منذ ثلث قرنٍ.. ما يزالون يحتفظون بحق الردّ!
27 شعبان 1428

على طريقة (الكلمات المتقاطعة)، وأسلوب (العمودي) و(الأفقي).. يمكن لأي متابعٍ أو مراقبٍ للتطورات التي تشهدها منطقتنا هذه الأيام، أن يحلَّ –بسهولةٍ- طلاسمَ اللغز الأخير الذي كان وراء الاستعراض العسكريّ للطيران الصهيونيّ، الذي انتهك حرمة الأراضي السورية الساحلية، في ليلة السادس من سبتمبر 2007م.<BR>(الصامت العسكريّ).. نطق أخيراً، بما لم ينطق به عقب كل اعتداءٍ صهيونيٍ بحق سورية وأرضها وشعبها، مارسه العدوّ -وما يزال يمارسه- منذ أربعين عاماً، سواء ضد الأراضي السورية، أو ضد الأراضي اللبنانية يوم كانت قوات النظام السوري تعربد في لبنان، بحجة حمايته من العدوان الصهيونيّ!.. نطق (الصامت العسكريّ) على غير العادة هذه المرة، محذِّراً.. مهدِّداً.. متوعِّداً.. مزمجراً، بأنّ نظامه -الممانع- (يحتفظ بحق الردّ الذي يراه مناسباً)!.. ولا نعلم ما الذي حال ويحول دائماً، بين نظام (الصمود والتصدّي) وبين الردّ المناسب على العدوان السافر المتكرّر المُهين.. إلا إذا كان هذا الردّ يتمثّل بالشكوى الدائمة المعروفة إلى مجلس الأمن الدوليّ، ويتجسّد برسالةٍ مُهَذَّبةٍ يكتبها (وليد المعلِّم)، وينقلها إلى المجلس مندوبُ النظام في (هيئة الأمم المتحدة)، الذي يسلّمها إلى رئيس المجلس مع ابتسامةٍ حضاريةٍ استراتيجيةٍ مؤثِّرةٍ مناسبة!.. وهو بطبيعة الحال، رد مطوَّر ومُحَسَّن لمقولة الراحل مؤسِّس الجمهورية الوراثية الأسدية الأولى، ومكتشف أسطورة: (السلام خيارنا الاستراتيجيّ الوحيد)، ومخترع خرافة (التوازن الاستراتيجيّ): (لن ندخلَ معركةً مع العدوّ الصهيونيّ لم نحدّد نحن.. (نعم نحن)، مكانها وزمانها المناسِبَيْن)!.. وهما أسطورة وخرافة ما يزال نظام (الممانعة) الأسديّ يردّدهما مع مطلع كل يومٍ جديد!..<BR>بتاريخ 28 يونيو 2006م، حلّقت الطائرات الحربية الصهيونية فوق غرفة نوم (الرئيس السوري) بشار الأسد التابعة للقصر الرئاسيّ في اللاذقية، ولم يسمع بها (الصامت العسكريّ)، إلا بعد أن أخلد الطيارون الصهاينة المعتدون إلى النوم في منازلهم بتلّ أبيب!.. وبتاريخ 5 أكتوبر 2003م، شنّ الطيران الصهيونيّ هجوماً على مخيّمٍ قرب العاصمة دمشق، فأوقع عدداً من الشهداء والجرحى!.. وقبل ذلك وقع العدوان على الجيش السوريّ في لبنان عشرات المرات.. لكن –والحق يقال- لم يكن (الناطق العسكريّ) ينطق بكلمةٍ ذات أهمية، لأنّ نظامه الحاكم كان يتسامى على مثل هذه الحوادث (التافهة).. لكنه الآن استجمع كل الشجاعة، فاحتفظ بحق الردّ، على طريقة (جرير والفرزدق): <BR>زعم المُفَرقِعُ أن سيردع مُنكَراً == أبشِر بطول سلامةٍ يا مُنكَرُ<BR>* * *<BR>(تحفةٌ) نظامية سوريةٌ بمرتبة وزيرة، الحرف الأول من اسمها هو: (بثينة شعبان).. سدّت –بمناسبة العدوان الأخير- ثغرةَ (وزارة الدفاع) في عهد (الحريم)، وأطلقت شلاّلاً هادراً من التصريحات (العبقرية) لقناة الجزيرة الفضائية وغيرها، إلا أنها (أي الوزيرة التحفة) ليست متأكّدةً فيما إذا كان العدوان الصهيونيّ بالطائرات الحربية (هجوماً عسكرياً، أم اختراقاً جوياً)!.. لكن بما أنّ الهجوم قد وقع على الساحل السوريّ، وبما أنّ القنابل التي ألقِيَت لم توقِع أية خسائر (على ذمّة الصامت العسكريّ)، لأنها سقطت على أماكن خاليةٍ (أي على "الربع الخالي" الساحلي السوري)، مع أنّ العدوان -على ذمّة الدكتور محمد حبش المستَنسَخ عن الدكتور عماد الشعيبـي- قد وقع (على منطقةٍ في اللاذقية تعجّ بالسيّاح)، وبما أنّ اللاذقية ما تزال تحتضن السائحين الأجانب والعرب والمحليين على الساحل السوريّ في نهاية موسم السياحة لهذا العام.. فلا بد أنّ الوزيرة (التحفة) هذه، قد توصّلت إلى نتيجةٍ مذهلة، هي أنّ الهجوم العدوانيّ الصهيونيّ.. كان عملاً (سياحياً) راقياً، لتشجيع السياحة في سورية!..<BR>يوم الأربعاء بتاريخ 5 سبتمبر 2007م، أي قبل ساعاتٍ من العدوان الأخير المذكور، زار (فاروق الشرع) روما بتكليفٍ من رئيسه بشار الأسد.. وبنفس اليوم والتاريخ زار شمعون بيريز روما!.. الشرع التقى رئيس الوزراء الإيطالي.. وبيريز التقى رئيس الوزراء الإيطالي نفسه!.. فاروق زار بابا الفاتيكان.. وشمعون زار بابا الفاتيكان نفسه!.. فاروق الشرع بقي في روما يومين.. وشمعون بيريز بقي في روما نفسها يومين!.. الشرع عاد إلى دمشق.. وبيريز عاد في الوقت نفسه إلى تل أبيب!.. فماذا فعل فاروق الشرع وشمعون بيريز بحضرة (بابا الفاتيكان) الحالي، قُبَيْل ساعاتٍ من الاستعراض العسكريّ الجويّ الصهيونيّ فوق الأراضي الساحلية السورية؟!.. علماً بأنّ (بشار الأسد) والرئيس الإيرانيّ السابق (خاتمي) قاما بتاريخ 8 إبريل 2005م –في نفس المكان- بمصافحة (موشيه كاتساب) بحضرة (جثمان بابا الفاتيكان) السابق، وتبادلا معه (أي مع كاتساب) البسمات والكلمات الودّية الحميمية المتلفَزَة على الهواء مباشرةً!.. وعلماً أيضاً، بأنّ موشيه كاتساب هو رئيس (إسرائيل) السابق، وشمعون بيريز هو رئيس (إسرائيل) الحالي!..<BR>ما الكلمة أو الكلمات المفقودة في لعبة هذه (الكلمات المتقاطعة)؟!.. احزروا، واحصلوا على جوائز ثمينةٍ مقدَّمةٍ من (الحلف الاستراتيجيّ الإيرانيّ السوريّ) للصمود والتصدّي.. والممانعة أيضاً!..<BR><br>