كتاب يهم كل العاملين في دعوة غير المسلمين.. نموذج لمشكلات المهتدين الجدد
9 رمضان 1429
منذر الأسعد
الكتاب: الصراع من أجل الإيمان/ انطباعات أمريكي اعتنق الإسلام
تأليف: جيفري لانغ
ترجمة: منذر العبسي
ط4-1428/الناشر: دار الفكر بدمشق
368 صفحة (17مقاس*25سم)
أعترف منذ البدء بأنني من عشاق الكتب التي يؤلفها أناس كانوا غير مسلمين ثم مَنّ الله عز وجل عليهم بأن هداهم إلى الإسلام. والسبب موضوعي وذاتيّ في آن واحد.فهي تبيّن غالباً ما الذي دعا هذا الشخص إلى الدخول في الدين الحق، وتستحق الاطلاع عليها لإثراء حقل الدعوة الإسلامية بين غير المسلمين.والتحفظ الوحيد لي ليس على هذه الكتب –مهما كان محتواها وأسلوبها-يتلخص في سذاجة بعض المسلمين ممن يجعلون المهتدي الجديد إماماً في الفقه وبخاصة إذا كان من الأشخاص المشهورين كالمفكرين والساسة والدبلوماسيين ورجالات الإعلام ونجوم الرياضة.
وربما كان أجمل ما في الكتاب الذي بين أيدينا، أن مؤلفه يحذّر قراءه من الوقوع في هذا المطب، فغاية ما يسرده هو تجربته الثرية وملاحظاته والعقبات التي واجهها بعد اهتدائه إلى الإسلام، من دون أن يزعم لنفسه موقع الأستاذية أو القدرة على توجيه الآخرين.وبالرغم مما يحفل به الكتاب من أخطاء كبرى عقدية وفقهية، فإنها تنبع من حرصه على نشر الدين الحنيف في الغرب بعامة وفي بلده (الولايات المتحدة الأمريكية) بخاصة، لكنها ضلت سبيلها بتأثير البيئة المحلية من جهة وتقصيرنا نحن المسلمين من جهة أخرى في بيان حقائق ديننا باللغات الحية، ويضاف إلى ذلك سوء سلوك بعض المسلمين –بل وبعض أدعياء الدعوة!! ناهيكم عن الخلل الكبير الذي تنوء به الأمة بسبب غياب النموذج الفعلي الكامل للقيم الإسلامية في جميع مجالات الحياة-.
وقد أسهمت مؤلفات بعض غلاة المستشرقين في بلبلة الرجل، مع أنه لا يتبناها بعجرها وبجرها، فقد رد كثيراً من هرائها ومفترياتها.
المؤلف بروفسور لامع في علم الرياضيات، كان ملحداً مدة عشر سنوات، وإن كان قبل ذلك نصرانياً كاثوليكياً، ثار عقله العلمي على اللامعقول  الذي تعج به عقائد القوم المحرفة.
وأشهد للدكتور لانغ بسعة اطلاعه على المصادر الإسلامية في التفسير والسيرة النبوية وبإلمام طيب بالحديث الشريف ولا سيما من رجل أمضى شطراً من عمره لا يعرف الإسلام إلا من خلال الأكاذيب الإعلامية عنه، ولا يتقن اللغة العربية.
يتكون الكتاب -بعد مقدمتين إحداهما للمؤلف نفسه والأخرى للمترجم- من خمسة فصول هي:
= النطق بالشهادة
= القرآن
= رسول الله
= الأمة
= أهل الكتاب
وإذ نلتمس للمؤلف العذر عما وقع فيه من أخطاء مصدرها التباس وغبش يمكن التغلب عليهما، فإننا-مع تقديرنا للجهد المتميز الذي بذله المترجم الضليع-كنا نتمنى عليه –أو على الناشر-أن يتولى أحد العلماء التعليق على النقاط التي لم يتبين للدكتور لانغ الصواب فيها، من خلال هوامش يتم تمييزها بالطرق المعتادة، ففي ذلك فوائد للقارئ العربي الذي تُرْجم الكتاب له، وربما انتفع المؤلف بها إذا أحيط بها علماً.
وكم آمل أن تتولى المؤسسات العاملة في حقل الدعوة أن تتعامل بجدية مع هذا الكتاب، لأن ما قاله المؤلف صراحة يعانيه كثير من المهتدين الجدد في قلوبهم أو مع محيطهم الاستفزازي، وهم يقعون في مثل هذه المطبات لأنهم مدفوعون بعاطفة مشبوبة لتيسير انتشار الإسلام في ربوعهم، لكنهم لا يتنبهون إلى أن الناس هم الذين يجب أن ينصاعوا إلى الحق وليس العكس.