تهدئة الصراعات "بالجملة" :ماذا وراءها ؟
29 صفر 1428

المتأمل لحالة الصراعات الجارية في "المنطقة" –في لبنان وفلسطين والعراق أيضاً- يلحظ أن ثمة ميلا ظاهرا خلال الأشهر الأخيرة نحو قدر من التهدئة ،كما بلحظ توافر قدر من الرغبة المشتركة لدى معظم الأطراف "المتصارعة" أو المتباغضة ،للسير نحو والى "حلول وسط " فيما بينها ،بما جعل المشد العام للصراعات في حالة مختلفة .<BR>الحادث في لبنان الآن أمر يظهر هذا "الميل" ،كما الحادث في فلسطين قد أخذ خطوات أوضح تمثلت في اتفاق مكة ومترتباتها ،وكذا الحادث في العراق يكشف أن ثمة تحولا في مواقف الأطراف الخارجية المتدخلة أو المتهمة بالتدخل في الصراع هناك ،وهو ما تجسد في الموافقة على عقد لقاء دول الجوار على ارض العراق ،أو بالدقة في مشاركة إيران وسوريا مع الولايات المتحدة في الحوار حول العراق ،على عكس ما كان سائدا من قبل ،حيث كانت الولايات المتحدة تعلن ليل نهار أن إيران وسوريا في محور الشر المقابل لمحور الخير الذي فيه الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني !<BR>وفى محاولة فهم ما يجرى (الأسباب والدوافع الخفي منها والمعلن)،كما في محاولة فهم احتمالات نجاح تلك العمليات الجارية وتحولها إلى "نمط" مستقر من العلاقات بين مختلف الأطراف ،فان ثمة ضرورة لاستكمال أبعاد الصورة الراهنة في الصراعات والتهدئة ،إذ في الوقت الذي تجرى فيه عمليات التهدئة هذه ،يلاحظ المتابع أيضاً ،أن تلك العملية تأتى وفق حالة استبعادية لأطراف أخرى ،وفى بعض الحالات في مواجهتها !<BR>المثال الفلسطيني في التهدئة ،جاء على أرضية "عدم استبعاد أي طرف من الأطراف ،لكن مسالة الاستبعاد تأتى من ملاحقة الكيان الصهيوني للأطراف الرافضة لأحد أسس الاتفاق والتوافق ،أي الرافضين للتهدئة مع الكيان الصهيوني وبشكل خاص حركة الجهاد الإسلامي ،التي كان لافتا أن اختارت الولايات المتحدة هذه المرحلة لإعلان مطاردتها لقائد الحركة،لكونها الحركة التي ما تزال تفعل سلاح العمليات الاستشهادية وفى داخل الأراضي المحتلة عام 48 .<BR>وكذا المثال اللبناني –وهو حالة تهدئة لم تتبلور في صيغة اتفاق نهائي على مشروع محدد-لا يأتي على أرضية استبعاد "واضحة"،لكن المتأمل للإشارات الصادرة من بعض الأطراف الداخلية ،يلحظ أن ثمة سعيا إلى "تفكيك" التحالف الحاكم الآن –باستهداف استبعاد بعض الأطراف من التسوية أو على الأقل لإضعاف دورها وتأثير مواقفها فيها-من خلال التركيز على بعض الأطراف بالهجوم مع تضعيف وتيرة الهجوم ضد الأخرى (وقد كان النموذج الأوضح هو ما جرى في التعليقات الصادرة من المعارضة على الخطابات التي ألقيت في ذكرى استشهاد (رئيس الوزراء اللبناني الأسبق) رفيق الحريري ،حين جرى التركيز على الاختلاف بين كلمات سعد الحريري و جنبلاط وسمير جعجع).<BR>لكن الحالة العراقية هي النموذج الأشمل في وضوحه في استهداف التوافق والتهدئة استبعاد آخرين بل وحربهم ،إذ المتابع يلحظ أن "التوافقات " أو الحوارات الجارية ،القصد منها بالدرجة الأولى هو استبعاد أطراف أخرى ،أو بالدقة أن التفاهمات والتهدئة الجارية تستهدف بالأساس حشد الجهود "موسعة" –بائتلاف "المختلفين سابقا" ،في تفعيل الحرب على أطراف المقاومة ،إذ هي الوحيدة المستبعدة حاليا مما يجرى من توافق ،كما هي وحدها الواقعة تحت الضغط العسكري المباشر قبل هذا التوافق وخلال الإعداد له ،وبعده بطبيعة الحال ،إذ إن نتيجة التوافق والتهدئة ستكون موجهة أو مترجمة في قسوة أشد من الصراع العسكري ضدها .