تقرير راند الأمريكي.. وراند "الإسلامي" المقابل!!
14 ربيع الثاني 1428

[email protected] <BR><BR><BR>لا أحد يكره أن يتحلى مثقفونا باليقظة حيال أية مطامع عدائية تناوش أمتنا في مقومات قوتها ووحدتها العقدية والفكرية والاقتصادية وما إلى ذلك. <BR>ولا أحد بوسعه أن يفرض عليهم عزلة في ملاحقة كل جديد في دنيا الاستراتيجيات، لاسيما تلك الصادرة من قلب الإمبراطورية الأمريكية الفاعلة في معظم الأحداث السياسية في العالم، خصوصاً فيما يتعلق بمحيطنا الإقليمي وداخل حدودنا المحلية. <BR>كما أنه على حجم الأفعال تكون ردات الفعل عليها، ومتى كانت بالأصل كبيرة، استدعت كما من الدراسات حولها للتحذير من مغبة حصولها ولتحفيز أصحاب القضايا أن يسعوا للدفاع عنها ضد هجمات إمبراطورية تعبد لها الطريق دراسات استراتيجية صادرة عن مراكز بحوث هي للإدارات الأمريكية المتعاقبة في واشنطن كالأم الرؤوم وحاضنة السياسات المستقبلية. <BR>رد الفعل إذ ينبغي له أن يكون مكافئاً لدراسة بحجم تقرير راند الصادر في شهر مارس الماضي، فإنه يستلزم له النهوض بذلك عبر عدة معطيات ومفاهيم، ترسم ملامح التعامل مع مثل هذه الإصدارات والمقالات والدراسات الغربية والعبرية، ومن ذلك: <BR>• روح راند 2007 تتجلى في تقديم رؤية ثقافية في حلحلة المعضلة "الإسلامية" التي تقض مضاجع الأمريكيين إثر استراتيجية عسكرية بحتة أخفقت في العراق وأفغانستان، أبدت من خلال الواقع أن نشر الأمركة عبر طائرات الشبح وقاذفات بي 52، ليست ذات جدوى حقيقية في كسر شوكة هذه الأمة المسلمة، وأنه بعد 4 سنوات من الإخفاق، لابد من تقديم حلول جديدة تستبصر طريقها عبر المعطيات الجديدة التي أوجدتها الحروب على الأرض، كما أوجدها الإخفاق في سياسة اقترحها تقرير راند 2004 وتتمثل في استهداف من أسماهم بالمتطرفين الإسلاميين، والتشجيع "الظاهري" للدول العربية على نشر "الديمقراطية" فيما عرف بـ" الشرق الأوسط الجديد" عبر "معتدلين"، ومن ثم؛ فإن روح التقرير ثقافية تهدف إلى التغلغل لتغيير بنية المسلمين الثقافية بدلاً من الاقتصار على حقل كانت تسعى للعمل داخله في الماضي، وهو كسر شوكة "المتطرفين" وحدهم، وهذه الروح إذن تحمل معنى "المراجعة" وتنادي به وإن لم تذكر ذلك صراحة لسياسة لم يكتب لها النجاح من قبل خلال سنوات قليلة لا تزيد عن أربع سنوات. <BR>وما نعنيه إذن هاهنا ليس التقرير ذاته الذي تناوله الزملاء الباحثون في هذا الصدد، وأجاد بعضهم في تفسيره ورسم ملامحه، وإنما هذه الروح التي ميزت هذا التقرير ولم يجر التعامل معها إلا من الزاوية السلبية، وهي زاوية العداء لهذه الأمة والتخطيط الهادف إلى تفكيكها وحرمانها عوامل قوتها ومحاولات استنهاضها، وقد كان بودي لو منحنا التقرير مسحة من الإنصاف في تناوله، بالنظر إليه من زاوية إيجابية تتعلق بطبيعة الشفافية التي حاول التقرير أن يتبعها وسياسة جلد الذات التي ارتسمت من خلالها رؤيته المستقبلية، إذ ما قدمه التقرير مغايراً عن سابقه هو تعبير عن رغبة في المراجعة وتطوير أدوات المواجهة، و<font color="#ff0000"> هذا كله ليس مدحاً في التقرير بل قدح في استنكاف مقابل من قبل قوى إصلاحية عديدة في محيطنا الإسلامي، لم ينهزها إخفاق استراتيجيات وسياسات اتبعتها في الماضي ولم تؤت أكلاً ولم تغير واقعاً، وأبطأها اطمئنان إلى جادة تظن نفسها عليها، فضربت الذكر صفحاً عن مراجعة ذاتية لخطوات