الدعوة الإسلامية المعاصرة في السنغال
6 ذو الحجه 1428

<font color="#0000FF">مقدمة: </font><BR><font color="#ff0000">نبذة عن جغرافية السنغال. </font><BR>- تقع جمهورية السنغال في المغرب الأقصى من قارة أفريقيا، وتطل على المحيط الأطلسي.<BR>- وهي في المنطقة المدارية الشمالية، ما بين خطي عرض 12 جنوبا و 16،5 شمالا، وبين خطي الطول 11،5 شرقا و 17،5 غربا.(1) <BR>- أما سطح أراضي السنغال فهي في غالبها سهول منبسطة، إلا أجزاء قليلة منها في الجنوب الشرقي من البلاد، فيوجد بها هضاب مرتفعة بعض الشيء.(2) <BR>- وتقطن السنغال عدة جماعات لغوية، وأهمها ما يلي: ولوف، وسيرير، وبول ( فلاتة ) وجولا، وماندينك.<BR>- يبلغ مجموع سكان السنغال تقريبا عشرة ملايين نسمة. <BR><BR><font color="#ff0000">تاريخ دخول الإسلام في السنغال. </font><BR>لم يتفق المؤرخون في تحديد تاريخ دخول الإسلام في أفريقيا، حيث يرجعه بعضهم إلى حركة المرابطين بقيادة المجاهد عبد الله بن ياسين في القرن الحادي عشر الميلادي 1053 م، ويرجعه آخرون إلى جهود التجار المسلمين الذين وصلوا إلى المنطقة من برقة بليبيا، والقيروان بتونس، وتلمسان بالجزائر، ومن طريق لمتونة بالمغرب، كما أن كثيرا من الكتاب يربطون دخول الإسلام إلى السنغال بإسلام أحد الملوك السنغاليين واسمه ( وارجابي ) عام 1040 م، والذي أقر بالشريعة الإسلامية في مملكته بعد إسلامه.(3) <BR><font color="#0000FF">عهد الشيوخ والطرق الصوفية<BR>الميزات والملامح . </font><BR><BR>يعد من أهم مراحل الدعوة الإسلامية في السنغال عهد الشيوخ والطرق الصوفية، وهذه نبذة يسيرة تتناول بعض مميزاته وملامحه. <BR><font color="#ff0000">أولا: الميزات. </font><BR> يتميز عهد الشيوخ من الناحية الدينية والثقافية بعدة أمور مهمة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: <BR>- دخول أكثر الشعب السنغالي في الإسلام، فقد دخل على أيدي الشيوخ ( الدعاة آنذاك ) جماهير لا تحصى من الوثنيين. <BR>- تعليم القرآن الكريم ونشر علومه، حيث بذلوا الجهود الجبارة والمضنية في حفظه وتحفيظه ونسخه. <BR>- خدمة اللغة العربية والعناية بها، وهي ميزة بارزة من مزايا الشيوخ والدعاة الأوائل، فقد أبدعوا في النثر، وقرضوا الشعر، بل أجمعوا على اعتبار اللغة العربية اللغة الرسمية في البلاد حتى بعد دخول الاستعمار إليها وفرض اللغة الفرنسية فيها بالحديد والنار. <BR>- المحافظة على الهوية الإسلامية ومقاومة الاستعمار الغربي، الذي كان يستهدف في خطتها الصليبية العقيدة الإسلامية، وجميع مظاهرها في حياة معتنقيها.<BR><font color="#ff0000">ثانيا: الملامح العقدية و الفكرية. </font><BR>اصطبغت الناحية الدينية في عهد الشيوخ بملامح عقدية وفكرية خاصة، وهذه بعض تلك الملامح العقدية والفكرية: <BR>- انتشار التصوف وكثرة طرقه، حتى غدا أكثر العوام لا يشكون في وجوب انتماء المسلم إلى طريقة من تلك الطرق.(4) <BR>- غلبة العقيدة الأشعرية: فأغلب علماء السنغال في تلك الفترة ينتحلون العقيدة الأشعرية الكلابية، والتي كانت توصف بأنها عقيدة أهل السنة والجماعة. <BR>- شيوع المذهب المالكي: ففقهاء السنغال كلهم أو أغلبهم مالكية.