛ فأصول الدين، وأساسيات المعتقد التي يكون بها المسلم مسلماً: لابد من توافرها في الشخص حتى يُوصف بأن عنده الحد الأدنى من التربية الإيمانية، وما زاد على ذلك من المعرفة العقدية، والمراتب الإيمانية فهو فضل وأجر يُثاب عليه.
        وكذلك يُقال في التربية الأخلاقية، لابد من توافر الحد الأدنى من الأخلاق في شخصية المسلم، وما زاد على ذلك فهو فضل ونفل، ويمكن تحديد درجة الحد الأدنى من الأخلاق بكفِّ الشر عن الآخرين.
        وكذلك الأمر في الجانب الجسمي؛ إذ لابد للمسلم من تربية جسمية تنمي قواه البدنية حتى يتمكن من القيام بفروض العبادات، وتأدية الواجبات، والاستجابة لنداء الجهاد عند الحاجة.
        وعلى هذا المفهوم تُقاس باقي الجوانب، فلو نظرنا في سيرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لوجدناهم- في الجملة- ضمن المساحة الشرعية بين الحد الأعلى والأدنى من جوانب الشخصية، فهذا أبو بكر رضي الله عنه قد بلغ في التربية الإيمانية مرتبة عالية لا يدركه أحد من الصحابة رضوان الله عليهم، في حين لم يبلغ في التربية الجسمية شيئاً كثيراً ، إلا إنه- مع ذلك- يملك الحد الأدنى من القوى البدنية التي مكَّنته من القيام بالعبادة، والجهاد، والكسب، في حين لو نظرنا إلى شخصية الصحابي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه؛ فإنه لم يبلغ في الإيمان درجة أبي بكر رضي الله عنه ومع ذلك ملك درجة من الإيمان ضمن المساحة بين الحدين الأعلى والأدنى، إلا أنه قد بلغ في التربية الجسمية حدّاً يستحيل على أبي بكر رضي الله عنه بلوغه، فقد خاض على قدميه معركة قتالية وحده حتى النصر في غزوة ذي قرد، حتى قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((اليوم كلُّه لسلمة))، وكان سريع العدو، حتى ربما سبق الخيل.
        ومما تقدم يُفهم أن الشخصية الإنسانية متشعبة الجوانب، فلابد لكل جانب من جوانب الشخصية أن يلقى حقه من الرعاية التربوية، وبقدر ما يقصِّر منهج التربية في الإعداد التربوي الشامل للشخصية الإنسانية: فإنه ينقص من بناء هذه الشخصية بقدر ذلك، فالطفل يحتاج إلى منهج تربوي متكامل، يراعي جوانب شخصيته المتعددة فينميها ليبلغ كل جانب من جوانب شخصيته القدر الذي قدره الله تعالى له.
 
