الكارثة التركية وكيف نواجهها
23 رمضان 1426

<P><BR>اغلب النظر إلى ما جرى من موافقة الاتحاد الأوروبي على بدء المفاوضات لانضمام تركيا، تناول القرار من زاوية الحدث المباشر، فاهتم بمناورات اللحظة الأخيرة قبل صدور القرار من الاجتماع الوزارى الأوروبي الذي دام 11 ساعة ليعلن موافقة جرى انتظار تركيا لها مدة 40 عاما كانت خلالها واقفة على باب الاتحاد الأوروبي عبر مراحل تطور الوحدة الأوروبية جميعها، دون أن يجيبها احد إلا بالرفض وربما الإهانة. انشغل أصحاب زاوية النظر هذه بما قاله وزير خارجية تركيا أن أنقرة "ستستخدم لهجة قاسية إذا تطلب الأمر"، وأنها "ممثلة للعالم الإسلامي في أوروبا " أو بما قالته (وزيرة خارجية النمسا) أوزولا بلاشنيك من أن لقاء لوكسمبورغ كان ناجحا، فـ "المرء لا يمكن أن يحصل دائما على ما يريد". أو بتحفظ وزير خارجية فرنسا فيليب دوست بلازي الذي قال أن "كل بلد في الاتحاد يحتفظ بحق تعليق المفاوضات في أي نقطة"، أو بما قاله وزير خارجية بريطانيا" سترو" من أن الاتحاد الأوروبي مبني على "القيم وليس التاريخ فقط" و أن تركيا كانت دوما دولة أوروبية، وكلها ملامح تشكل أجواء صورة القرار. </P><BR><P>وثمة بعض التحليلات التي أطلت بعيونها إلى فكرة، أن أوروبا الموحدة بهذا القرار، تكون ابتعدت أو كفت عن أن تكون ناديا مسيحيا (!)، بقبولها انضمام دولة إسلامية تعدادها نحو 70 مليون نسمة إلى نسيجها التوحدي الجديد، وان قرار ضم بلد لها هذا الرصيد السكاني من المسلمين المتواجدين بالفعل على الأرض الأوروبية من حاملي الجنسية التركية أو جنسيات عربية وإسلامية أخرى متعددة، يعد تغيرا كبيرا له تأثيره الآن وفى المستقبل. وان كان الأغلب هو أن ما حدث يشير إلى العكس، إذ أن أوروبا تخطط لإذابة كل هذا المجموع، وربما هي ستأخذ من العلمانية في تركيا سند في مواجهتها مع المسلمين على أرضها. <BR>وهناك من تناول الأمر من زاويتنا نحن لا من زاوية أوروبا ورأى أن انضمام تركيا إلى أوروبا أوصل عاصمة جديدة من عواصم الخلافة إلى حالة مغايرة، فإذا كانت بغداد عاصمة دولة الخلافة العباسية باتت تحت الاحتلال الأمريكى، فقد أصبحت حواضر العثمانيين والخلافة جزءاً رسمياً من أوروبا، وأشار إلى أن الأخيرة كانت أهم قلاع القوة الإسلامية لستة قرون في الضغط على أوروبا، مؤكداً أن الغرب لا ينسى تاريخ الصراع إذا كانت تركيا الرسمية نسته أو تناسته، مشيراً إلى مغزى رفض النمسا لانضمام تركيا. ويمكن هنا أن نضيف أن حاضرة ثالثة من حواضر الخلافة الإسلامية ورموزها أي دمشق باتت قاب قوسين من أن يحكم حولها الحصار أن لم تكن في طريقها إلى الاحتلال. <BR>ويمكن القول أيضاً: إن هذا الانضمام -وبغض النظر عن اختلاف زوايا النظر لـ"الحالة الإسلامية " في الحكم في تركيا -يعنى أن مشروع أتاتورك الذي أنهى الخلافة في عشرينات القرن الماضي قد نجح -بعد ثمانين عاما من إسقاط الخلافة -في دمج تركيا في أوروبا. كما يمكن القول أيضا أن تركيا الدولة النموذج لحالة الدولة "الحائرة استراتيجيا "بين هويتها الإسلامية وتاريخها العريق في قيادة الدولة الإسلامية وبين توجهات النخب " الحاكمة " ممثلة في الجيش ومجلس الأمن القومي، وإن النخب حسمت الصراع والحيرة لمصلحة رؤيتها ومواقفها. </P><BR><P>غير أن جانبا مهما آخر ما يزال في حاجة إلى الدراسة والبحث والتحليل. ماذا يعنى انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي بالنسبة للوضع الاستراتيجي العربي والإسلامي، في ضوء الأوضاع في العراق و سوريا وفلسطين؟