<BR><BR><BR><BR><BR><font color="#0000FF">الدعوة الإسلامية المعاصرة:<BR>أو فترة جيل الصحوة</font><BR><BR>حينما انقرض جيل الشيوخ، وولى الاستعمار الفرنسي، خلف كل واحد منهما وارثا أخذ على نفسه خدمة مشروع سلفه الحضاري ونشر رسالته الثقافية، إذ ترك الشيوخ بعدهم طبقة من طلاب العلم الشرعي وحملة الثقافة الإسلامية العربية، كما ربى المستعمرون من أبناء البلد ربائب لهم عهد إليهم حكم السنغال وتوجيه الحياة السياسية فيه من بعدهم، ولذلك لم يزل الصراع الحضاري التاريخي بين دعاة الإسلام وبين دعاة التغريب مستمرا إلى الآن. <BR><font color="#0000FF">كيف ظهر الجيل الجديد ؟ </font><BR>بفضل من الله وتوفيق، تضافرت عدة عوامل في إخراج أمة من الناس يختلفون عن أسلافهم في كثير من التصورات والأعمال، ومن تلك العوامل ما سأذكرها: <BR><font color="#ff0000">1- الابتعاث إلى الدول العربية. </font><BR>(( نظرا لعدم وجود مدارس ثانوية أو جامعات لتعليم اللغة العربية، كان التلاميذ والطلبة مضطرين للسفر إلى البلاد العربية، رغبة منهم في متابعة دراساتهم للحصول على شهادات عالية، في كل المجالات الدينية والأدبية.. ))(5) فيمموا نحو الدول العربية للنهل من مناهلها العلمية في الجامعات والاستفادة من التجارب الدعوية التي كانت في أوجها في تلك الفترة الزمنية في الحجاز وشمال أفريقيا. <BR><font color="#ff0000">2- الزيارات الدعوية. </font><BR>زار السنغال عدد كبير من العلماء والدعاة المعاصرين، وتركت تلك الزيارات بصمات واضحة على مسيرة الدعوة الإسلامية المعاصرة، فمن الزوار من كان يركز في أحاديثه على بيان العقيدة الصحيحة ويحذر من نواقضها الاعتقادية و القولية والعملية، ويفصل في ذلك إلى حد لم يكن الدعاة ليجرؤوا على تجاوزه، ومنهم يحرص على تبصير الناس بالمنهج الوسط في التعامل مع المذاهب الفقهية بطريقة علمية حكيمة، ويرد على كثير من الشبهات التي كانت تعارض بها نداءات الدعاة المحليين، وكما أن من الزوار من يوجه حديثه إلى النخبة المثقفة بالثقافة الغربية ويناقش أفكارهم وتصوراتهم الخاطئة عن الإسلام.<BR><font color="#0000FF">وسائل الدعوة عند جيل الصحوة المعاصر: </font><BR>لا بد لأية دعوة من آليات ووسائل تقدم عبرها، وتمارس من خلالها أنشطتها وفعالياتها، ولقد مرت الدعوة الإسلامية المعاصرة في السنغال عبر قنوات متنوعة وفعالة، إما لأصالتها كالمساجد والكتاتيب القرآنية وحلقات العلم، وإما لتأثيرها كالمعاهد والمحاضرات والندوات ونحوها:<BR><font color="#ff0000">الوسيلة الأولى: المساجد. </font><BR>إن تجربة الدعاة المعاصرين في إصلاح المساجد وإعادة مكانتها كانت على خطوات: <BR><font color="#ff0000">الأولى: </font> إلقاء الكلمات قبل خطبة الجمعة، في مساجد المسالمين للدعوة، يطلقون عليها ( البيان ) وكانت تلقى باللغات المحلية، ويتحدث الدعاة فيها عن جميع مسائل الدين وقضايا الدعوة، مع بعض الإجمال وشيء من الحذر في المواضيع الحساسة، حتى لا يمنعون مرة أخرى من الحديث. <BR><font color="#ff0000">الثانية: </font> تفويض