المسلم :  ما هي برأيك أهم المشكلات والمعوقات التي تحد من فعالية التربية الأسرية، وهل هي محصورة في: الجهل، والتخلف، والفقر، والأمية التي ما تزال تتغلغل في مجتمعاتنا العربية والإسلامية أم أن هناك مشكلات ومعوقات أخرى؟
لاشك أن: الجهل، والتخلف، والفقر، والأمية تعيق دور الأسرة التربوي، وتضعف من تأثيرها في النشء، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه: هل قامت الأسرة بدورها التربوي في المجتمعات التي نجت - إلى حد ما- من أزمات: الجهل، والتخلف، والفقر، والأمية ؟
        إن الأزمة الداخلية في تقصير الوالدين في التربية الصحيحة أكبر من الأزمات الاقتصادية الخارجية التي تعيق برامج التنمية ؛ فعلى الرغم من ظروف الصحابة رضي الله عنهم الصعبة والخانقة- لاسيما في أول الإسلام- فقد نجحت الأسرة في القيام بواجباتها التربوية خير قيام، وكانت ثمارها متفوقة في غاية النجاح.
        ولقد نجحت اليوم أسر كثيرة في تحقيق درجات عالية من التفوق التربوي رغم قسوة ظروفها المعيشية، وانخفاض درجة الوالدين العلمية، وفي الجانب الآخر أخفقت أسر أخرى في التربية وهي تحيا في بحبوحة من العيش، مع درجات عالية من المراتب العلمية.
        إن الأسرة المسلمة لا تسمى مؤسسة تربوية بحق إلا حين تتحقق فيها أربعة شروط:
الأول: اختيار الزوجين على مبدأ الدين وحسن الخلق.
الثاني: رغبة الزوجين الأكيدة في التناسل والتكاثر.
الثالث: تبادل الحقوق والواجبات بين الزوجين.
الرابع: المعرفة بالتربية الإسلامية والعمل بها.
        إذا تحققت هذه الشروط في الأسرة تأهّلت لتولي المهمة التربوية ، إلا أن الناظر في الواقع الاجتماعي يجد ضعفاً شديداً في العمل بهذه الشروط، ومع ذلك يأمل المفرِّطون في نجاحهم في التربية !! رغم أن بعض الأسر التي تحققت فيها هذه الشروط ربما تخلَّف فيها ناتج التربية لوجود متغيرات اجتماعية أخرى حالت دون بلوغ الأسرة مقصودها، فكيف بالأسر المفرطة ؟
        ومع ذلك يبقى لكل قاعدة شواذ، فقد وُجد في الواقع الاجتماعي عينات إسلامية متفوقة كانت نتاج أسر مفرّطة، كما وُجدت عينات أخرى مخفقة كانت من نتاج أسر صالحة، إلا أن هذا الشذوذ لا يطعن في صحة القاعدة التربوية المستنبطة من قوله تعالى: ] وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِوَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً[ [الأعراف: 58].
 
 
 
المسلم :  كيف ترى مسئولية الأب ودوره الإيجابي وكيف نستطيع تصوره تطبيقيا ؟
هذا سؤال واسع وكبير، و يمكن أن ألخّص دور الأب في ( القدوة الصالحة ) ، بمعنى أن يكون سلوكه ترجمة صحيحة لمفاهيم الإسلام، لاسيما الواجبات والفروض، بحيث يجد الطفل في والده الأنموذج الإسلامي الذي يقتدي به، فلا يحتاج الأب- لإيصال رسالته التربوية- إلى كثير كلام فسلوكه يغني عن بيانه.
        ولا يعني هذا التقليل من أساليب التربية الإسلامية الأخرى، كالوعظ، والقصة، وضرب المثال... ونحوها، ولكن التربية بالقدوة تفوق غيرها من الأساليب، وربما تُغني عنها في بعض الأحيان ؛ إذ إن ما تبنيه القدوة وحدها في نفس وعقل ووجدان الطفل من القواعد الراسخة المتينة: يفوق ما تبنيه الأساليب الأخرى مجتمعة ، وقد ذكر ابن الجوزي كيف كان يتأثّر في طفولته بسلوك بعض مشايخه العارفين أكثر من تأثره بكلام آخرين وعظهم.
 
المسلم :  عطفا على السؤال السابق ..فإننا نرى تراجعا واضحا في دور الوالدين كليهما وقد يغفل كثيرون عن هذا الدور فلو سلطت لنا الضوء على أهم ما ينبغي الاهتمام به تجاه ذلك .
الوالدان هما وكلاء المجتمع في نقل المعايير الأخلاقية والعقدية للطفل؛ فإن الطفل يبدأ حياته الأسرية الأولى ساذجاً ومهيَّأ لتقبل ما يُلقي إليه من المفاهيم والسلوكيات، سواء ما كان منها بصورة مباشرة أو بالإيحاء، فالطفل في سنوات طفولته يلتقط كثيراً مما يدور حوله في الأسرة، ويتأثر به سلباً وإيجاباً، سواء قصد الوالدان ذلك أو لم يقصداه، فالأطفال الصغار- لاسيما في سن التمييز- يستوعبون ما يجري حولهم من المفاهيم والسلوكيات أكثر بكثير مما نظن، بل إنهم- في كثير من الأحيان- يستطيعون أن يقوِّموا سلوك الوالدين ويحكموا عليه في ضوء ما تعلموه واستوعبوه من معايير المجتمع، ومن هنا كان دورهما في غاية الأهمية والحيوية في البناء الأولي للطفل، وهو القاعدة الأساس لما بعده من أدوار المؤسسات الاجتماعية الأخرى كالمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام ونحوها.
 
