يختلف الناس في حالات استقبالهم رمضان ، و الجميع ينتظره بشوق ، فبعضهم ينتظر الاجواء النقية ، والبعض ينتظر التجمعات الاسرية ، وآخرون ينتظرون الاحتفالات العامة وأجواءها ، لكن هناك ايضا من ينتظره لأجواء الإيمان وتكبيرات السحر ، وسجود الجباة ، واستجابة الدعوات .. والبعض يتمتم هناك حيث القلب الباكي والنفس التائبة واكف الضراعة رجاء الغفران ..
كل نوايا الصالحين حسنة ، مادامت أخلصت لربها ، واقتفت أثر نبيها ، ارجو الله أن يتقبل من كل القلوب الطيبة .. لكنها درجات ولاشك ..
لكن هناك وقفة يجب أن ينتبه لها هؤلاء الصالحون , وقفة ستفيدهم كثيرا وتمكنهم من البداية المتميزة التي يلزم أن يبتدئون بها رمضانهم , إنها خطوة التوبة والاستغفار.
ذلك أن القلب الذي شابته المعاصي والذنوب يحتاج أن يتطهر ويتنقى , يحتاج أن يتخلى عن تلك الأدران من الآثام , كي يستقبل الطاعات والعبادات استقبالا كاملا تاما .
إذن أمامنا التوبة تسبق أي شىء نبتدىء به في رمضان , لكنها أي توبة تلك التي نريد في رمضان ؟
إنني أعني بها توبة يصحبها ندم على كل تفريط , كي يعقبها تصميم على الاستزادة والاستدراك ..
وتوبة يعرف بها العبد قدره , وضعفه , وعجزه , كي يعقبها تواضع , وذلة , وانكسار بين يدي الله سبحانه في أيام رمضان ..
توبة يتخلى فيها المؤمن عن كل مظلمة , فيردها إلى أصحابها , مهما كانت قليلة , ومهما تعلقت بشىء عزيز في دنياه , كي يقبل على ربه في رمضان بلا عائق يعوق قبول دعائه ورجائه .
توبة يطهر بها المرء نفسه من الحسد والغل والحقد والكره تجاه المؤمنين , كي يقبل على رمضان فيكون ممن غفر لهم بلا شحناء ولا بغضاء .
توبة عن البخل والشح , وتفضيل النفس عن الغير , إذ يفتح يديه في رمضان كرما وصدقة وعطاء سخيا للفقراء ولكل مستحق .
إنها الخطوة الأولى لمن أراد أن يحسن الابتداء ...