بعض أصحاب تلك المساجد أمر الخطبة والصلاة بالناس في الجمع والجماعات إلى من يثقون فيهم من الدعاة المتصفين بالحكمة في الدعوة، فيلقي الداعية المفوض خطبه المتميزة باللغة المحلية، فيؤثر في الناس تأثيرا بالغا، لحداثة عهدهم بهذا النوع من الخطب التي يدركون معانيها، ويتفاعلون مع مواضيعها المتجددة. <BR><font color="#ff0000">الثالثة: </font> بناء الدعاة مساجد لأهل السنة، مفتوحة لكل من يقصدها لأداء الصلوات أو الاستفادة من الدروس أو المحاضرات التي تلقى فيها، وغير ذلك من الأنشطة الدعوية، ومن خصائص تلك المساجد إلقاء الخطب باللغات المحلية، مع التنويع في موضوعاتها، وإحياء السنن المهجورة بين المسلمين في المساجد، وممارسة الأنشطة الدعوية المتنوعة داخلها.<BR>ومن أشهر المساجد الناجحة في هذه التجربة:<BR><font color="#ff0000">1- مسجد النور</font> في حي ( كلوبان ) في العاصمة ( دكار ) وتشرف عليه حركة الفلاح السلفية.<BR><font color="#ff0000">2- مسجد جامعة شيخ أنت جوب</font> في دكار ن وتشرف عليها جمعية الطلاب المسلمين في السنغال <BR><font color="#ff0000">3- مسجد الدعوة</font> في مقاطعة ( روفسك ) وتشرف عليها جماعة عباد الرحمن. <BR><font color="#ff0000">الوسيلة الثانية: الكتاتيب القرآنية الحديثة. </font><BR>اتخذت كتاتيب القرآن الكريم في البلاد شكلا جديدا عندما اقتحمت طائفة من جيل الصحوة الإسلامية المعاصرة مجال تحفيظ القرآن الكريم، وفتحوا مدارس داخلية نموذجية تعنى بتربية الأولاد على العقيدة الإسلامية الصحيحة و الأخلاق الحسنة والأخوة الإسلامية، مع النظام الدقيق المساعد على التحفيظ في وقت قياسي وجهد يسير.<BR>وهناك إقبال شديد على هذه المدارس الجديدة، وفيما يلي نماذج من الكتاتيب القرآنية الحديثة التي أنشأها الدعاة إلى الله من الجيل السني المعاصر:<BR>1- <font color="#ff0000">معهد دار الأرقم ب ( فاس توري ): </font> وهو أول محاولة جادة في سبيل تحسين تعليم القرآن الكريم، وتربية التلاميذ تربية سنية – حسب علمي – ولذلك كان ولا يزال يؤمها التلاميذ من شتى أبناء الطوائف الدينية والطرق الصوفية، و يشرف عليها الداعية الإسلامي الشهير الشيخ عبد العزيز توري، ولا نكون مبالغين إن قلنا بأن أغلب المدارس القرآنية الحديثة عيال على هذه المدرسة، لأن أكثر أعضاء هيئة التدريس في تلك المدارس من خريجيها.<BR>2- <font color="#ff0000">مدرسة عبد الله بن مسعود لتعليم القرآن الكريم: </font> وقد تأسست هذه المدرسة في حدود عام1993 م في مدينة دكار ( بارسيل أسن ) ومديرها المؤسس الشيخ إبراهيم خليل لوح، وهي مدرسة متميزة في مجال تحفيظ القرآن الكريم والتربية الإسلامية السنية، على الرغم من حداثة نشأتها النسبية، إذ خرجت في وقت قياسي نفرا من طلبة العلم الذي قطعوا مراحل علمية متقدمة بفضل الله ثم بفضل البرنامج العلمي الجيد في المدرسة.<BR>3- <font color="#ff0000">مدرسة دار الإيمان لتحفيظ القرآن الكريم والتربية الإسلامية: </font> أنشأت هذه المدرسة عام 1997 و مديرها الشيخ حبيب الله سه وهي مؤلفة من قسمين: <font color="#ff0000">القسم الخارجي: </font> وهو عبارة عن مرحلة ابتدائية متكاملة، تدرس إلى جانب العلوم الشرعية واللغة العربية اللغة الفرنسية.