وماذا يعنى انضمامها للاتحاد الأوروبي، في ضوء التحالف الصهيوني التركي؟ وما هو تأثير هذا الانضمام على الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى؟ وما هو تصور العلاقات الإيرانية التركية في ضوء هذا الانضمام؟ وكيف يجب رؤية هذا الانضمام في ضوء التطورات التي جرت من اعتبار بعض الدول العربية ومنها الكويت والمغرب دول أولى بالرعاية من حلف الأطلنطي؟</P><BR><P>مفارقات الانضمام!<BR>حوى انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي على العديد من المفارقات بعضها يستلفت النظر بشدة. أول هذه المفارقات أن هذا الانضمام جاء بينما أوروبا تشهد أوسع حملة مناهضة للإسلام والمسلمين على أرضها من قبل حكوماتها ومن قبل حركات سياسية على أرضها تكره الإسلام كرها عقائديا والمسلمين كرها عنصريا. ففي الوقت الذي صدر قرار وزراء الاتحاد الأوروبي بالموافقة كانت الدولة الرئيس للاتحاد الأوروبي -أي بريطانيا -تشهد إقرار قوانين جديدة ضد الحركات الإسلامية والمسلمين بل ضد الإسلام تصل إلى منح الشرطة الحق في هدم المساجد واعتقال المواطنين لشهور دون أدلة كافية أو من أجل انتزاع أدلة منهم، كما هو جاء بينما الاعتداءات على المساجد والمواطنين المسلمين في أوروبا في أعلى درجة تصاعده، وهو بطبيعة الحال جاء بعد إقرار فرنسا لقانون منع ارتداء الحجاب في المدارس وفى ظل أوسع حملة ترحيل لإسلاميين من الأراضي الأوروبية إلخ. </P><BR><P>وثاني هذه المفارقات أن جاء قرار بدء مفاوضات انضمام تركيا، في ظل وجود "حكومة إسلامية "في تركيا لتنجح هي في بدء مفاوضات الانضمام فيما فشلت من قبل كل الحكومات العلمانية في تحقيق هذا الانضمام وعلى مدى 40 عاما. فإذا كانت كل الحكومات العلمانية لم تنجح في إقناع الاتحاد الأوروبي ببدء مفاوضات انضمام تركيا ها هو حزب العدالة والتنمية "الإسلامي" ينجح في ذلك، بما يطرح تساؤلات حول الحزب وتوجهاته أكثر مما يطرح من دلالات على تغير أوروبا، خاصة وأن المفارقة الأولى دلالاتها قاطعة فإن لم يكن ذلك كافيا فإن ما جرى في البوسنة والهرسك لعله يكفى. وعلى أي الأحوال فان هذا "الإنجاز" هو أول "إنجاز " للحكومة الإسلامية، تجد نفسها فيه غير مضطرة للخلاف مع مجلس الأمن القومي الذي يعتبر نفسه حارسا وحاميا للعلمانية ولتجربة أتاتورك، بل ربما أن مجلس الأمن القومي التركي وجد نفسه أخيرا قد حقق ما سعى إليه عن طريق هذه الحكومة. واللافت للنظر هنا أن ثمة من يرى أن حزب العدالة والتنمية ذهب إلى أوروبا من أجل إنهاء دور العسكر في السياسة مدللين على ذلك بأن وزير الخارجية البريطاني شدد في كلمته بعد الموافقة الأوروبية على إنهاء دور الجيش أو هو طالب بضمان سيطرة مدنية على الجيش. </P><BR><P>أما ثالث مفارقة