المسلم : في ظل المتغيرات العصرية المختلفة ما هي في تصوركم أهم العقبات التي تحول دون تحقيق التربية الإسلامية الصحيحة؟
العقبات في هذا العصر كثيرة، وبعضها أشد من بعض، إلا أني يمكن أن أوجزها في عقبتين، هما في تصوّري- الأهم، والأكثر ضرراً على التربية:
 
العقبة الأولى: ضعف، أو اختلال، أو ربما فقدان البيئة الاجتماعية الصالحة، التي ينشأ فيها الطفل نشأة تربوية إسلامية، يعيش فيها التطبيق الواقعي لمقتضيات الإسلام- اعتقاداً وعملاً- بحيث يتشرب المفاهيم الدينية، والأخلاق السلوكية من كل مؤسسات المجتمع ومرافق الحياة من حوله، فتُسهم البيئة الاجتماعية الصالحة، ومؤسساتها المختلفة في بناء شخصيته الإسلامية، إلا أن الواقع الاجتماعي المعاصر يسير في غير هذا الاتجاه، بل ربما يعارضه في كثير من الأحيان، فيهدم في شخصية الطفل ما قد يبنيه الأب، أو المعلم، أو الواعظ.
 
        وأما العقبة الثانية: فتتمثل في الأدوار التربوية السلبية لوسائل الإعلام المختلفة، لاسيما بعد الانفتاح الإعلامي الكبير الذي يعيشه العالم، ضمن مفهوم العولمة الثقافية، التي أخذت تشكِّل الإنسان المعاصر- أياً كان في هذا العالم- ضمن قوالب ثقافية واحدة، تصهر الناس جميعاً في نمط ثقافي مشترك، يتعارض - في غالب كلياته وجزئياته- بصورة صارخة مع الوجهة الإسلامية، حتى غدا التعرض لهذه الوسائل الإعلامية دون ضوابط كفيل بمسخ الشخصية الإنسانية، وهدم أركانها العقدية والأخلاقية بصورة سريعة عاجلة، لا تحتاج بالضرورة إلى العلمية التراكمية التي كانت تحتاجها في الماضي قبل الانفتاح الإعلامي ؛ إذ أن بعض القنوات الفضائية، والمواقع الإلكترونية، والمنشورات الصحفية تحمل- في بعض الأحيان فيما تبثُّه وتعرضه - مضامين تدميرية للشخصية الإنسانية، تضر بها بشدة وعنف في عمقها الإيماني والأخلاقي، فتجتث منابت الخير من جذورها، حتى ما يبقى لها في النفس باقية.
 
        فهاتان العقبتان هما على رأس العقبات التي تحول دون تحقيق التربية الأخلاقية بصورة صحيحة، وتجعل من التربية مشقة ومعاناة كبيرة.
 