<BR><font color="#ff0000">القسم الداخلي: </font> ويقوم بتحفيظ القرآن الكريم للناشئة من بنين وبنات.<BR>4- <font color="#ff0000">مدرسة أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها- لتحفيظ القرآن الكريم: </font> وهي أول مدرسة سنية خاصة بتربية البنات وتحفيظهن لكتاب الله، قامت بإنشائها الداعية المربية الحاجة بنت تياو- حفظها الله ورعاها - وهي الأخرى تشهد إقبالا من أولياء التلميذات، وذلك بفعل التربية الإسلامية التي تتلقاها الفتيات في المدرسة في وسط نسائي رباني محتشم، بالإضافة إلى حفظ كتاب الله مع تلقي المبادئ الشرعية الأساسية. <BR><font color="#ff0000">الوسيلة الثالثة: المعاهد الشرعية: </font><BR>تنشر المعاهد والمدارس الشرعية في جميع أقاليم السنغال، ولكن قليلة تلك التي تعنى بالتربية الإسلامية الجادة، وأقل منها التي تعتمد منهج أهل السنة والجماعة في مناهجها الدراسية وسياساتها التعليمية.<BR>ولما لاحظ بعض رجال التربية من جيل الصحوة الإسلامية المتنامية في السنغال تدني مستوى التربية الدينية والتعليم الشرعي في أكثر المعاهد الموجودة في البلاد، سارع كثير منهم إلى إنشاء مدارس ذات طابع دعوي مميز، ووضعوا لها برامج وأهدافا تربوية مرسومة، ومن أشهر تلك المدارس وأكثرها نجاحا المداس التالية: <BR>1- <font color="#ff0000">معاهد حركة الفلاح السلفية: </font> ( تحتوي معاهد الفلاح البالغة (52) مركزا إسلاميا، على المراحل الثلاثة: الابتدائية والإعدادية والثانوية، ومناهجها مستقاة إلى حد كبير من منهج الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ) (6) وأشهر تلك المدارس مدرسة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في حي ( كولوبان ) ومعهد الحاج محمود باه في (بكين) و كلتاهما موجودتان في العاصمة دكار.<BR>2- <font color="#ff0000">المؤسسات التعليمية التابعة لجماعة عباد الرحمن: </font> حيث ( عنيت هذه الجماعة بالتربية والتعليم، وأسست لهذا الغرض لجنة تشرف على مؤسساتها التعليمية.. وتمتاز مدارسها بجودة التعليم والجمع بين التربية وحسن النظام )(7) , ومن أشهرها مدرسة بلال بن رباح – رضي الله عنه - ومعهد الحاج عمر الفوتي، والمدرستان موجودتان في مدينة ( تياس ) وللجماعة تجربة لا بأس بها تهدف إلى محاولة الجمع بين منهج التربية الإسلامية والمنهج الرسمي في المدارس الحكومية، و قد طبقت هذه التجربة بنجاح في معهد النور في ( سبختان )، حيث يسجل المعهد نتائج جيدة جدا في الامتحانات الوطنية السنغالية، إلى جانب التربية الإسلامية التي يتمتع بها التلاميذ داخل فصول الدراسة وغرف السكن في المدرسة.