فكر ودعوة
إن ما يحدث الآن - خاصة في البلاد التي بدأت فيها الثورات المعاصرة أو الربيع العربي - لا يمكن بحال وصفه بأنه حالة من (الغزو الفكري) كما حدث سابقاً في احتلال القرن الماضي؛ فلقد ساعدت هذه الثورات على تمييز الصفوف واتضاح الرؤى المتباينة، ولكننا يمكننا القول بأنها مرحلة متقدمة عن هذا المصطلح؛ حيث تم انتقاء العيِّنات المناسبة من تجربة الغزو الفكري وتصفيتها لاستخدامها في (السخرة الفكرية).
كما على المثقفين اليوم واجب المراجعة الجادة لواقعنا المتخلّف، وتصحيح مواطن الخلل والزلل، وجوانب الضعف والانهيار، والتنسيق بين فئات المجتمع وطبقاته لإعلاء الصوت الأصيل المعاصر، وصوت الإصلاح والتغيير لكل مساوئنا، وتقديم النموذج الصحيح للمثقف
والظاهر المشهود أنّ الركون إلى الظالمين ـ وبخاصّة من قبل العلماء ـ إنّما يبدأ بالدخول عليهم في أوّل الأمر ، ثمّ ما يلبث كثير من هؤلاء أن يستحلُوا حديثهم ، ويقبلوا تبريرهم لأعمالهم ، بل يخدعوا بأقوالهم ، ثمّ يترخّصون في قبول هباتهم وأعطياتهم ، فتسكت ألسنتهم ، ويتحوّل الدخول عليهم من دخول لله ، وابتغاء مرضاته ، إلى دخول لحظّ النفس ، وركون إليهم ، وإلى ما هم فيه من ترف الدنيا وظلم العباد ..
فضَّل الله بعض الشُّهور على بعض، وبعض الأيَّام على بعض، وبعض اللَّيالي على بعض، وبعض المساجد على بعض، وفضَّل الله مصر على سائر البلدان، كما فضَّل بعض النَّاس على بعض، والأيام واللَّيالي بعضها على بعض، والفضل على ضربين: في دين أو دنيا، أو فيهما جميعاً، وقد فضَّل الله مصر وشهد لها في كتابه بالكرم، وعظم المنزلة، وذكرها باسمها وخصَّها دون غيرها، وكرَّر ذكرها،
إن الحديث عن الغد المشترك و علاقات الجوار البناءة يفقد دلالته أمام مواصلة الاعتداء على السيادة و الكرامة , ومهما بلغ الحذق في صوغ المغالطات فإن الكفة لا تلبث أن ترجح لصالح الشرعية وحقائق الجغرافيا و التاريخ , ولو بعد حين !
عن جابر، وأبي أيوب الأنصاريِّ رضي الله عنهما، قالا: قال رسول الله صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم: ( ما من امرئ يخذلُ مسلماً في موطن يُنتقصُ فيه من عرضُه، ويُنتهك فيه من حُرمتُه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نُصرتَه، وما من امرئ ينصرُ مسلماً في موطن يُنتقصُ فيه من عرضه، ويُنتهكُ فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يُحبُّ فيه نُصرتَه) رواه أحمد وأبو داود.
ختاماً: يقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾الأنعام: 36.
إنّ المنهج القرآني لا يقدم العقيدة في صورة «نظرية» للدراسة .. كذلك هولا يقدّم هذا الدين دراسات في «النظام الإسلامي» ولا في «الفقه الإسلامي» ولا في «الاقتصاد الإسلامي» ولا في «العلوم الكونية» ولا في «العلوم النفسية» ولا في أيّة صورة من صور الدراسة المعرفية ! إنّما يقدّم هذا الدين عقيدة دافعة دافقة محيية موقظة رافعة مستعلية تدفع إلى الحركة لتحقيق مدلولها العمليّ
وهكذا مضت على بذل الشَّهادة كواكب متتابعة، وقوافل متعاقبة، من الشُّهداء الأبرار، الذين كتبوا بدمائهم الزَّكية أروعُ صحائف التَّضحية والبذل، وأرفعُ أمثلة العطاء والجود, إنَّه الجود بالنَّفس, وهو أقصى غاية الجود, فهاهم شهداء المسلمين في بلاد الشَّام، نرى بأمِّ أعيننا, نرى ويرى العالم كلُّه معنا، هذه الصُّور العظيمة المتجدِّدة، من صور الانتفاضة والشَّهادة، على أرض الشَّام المباركة, إنَّنا في حاجة إلى مواقف وصور، تحيي في ضمير الأمة معاني الشَّهادة، وتبعث في روحها حبَّ الاستشهاد من جديد، سيرًا على درب السَّلف رضوان الله عليهم, ذلك الدَّرب الذي سلكه من قبلهم، رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، والأنبياء من قبله، نصراً لدين الله، ودحراً لأعداء الله.
كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، حريصاً على شباب أمَّته، ليسيروا على المنهاج الصَّحيح؛ الذي يوافق شرع الله، وسنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولذا كان صلَّى الله عليه وسلَّم ينبِّه الشَّباب، على الأخطاء التي يقعون فيها، أو يحتمل وقوعهم فيها قبل حصولها. ولقد كانت له صلَّى الله عليه وسلَّم طريقة فريدة من نوعها، في معالجة الأخطاء. وإليك بيانها:
لقد جعل الله قيم الحقّ والعدل ميزاناً بأيدي العلماء الربّانيّين ، والأئمّة المهديّين ، الذين ائتمنهم على دينه ، وما سواها أهواء متناحرة ، وظلمات مدلهمّة ، وظلم وعدوان ، وبغي وبهتان .. فأوّل مسؤوليّاتهم أن يعلنوا قيم الحقّ والعدل للناس ، ويعلّموهم إيّاها ، وينشروا حقائقها ويشيعوها ، ويبشّروا بها بكلّ وسيلة ، ويدعوا الناس للالتزام بها ، وإيثارها على ما سواها.. وهم في ذلك يقفون على صراط الله المستقيم ، وهديه القويم ، يبشّرون به ، ويدعون إليه ، فإن عجزوا عن ذلك أو ضعفوا فلا أقلّ من أن يلزموا الصمت ، ويعتزلوا الناس ، ولا يعينوا الظالم على ظلمه ، والباغي على بغيه ..
نحتاج جميعا إلى أن ننظم جهودنا , بحيث أن نصل لأفضل الآداء بما استطعنا من مجهود مناسب , كما تحتاج الدعوة الإسلامية لاستغلال طاقات أبنائها , والاستفادة من أقل مجهود بأكبر فائدة .ومخطئون هم الذين يذهبون جهدهم هباء بلا نفع , ومخطئون ايضا الذين يبذلون الجهود الكبيرة في الأعمال بينما هم يستطيعون أن ينفقوا جهودا اقل في أعمال أكثر .
من سنَّة الحياة أن يعلو صوت النَّقد، وتختلط أصوات النَّاقدين عندما يظهر الإخفاق، أو تحدُث الهزيمة، بل قد ينضمُّ إلى النَّاقدين من كان يسير في الركب راضياً، ومن كان يُثني ويمدح ويتملَّق!. إنَّه أمر من طبيعة البشر. وعلى "الآخر" أن يتحمَّل ويصبر، ويستفيد
وليس من العيب أن يتراجع المرء إذا علم انه على خطأ أو ظهر له جديد إضافة إلى استنتاجات وحسابات كانت غائبة أو خفية عنه فتلك قد تكون حكمة منه لكن الذي نلقى عليه الضوء التذبذب دون مبرر .لقد علمنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم من تلك الكلمات أن نتصف
المترفون تدفعهم ثروتهم للعيش في نمط مختلف من الحياة ، نمط له طبائعه ولغته وطرائقه الخاصة لإضفاء بعض الفضائل على المال وبذلك يندرج المترف مع (علية القوم) ويحسب على طبقتهم .يعيش المترفون حياة تافهة ، يريدون قضاء الوقت باي شكل
وهنا أتساءل قائلاً: هل المقصود من الابتعاث تحصيل العلم؟!. وإذا كان كذلك، فلماذا نبتعث لأيِّ تخصص وعلم، ولو كان له وجود في بلادنا؟. ولم لا يُجعل محصوراً على علومٍ محددةٍ لا توجد عندنا؟. وهل في جامعاتنا قصور، حتى نتجاوزها، ونُلجئ الشَّباب لأن يذهبوا
والتَّاريخُ شاهدٌ عادِل على أنَّ الأَقْلامَ الحُرَّة لمْ تَمُتْ بمًَوْتِ حامِليها، والأفكار ظلَّت تَنْشُر الأفكار، والكُتُب تُنْتِجُ الكُتُب، والأحرار يُنْجِبونَ الأحرار، ما دامَتْ في أرحامِ الأمَّهات أجِنَّةُ المُفَكِّرين، والمُبْدِعين، والمُبْتَكِرين، والمُصْلِحين، والدُّعاة، والعُلَماء، والمُجَدِّدين، إنَّما يموتُ
والواجب علي العلماء والمفكرين التحذير من هذه الدعوة ، وإزالة الغموض الذي يكتنفها ،وبيان خطورتها علي عقيدة المسلمين. والعمل علي تنقية مناهجنا الدراسية من الشبهات والأخطاء التي تتعمد الخلط بين هذه الدعوة والإسلام ، مع توضيح ،كيف أعلي الإسلام من شأن الإنسانية .