لم تحملها إلا إلى مزيد من الإخفاقات التي تسوقها على أنها سقوف الإنجازات ومنتهى المطامح والآمال.. </font><BR>ولربما كان راند مهماً، وكانت العناية به هامة، وقد قام بذلك ثلة من الخيرين ممن أطلقوا أبواق التحذير مما يحمله، وانطلقوا منبهين إلى خطورة جديده، وهو جهد مشكور، وفعل نَخالُه مأجوراً، بيد أنه في المقابل لابد من لفت ذواتنا إلى أن مراجعة ما صنعته سياسات بني جلدتنا من دعاة التغيير أو الإصلاح أولى بكثير من هذه النظرة بعيدة النظر التي تنظر إلى واشنطن ـ برغم الكراهية لسياستها ـ بأكثر مما ننظر إلى عواصمنا، وإلى ما تحصده أيدي هؤلاء الدعاة. <BR>قيمنا في الحقيقة تدعونا إلى عدم الاستنكاف عن المراجعة ومصارحة أنفسنا وإهدائها عيوبها كي نمضي في طريق نجدد فيه محاسبتنا لتحركاتنا وسياساتنا وأفكارنا بحيث لا يمنعنا اعتدادنا بآرائنا أن نسمع طرقات النقد وإن بدت عنيفة، وإذا كان البعض قد أذهلته الحوادث عن اتهام نفسه بالتقصير، وبمحدودية التأثير وقدرة الفعل والتماهي مع متطلبات المرحلة وأبجديات الصراع وعوارض الأحداث وتبدل الأزمنة وتغيّر الأحوال، ولم يرعو أن يرى جهده يسير في طريق متعرجة أو يعود القهقرى، ولم ينتبه لأدلة نقلية تنير له طريق، فليتعلم حتى من خصمه أو عدوه في مراجعة سياسته، وليطلب العلم ولو من راند!! <BR>إن من اللائق أن ندير الحديث في المقابل لنسأل مجموعات من مريدي الإصلاح أو ظانيه، إن كان راند يقدم الآن وصفة جديدة في مقابل أخرى لم تمض عليها أكثر من أربع سنوات، لدولة بحجم الولايات المتحدة وبثقلها الاستراتيجي الذي لا يمكن تغييره بكل هذه السرعة، ألا يحق لمن رنا ببصره إلى واشنطن أن يعالج قصوراً اعتراه في مجموعة يمضي بهم في طريق هو يجهله سياسياً على الأقل؟! <BR>ألا تراه إذ يندد بما جاء في التقرير أو يحاذره ـ وله كل الحق في ذلك ـ مدعواً لأن يتحلى بقدر أعلى من الشجاعة، فيعالج مسألة الجمود والإقصائية الحوارية في فريق، ويراجع ما جرته قلة الوعي والبراجماتية السياسية اللامسؤولة وغير المؤصلة في فريق، والوصولية في ثالث، واتباع الهوى وانتقائية الفقه في رابع، وأحادية النظرة واختزال التغيير في المواجهة المتهورة في خامس، والاقتصار على الدعوة الوديعة في سادس؟! <BR>فكم من غارقين في الإخفاق لا يزالون في مقدم ركبان التغيير في عالمنا الإسلامي، وكم من سياسات خرقاء أعادت كثيرين إلى المربع الأول ونقطة الصفر أو ما دونها أحياناً.. <BR>• أما مجمل التقرير نفسه من جانبه الأكاديمي، فبديهي أن نذكر أن هذا التقرير ليس كتاباً مقدساً لا عندنا ولا عند واضعيه، وبالتالي فإن ما جاء به لا ينبغي أن تنسدل عليه ستائر القداسة وأكاليلها، وبرغم بديهية هذا المفهوم؛ فإن <font color="#ff0000"> "هزيمة نفسية" حيال ما يترجم عن الغرب ـ لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ـ و"إسرائيل" نجدها في بعض الأوقات من أناس طيبين في محيطنا الإسلامي تدعونا إلى إعادة التذكير بذلك، بخلاف أناس اعتادوا أن يصطادوا في الماء العكر باستخدام عبارات من داخل تقارير كهذه للتدليل على أشياء ربما ألقيت في طريق هؤلاء عمداً</font>، فالذي قرره تقرير استخباري "إسرائيلي" نشر مؤخراً عن أن وسائل الإعلام العبرية قد بدأت منذ فترة ليست قصيرة بتوجيه القارئ العربي من خلال تقاريرها، حين وجدت أن ما يترجم عنها يكاد يكافئ ما يقرؤه مغتصبو فلسطين