<BR>3- <font color="#ff0000">المعهد الإسلامي العالي بلوغا: </font> و هذا المعهد بناه الشيخ عباس صل – رحمه الله – بمساعدة من المملكة العربية السعودية، وللمعهد دور كبير وجهد مشكور في نشر العقيدة السلفية والعلوم الشرعية، ولقد استفاد منه عدد كبير من طلاب العلم، وخاصة أولئك الذين كادت الرسوم الغالية في المدارس الشرعية الأهلية أن تحول بينهم وبين إكمال تحصيلهم العلمي الشرعي. <BR>4- <font color="#ff0000">الكلية الأفريقية للدراسات الإسلامية: </font> أنشأها شيخنا الدكتور محمد أحمد لوح – حفظه الله - بعد رجوعه إلى البلاد متخرجا من الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية تلبية لحاجة علمية ماسة كانت تعاني منها خريجي المعاهد الثانوية، نظرا لقلة المنح الدراسية التي كانت تعطى لهم لمواصلة دراستهم في الدول العربية وندرة فرص التعليم الشرعي الجامعي في البلاد، وهي عبارة عن كلية جامعة تحاول توفير الضروري من التخصصات الشرعية للطالب، ليتخرج منها بعد ذلك بقدر من العلم يرشحه لنشر العلم والدعوة إلى الله عز وجل على منهج أهل السنة والجماعة. <BR><font color="#ff0000">الوسيلة الرابعة: المحاضرات والندوات العلمية. </font><BR>وانتشار هذه الوسائل بين الدعاة في السنغال ولدى جميع التوجهات الدعوية والمدارس الفكرية أمر معروف، بل إن من الملحوظ غلبتها على وسائل أخرى لا تقل عنها أهمية، كالحلقات العلمية والدورات الشرعية وغيرها. <BR>ويعد من أشهر المحاضرات والندوات تلك المحاضرات الرمضانية في مسجد مطار دكار الدولي، والتي كانت يختار لها أكثر الدعاة تأثيرا في الساحة السنغالية كالأستاذ محمد بمب جاي، والشيخ عبد العزيز توري، والشيخ إبراهيم الخليل لوح وغيرهم، والثلاثة يمثلون التنوع المنهجي المتعاون في خدمة الدعوة الإسلامية المعاصرة، إذ تميزت محاضرات الأستاذ بمب بفقه الواقع السياسي الداخلي والخارجي، وفضح مكائد أعداء الإسلام، وكشف شبهات العلمانيين والمتغربين، كما كانت لهجة الشيخ عبد العزيز توري تمثل الخطاب الدعوي المستفيد من تجربة الشيوخ الماضين، والمعترف لجيل الصحوة بالإبداع والتجديد، أما أستاذنا الشيخ إبراهيم فقد عرف بحكمته المتناهية في دعوة المخالفين لأهل السنة والجماعة وإلزامهم بأقوال شيوخهم، مما أكسبه قبولا عاما لدى كثير من أتباع الطرق الصوفية، على الرغم من وضوح منهجه السلفي في المسائل العلمية والعملية على السواء. <BR><font color="#ff0000">الوسيلة الخامسة: المخيمات الصيفية. </font><BR>وهي نمط آخر من وسائل الدعوة المنتشرة في البلاد، يتميز بسيادة الجو الأخوي بين المشتركين فيها، حيث تسنح لهم فرصة الالتقاء والتحدث عن قضايا الدعوة الإسلامية، وتبادل الخبرات والتجارب، إلى جانب الفائدة العلمية التي يجنيها المشتركون من الدروس والمحاضرات والندوات التي تلقى في تلك المخيمات. <BR>وأنشط المؤسسات العاملة في هذا المجال هو جماعة عباد الرحمن ممثلة في جناحها الطلابي حركة الطلاب والتلاميذ التابعة لجماعة عباد الرحمن، وكذلك شباب حركة الفلاح السلفية، والرابطة الوطنية للطلاب السنغاليين في الخارج فرع الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية..