أنت هنا

15 جمادى الأول 1429
المسلم - متابعات:

دارت اشتباكات عنيفة اليوم الثلاثاء بين وحدات من الجيش السوداني والحركة الشعبية في "أبيي" سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى، بعد اضطرار الآلاف من سكان المدينة للفرار عقب إحراق الحركة الشعبية لمنازلهم.

وكان الجيش السوداني قد حذر في بيان له أمس بعبارات قاطعة الحركة الشعبية من أنه "لن يقف مكتوف الأيدي، وسيضطر لحسم الموقف إزاء الوضع المتردي في ابيي"، بعد مغادرة الآلاف من سكان المنطقة منازلهم إثر تجدد القتال بين الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تسيطر عليها قيادات نصرانية مدعومة من الولايات المتحة وبين قبائل المسيرية العربية، ضمن جهود الحركة للقضاء على الوجود العربي والإسلامي في المنطقة.

وأكد الجيش السوداني في بيان أن المنطقة ليست خارج حدود السيطرة وأن المساعي الآن تجري على قدم وساق للخروج بالمدينة إلى بر الأمان، على الرغم من احتراق معظم منازل المدينة بالكامل.

ومن الجدير بالذكر أن منطقة "أبيي" تقع غرب منطقة كردفان في السودان، وتحدها شمالا المناطق التى تسكنها قبيلة المسيرية العربية المسلمة، وجنوبا بحر العرب القريب منها. وتعتبر منطقة تداخل بين قبيلة المسيرية وقبيلة الدينكا الجنوبية الزنجية التي ينتمي إليها زعيم الحركة الشعبية الراحل جون قرنق، الذي استطاع أن يجتذب بعض أبناء المنطقة إلى التمرد ضمن حركته، وقربهم منه، وحين بدأت المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية، كانت أبيي من أشد مناطق الخلاف عنفاً وحساسية، الأمر الذي جعلها تنفرد ببرتوكول خاص ضمن بروتوكول ميشاكوس، ثم ضمن بنود نيفاشا..حيث قضت الاتفاقية بمنح المنطقة حق الاستفتاء على تقرير مصير تبعيتها للشمال أو الجنوب خلال فترة حددها الاتفاق، وتشكلت لجنة لترسيم حدود المنطقة والنظر في وثائق الطرفين من أجل حسم موضوع تبعيتها في الفترة ما قبل الاستفتاء، لكن اللجنة التي سيطر عليها خبراء أمريكيون أوصت بضم المنطقة الغنية إلى حد التخمة بالثروات الطبيعية إلى الجنوب، وهو ما رفضته الحكومة السودانية وقبائل المسيرية العربية التي اعتبر أبناؤها هذا التقرير الظالم محاولة لانتزاع أرضهم التي استوطنوها قبل أكثر من ثلاثمائة عام، حتى قبل مجيئ الدينكا نقوك، الذين ألجأتهم حروبهم مع القبائل الزنجية، بل حتى مع فروع الدينكا الأخرى إلى الاحتماء بهم في هذه المنطقة، ويقول المسيرية إنهم استضافوهم، وتعايشوا معهم في سلام طيلة تلك القرون حتى اندلعت حرب الجنوب الأخيرة، حيث استدرجت الحركة الشعبية بعض أبناء المنطقة للتمرد.

وقد تجاوزت الحركة الشعبية حدود الاتفاقية وذهبت بعيداً في مواجهة المواطنين العرب من سكان المنطقة، حيث قامت باحتلال المنطقة بدعم أمريكي وغربي، وقامت بقطع الطرق ونهب الممتلكات الخاصة بالمنتسبين إلى قبائل المسيرية العربية وقتلت منهم من قتلت، وقام منتسبوها بإحراق عدد كبير من منازل وممتلكات العرب في المنطقة، لإجبارهم على الفرار بهدف التأثير على نتيجة الاحصاء السكاني ومن ثم تغليب وجود الجنوبيين على الأرض بعد طرد الشماليين عن أراضيهم تمهيداً لضم هذه المنطقة الغنية بالنفط إلى الجنوب.