والتحذير من الانخراط في التجمعات والجمعيات التي ترتكز في عملها إلي هذه الدعوة ، ومخاطبة المسؤلين لوقف نشاطها في البلدان الإسلامية .
إن الأمة الإسلامية الآن في أمس حاجة إلى داعية يكون ذا قلب ينبض بالرحمة والشفقة على الناس ويريد لهم الخير والنصح, فهو لا يكف عن دعوته ولا يسأم من الرد والإعراض؛ لأنه يعلم خطورة عاقبة المعرضين العصاة وهو يعلم أن إعراضهم بسبب
إننا نحن من نصنع المعاق داخل مجتمعاتنا بأفكارِنا، ونظرتِنا، وأحكامِنا، فنتسبَّب في نشر حالاتٍ نفسيَّة ومرضيَّة، ونحن من نحوِّل الإعاقة إلى ظاهرة اجتماعيَّة وإنسانية تدمِّر مجتمعاتنا، وتهدم كيان أفراد نحوِّلهم من أشخاص يعانون من قصورٍ فيزيولوجي أو سيكولوجي، إلى أشخاصٍ فاشلين في الحياة، وعاجزين عن أيَّة محاولة لمزاولة أعمالهم اليوميَّة، وممارسة نشاطاتِهِم وعلاقاتهم الاجتماعية .
لسنا ندعو من خلال هدا الاعتراض الى التخلي عن الاقتداء بالسلف الصالح , بل ما نؤكد عليه هو إحداث التوازن بين المطلبين : ادراج نماذج القدوة ضمن نسق تربوي متكامل يراعي معطيات الواقع المعاصر , و الحرص على استلهام نماذج معاصرة يقدم مسارها و مواقفها حافزا قويا للمجاهدة و الثبات .
انسلخ عامٌ كاملٌ من أعمارنا، انسلخ بثوانيه، ودقائقه، وساعاته، وأيامه، فماذا قدَّمنا فيه من أعمال صالحة ندَّخرها ليوم تذهل فيه كلُّ مرضعة عمَّا أرضعت، وتضع كلُّ ذات حمل حملها، وترى النَّاس سكارى، وما هم بسكارى، ولكنَّ عذاب الله شديد؟!.
هذا السُّلوك السَّلبي من بعض العلماء، جعل الشَّباب يجفلون، ويبتعدون عن العلماء الرَّبَّانيين، وهذا يؤدِّي لأن يستفرد بالشَّباب دعاة الضَّلالة، وعلماء السُّوء، فيتولون تربيتهم على الضَّلال والانحراف، وعلى الخور والجبن، ويعطونهم فتات يسيرة، من علم مشبوه ركيك. لذلك أخاطب العلماء الرَّبَّانيين قائلاً:
ويظلُّ يردِّد معه : أهكذا تكون لغةُ المحبّين للمحبّين؟ أم لغةُ الجمال الملوَّن بألوان الشَّمس؟ أم لغةُ الرّوحِ ينبضُ فيها عِرْقُ النُّور، المنبعث من العين والشَّفَه والأذن وكلِّ الحواس؟
أهكذا يكون الحبُّ الصّادق في الله والوفاء في الله ، حين تترجِمُه الحواس، وتحرِّكُه روحُ حامِلها، في أبدع تصويرٍ لفطرتِه؟ أم هو الإحساس الذي لا تجد له تفسيراً ولا ترجمةً ولا لغةً إلا أنه خُلِق على طبيعته من إبداع الصّانِع سبحانه ؟
الإنسان في حقيقته جملة من الأمنيات القريبة والبعيدة، وهذه الأمنيات هي التي تخلق الأمل، والأمل هو الذي يجعل الإنسان متعلقاً متشبثاً بالحياة، وأمنيات بني ادم كبيرة بكبر هذا الكون، وهذه الأمنيات لا دخل لواقع الإنسان بها فالكل يحلم الفقير يحلم والغني يحلم، الحر يحلم الأسير يحلم، بل أحيانا نجد أن الفقراء أكثر حلماً من الأغنياء، لان الأغنياء تتحقق اغلب أمنياتهم المادية والروحية، لكن الفقراء فهم لم يحققوا اغلب أمنياتهم.
إن رصد مظاهر الحرص النبوي على إرساء منظومة القيم الإسلامية , واعتبارها اللبنة الاساس لبناء الانسانية يحملنا على الجزم بأن شرف الانتماء لهذا الدين لا يتم إلا من خلال صون هذه القيم وحراستها , خصوصا في ظل متغيرات عالمية تدفع الى التشكيك في جدواها و فاعليتها