<BR> <BR> <font color="#0000FF">ملامح الدعوة المعاصرة واتجاهاتها. </font><BR>فيما سبق أطلنا الحديث عن أسباب التحول وآليات التغيير في مسار الدعوة الإسلامية في السنغال، وفي هذا المبحث سنذكر إن شاء الله ما امتازت به هذه الفترة الأخيرة من الدعوة إلى الإسلام فترة جيل الصحوة المعاصرة، وما هي إضافاتهم واتجاهاتهم الفكرية والعقدية التي لم تكن معروفة أو مشهورة قبل ظهورهم. <BR><font color="#ff0000">أولا: التوجه العام إلى الكتاب والسنة. </font><BR>مع بداية الستينات بدا يظهر في الأفق اتجاه عام من طلبة العلم إلى نبذ التقاليد الموروثة وتجديد التصور والعطاء في جميع أمور الدين، وإن لم يكن أصحاب هذا التوجه آنذاك متربين على منهج علمي دعوي محدد يختلف عما اشتهر في البلاد من أنماط التربية والتكوين، ولكن تضافرت عدة عوامل لدفع هذا الجيل الجديد إلى التوجه مباشرة صوب الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح – رحمهم الله – في الاعتقاد والعبادة والسلوك والدعوة، ولعل من أهم تلك العوامل <font color="#ff0000">قراءاتهم المتوسعة لإنتاج الدعاة المعاصرين</font> و التي فتحت أمامهم آفاقا فكرية واسعة لم يعرفها أسلافهم، لأن المستعمر الفرنسي لم يكن يسمح بإدخال كتب إلى السنغال، غير كتب اللغة العربية والتصوف أو علم الأسرار ( السحر)، ولما تغيرت الحال واستقلت البلاد، وزادت الصلة بعلماء المشرق العربي والشمال الأفريقي و دعاتهم من أهل السنة والجماعة، وجد الدعاة السنغاليين ضالتهم فأقبلوا على إنتاجاتهم الفكرية بنهم، وذلك لتميزها بالأصالة الشرعية في عرض العقيدة الإسلامية الصحيحة وعلم الشريعة الإسلامية و فقه التربية والسلوك، وكذلك الجدة النسبية لمضامين تلك الإنتاجات. <BR>أضف إلى ذلك <font color="#ff0000">طبيعة العقائد المنحرفة والتقاليد البالية</font> والتي لا يصبر عليها نفسه من تنورت بصائرهم ولو بقبس من كتاب الله تعالى وصحيح سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا تصبر قلوبهم على عقائد ثبتت بطلانها وتقاليد عفا عليها الدهر، ولو كان عليها الآباء و الأجداد، و دان بها العظماء والكبراء، لأن الحق لا يعرف بالرجال، والرجال يعرفون بالحق , وهذه الحقيقة هي التي حدت الإسلاميين الجدد من جيل الصحوة إلى مراجعة ونقد كثير من موروثهم العقدي والفكري، وعدم دس رؤؤسهم في رمال التقليد والتعصب، والتمادي في الغي بعد تبين الرشد، فقوطعت المناسبات والمشاهد، وتخلي عن الرموز والرسوم، كما نوقش بلا رفق ولا هوادة كل العقائد والمفاهيم , و كان صراعا مريرا مع أنفسهم في البحث عن الحق و الدعوة إليه والثبات عليه، وصراعا مع التقاليد والعادات التي يعد الخروج عليها ذوبانا في الغير وكفرا بشيوخ الإسلام وأقطاب الدين، إلى أن تمايز الجيلين جيل الطرق والشيوخ وجيل الصحوة الصاعد، وتفرق السبيلان سبيل المحافظة على القديم المعتاد من أمور العقيدة والشريعة، وسبيل التجديد والتطوير والنقد والتمحيص. <BR><font color="#ff0000">ثانيا: ظهور الجمعيات والمؤسسات الإسلامية. </font><BR>شعر الدعاة منذ بداية تحركهم بحاجة ماسة إلى قوة تساند أعمالهم الدعوية، وتحميها من محاولات الطمس والاحتواء، فلا الزعامات الصوفية هي التي تخاطر بتربية فلول من أهل السنة و الجماعة لتنقلب عليها في ليل أو نهار، فتنزع عنها جلابيب القداسة، وترمي بعقائدها عرض الحائط، ولا السلطة السياسية هي التي ترعى أعمالها وتعطيها الشرعية، لما ترى فيها من التطرف والرجعية التي لا تتماشى مع المشروع الحضاري العلماني.