حتى طيور غزة لا بواكي لها!!

بالرغم مما يعيشه العالم هذه الأيام، وبالذات أمريكا من انشغال بآثار الأزمة العالمية المدمرة، إلا أن هذا لم يكن ليمنع ما يزيد عن 15 ألف ناشط أمريكي من الانضمام إلى حملة على الإنترنت لإنقاذ كلب عراقي من الموت في بغداد"! بل أنهم وقعوا عريضة تطالب الجيش الأميركي بالسماح لإحدى مجنداته في العراق (السيرجنت بيرغ) بالعودة إلى بلادها وبرفقتها الكلب المدعو "راتشت" حين تنتهي خدمتها هناك بعد شهر، بل إن مشاعر المنسق العام للجمعية العالمية للرفق بالحيوان(تيري كريسب) التهبت بدورها فقام بالأغرب إذ استقل طائرة من كاليفورنيا إلى بغداد لتحقيقحلم هؤلاء الألوف، والعودة بـ"راتشت" الأسود اللون إلى حيث تقيم تلك المجندة في مدينةمينيابوليس، بولاية مينوسوتا , وقبل ذلك وجه بعض الفرنسيين الناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الحيوان خطاباً إلى الرئيس الفرنسي يطالبه بالتدخل ومنع المسلمين من الاستمرار في ذبح الأضاحي بسبب ما يمثله ذلك من انتهاك لحقوق الحيوان! ومثله للرئيس المصري حسني مبارك يطالبه بوقف عمليات القتل التي تقوم بها السلطات المصرية للكلاب الضالة.

أسوق هذه القصص (والتي تبدوا غريبة للكثيرين)، في الوقت الذي أصبح منظر الفلسطينيين في غزة وهم يحاصرون ويمنعون الغذاء والدواء والكهرباء والوقود، وهم يشيعون قتلاهم بشكل يومي أو يصطفون في الطوابير الطويلة للحصول على رغيف خبز يابس، أقول إن هذه المشاهد أصبحت طبيعية ومألوفة لا ترقى لأن تجد للحكومات العربية مبررا لاتخاذ خطوات أكثر عملية في الضغط باتجاه كسر هذا الحصار الظالم!


خلال اليومين الماضيين شهد القطاع نفاذاً شبه كامل للغذاء, ونتيجة لذلك فقد أطلقت المؤسسات الحكومية والإغاثية والدولية في غزة نداءات استغاثة غير مسبوقة جراء نفاد مخزونها الطبي والغذائي نتيجة منع وصول الإمدادات اللازمة نظراً لإغلاق معابر القطاع، ولم يقتصر الأمر عند غذاء الإنسان، فقد وصل التضرر هذه المرة إلى الحيوانات والطيور, ما حدا ببعض شركات تربية الدواجن إلى إعدام أكثر من مليون رأس من الطيور لعدم توفر طعام لها، ولمن لا يعلم فوجبة الدجاج هي أكبر الوجبات الدسمة في غزة!


 وبصرف النظر عن الجانب الشرعي في هذه القضية، فإن هذا المشهد بدا منه أن الفلسطينيين قد يئسوا من استيقاظ ضمير العالم وهو يراهم يتساقطون يوماً بعد يوم، فقرروا اللجوء لهذه الطريقة علَّهم يجدون من يتحرك من اجل هذه الطيور التي ربما أصبحت عند البعض أهم من الإنسان! ولكن وللأسف، فيبدو انه حتى الحيوانات والطيور الفلسطينية أصبحت مستثناة حتى من تعاطف منظمات حقوق الحيوان! ولا عجب في ذلك فقد استثني المواطن الفلسطيني من قبل من تعاطف العالم بأسره!

إن الجميع يعلم بان حماس هي خيار الشعب الفلسطيني، وإنها ما جاءت إلى السلطة إلا عبر انتخابات تعد سابقة في النزاهة، فلماذا تتحالف دول العالم ومنها بعض الحكومات العربية على جعل هذا الشعب الكريم يختار بين أمرين أحلاهما مر؟ فإما إهدار كرامته وتسفيه اختياره والانقياد لأفكار نخبة تستقي أوامرها بصورة مباشرة من إسرائيل، أو أن يواجه الموت جوعاً وأن يفعل بأطفاله مثل ما فعل بطيوره!!

________________