فكر ودعوة
عندما تحمل قلمك أيها الكاتب وتشعر بان خجلا يعتريك، وأنك عاجز أن تحركه من محبرتك، أو تدون به على أوراقك وصفحاتك، لأنه ملَّ من اختياراتك ومن ذوقك ومن جمودك على أفكار انقضى أجلها.
فأنت ما زلت تكتب بنفس أسلوبك، تختار من قاموسك كلمات أنت لا تشعر بها، لأنها لا تعبر عن شخصيتك، ولا عن المبدأ الذي تؤمن به، ولا القيم والفضائل والأعراف والتقاليد التي تربيت عليها
كلما تأملت أحوال المجتمعات خاصة العربية مع المتقاعدين وكبار السن والمسنين، وجدتها تسعى في معظمها إلى الاهتمام بتوفير دور ونواد للمسنين يتم من خلالها رعايتهم، أو تهيئة المناخ لتقضية وقت مسل للمتقاعد وكبير السن. مع التحفظ الشديد على فكرة إيواء كبار السن في دور المسنين، وتقاعس الأبناء والأرحام عن دورهم الشرعي تجاه الآباء والأمهات، وباقي الأرحام من كبار السن.
غادرنا هذه الأيام إلى رحمة الله ورضوانه الأخ الداعية الأديب الشاعر مروان كجك، والأخ مروان من الدعاة المعروفين في بلدة تلكلخ الواقعة غربي مدينة حمص في سورية، وله الأثر الواضح في تربية أجيال الشباب فيها وله جهود طيبة في نشر الدعوة في القرى المجاورة لتلكلخ.
عجيب ما يعلق في الأذهان حين يتصور كثير من المسلمين أن لحظة الهجرة كانت نهاية لكافة أنواع المعاناة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي حياة صحابته الكرام رضي الله عنهم , وأن الحياة بعد الهجرة كانت كلها راحة وسعادة وهناء ولم يكن للمسلمين ثمة مشكلة فيها , وقد ساعد على بناء هذا التصور القاصر الخاطئ في أذهان الكثرة ما رسخته المرئيات المسماة بالأفلام الدينية التي تنتهي غالبا بلحظة الهجرة...
جاء الإسلام ليفتح عصراً جديداً حين ركز على العمل بعد العلم وأن علماً ليس وراءه عمل ليس في مطالب الإسلام ، وليس هو الذي يضفي السعادة على الإنسان ، فالعمل هو الذي يرتقى بالإنسان ، وهو الذي من خلاله يمارس عملية التزكية والتهذيب ، قال تعالى : " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
هذه الرؤية تفيدنا في عدة مناح مؤثرة من أهمها إيقاظ شعور إسلامي عالمي عام نحو التوحد والتعاون والتكافل , وإمكانية إشعار الجميع بعدم الحاجة إلى التحزبات والتجمعات المنغلقة والآراء الفردية والقيادات الشخصية , كما تفيدنا في تقويم الخطى , وتصحيح الفتوى , وتحديد الأولويات , كما تفيدنا في الاهتمام بالقضايا الكبرى وتوصيل الصوت لأبعد مدى
إنه ذلك المعنى الذي يجمع بين الفكرة والنية والجهد في منظومة واحدة ويضمهم جميعا في إطار من التجرد عن الذات والأهواء , إنها وصفة فريدة للشخصية الربانية القائدة التي يرتجي منها عالمنا أن تكون في مقدمة الصف نحو التغيير إلى الإصلاح وهي تلك التي نريد بيانها عبر كلماتنا هنا .
لقد تمددت في حياتنا العلمية والثقافية مصطلحات وافدة، من شأنها أن تعيد تشكيل رؤيتنا وذواتنا وثقافتنا وحياتنا، زاحمت كل شيء في خصوصياتنا؛ مداركنا وميراثنا.. كلياتنا العقدية وأحكامنا ومناهجنا وآدابنا الشرعية.. وتقاليدنا العلمية والعملية، بل حتى وظائفنا وسماتنا النفسية والاجتماعية بشكل باتت تضغط على أعصابنا وتوجه صيرورة مجتمعاتنا، بل وربما تختطف ثمار أجيال قادمة لم تر ولم تعرف
من أهم مقاييس النجاح في الحياة الاسلامية أن نقاوم الشر في نفوسنا، وأن نقاومه خارجها، وهنا يأتي السؤال الهام: ما هو أهم شر يجب أن نقاومه في نفوسنا، وأهم شر يجب أن نقاومه فيمن حولنا؟؛ وإن أهم شر يجب أن نقاومه في نفوسنا وفي نفوس من حولنا هو غفلة الفكر.
الإخلاص والاقتناع الداخلي بالموضوع الذي يلقيه المتحدث أو الخطيب، فكيف يقنع الآخرين إذا لم يكن هو قد أحاط بالموضوع واقتنع به أنه ضروري ومفيد وإذا كانت المعلومات غير كافية فهذا يسبب له المتاعب، والإخلاص أهم نقطة للتأثير في الجماهير
ومن ثم كانت قوانين البشر المنطلقة من ذواتهم دائما ما تكون قاصرة عن قيادة البشرية قيادة حكيمة.. (اتفق القانونيون في العالم بأسره على ما أسموه ثغرات القانون وأنه الطريقة المثلى لنقد الأحكام).
و إذا كان الإنسان كائن مستدل عقلاني فإن نمط حياته العام يتشكل حسب نوعية الحركة المعرفية التي يتخذها وحسب طريقة تفهمه لما حوله.
فالمنهج السلفي المتقيد بالرؤية الشرعية هو المنهج الوحيد الذي يصنع التفكير بطريقة إيجابية تعود بالنفع على الفرد في الدنيا والآخرة ، وتحقق له السعادة المنشودة، وتضبط مسيرته من التناقض والاضطراب.