<BR>من هنا وجد الدعاة الحاجة إلى إنشاء الجمعيات والمؤسسات لتنهض بواجبات الدعوة التي تنوء بحملها الأفراد، فأنشأت جمعيات ومؤسسات كثيرة ومختلفة، ما زالت بعضها تؤدي دورها في نشر العقيدة الصحيحة ومحاربة البدع والخرافات، والوقوف أمام المد التغريبي الهائج، كما أصبح بعضها مع الأيام وسائل لجمع المال وكسب الجاه والشهرة، وفيما يلي أسماء لبعض الجمعيات العاملة في الساحة:<BR>1- <font color="#ff0000">الجمعية الثقافية، وقد تأسست في مدينة سانت لويس عام 1930 م. </font><BR>2- <font color="#ff0000">جمعية لواء تآخي المسلم الصالح 1937 م. </font><BR>3- <font color="#ff0000">الإتحاد الثقافي الإسلامي 1953 م</font><BR>4- الإتحاد الوطني الثقافي للجمعيات الثقافية الإسلامية 1962 م </font><BR>5- <font color="#ff0000">جمعية المستعربين 1972 م. </font><BR>6- <font color="#ff0000">جماعة عباد الرحمن 1978 م. </font><BR>7- <font color="#ff0000">حركة الفلاح السلفية 1979 م. </font><BR>8- <font color="#ff0000">جماعة العمل الإسلامي (8) </font><BR><font color="#ff0000">الاتجاهات الدعوية الجديدة. </font><BR>إن مما تميزت به مرحلة جيل الصحوة بروز اتجاهات دعوية جديدة، جراء تأثر أصحابها بدعاة ومصلحين اقتنعوا بصحة أفكارهم وسلامة مناهجهم، فراحوا يستفيدون من تجاربهم في الدعوة والتربية من أجل الإصلاح والتغيير في بلدهم السنغال، وأشهر الدعوات والمدارس الفكرية التي تأثر بها الدعاة في السنغال هي:<BR><font color="#ff0000">1) الدعوات الإصلاحية السنية: مثل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية: </font>التي تركز أتباعها غالبا على الدعوة إلى التوحيد ومحاربة البدع والخرافات، وإحياء مظاهر الهدي الظاهر في مجال السلوك والأخلاق، و <font color="#ff0000">حركة الإخوان المسلمون: </font> التي أنشأها الشيخ حسن البنا، ويحاول أتباعها والمتأثرون بها الإصلاح الشامل لجوانب الحياة الإنسانية على ضوء المنهج الإسلامي، <font color="#ff0000">ودعوة الشيخ عبد الحميد بن باديس الجزائري</font>، وأقرب الجمعيات إلى هذه الدعوات الإصلاحية السنية هو <font color="#ff0000">حركة الفلاح السلفية</font> التي تأسست بعد رجوع مؤسسها الشيخ محمود با من الحجاز وبنائه مدارس تحمل اسم مدارس الفلاح وفاء للعهد لمدارس الفلاح بمكة المكرمة، حيث كان يدرس رحمه الله تعالى، وتربيته لتلاميذه على منهج السلف الصالح .<BR>وللحركة جهود طيبة في مجال التربية والتعليم ونشر عقيدة أهل السنة والجماعة و محاربة البدع والخرافات، بواسطة مؤسساتها التعليمية المتواجدة في أكثر أقاليم السنغال، وأنشطتها الدعوية والخيرية التي تتعاون في تنفيذها مع الحكومات والمؤسسات العلمية والخيرية الخليجية. <BR>و<font color="#ff0000">جماعة عباد الرحمن</font> التي ظهرت نتيجة انفصال حدث داخل الإتحاد الثقافي الإسلامي في السبعينات إثر حدوث خلاف بين قادة الإتحاد والنخبة التي أصبحت فيما بعد النواة الأولى للجماعة كما يقول الأستاذ عبد