
انتقدت مجلة "الإيكونوميست" الإنجليزية؛ للمرة الثانية؛ دعوى إغلاق حزب العدالة والتنمية، وتناولت بشكل تفصيلي ماذا يعني حزب العدالة والتنمية بالنسبة لتركيا الآن؟، وفي المستقبل؟، كما رسمت سيناريوهات مهمة لسير القضية، ونتائجها.
وقالت المجلة في مقال لها بعنوان "دراما قاعة المحكمة": "إن فكرة إغلاق المحكمة لحزب سياسي حكم البلاد خمس سنوات، ثم جدد الشعب ثقته فيه منذ تسعة أشهر أيضًا فكرة تلقى استغرابًا ودهشة لدى الدول الديمقراطية".
وأضافت المجلة أن المحكمة الدستورية قبلت في 31 مارس 2008م، بإجماع الآراء الدعوى المرفوعة من النائب العام التركي، والتي تطالب بإغلاق حزب العدالة والتنمية، وفرض حظر مزاولة النشاط السياسي على سبعين شخصية قيادية من الحزب يأتي أردوغان على رأسهم، كما قبلت– أيضًا- بأغلبية الآراء تقديم رئيس الجمهورية عبد الله جول للمحاكمة!.
وكانت المحكمة الدستورية قد حكمت قبل عشر سنوات بإغلاق حزب الرفاه الذي كان يتزعمه نجم الدين أربكان، غير أن التهمة المنسوبة لكلا الحزبين واحدة، وهي "معاداة العلمانية".
وأوضحت المجلة أن الظروف اليوم مختلفة تمامًا عن قبل عشر سنوات؛ فحزب العدالة والتنمية رغم هويته الإسلامية إلا أنه أكثر اعتدالا من حزب الرفاه، ويمتلك أغلبية داخل البرلمان على النقيض من حزب الرفاه، الذي كان شريكًا في حكومة ائتلافية، كما أن حكومة حزب العدالة والتنمية هي الأنجح بين الحكومات التي تولت السلطة منذ عشر سنوات.
وأضافت المجلة: "لقد قامت (حكومة حزب العدالة) بتجديد قانون العقوبات، ومنحت الحقوق للأكراد، والأقليات الأخرى، والمرأة، ووضعت الجيش تحت إدارة السلطة المدنية، وأحرزت نموًا اقتصاديًا واضحًا، واستقرارا في البلاد، كل هذه الانجازات لم تتمكن حكومة علمانية من إحرازها، ثم كانت جائزتها عام 2005 بأن بدأت المفاوضات للانضمام إلى الاتحاد الأوربي، وهو ما كانت ترنو إليه تركيا منذ أربعين عامًا.
واستطرد المقال قائلا: "ولم يكن اختيار الناخبين في يوليو الماضي لحزب العدالة والتنمية مرة أخرى مفاجأة أو بالشيء المدهش؛ غير أن الحزب قد كسر حدة الجيش والأوساط العلمانية، وانتاب الجيش خوف من أن يفقد وضعيته المتميزة في حال سن الحكومة دستور جديد، والأوساط العلمانية المتشددة خشيت من أن يكون لدى الحزب أجندة خفية تبتغي تطبيق الشريعة الإسلامية، خاصة بعد نجاح الحكومة ورئيس الجمهورية في إقرار تعديل دستوري أتاح للمحجبات بدخول الجامعات.
رغم تأكيدات وتصريحات أردوغان وجول المتكررة بتمسكهما بعلمانية الدولة، وإعلانهما أن الدستور الجديد سيعزز من قيم تركيا الديمقراطية وفق معايير الاتحاد الأوربي، هذا كله لم يكن بالذي يهدئ من ثورة الجيش والأوساط العلمانية، فقام الجيش في أبريل الماضي بالتلويح بانقلاب عسكري خشية تولي جول رئاسة الجمهورية، ثم تراجع الجيش بعد أن أصبح الأمر واقعًا.
ثم كانت دعوى النائب العام بإغلاق حزب العدالة بمثابة مشهد جديد في هذه المسرحية القذرة. وكان على أعضاء المحكمة الدستورية أن يقوموا بالرفض الفوري لهذه الدعوى، فالنظر في هذه الدعوى يؤدي إلى الكثير من المخاطر. فأسواق المال الآن في حال ارتباك، غير أنه ومع الأسف فإن قرار المحكمة الدستورية العام الماضي بشأن انتخاب جول رئيسًا للجمهورية يوضح أن المحكمة جزء من بيئة علمانية متطرفة. وهو ما يجعل إصدارها قرار بإغلاق الحزب أمرًا محتملا".