المسلم :  تحدثت عن التربية الأخلاقية بين البيئة والوراثة، وكون الطفل يُولد مزوَّداً بقدرة فائقة على اكتساب ما يُلقي إليه من خير أو شر، فكيف ينبغي أن نرى ذلك تطبيقيا وما مدى تأثير يتحدث التربويون عن دور كل من الوراثة والبيئة: أيهما أكثر تأثيراً في الإنسان، بمعنى إلى من يدين الإنسان بسلوكه، إلى الوراثة التي ورثها من أبويه وأسلافه، أم إلى البيئة التي يحيا فيها، ويتعامل معها ؟ وهذا السؤال في الحقيقة ليس بدقيق؛ إذ إن الإنسان في كل أحواله مدين في وقت واحد وبصورة دائمة لموروثه الفطري ولسطه الاجتماعي، ومن الصعوبة بمكان استغناؤه بواحدة عن الأخرى .
         ومن الأمثلة على ارتباطهما الوثيق في بناء الإنسان: مسألة اللغة؛ فالإنسان مهما أوتي من قدرات فائقة عن طريق الوراثة: يعجز تماماً عن أن يحدث لنفسه لغة يتحدث بها إن هو عُزل كلياً عن البيئة الاجتماعية، وكذلك الأمر إن هو فقد عن طريق الوراثة أجهزة الكلام في جسمه، فإنه يعجز عن الكلام وإن عاش في وسط اجتماعي، فالإنسان مفتقر إلى البيئة الاجتماعية يأخذ عنها، ويتأثر بها، ويتعامل معها، وكذلك مفتقر إلى الوراثة تزوده بالاستعدادات المختلفة والمتنوعة التي تمكنه من التفاعل الاجتماعي.
        وأما عند إلحاح السائل عن أيهما أهم في حياة الإنسان ؟ فإن البيئة- في كثير من الأحيان- تكون أهم في بناء شخصية الإنسان أكثر من الوراثة، فقد يرث الشخص من والديه وأسلافه استعدادات وراثية رديئة: فتأتي البيئة الصالحة لتعدل أو تخفف من رداءة موروثاته الفطرية، وقلَّ ما تخفق البيئة المتفوقة في مهمتها تربوية إذا لم تتدخل متغيرات سلبية أخرى.
        وقد نجحت التربية النبوية- على صاحبها أفضل الصلاة والسلام- في تعديل وإصلاح قطاع كبير من جيل القرن الأول، رغم الموروثات الفطرية الرديئة عبر أجيال كافرة، فاستطاعت البيئة التربوية النبوية أن تنتقل بجيل الصحابة- رضي الله عنهم- إلى أعلى المراتب الإنسانية، فضلاً عن مجرَّد تعديل السلوك، إو إصلاح شيء من الأخلاق، فهذا- لاشك- يُعطي للبيئة أهمية أكبر في نشأة الإنسان.
        والدرس العملي الذي نخرج به مما تقدم هو أن نعمل على سلامة بيئاتنا التربوية لتكون محاضن صالحة لنشأة الإنسان، ونعمل أيضاً على سلامة النسل، وتفوق موروثاته واستعداداته الفطرية من خلال حسن الاختيار للزواج.
 
المسلم :  أستطيع أن أرى تركيزا كبيرا فيما تكتبون حول تربية الفتاة المسلمة، فلماذا هذا التركيز لا يخفى على المتأمل في واقع المرأة المسلمة المعاصر حجم التيارات : الفكرية، والأخلاقية، والاقتصادية، والسياسية التي تهدف إلى إحداث تغييرات في واقع المرأة المسلمة، وما نجم عنها من أوضاع جديدة في طبائع كثير النساء وسلوكياتهن، لا تتوافق مع توجيهات الإسلام الحنيف، فمنذ مائة عام تقريباً والحملات التغريبية تتلاحق في قوالب وصور وأساليب شتى ، كلَّها تعمل على هدف التغيير لأوضاع المرأة في العالم الإسلامي بحجج متنوعة، كالفقر وضرورة تشغيلها، والجهل وضرورة تعليمها، والحرية وضرورة تحريرها، والظلم وضرورة إنصافها وهكذا، حتى ظنَّ البسطاء أن خدمات الغرب وبرامجه المقدمة للمرأة المسلمة المضطهدة أفضل لها وأرحم بها من دينها، الذي لم يعد يصلح لهذا الزمان !!
        ولقد كان من نتائج هذا الغزو الغربي تبدِّل كثير من أخلاق النساء المسلمات، حتى إن الزائر لبعض العواصم العربية والإسلامية لا يكاد يفرّق بين المرأة المسلمة وغير المسلمة في سلوكها أو لباسها، وهذا الواقع يتطلب جهوداً كبيرة- دعوية وفكرية- لصدِّ هذه التيارات، أو التخفيف من آثارها المدمرة لشخصية المرأة المسلمة، ومن هنا أحببت أن أسهم بالإصلاح في هذا المجال ، فقد كانت رسالتي للدكتوراه بعنوان: "أسس تربية الفتاة في الإسلام"، قصدت من خلالها إبراز معالم تربية الفتاة وفق مقاصد الشريعة الخمسة : حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، وربط منهج تربية الفتاة بهذه المقاصد.
        ولعل من أهم ما قصدت إلى إثباته وتقريره من خلال هذه الدراسة هو التأكيد على اختلاف دور المرأة ووظيفتها في الحياة- في كثير من الجوانب- عن دور الرجل، ومن ثمَّ ضرورة اختلاف منهج تربية المرأة عن منهج تربية الرجل ليتناسب مع هذه الأدوار، مع الإقرار بأنه ثـمّة مجالات ودوائر تربوية مشتركة بين الجنسين لا علاقة لها بنوع الإنسان، إلا أن مجالات الفروق التربوية بينهما لابد أن تبقى واضحة المعالم، بيِّنة المظاهر غير متداخلة، حتى يبقى لكل جنس طبيعته، وتُحفظ له خصائصه، هذا من جهة ومن جهة أخرى يحصل بهذا التنوع في المهمات والأدوار تكامل الجنسين في مهمة عمارة الأرض، وتحقيق هدف الاستخلاف فيها.
        ولعل من أبرز مجالات الفروق بين الجنسين ارتباط المرأة بالنسل ورعايته، في مقابل ارتباط الرجل بالكسب والنفقة، فالمرأة حين تتفرغ للمهمة التناسلية بأبعادها الصحية المختلفة والمتنوعة، ومن ثمَّ مسؤوليتها التربوية في إعداد النشء : يقابلها الرجل بالقيام بالمهمة الاقتصادية، والسياسية، والشؤون العامة، فعلى الرغم من أن المسؤوليتين مختلفتين والدورين متباينين، إلا أن قدراً من التداخل موجود بالضرورة بين المهمتين، فالرجل يتدخل في العملية التناسلية والتنشئة التربوية ولكن ليس بالقدر الذي تقوم به المرأة، وكذلك المرأة تتدخل في الحياة العامة بأبعادها المختلفة ولكن ليس بالقدر الذي يقوم به الرجل، وبذلك تتكامل الأدوار بين الجنسين ولا تتعارض أو تتنازع كما يريد أن يصورها المناهضين للوجهة التربوية الإسلامية.
 