على قلة عددهم في محيط عربي كبير!! وهذا ما جعل كبريات الصحف والفضائيات العبرية تهتم بقارئها ومشاهدها العربي كما العبري فتلقي أمامه ما تريد أن تلقيه، ومن هنا؛ فإنه من الواجب أن نؤكد على أن الحكم على "الدعاة الجدد" لا ينبغي أن يتم من خلال راند ولا غير راند من التقارير الغربية أو سواها من المصادر غير البريئة والتي قد يمكنها تشويه من أرادت من الأشخاص متى رأت أن لحديثها عنهم ثقلاً في عقول خصومها المأخوذين إليه؛ فليس من "خصائص أهل السنة والجماعة" الحكم على الرجال من خلال راند!! وإنما بمدى قربهم أو بعدهم عن ثوابتنا نحن. <BR>• أيضا؛ فإن هذا التقرير أو غيره، هو من شأنه أن يخاطب الرأي العام مثلما هو يقدم توصيات لمطابخ صنع القرار، ولا يمكن الجزم بأيهما يطغى تأثيره على واضعي التقرير، أو لنفترض وضعاً قد يكون مألوفاً للبعض، وهو أن هذا التقرير هو النسخة العلنية من التقرير الأصلي، وعلينا أن ندرك أن قارئ التقرير ومترجميه إلى لغات الدنيا، هم أكثر بكثير جدا من صناع القرار الأمريكي الرئيسيين، وندرك أيضاً أن التقرير موجه إلى الرأي العام الأوروبي بالخصوص و الأمريكي بنحو أكثر خصوصية، وبالتالي فعلينا أن نقرأ من بين سطوره مثلاً، تشويهاً متعمداً لشخص النبي صلى الله عليه وسلم، وللقرآن، ولسنته، وهدماً لثوابت أخرى، كصحة أحاديث البخاري، وبعض الأحكام المتعلقة بالمرأة وما إلى ذلك، وهي أمور موضوعة بهدف دعائي أكثر منه تنبؤاً بإرهاص يسبق ظهور استراتيجية ما إلى حيز التنفيذ.. <BR>كما أننا من الممكن أن ننظر إليه كحالة معبرة عن توطئة رأي عام عالمي أو محلي للقبول بأشياء قد يجد البعض اعتراضاً عليها من الجانب "الأخلاقي والإنساني"، فمثلاً حينما كان الحديث يدور على الحروب الاستباقية خلال عهد كلينتون، كان المصطلح دعائياً في الحقيقة أكثر منه يمثل تحولاً استراتيجياً عملاقاً، فما درج عليه الغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص ليس إلا تجسيداً لهذه الحروب من قبل أن تهيئ لها المراكز البحثية هذا المسمى "اللطيف"، فهل كانت جميع الغزوات "الاستعمارية" إلا "حروباً استباقية"، بل هل قامت الولايات المتحدة نفسها بنَفَسِها الأوروبي بسياسية الأرض المحروقة حين انتزعت الهنود الحمر سكان القارة الأمريكية من بلدهم الأصلي وهجرتهم إلى الآخرة إلا بحرب استباقية شنتها عليهم حفاظاً على "مصالح" الرجل الأبيض في "وطنه الجديد"؟! <BR>• وعطفاً على النقطة السابقة، هل ترانا لاقينا جديداً يذكر في راند يستأهل حذراً مبالغاً فيه منه؟! <BR>ربما نعم، ثمة عبارات جديدة، وثمة مفردات جديدة.. تغيرات في المبنى، غير أن المعنى لم يتغير، فمعايير الاعتدال التي حواها التقرير والتي يرى الكثيرون أنه لا يمكن أن يقر بها مسلم، أو صاحب أدنى اعتزاز بثقافته الشرقية وحضارته ولو لم يكن مسلماً في بلاد العرب وغيرها، مرسومة في أدبيات كثيرة في التقارير الغربية، ومن لا يريد أن يحمل نفسه عناء الترجمة والبحث، فسيجدها في ثلاث كلمات "..