أنت هنا

4 ربيع الثاني 1429
المسلم-(واع):

كشف مصدر رفيع المستوى في هيئة النزاهة العراقية أن خسائر العراق نتيجة الفساد الإداري والمالي، خلال السنوات الخمس الأخيرة التي أعقبت احتلال البلاد، بلغت 250 بليون دولار، واعتبر الأمانة العامة لمجلس الوزراء «البؤرة الأخطر للفساد»، فيما احتلت وزارة الدفاع مرتبة متقدمة بين الوزارات في هذا المجال.
وأوضح نائب رئيس هيئة النزاهة، القاضي موسى فرج، في تصريحات لصحيفة «الحياة»، بمناسبة الذكرى الخامسة لسقوط بغداد في يد القوات الأمريكية في التاسع من إبريل 2003، أن العراق «خسر خلال هذه الفترة 45 بليون دولار من تهريب النفط الخام الذي تسيطر عليه أحزاب شيعية في الجنوب، و45 بليون دولار أخرى من المشتقات النفطية، بالإضافة إلى حرق 600 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً من دون الاستفادة منها، واستغلال 441 بئراً نفطية من أصل 1041 بئراً منتجة، وطاقة تصديرية تقدر بـ4.2 مليون برميل لم يستغل منها أقل من النصف».
ولفت فرج إلى أن «السنوات الخمس الماضية لم تشهد تشييد مصفاة واحدة على رغم العروض المغرية التي قدمتها شركات عالمية لإنشاء مثل هذه المشاريع ولمدد تتراوح بين السنة والستة أشهر». وتابع أن «ما بقي من الـ250 بليون دولار، أهدرها الفساد في الوزارات والمؤسسات الأخرى».
وأشار فرج إلى أن «الأمانة العامة لمجلس الوزراء (التي يسيطر عليها الشيعة) تحولت إلى أخطر بؤرة للفساد في العراق، بعد إلغاء لجنة الشؤون الاقتصادية التي كان يرئسها نائب رئيس الوزراء، وتم تحويل صلاحياتها الى الأمانة العامة، فمعظم العقود الضخمة تبرم من خلالها، مثل شراء طائرات ببلايين الدولارات، أو التعاقد لبناء مستشفيات كبيرة، وعدم السماح للجهات الرقابية، خصوصاً هيئة النزاهة، بالاطلاع أو التحقيق»، معتبراً «تشكيل مجلس لمكافحة الفساد سرقة لمهمات هيئة النزاهة وصلاحياتها».
وقال ان «وزارة الدفاع احتلت المرتبة المتقدمة في الفساد المالي والإداري، خصوصاً في عقود التسليح، بما فيها شراء طائرات عمودية قديمة غير صالحة للعمل، وبنادق قديمة مصبوغة رفضتها اللجنة العراقية وفرضتها الشركة الأمريكية المصنعة، واستيراد آليات من دول أوروبا الشرقية بنوعيات رديئة». وأضاف أن «الأدهى من كل ذلك سعي الوزارة إلى الاحتماء وفرض السرية على ملفاتها، والامتناع عن تسليمها إلى هيئة النزاهة»، بعدما حظيت بموافقة رئيس الوزراء بمنع محققي الهيئة من الحصول على نسخ الملفات ذات العلاقة بالفساد أو تصوير أي وثائق تخص الوزارة، على الرغم من وجود أوامر قضائية بالاطلاع عليها».
أما في وزارة التجارة، التي تعد الجهة الأولى المسؤولة عن توفير الغذاء للعراقيين «فمهمتها الرئيسية توفير مواد البطاقة التموينية. لكنها بدلاً من الاتفاق مع مناشئ معروفة في توفير المواد المطلوبة اتجه المسؤولون فيها إلى التعاقد مع تجار في الأسواق المحلية على صلة بهم، ففتحوا مكاتب لهم في الخارج وصدروا إلى العراق كل ما هو تالف وغير صالح للاستخدام الآدمي، تجاوز بعضه مدة صلاحيته». وأضاف أنه «يبلغ حجم الصفقات التي تم ضبطها قبل توزيعها على المواطنين عشرات الآلاف من الأطنان، ما كلف العراق عشرات البلايين من الدولارات». وتابع أن «الوزارة توقفت إثر ذلك عن تزويد الناس بمواد تموينية لستة أشهر كاملة، من دون توضيح ما آلت اليه المبالغ المخصصة لهذه الفترة. وبدلاً من وضع الوزارة تحت طائلة المساءلة، عمد المسؤولون في مجلس الوزراء الى اتخاذ قرارات غاية في الغرابة وهي تقليص مواد البطاقة التموينية».
أما في وزارة الداخلية، فيقول فرج إنه «تم اكتشاف 50 ألف راتب وهمي، كلفت الحكومة 5 بلايين دولار سنوياً، مع ثمن الأطعمة والملابس، عدا الأسلحة والأعتدة. كما فقدت الوزارة 19 ألف قطعة سلاح، أفادت وثائق أن شركات أعادت بيعها إلى أطراف بريطانية».
ووصف الوضع الصحي في البلاد بأنه «مأسوي، لأن الفساد في الوزارة يعرض حياة الناس للخطر»، مشيراً إلى أن 90 في المائة من الأدوية المتداولة في الصيدليات لم يتم فحصها، ولا دور للوزارة في استيرادها أو توزيعها، وغالبا ما تكون من مناشئ رخيصة ومتدنية النوعية مثل الهند وباكستان وبنجلاديش يضخها القطاع الخاص»، ولفت إلى أن «إحدى كوارث هذه السياسة تسرب فيروس الإيدز من خلال أحد العقاقير في محافظة بابل قبل عامين تقريباً"، مؤكدا أن جهات صحية تستخدم المخدر الخاص بالمستوصفات البيطرية للمرضى البشر".