المسلم :  يحتاج التربويون عموما إلى قواعد انطلاق وتوجيهات أساسية أثناء سيرهم بالعملية التربوية يصلح اعتبارها قضايا جذرية في العملية التربوية فكيف تراها ؟
هذه حزمة من النصائح التربوية القصيرة التي يمكن أن تكون أسساً في تربية الأطفال وهي على النحو الآتي:
1-     الفطرة الإنسانية قاعدة الانطلاقة في التربية الإيمانية.
2-     ضعف الإيمان هو القاسم المشترك في كل انحراف.
3-     الأصل في الأخلاق هو الاكتساب من خلال التدريب والمجاهدة.
4-     الاستعدادات الخلقية والعقلية متفاوتة بين الناس فلابد من مراعاتها.
5-     العادات الحسنة تُبنى مبكراً في نفوس وسلوك الصغار.
6-     ما تريده من طفلك بعد السابعة درِّبة عليه قبل السابعة.
7-     التدرج في التربية مبدأ أصيل في منهج الإسلام التربوي.
8-     ثبات المربين على المبادئ ضرورة في التربية.
9-     الحياء الفطري في الطفل يُغني عن نصف مجهود التربية.
10-       البطالة باب الفساد.
11-       وسائل الإعلام المنفتحة قنابل موقوتة في بيوتنا.
12-       الدليل بالفعل أشد أثراً في المتربين من الدليل القول.
13-       الطفل المميِّز قادر على تقويم سلوك المربين.
14-       الذكورة والأنوثة وجهان لعملة واحدة.
15-       توافق الوجهة التربوية بين الوالدين ضرورة للتربية السليمة.
16-       الأجسام الثقيلة المترهِّلة تُعيق سلامة الأداء العقلي.
17-       وسائل الإعلام المرئية بدائل ثقافية لطفل منخفض الذكاء.
18-       التعليم بإيصال المعلومات إلى الأذهان لا يُغني عن التربية العملية على هذه المعلومات.
19-       احترام الذات حجر الزاوية في التربية النفسية.
20-       أبناؤنا لا يصطنعون الأزمات وإنما يعكسون قيم المجتمع من حولهم.
21-       العطف والرحمة والحنان دعائم التربية في مرحلة الطفولة.
22-       الشخصية السوية لا تنمو في وسط قهري تسلُّطي.
23-       الإنسان بلا طفولة كشجرة بلا جذور.
24-       القدرة على الجماع تسبق القدرة على الإنجاب.
25-       أبواب الطهارة وسترة العورة مداخلنا إلى التربية الجنسية.