
بعد أربع ساعات فقط من صدوره، وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، طعن النائب العام المصري في الحكم الذي أصدرته محكمة سفاجا ببراءة ممدوح إسماعيل مالك العبارة "السلام 98" التي غرقت عام 2006 في حادث راح ضحيته 1034 قتيلا و386 مصابا.
وعلل المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام المصري طعنه في الحكم الذي أصدرته محكمة جنح سفاجة أمس، بـ "الفساد في الاستدلال، والقصور والتعسف في الاستنتاج".
وقال بيان للنيابة العامة إنها قامت بدراسة أسباب حكم البراءة فور صدوره فوجدت به عوارا، استوجب الطعن عليه بالاستئناف، حيث ورد بأسباب البراءة أن الأوراق قد خلت من أقوال بعض الناجين الواردة بقائمة أدلة الثبوت، على الرغم من أن أقوال هؤلاء الشهود ثابتة بالتحقيقات، بل استندت المحكمة إلى أقوالهم في أسباب حكمها بالسبب الحادي عشر من أسباب البراءة، كما جاء بأسباب الحكم أن التقارير الطبية الشرعية لم تجزم بالوقت الفعلي للوفاة، في حين أن الثابت من هذه التقارير أن الوفاة جميعها نتيجة "اسفكسيا الغرق".
وأضاف البيان أن المحكمة أوردت في أسباب حكمها، أن التقارير الطبية الموقعة علي الناجين لم تقطع بأن إصاباتهم نتيجة التأخير في إنقاذهم، بينما الثابت من أقوال من سئلوا من الناجين بالتحقيقات والتقارير الطبية، أن إصاباتهم جميعا نتيجة الحادث وعدم الإسراع في إنقاذهم.
ويعني قبول طعن النائب العام انتقال القضية إلى محكمة بثلاثة قضاة لديهم خبرة أكبر.
من جهة أخرى قال حافظ أبو سعدة رئيس المجلس المصري لحقوق الإنسان إن المجلس "مندهش للطريقة التي عومل بها الضحايا". وقال كذلك إن المسؤولية الجنائية ثابتة في حق مالك العبارة ومن معه. وأعرب عن اعتقاده أن الطعن سيقبل بسبب الثغرات التي شابت القضية.
وكانت محكمة جنح سفاجا بالبحر الأحمر قد قضت أمس بتبرئة مالك العبارة المصرية "السلام 98" ونجله، الهاربين في لندن، فضلاً عن ثلاثة آخرين من تهمة التسبب في غرق نحو 1033 شخصًا في البحر الأحمر خلال رحلة العبارة من ميناء "ضبا" السعودي إلى ميناء "سفاجا" المصري في فبراير 2006، واكتفت المحكمة بالحكم على القبطان صلاح جمعة، ربان العبارة "سانت كاترين"، إحدى العبارات التابعة للشركة، بالسجن لمدة ستة أشهر وكفالة عشرة آلاف جنيه لوقف التنفيذ لرفضه التوقف لنجدة الغرقى، على الرغم من مرور العبارة التي كان يقودها بجانبهم في بداية حدوث الكارثة.
وفور النطق بالحكم أخذ أهالي الضحايا في الصراخ والعويل وأصيب بعضهم بالإعياء، واعتصم أهالي الضحايا في المحكمة رافضين الخروج و هددوا بإضراب عن الطعام احتجاجا على الحكم.
وكانت لائحة الاتهام تضم ممدوح إسماعيل، رئيس مجلس إدارة شركة "السلام للنقل البحري" التي كانت تشغل العبارة، ونجله عمرو، نائب رئيس مجلس إدارة الشركة، والمهندس ممدوح عبد القادر عرابي، مدير الأسطول البحري للشركة، ونبيل السيد شلبي، مدير فرع الشركة في سفاجا، وعماد الدين أبو طالب، مهندس ثالث الشركة، والقبطان صلاح جمعة، ربان العبارة "سانت كاترين"، إحدى العبارات التابعة للشركة.
ومن الجدير بالذكر أن المحكمة عقدت 21 جلسة استمعت خلالها لإفادات وشهادات مسئولين تنفيذيين وبرلمانيين، بينهم قيادات بوزارة النقل، ووزارات أخرى، إضافة لهيئتي "النقل البحري" و"موانئ البحر الأحمر"، إلى جانب رئيس لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، ورئيس لجنة إعداد التقرير الفني عن الحادث المأساوي.وجاء تقرير مجلس الشعب مدينا بشكل لا لبس فيه لمالك العبارة ولجهات سيادية في مصر، لكن المحكمة لم تأخذ بما ورد في التقرير، ما دفع أهالي الضحايا للاعتقاد بأن الحكم الذي صدر في القضية أمس "سياسي" نظرا للصلات التي تربط مالك العبارة بأشخاص متنفذين في الحكومة المصرية.