حتى تتبع ملتهم"، ومن يعجب لحديث راند الصريح عن الصوفية ووجوب دعمها أمريكياً، فهو ذاهل في الحقيقة عن ممارسات جرت بالفعل خلال الحقبة "الاستعمارية" وبوسعه أن يعود إلى التاريخ الحديث وإلى كتابات المؤرخين عوضاً عن انتظار الجديد في تحليل التقرير الحديث، ومن يفهم راند على أنها مجاهرة بالعداء سافرة، فهو محق تماماً غير أنه لم يأت بجديد، ومن هاله أن يدعو التقرير إلى دعم الطابور الخامس في بلادنا فهو بحاجة لأن يقرأ رسائل بونابرت إلى هذا الطابور.. <BR>• غير أن التقرير في الحقيقة لم يخل من فوائد، نستطيع إجمالها فيما يلي: <BR>1 ـ كشف عن دوران الغرب في حلقاته التقليدية المفرغة، ومنها مثلاً دعم حركات التصوف في بلادنا، أو هو أراد أن يوحي بذلك، وهو بنشر هذا التقرير بهذه الصراحة قد يكون يريد التمهيد لجولات تناوشية بين ما أسماه بالإسلام السني والإسلام الصوفي، أو للدقة يريد أن يغري كل طرف بمحاربة الآخر، فضلاً عن تقديم دعم حقيقي لبعض المنسوبين للأخير، وهو موضوع يستلزم نوعاً من الحذر في تناوله من قبل المنظرين المسلمين، لاسيما وتقرير 2004 كان يحمل في طياته "تبشيراً" بالاحتراب السني/الشيعي، وبالتالي؛ فإن <font color="#ff0000"> الحكمة تقتضي النظر بروية لمثل هذه الأمور، لاسيما وأن الغرب يدرك أن التصوف إذا ما تم خصمه من الطرف السني فلن يكون إلا رصيداً عند الطرف الشيعي في المعادلة التي ساهم الغرب في إظهارها بهذا الوضوح</font>، وإذا وضعنا في الاعتبار أن ما يسمى بالمجلس الأعلى لشيعة آل البيت في مصر يزعم وجود 10 ملايين شيعي في مصر استناداً إلى وجود الكثيرين من المتعاطفين فقط مع التصوف بكافة ألوانه من غلاته (وهم قلة) إلى معتدليه من المنتسبين اسماً إلى التصوف وهم من أهل القبلة المتلبسين ببعض المعاصي، فهو يعني أن التعامل غير الحكيم مع قضية كهذه استناداً إلى تحريش راند وغيرها، سيفضي ربما إلى مآلات غير محمودة على المدى القصير والمتوسط، وقد يوسع هوة يمكن تضييقها عبر الحوار والمناصحة والتوجيه، وعدم وضع كل الطرق الصوفية في خانة واحدة. <BR>2 ـ بالحديث عن شق "الدعاة الجدد" ورغبة التقرير في أن يراهم جميعاً خارج المسجد، لا يمارسون وعظهم وتوجيههم وتعليمهم من داخله، إنما يطلق تحذيراً لابد أن يصخ آذان هؤلاء، بأنهم ربما قد يقعون تحت طائلة مشكلة لَطالما حذر منها المخلصون من الخشية من تفريغ المساجد من أدوارها التأثيرية التي كانت تقوم بها في السابق، واختزال فاعلية القدوة والمعايشة والتأثير الروحي في حيز الشاشة الضيق وجموده، وبثها التقني الخالي من انبثاث الروح التي تتجاوز حدود الكلمة وأناقة المشهد التلفزيوني، والذي بدا من قبل التقرير أنه مسألة متعمدة، تحدو هؤلاء إلى إعادة النظر في الاقتصار على هذا المشهد دون غيره مما يحدث التغيير الكيفي لا الكمي الذي يأخذ الجميع إلى خانة أرقام المشاهدين الهائلة.<BR>3 ـ ما يحمله التقرير من مفهوم جديد للاعتدال، هو يعني أموراً كثيرة ينبغي ملاحظتها ولو بصورة إجمالية، إذ إن الاعتدال وفق شروط راند الجديدة سيخرج كل الأمة الإسلامية عموماً من هذا الاختبار للاعتدال، وهو ما يستحضر فوراً السؤال التالي، <font color="#ff0000"> هل يتسم القائمون على هذه المؤسسة البحثية بالسذاجة إلى هذا الحد لتجييش الجميع ضدهم؟ ربما كان هذا صحيحاً، بيد أن الأقرب للظن يعاكس هذا التصور</font>، ويندرج تحته احتمالات منها الرغبة في بث الاطمئنان في نفس الخصم من الظن بعدم الوقوع تحت تأثير أدوات ترمي إلى زحزحته عن موطن ثباته المبدئي ارتكاناً إلى كونه ما زال خارج حيز الاعتدال، أو هو مسعى لممارسة الضغط على "الأصدقاء" لاتخاذ مواقف أكثر جرأة في الطرح، أو هو دعاية حربية نفسية ترنو إلى إشعار الخصم بأنه بات يفقد حصونه بصورة متسارعة ما يؤثر على معنوياته، أو هو رسالة للأجهزة المعنية في العالم الإسلامي بتوسيع دائرة الثقة الغائبة بينها وشعوبها.