فهي مفارقة مؤلمة، إذ أن تركيا التي ظلت عن طريق عضويتها في حلف الأطلنطي منذ بدايته، تقدم كل الخدمات للغرب، ظلت المقابل غير مقبول لها أن تنضم إلى عضوية الاتحاد الأوروبي رغم كل هذا الدور، والأكثر ألما أن أوروبا حينما قررت بدء التفاوض مع تركيا، فإن ذلك لم يحدث إلا بعد مرور تركيا من البوابة الصهيونية. <BR>أما رابع المفارقات فهي أن القرار الأوروبي جاء بعد الدور التركي في وصل حبال الغرام الدبلوماسي بين باكستان والكيان الصهيوني بما يطرح من دلالات، فان لم تكن كافية فان استمرار التحالف الاستراتجي التركي الصهيوني به من الدلالات ما يكفى ويزيد. <BR>الوضع الاستراتيجي العربي</P><BR><P>زحفت حدودنا البرية مع أوروبا إلى داخلنا الجغرافي والسياسي والعسكري!<BR>هذا للأسف ما يجب فهمه من الزاوية الاستراتيجية حين ينتهي انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي وربما من الآن فصاعدا. فمع هذا الانضمام تزحف الحدود الأوروبية مع حدود الأمة الإسلامية من الحدود الأعلى لتركيا إلى الحدود الجنوبية لتركيا، وبهذا الانضمام لن نعود في حدود جوار مع حلف الأطلنطي بوجود تركيا فيه فقط بل أصبحنا في تماس حدودي مع أوروبا بقوتها الصاعدة، والتي تتمدد بهذا الانضمام إلى الحدود العربية يكفى للإشارة هنا التذكير بلواء الإسكندرونة "السوري" -لكي نرى مصير كركوك "العراقية " ولكي نفهم ما سيجرى على صعيد قضية المياه، والثانية والثالثة ستتحول إلى مطامع أوروبية لا تركية فقط من بعد. </P><BR><P>ولم يعد لنا إلا التاريخ في أوروبا!<BR>كنا وحتى وقت قريب نرى أن الجهد الإسلامي قادر على انتزاع تركيا من العلمانية، أما الآن فإن ما سنسعى إليه هو إعادة تركيا من أوروبا إذا أريد لها أن تعود كمصدر قوة للعالم الإسلامي، وهو أمر لاشك قد يعنى تدخل أوروبا بالسلاح لمنع تركيا إذا أرادت الخروج من أوروبا بعد انضمامها، أو انه أصبح بين تركيا والإسلام ليس فقط من الجيش العلماني والنخبة المتغربة، بل أصبحت أوروبا أيضا!</P><BR><P>وتعمق التحالف التركي الصهيوني!<BR>كنا نعد أن التحالف التركي الصهيوني، هو تحالف دبره العلمانيون وأن "الإسلاميين" ما أن يصلوا إلى السلطة فإن أول ما سيفعلونه هو إنهاء هذا التحالف والعودة إلى حيث يجب أن تكون تركيا أو إلى حيث تزود الأمة بقدرة أعلى من أجل بناء إسلامي. سادت البشرى لدى البعض بعد إنهاء بعض العقود العسكرية بين الجيشين التركي والصهيوني وتعزز التفاؤل بإلغاء بعض التدريبات العسكرية بين الطرفين وبعد رفض استقبال شارون في تركيا. . الخ، لكن وتحت ضغط المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، قامت تركيا بعمل القناة بين الكيان الصهيوني وباكستان "لتنال شرف " مساعدة الكيان الصهيوني في تطبيع العلاقات مع الدول الإسلامية الأخرى. أما مع بدء المفاوضات بين تركيا وأوروبا وبعد أن تصبح تركيا جزءا من المنظومة الأوروبية سياسيا وعسكريا فإنها ستصبح أكثر التزاما في علاقتها بالكيان الصهيوني، بل هي ستكون في تحالفين مع الكيان الصهيوني أحدهما ثنائي وثانيهما تحالف عبر أوروبا!</P><BR><P>وأصبح الشرق الأوسط الكبير واقعا!