أنت هنا

زوارق إيران وحقيبة بوش.. المسرحية مرة أخرى
22 ربيع الثاني 1429

عندما يحزم الرئيس الأمريكي جورج بوش حقيبته متجهاً إلى المنطقة العربية، تتحدث دوائر إعلامية عن مصادر مجهولة في البنتاجون عن حصول أحداث إطلاق نيران من سفن أمريكية باتجاه زوارق إيرانية تقترب إلى حد التحرش بتلك السفن، لمنعها من التقدم صوبها.
كالعادة تتحدث مصادر في البنتاجون لوكالات أنباء ولا تخرج على شاشات التلفزة لتكشف عن تلك الوقائع، وكالعادة أيضاً تنفي إيران حدوث ذلك، وتهرع وسائل الإعلام إلى محاولة تفسير هذا الحدث المبهم المعمى.
قبل أيام صرح مسؤول في البنتاجون لم ننجح في الحصول على اسمه تماماً مثلما كان الحال في حادثة الزوارق الأولى بأن "سفينة شحن متعاقدة مع البحرية الأميركية قد أطلقت أعيرة تحذيرية على زوق أو زورقين يعتقد أنهما إيرانيان اقتربا منها في مياه الخليج"، وعلى الفور نقلت قناة العالم الإيرانية الرسمية الناطقة باللغة العربية عن مصدر في البحرية الإيرانية قوله إنه "حتى لو وقع إطلاق نار فربما استهدف سفنا غير إيرانية" في الخليج.
وكنا لفتنا إلى هذا التجهيل المتعمد في كلمة المسلم إبان الحادثة الأولى [على الرابط http://www.almoslim.net/node/84323 ]، والتي ألمحنا فيها إلى رغبة في تعمية الخبر، إذ لا خجل في إعلان عن حادثة كهذه بشكل رسمي واضح، إن كانت قد حدثت بالفعل، وتجد الولايات المتحدة شجاعة كاملة لتعلنها على الملأ بشكل لا يدعو للتشكيك ـ على الأقل من أمثالنا!! ـ وإلا فالاسترسال مع الخبر كحادثة تتمتع بالواقعية أمر فيه نظر.
لا غرابة من حيث المبدأ أن تحدث حادثة كهذه أو كالتي قيل عنها في شهر يناير الماضي عندما كان الرئيس الأمريكي على أهبة الاستعداد للسفر إلى الخليج العربي، إنما الغريب في تكرار السيناريو ذاته بشكل ممجوج وساذج في مسعى للإيحاء بأن ثمة ما يمكن البناء عليه في تصور وجود خلافات جذرية وصراع مكتوم بين واشنطن وطهران.
نذكر هنا، أنه بعد أن عاد بوش في المرة الأولى وحقق نتائج إيجابية على أصعدة كثيرة بالنسبة للولايات المتحدة في المنطقة العربية، سلبية بالنسبة لنا، حل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ضيفاً على حكام بغداد الإيرانيين، متمتعاً بحماية أمريكية واضحة، لم يلق معشارها السفير المصري مثلاً الذي ذبح في بغداد على أيدي حلفاء إيران.
إن أي حديث عن صراع إيراني/أمريكي ـ لا خلاف فقط ـ في منطقتنا، قد أضحى مسألة عبثية أكثر منها جدلية، وبرمتها تحتاج القضية إلى رؤية من الساسة العرب أكثر عقلانية وواقعية، ونزوعاً منهم نحو تحقيق قدر من الاستقلال والانفصال عن الحبل الأمريكي، لأنه هكذا العالم لا يحترم إلا الأقوياء.

لم يعد يكفي أن نتحدث الآن عن وجود قدر عالٍ من التواطؤ الأمريكي/الإيراني ضدنا ـ نحن المسلمين العرب ـ بل لابد من أن نبني موقفاً مستقلاً يخرجنا من غرفة الإنعاش الدولية إلى الحياة الحرة.