نافذة ثقافية
يبدو اليوم في التصور الإسلامي اختزالاً للحياة برمتها، من بداية الحياة إلى منتهاها، والليل من الموت حتى النشور.
يبدأ اليوم بحياة وانبعاث ونشور، وينتهي بوفاة ومصير.
{ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الزمر: 42]
إذ يقول الله عز وجل في شأن المؤمنين " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ" [الحجرات: 12]، ويقول: " لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا" [النور: 12]؛ فإنه يقول في شأن التعامل مع المنافقين وأصحاب القلوب الخبيثة: " فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا" [النساء: 88].
فالصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والتسليم عليه هي إظهار لمحبة الله سبحانه وتعالى بذكر محبوبه وطلب مزيد التشريف له، وهو تذكير دائم بمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم واستحضار قدوته ماثلة كلما لهج اللسان بذكره تعظيماً ودعاءً، وهو نوع من المكافأة على ما قدمه الرسول الكريم لأمته
هي إذن علاقة علوية سامقة، بسمو الإيمان الذي يجمع حملة العرش ويربطهم بوشيجة رفيعة المستوى لا يقاربها أحد من أهل الأرض مهما ظن أن المال أو الجاه أو السلطان قد حيز له، فكساه بشرف زائف
قد يحار البعض من عظيم الأجر الذي تكثر الأدلة الشرعية على وعده المؤمنين جزاءً على عبادات يسيرة، لاسيما الأذكار، التي لا يبذل العبد في ترديدها جهداً كبيراً، لكن من يدرك أن فضل العظيم عظيم، وأجر الكريم كريم لا يعجب طويلاً من سحائب خيرات إذ تهطل أمطار رحماتها على المؤمنين
السورة الكريمة، بآياتها القليلة والقصيرة، ومنها الآية العظيمة التي سميت باسمها السورة، قد ردت على فرق ضالة كثيرة، وملل شتى، وقعت في بدع التمثيل والتشبيه والمشاكلة، وقدحت في وحدانيته سبحانه وتعالى وفي صفاته العلى، أن "ليس كمثله شيء" جل جلاله وتقدست أسماؤه. هذا الإعجاز في تلك الكلمات القليلة هو أحد شواهد معجزة هذا القرآن وخلوده وبقائه
الآية الكريمة تتحدث مذكرة المعرضين عن سبيل الله وذكره سبحانه والمقبلين أيضاً بأنهم واقعون جميعهم تحت مشيئته، فلا يكون في ملكه عز وجل إلا ما يشاء، وهو جدير بأن يتقى، جدير بأن يغفر تبارك وتعالى.
إنها علاقة المال بالإيمان، والصورة التي ترتسم في مخيلة المنافقين عن نفعية أهل الخير من إيمانهم، وعلى الرغم من نفي الأنبياء عليهم السلام المتكرر بأنه "وما أسألكم عليه من أجر" إلا أن المنافقين يطمعون كثيراً في الأتباع.
من هذا، يتضح هذا الشمول الذي اتسمت به الآية الكريمة، والاتساع الضارب في أكثر من مسار والممتد إلى غير أفق، لهذا المنهاج الإسلامي الفريد الذي لا يحوي
فضيلة الإنفاق في سبيل الله، التحذير من البخل حين يتطلب الإنفاق، ترسيخ عقيدة افتقار العبد إلى الرب، واستغناء الرب عن العالمين، بيان سنة الاستبدال. أكثر من معنى عميق يسبر سطران قصيران أغواره في حكمة بليغة وكلمات دقيقة.
"يخبر تعالى بلطفه بعباده ليعرفوه ويحبوه، ويتعرضوا للطفه وكرمه، واللطف من أوصافه تعالى معناه: الذي يدرك الضمائر والسرائر، الذي يوصل عباده -وخصوصا المؤمنين- إلى ما فيه الخير لهم من حيث لا يعلمون ولا يحتسبون".
إنها حقاً آية لا تترك عذراً لمذنب، ولا مبرر لمبطئ، ولا مجالاً لمسرف أن يبادر إلى توبة صادقة تمحو عنه كل ما يثقل ذنبه من أوزار وآثام تنقض الظهر وتمرض القلب.
"كان من المسبحين": قال جمع من المفسرين: من المصلين، قال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير والسدي وغيرهم أي: "من المصلين"، وقال قتادة: " كان كثير الصلاة في الرخاء، فنجاه الله بذلك"، وقال أبو العالية: "كان له عمل صالح فيما خلا". ذكر هذا الإمام الطبري.
أمر الله سبحانه وتعالى بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، لعظيم شرف النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حوت هذه الآية العديد من الفوائد، وتعلقت بها عدد من المسائل
الآية فريدة، فهي تتحدث عن حالة تكاد لا تتكرر. معركة بين فريقين، قوتين عظميين، ليس فيهما فريق مسلم، وثمة فريقان يرقبان من بعيد، هما من العرب، فريق مسلم
للآية إشارات باهرة في أكثر من اتجاه، تخاطب بها الإحساس والعقل؛ ففيها دروس في العقيدة، وفي الأصول، ولا تغيب عنها الرقائق، في أسلوب بديع ..
في الآية، وفي موضعها وسياقها ما يلفت بشدة إلى الفرق بين الوحي المنزل، والدعاية الكاذبة المتمثلة بالشعر التي ينجرف لاتباعها كل غاوٍ ضالٍ. ففي حين وصف الكفار
هذه الأمة، بمفهومها الواسع، أمة العقيدة، أمة الإسلام الممتدة عبر الزمن، يركز القرآن الكريم، وبأكثر من آية على وحدتها وتماسكها وامتدادها، يقول أبو الحسن الماوردي في تفسيره: "قوله: وإن هذه أمتكم أمة واحدة فيه ثلاثة أوجه:
هذه حال من نأى عن طريق القرآن، وسار في درب ظلمة الشرك والإعراض، أن يصيبه الضيق وتسد أمامه السبل، يقول الشيخ ابن باز رحمه الله: "هذا وعيد شديد لمن أعرض
تضع الآية العظيمة مبدأ عاماً، يرسم إطاراً للعلاقات التي تحكم المؤمنين، ومعياراً واضحاً للتفاضل بين الناس، يقدم الولاء لله ودينه على ما سواه من أوجه التفاضل الدنيوية، كالوجاهة والسلطان والغنى ونحو ذلك.