
اعتبرت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية أن الحرب الأمريكية على العراق "حرب أكاذيب" منذ البداية وحتى النهاية. في الوقت الذي أكد مراقبون أن استمرار تورط واشنطن في العراق "قنبلة موقوتة" قد تؤدي إلى كارثة داخل أمريكا نفسها.
وقال "باتريك كوبيرن" مراسل صحيفة "الاندبندنت" البريطانية في العراق والشرق الأوسط ، في مقال له بمناسبة مرور خمس سنوات على غزو الولايات المتحدة للعراق واحتلاله: إن نتيجة هذا الأمر كانت صورة لعراق رسمي يقترب من الخيال، وعدم قدرة على التعلم من الأخطاء، بسبب رفض الاعتراف بوقوع أي خطأ.
ولفتت الصحيفة إلى أن العراق بعد الاحتلال تحول إلى دولة ممزقة، استنزفتها الأهوال، وتراوح عدد الضحايا المدنيين لديها ما بين 100 ألف شخص إلى عشرة أضعاف هذا الرقم - أي مليون قتيل - في حين فر مليونا شخص من البلاد. وأشارت الصحيفة إلى أنه على مدار خمس سنوات خسرت الولايات المتحدة الأمريكية نحو أربعة آلاف قتيل عسكري في حين أصيب 30 ألفا آخرون إضافة إلى حصيلة الأسى والمعاناة التي تؤثر حاليا بالفعل في مسار السياسة الأمريكية.
من جهة أخرى، اعتبر مراقبون ما فعلته امريكا في العراق وأفغانستان "كارثة" تهدد كيان الولايات المتحدة نفسه، قائلين إنه مع نهاية هذا العام، سيصل حجم الديون الأمريكية الداخلية فقط إلى 10 تريليونات دولار. إذ تزيد نحو 4 .1 مليار دولار يومياً، أي نحو مليون دولار كل دقيقة. وصارت هذه الديون ـ على حد قول الخبراء والمحللين ـ أشبه بقنبلة زمنية موقوتة قد تنفجر في أية لحظة.
وذكرت وكالة «أسوشيتدبرس» في تقرير لها بمناسبة مرور خمس سنوات على احتلال العراق أن المواطن الأمريكي إذا استطاع النجاة من أزمة القروض العقارية وتجاوز ارتفاع أسعار الوقود، فإنه لن يسلم من أن يعاني من البؤس الاقتصادي، في حال عولجت هذه الديون بارتفاع كبير في الضرائب أو الاقتطاع من الخدمات وتخفيض تكاليف برامج الرعاية الاجتماعية التي يستفيد منها المواطن الأمريكي.
وذكرت الوكالة أن الأرقام تؤكد أن إدارة بوش هي سبب التأزم الاقتصادي الحالي الذي تعيشه أمريكا، حيث كان حجم الدين الداخلي، عندما تولى بوش مهام منصبه في يناير 2001، نحو 7 .5 تريليون دولار، وعندما يغادر بوش البيت الأبيض في يناير المقبل سيصل الدين إلى عشرة تريليونات دولار.
وكان الاقتصادي الأمريكي البارز جوزف ستيجليتز، الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد، وليندا بيلمس الأستاذة في جامعة هارفارد، قد قالا في كتابهما المثير بعنوان «حرب الـ30 مليار دولار» : ان حرب العراق ستكلف الأمريكيين ما لا يقل عن ثلاثة آلاف مليار دولار، وأكدا أن ثلث تكلفة الحرب ـ ألف مليار دولار ـ كان يمكن أن تستخدم من أجل تمويل بناء ثمانية ملايين مسكن، وتوظيف 15 مليون استاذ، وتقديم العلاج لـ 530 مليون طفل، ومنح تعليمية إلى 43 مليون طالب، وتغطية صحية للأمريكيين على مدى السنوات الخمسين المقبلة.
وكشفت دراسة مستقلة نشرتها مجلة السياسة الخارجية ومركز الأمن الأمريكي الجديد، عن أن حرب العراق أرهقت الجيش الأمريكي إلى درجة أنه لم يعد قادراً على خوض حرب أخرى واسعة النطاق. وأظهرت الدراسة أن 9 من بين كل عشرة ضباط أمريكيين اعترفوا بأن تلك الحرب أرهقت جيشهم وعلى نحو خطير. وذكرت أن 60% من الضباط المشاركين في الدراسة، اعترفوا بأن الجيش الأميركي حالياً أضعف مما كان عليه قبل خمس سنوات. وأشارت إلى أن 80% من المشاركين اعتبروا تكليف الجيش بخوض حرب أخرى ضخمة اليوم غير عقلاني.