<BR>&nbsp;وكنا نتصور أن مشروع الشرق الأوسط الكبير، حينما أشار إلى انضمام تركيا وباكستان وإيران إلى جانب الكيان الصهيوني إلى منظومة شرق أوسطية تضم الدول العربية مجرد وهم لن تقبل به دول المنطقة، وان احتلال بغداد وأفغانستان ستدفع تركيا وباكستان إلى التشدد بعد وضوح الأهداف الإجرامية الأمريكية من المشروع، فإذا بتركيا ثم باكستان تنضمان إلى العراق وأفغانستان المحتلتين في العلاقات مع الكيان الصهيوني وتدشنان بداية تنفيذ مشروع الشرق الأوسط ليصبح حقيقة واقعة على الأرض!</P><BR><P>ولم يبق إلا سوريا <BR>وإذا كانت التغييرات المتلاحقة في المنطقة بدءا من احتلال أفغانستان إلى احتلال العراق إلى التغييرات الخطيرة في لبنان، قد جعلت سوريا مطوقة من كل جانب بقوات أمريكية وصهيونية فقد جاءت مفاوضات الانضمام التركي لأوروبا لتجعل تركيا جزءا من السياسة الأوروبية التي تحاصر سوريا، وإذا أضفنا أن الأردن هو الآخر قد شارك في المناورات التركية الصهيونية المشتركة يصبح الحصار كاملا لسوريا!</P><BR><P>وتقطع الصلات المباشرة مع الدول الإسلامية في آسيا الوسطى!<BR>ليس بعيدا عن هذا الانضمام الرؤية الاستراتيجية الأوروبية بقطع احتمال قيام صلات أعمق بين الدول العربية الإسلامية وبين الدول الإسلامية في آسيا الوسطى التي كانت من قبل تحت السيطرة والاحتلال السوفيتي. كما ليس مبهما أن تركيا كانت البلد الأقوى والاهم على صعيد العلاقات التاريخية مع هذه الدول وأنها كانت الممر والجسر الذي إذا تهيا جيدا على صعيد العلاقات الإسلامية -الإسلامية فان تغييرا كبيرا سيحدث. وبالنظر إلى أن إيران تقف حاجزا في طريق الاتصال المباشر معها، فها هي تركيا هي الأخرى تصبح جزءاً من أوروبا! </P><BR><P>ونصبح محاصرين بدول إقليمية كبرى!<BR>هناك في أعلى الخليج باتت إيران خصماً من قوتنا، وضاغطة بمصالحها على الداخل في بعض الدول من الطرف الشرقي، والآن تركيا في الطرف الشمالي، وهناك في الغرب الكيان الصهيوني. <BR>حصار عربي كامل!<BR>لقد أصبح بالإمكان القول بان كل الباحثين والدارسين والسياسيين والإعلاميين، باتوا مطالبين اليوم بالنظر إلى العالم العربي حاليا على انه أصبح في حالة جديدة تماما يصعب معها الاستمرار في الحديث عنه من خلال المعايير الاستراتيجية والسياسية الماضية. <BR>لقد طوق العالم العربي تطويقا كاملا من جميع الاتجاهات وأصبح الأمن القومي العربي الذي طالما تشدقت به أنظمة الحكم العربية ولو في حده الأدنى ولو على صعيد كلمات اللغة أمرا غير قائم في الواقع العملي ولا نقول مهددا. <BR>لم تعد تركيا في الشمال عضوا الأطلنطي فقط، بل أصبحت جزءا من أوروبا، وفى نفس خط الإطار الخارجي لم تعد إيران مجرد كتلة سكانية للمحيط الجغرافي العربي كما لم تعد في حرب على الجناح الشرقي العربي فقط، بل هي أصبحت داخل هذا الإطار الجغرافي والسياسي الداخلي للأمة بوجودها في الداخل العراقي. وبالمرور إلى الكويت فهي أصبحت دولة أولى بالرعاية من حلف الأطلنطي منذ أكثر من عامين تليها على نفس الخط الخارجي من جهة الداخل قاعدة السيلية في قطر. وإذ امتد القوس في الإطار الخارجي العربي