<BR>4 ـ النمط الأكاديمي النوعي فيما يخص الفقه الإسلامي، بما يشعر بمشاركة شخصيات تنتسب للإسلام في صياغة هذا التقرير، لتعرضه لأمور بالغة الدقة ـ وإن عولجت برعونة وبانتقائية وبقدر من الجهالة ـ يصعب أن تكون الأسماء المعلنة لصياغته هي التي اجتهدت في الاسترسال بمثل هذه الحقول الإسلامية، وإذا أمعن بعضنا النظر في تناول التقرير مثلاً لمسألة التشكيك في صحة أحاديث البخاري أو في الطريقة التي محص بها أحاديثه، لأمكنه التقاط خيط قد يقوده لهوية بعض من شاركوا في صياغة التقرير، أو يؤرخ لمرحلة "استشراقية" جديدة.<BR>• إنه <font color="#ff0000"> مما يدمي النفس كمداً أحياناً، أن نشهد هذه السيول الجرارة المتدفقة من المقالات والتقارير والدراسات (وبعضها ـ أكرر ـ لها كل التقدير كطرقة على ناقوس خطر)، تتناول هذا التقرير وتفيض في شرحه والتحذير منه، وفي معظمها ذاهلة عن معالجة مناظرة لحال أمتنا</font> وحال مصلحيها، تنشغل بالآخرين عن وضعية حشرتنا فيها سياسات بدأت إصلاحية فاستحالت تعويقية، إن كثيراً من الطرائق التي سلكها إصلاحيون في أمتنا غدت مسدودة، بفعل أمراض داخلية ناخرة حتى النخاع في جسد الإصلاح، وتحتاج إلى مراجعة وإلى شفافية وإلى مكاشفة، ودعونا إذن نكن أكثر صراحة: <BR>[] ألسنا نتحدث كثيراً عن الخلاف المعتبر، ثم ندير له ظهرنا متى خالفنا مخالف، فمنحناه من فيض تهمنا المعلبة له بالتفريط أو التشديد ما تنوء بحمله الجبال؟ <BR>[] ألسنا نمارس سياسة إقصائية في الفقه أحياناً وفي الفكر أحياناً وفي الرأي السياسي أحياناً؟؟ أوليس ما يدور في منتدياتنا الحوارية حول المقاومة العراقية أو حول قضايانا العامة والخاصة أو حول مفكرينا وعلمائنا مدعاة للمراجعة والمكاشفة لنبحث فيما وراء هذا المنتوج التربوي العجيب؟! <BR>[] وهل لقولنا أننا لسنا معصومين حظاً من اليقين في نفوس ألفت أن تراجِع ولا تراجَع حتى استمرأت فقه "الردود" وكتب "الردود"، فيما تمنح ذواتها معصومية لم تتوافر حتى لأبي بكر وعمر؟!<BR>[] ألا ترون أننا نردد كمّا من النصوص بطريقة تشبه سبيل من لا تجاوز تراقيهم تلك النصوص، فتجدنا، نحْذَر "شحاً مطاعاً وهوى متبعاً" ثم نقع فيهما؟ أو نقرأ "تالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أن تفتح عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم" ثم نتسابق إليها تسابق الفراش إلى حتفه؟ أو نكتب "المسلم أخو المسلم لا يظلمه.." ثم نبني قواعد أعمالنا على الظلم ودفن الأخوة؟ أيستقيم أن نعرف الكبر بأنه "بطر الحق وغمط الناس" ثم نتخذ أسلوباً انتقائياً في البحث والتأصيل يبطر الحق، ثم نعمد إلى عباد الله فنغمطهم حقوقهم وأقدارهم؟!<BR><font color="#ff0000"> إن بداية هذه الأمة الصحيحة كانت ببناء قواعد العدل والوعي والإحسان، ولم يجابه عمر الروم بترجمة التقارير وإنما بإنزال القيم مناط التطبيق</font>، وحمل المبادئ فوق الأشخاص وزرع نبتة الأخوة الحقيقية.. بعد أن نقوم بكل هذا لا بأس أن نراجع راند، وبعد أن نكاشف أنفسنا يحق لنا أن نقرأ التوصيات لنناهضها.. <BR>لنعيد الانتباه هنا: تقرير راند صدر من مركز داخل دولة لا تستنكف أن تراجع سياستها كل عدة سنوات، فهل للقوم نصيب من المراجعة ولو بعد عقود من الإخفاق؟! <BR><br>