اشتباكات وانفجارات لبنان.. هل آن موعد تصفية سلاح الفلسطينيين؟!
5 جمادى الأول 1428

كثيراً ما يحلم لبنان بـ"الشفافية"، لكنه لا يلاقيها إلا في المواجهات العسكرية، التي تزهده في تلك "الشفافية" التي تستحيل لعباً على المكشوف، تتناثر أوراقه في عواصم مختلفة، لا تريد للبنان خيراً، ولا ترتضيه إلا تابعاً، أو ساحة لتصفية الحسابات.<BR> <BR>انفجار يتلو اشتباكات، كلاهما لا يغير قواعد اللعبة، وإنما يؤكد حرج المأزق، واتساع الخيارات بين المتصارعين على أرضنا العربية والإسلامية. يتداخل المحلي في تلك اللعبة مع الإقليمي، مثلما يتداخل في الشأن الفلسطيني الذي يتخندق فيه أنصار دحلان وشباك مع أولمرت وبيريتس، فينساب القتلة عبر الحدود باتفاق إقليمي يضمن تدفق فرق الموت التابعة لدحلان إلى غزة، وتدك الصواريخ بيوت القادة العنيدين لفلسطين، فيستشهد أهل د.خليل الحية، ويصعد آخرون في معركة فرضتها فرقة "المستعربين الدحلانيين".<BR> <BR>الوضع في فلسطين شديد التعقيد، لكنه في لبنان أعقد، إذ تتجاور الجزرة مع العصا، كلاهما فاعل، في واقع تتسارع فيه الأحداث لتسابق استحقاقات غاية في الخطورة تمس طهران وبغداد ودمشق وتل أبيب وواشنطن ولندن.<BR> <BR>ربما من الواجب أن نبتعد قليلاً عن العموميات، لنقترب إلى حي الأشرفية ببيروت، حيث وقع انفجار الليلة الماضية، وإلى مخيم نهر البارد والضواحي الشمالية لمدينة طرابلس، حيث تدور رحى اشتباكات متجددة، أسفرت حتى كتابة هذه السطور عن مقتل وجرح نحو مائة، في أشرس الاشتباكات التي تقع في أزمنة "السلم" في لبنان.<BR><BR> ابتعادنا سيقودنا حتماً إلى بغداد، حيث تواجه إيران معركة مصير نووي مع واشنطن، وهي تعمل على ألا تمنح الولايات المتحدة الأمريكية فرصة للانسحاب أو تحويل اتجاه اهتمامها الأول إلى مفاعلات إيران النووية التي توشك أن تخصب اليورانيوم ليصلح لإنتاج وقود نووي يمكن أن تنتج عنه قنبلة نووية.<BR> <BR>كلا العاصمتين المتحالفتين، طهران ودمشق، تدرك أنها مقدمة على استحقاقات تدفعها بقوة إلى مناورة متعددة الأوجه مع الولايات المتحدة الأمريكية، تمتزج فيها أوراق الخصومة مع أوراق التفاهم والتفاوض، بما يمكنهما (إيران وسوريا) أن يجيبا عن سؤال مشروع بنظريهما، وهو: ما الذي يمكن أن يقدم للولايات المتحدة و"إسرائيل" في هذه المرحلة كعصا، وما الذي يدفعهما لموقف أكثر براجماتية بالتلويح بالجزرة؟ <BR><BR>لن نشعب الحديث، وإنما تحدونا الاشتباكات إلى الدخول في حيز الحدود اللبنانية حيث الأحداث الأخيرة، لنشرع في الحديث عن التلويح بعصا الانفجارات في الوسط المسيحي اللبناني، والاشتباكات في المناطق السنية، أو في معقلها الخالص/طرابلس.<BR> <BR>نستطيع إذن أن نربط بين تقنين محاكمة قتلة رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري عبر المحكمة الدولية التي تجدد الحديث عنها هذه الأيام، بعد أن طلبت الحكومة اللبنانية رسميا على لسان رئيس وزرائها فؤاد السنيورة من مجلس الأمن الدولي الإسراع بإنشاء المحكمة، وبعث السنيورة رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يطالبه فيها بإنشاء المحكمة الدولية، كما أعلنت الحكومة اللبنانية إرسال وفد رسمي إلى مجلس الأمن لمتابعة المشاورات التي بدأت حول تشكيل هذه المحكمة التي تسربت أنباء حول كونها قاب قوسين أو أدنى من التشكيل، ونستطيع أن نربطها أيضا بهذا الانفجار الذي وقع في حي الأشرفية وأسفر عن مقتل سيدة وجرح 12 آخرين، بعدما انفجرت عبوة ناسفة كانت مخبأة في إحدى السيارات في مرآب قرب مجمع "أي.بي.سي" التجاري وكنيسة مارمتر، وأحدثت العبوة التي قدرت أجهزة الأمن اللبنانية وزنها بعشرة كيلوجرامات حفرة بعمق متر وعرض ثلاثة أمتار، وأدت إلى انهيار جدار على رأس امرأة كانت تسكن في الجوار، للتدليل على أن سوريا قد يشار إليها بوضوح كمسؤولة عن إشعال الحرائق تترا في لبنان، من أجل كسر شوكة ورقة المحاكمة التي يستخدمها فريق الموالاة ومن يقف خلف بعض فصائله. <BR>وفي المقابل، بمقدورنا أن نفسر بروز فصائل يشاع عنها أنها مخترقة من قبل جهاز الاستخبارات السوري، تشعل الحرائق في لبنان بشكل استفزازي حتى لمن يتسم بالسذاجة في الوسط الإسلامي، كون جميع عملياتها تتماهى ـ للمصادفة!! ـ مع أحلام وتطلعات الجنرالات، فحين اغتيل الرئيس اللبناني رفيق الحريري، جيء بشخص يدعى أبو عدس ليعلن مَن وراءه عن أن الرجل قد قُتل لأنه ينشر الفسق والفجور، متجاهلاً وجود الكثيرين من القيادات من سائر الطوائف لا يرضى عنها التيار العنيف في العالم الإسلامي، وحينما بدأ الحديث عن وجوب تصفية سلاح المخيمات الفلسطينية كمطلب جامع يمكن أن تلتقي عليه واشنطن وتل أبيب من جهة وطهران ودمشق من جهة أخرى، ويمكن أن يقدم للصهيوأمريكية كورقة مساومة يمكن التضحية بها في حالة اللاسلم واللاحرب التي تعيشها المنطقة لتمرير مطلب آخر للعاصمتين الأخيرتين، اندلعت الاشتباكات الأخيرة بطرابلس للتخويف ربما من سلاح المخيمات أو إثبات خطورته ووجوب نزعه.<BR><BR>علينا أن نذكر هنا أن مسألة مخيمات الفلسطينيين في لبنان هي الخاصرة الرخوة التي يمكن أن تقدم ككبش فداء لصراع بين طرفين يمكنهما فقط أن يلتقيا على الطرف الأضعف، ويفترقا في كل شيء بعد ذلك، ويتوجب علينا أن نحذر من وضع المخيمات الفلسطينية وسلاحها بين مطرقة "تحالف الاحتلال" وسندان "محور الشر"، لاسيما وثمة تقارير كثيرة تتداول هذه الأيام في عواصم العالم عن احتمال انفجار الموقف في لبنان وربما حرب جديدة بحلول الشهر المقبل ليدفع الفاتورة مجدداً نيابة عن جيرانه الشرقيين..<BR><BR><BR><BR><BR><br>