إلى الإطار الإسلامي فهناك أفغانستان وباكستان، وإذا عاد القوس إلى السودان فقد أصبحت الولايات المتحدة في جنوب السودان كما أصبحت أوروبا في دارفور لتصبح مصر وليبيا مطوقتان تماما، وفى الاتجاه إلى غرب أفريقيا فقد تحرك الحصار الذي احكم بالانقلابات والصراعات وامتد الحصار إلى الجزائر والمغرب. <BR>طوقت الأمة العربية مرة أخرى تماما وباتت في وضع أسوا وفى تطبيق أكثر صرامة من مشروع ديفيد بن جوريون، الذي طرح في الخمسينات محاصرة العرب في الإطار الخارجي العربي عبر تركيا وإيران وإثيوبيا، فإذا الأمور الآن اعقد مما طلبه من جوريون وتمناه. <BR>انضمام تركيا الحجج والمبررات<BR>في الحوار الهادئ حول انضمام تركيا يجب التعرض إلى بعض الحجج والمبررات التالية:<BR>1- أن التحاق تركيا بأوروبا يعنى "غزوا " إسلاميا لأوروبا وفقا لمعادلات الصراع في مرحلة العولمة. لكن الحاصل الآن أن تركيا تذهب إلى أوروبا وهى في حالة ضعف اقتصادي وسياسي –شواهد ذلك كثيرة- وأنها قد تستمر في مفاوضاتها لمدة 10 سنوات في اقل تقدير سيفرض عليها من الشروط والتغييرات ما يجعلها ذاهبة في وضع أضعف حتى مما هي عليه الآن، حيث هذه الشروط كما هو معلوم ليست شروط اقتصادية وسياسية فقط بل هي شروط ثقافية وتغييرات تؤدى إلى تغيير النمط الثقافي والحضاري. وبطبيعة الحال أن من يقول مثل هذا الكلام –الفقير الذاهب للغنى للاستدانة بكل شروطه يصبح غازيا له- يفهم العلاقات الدولية وفق أعلى تقدير، بمنطق حكاية الشاب الفقير الذي ذهب للعمل كأجير لدى الحاكم الملك الثرى، ثم تزوج ابنته ليصبح ملكا... الخ. <BR>2- أن التحاق تركيا بأوروبا جاء من اجل إنهاء سيطرة العسكر العلمانيين على الحكم، باعتبار أوروبا ستكون عاملا مساندا للحياة المدنية في تركيا بما يمكن الحركة الإسلامية من الخلاص من تسلط العسكر الذين واجهوا الحركة منذ حكم أتاتورك... الخ لكن الحاصل أن استراتيجيات العلاقات الدولية لا تبنى وفق هذه المعادلات الداخلية المبسطة، وأن مثل هذا التفكير كمن ذهب وأسرته إلى الأسر رهينة من اجل الإفراج عن مولود سيولد، فكانت النتيجة أن أوقع المستقبل كله لا المولود فقط في الأسر. فالنتيجة الحقيقية لما يجرى الآن من انضمام تركيا وفتح كل الحدود وحرية التنقل والمرور وتطبيق القواعد والقوانين الأوروبية في تركيا هي أن المجتمع سيدخل كله في تجربة علمانية عتيدة لن تكون هناك حاجة في ظلها لدور العسكر فيها. <BR>3- أن الدول العربية هي السبب في لجوء تركيا إلى هذا الاختيار. والحاصل أن لا احد يقول بان تركيا أدارت ظهرها لامتها بينما أمتها في عز قوتها ومجدها، بل لو حدث هذا لكانت الكارثة اقل ولكانت عودة تركيا أسرع من لحظة خروجها، لكن الكارثة هي أن تركيا وصلت إلى هذا القرار مع أوروبا في وضع عربي متأزم أيما تأزم وأن قرارها هذا سيزيد النظم العربية خرابا ويضيف عبئاً لا حدود له على من يصلح الوضع الإسلامي من بعد. كما يمكن القول أيضا أن الوزن الاستراتيجي التركي والدور التركي كان من قبل هو واحد من أسباب وصول العرب إلى ما هم عليه الآن على الأقل منذ انضمام تركيا لحلف الأطلنطي. </P><BR><P>&nbsp;</P><br>