القادر سيلا في كتابه المسلمون في السنغال ص 165، وقد تعاقب على إمارة الجماعة كل من الأستاذ علي جوف – رحمه الله – والأستاذ سيدي غالي لوح، والشيخ مالك جاي – رحمه الله، وناب في الإمارة هذا الأخير بعد وفاته الأستاذ أحمد جه – وفقه الله - توزعت اهتمامات جماعة عباد الرحمن حسب مجالات العمل الإسلامي المتعددة من دعوة، وتربية، وعمل خيري وإغاثي، ودعوة إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي، كما تمتاز بنشاطها النسوي الكبير، واعتنائها بتلاميذ وطلاب المعاهد والجامعات الفرنسية، بالإضافة إلى التنظيم الدقيق الذي تسير عليه برامجها الدعوية والتربوية.<BR><font color="#ff0000">2) الاتجاه التبليغي: </font> منذ بداية الدعوة المعاصرة في البلاد كان لجماعة التبليغ حضور في الساحة، حيث كانت المنظمات السنية تفتح مساجدها لقوافل ( الخروج في سبيل لله )، وتستضيف دعاتها في مراكزها، مما أدى إلى تأثر كثير من أتباع تلك المنظمات بمنهج جماعة التبليغ المنحصر على الدعوة إلى التهذيب الخلقي وغرس الإيمان في القلوب دون التعرض لتفاصيل مسائل الإيمان، والخوض في القضايا السياسية، ومع مرور السنون والأعوام ازداد نشاط جماعة التبليغ، لاسيما في العاصمة دكار، وتقلصت أواصر التعاون بينهم وبين الجمعيات السنية في كثير من المجالات مع تنامي التمايز المنهجي والعقدي بين الاتجاه التبليغي في البلاد وبين الحركات السنية الشمولية. <BR><font color="#ff0000">3)الاتجاه الشيعي: </font> يوجد طائفة من شباب الصحوة الإسلامية المعاصرة تعجبهم الثورات والشعارات أكثر من الحقائق والاتجاهات الرشيدة، إذ ليس أمامهم قضية واضحة يدافعون عنها أو عقيدة معينة يدعون إليها، لذا تجدهم ضحايا لأية ظاهرة خارجة عن مألوف الناس، فكيف إذا لبست لباس الإسلام أو رفعت شعار الجهاد في سبيل الله ؟ هذا هو الذي أصاب بعض الشباب في السنغال من الانخداع بالثورة الإسلامية التي قادها الخميني، الذي أحسن كثير منهم ظنه به وحسبوه المخلص للأمة، والحقيقة هي أن ثورته ما ظهرت إلا لتنضاف إلى مجموعة التحديات العقدية الكبرى أمام مشروع البعث الإسلامي المعاصر.<BR><BR><BR>ــــــــــــــــــ<BR><BR>• انجوغو مبكي صمب السنغالي - كاتب سنغالي.<BR><BR>1 - السنغال من منظور جغرافي ، تأليف / شيخ امباكي جاي، ص 20- 21<BR>2 - السنغال والثقافة الإسلامية، تأليف / جورتي سيسي، ص 9 ط / دار شمس المعرفة للطباعة والنشر.<BR>3 - التعليم الإسلامي في السنغال، إعداد / د. محمد أحمد لوح، ص 21 ( مطبوع بالحاسب الآلي)<BR>4 - المسلمون في السنغال معالم الحاضر وآفاق المستقبل ، تأليف / عبد القادر سيلا، ص 129 ط / رئاسة المحاكم الشرعية بدولة قطر.<BR>5 - انظر: أضواء حول التعليم العربي في السنغال، إعداد / النقابة الوطنية لمدرسي اللغة العربية في السنغال، ص 19 ( مطبوع بالحاسب الآلي )<BR>6 - التعليم الإسلامي في السنغال، إعداد د. محمد أحمد لوح ص 24 ( مطبوع بالحاسب الآلي )<BR>7 - التعليم الإسلامي في السنغال، إعداد: د. خديم امباكي، ص: 10<BR>8 - راجع كتاب: المسلمون في السنغال ضمن سلسلة كتاب الأمة ص 156- 157 <BR><br>