<BR><font color="#0000FF"> الخلاف :الصورة السابقة</font><BR>لتوضيح أبعاد وملامح المرحلة الراهنة و وحالة التهدئة والسعي إلى التوافق المتصاعدة فيها ،يجب العودة إلى صورة الحالة التي كان عليها الصراع سابقا بين نفس الأطراف الساعية إلى التوافق حاليا. في الحالة اللبنانية كانت الأوضاع بين الأطراف الساعية للتهدئة حاليا ،أقرب إلى الحرب الأهلية منها إلى الصراع السياسي أو الجماهيري بغير عنف .لقد بدا الصراع وفق تصور بأن درجة الصراع المفتوح باستخدام أساليب التظاهر والاعتصام وتعطيل المؤسسات ستحقق أهداف المعارضة في تعديل التوازنات الداخلية والهيمنة على صناعة القرار السياسي الداخلي والخارجي ،إلا أن الأمور تحولت إلى وضع غير المستهدف وكانت قاب قوسين أو أدنى من الانزلاق إلى الحرب الأهلية بعد سقوط قتلى وجرحى وانتشار المسلحين على أسطح العمارات .<BR>وفى الحالة الفلسطينية ،كانت الأوضاع بين الأطراف التي قبلت بالتهدئة والتوافق ،قد وصلت إلى درجة حرب الشوارع في مناطق متعددة من قطاع غزة ،وخلالها جرت عمليات اقتحام لمناطق ومراكز كل قوة لكل من القوتين المتصارعتين ،كما جرت عمليات اسر واحتجاز متبادلة لعناصر من الطرفين.كانت الأوضاع أقرب إلى الحرب الأهلية المفتوحة .<BR>وفى الحالة العراقية ،فإن الأطراف التي تشارك في التهدئة الآن،كانت بالفعل قد وصلت إلى حالة "انسداد " في العلاقات بينها وصارت العلاقات تسير بينها -وان بطريقة متعرجة أو ملتوية -نحو احتمالات وقوع الحرب سواء كان ذلك على صعيد العلاقات الأمريكية السورية أو العلاقات الأمريكية الإيرانية . وقد وصل الأمر أن أعلنت قوات الاحتلال الأمريكي قوائم بأسماء عملاء إيران في العراق (وفى الأغلب هؤلاء هم سند الحكومة الحالية ) والى اقتحام القنصلية الإيرانية في المناطق الكردية .كما كانت العلاقات العربية الإيرانية ،قد وصلت إلى "محك" احتمالات الصراع المفتوح أيضاً ،إذ صدرت ملاحظات عربية رسمية عن خطط إيرانية للتوسع والسيطرة والهيمنة في المنطقة (الهلال الشيعى ) أو للسيطرة على العراق وتغيير هويته (تصريحات منددة بتسليم الولايات المتحدة العراق لإيران بعد احتلاله ).كما كان الاتهام مباشرا وكبيرا لإيران بالتدخل المباشر في الصراع اللبنانى لمصلحة الفريق الموالى لها.<BR>هكذا كانت ملامح الأوضاع السائدة ، وهكذا كنت حالات الصراع ،كلها متفجرة واقرب إلى الانفتاح على الحرب مباشرة في مختلف الساحات(كل بطريقتها ) بعد بدئها فعليا على مستويات "أولية" أو "وفق أنماط من "اختبار القوة ،لاستكشاف احتمالات وآفاق ونتائج الصراع العسكري .<BR><font color="#0000FF"> تعددت الدوافع والأهداف </font><BR>الدوافع والأهداف في الحالة الجديدة الراهنة في الصراعات الجارية في المنطقة ،متعددة بتعدد الأطراف المشاركة فيها ووفق درجة تعقد حالات الصراع وتشابكها .وإذا كانت الخطوط في الرسوم الهندسية يمكن أن تسير في خطوط متوازية أو أن تتقاطع ،ففي الحالة الأخيرة يكون كل منها يسير في اتجاه مختلف ،وكذا الصراعات السياسية تشهد بدورها نقاط تواز أو تماس أو تقاطع ،حتى لو كانت "متعادية" الأطراف أيضاً ،أو هي حين تكون متعادية الأطراف تكون في حالة تصادم وفى حالة تقاطع أيضاً.<BR>وفى الوضع الراهن في لبنان ،فإن المعارضة بأطرافها المتعددة وألوانها ،قد وصلت إلى نتيجة استراتيجية مفادها أنها لا يمكن لها في ظل الوضع الراهن (بملابساته العربية والإقليمية والدولية) أن تحقق نجاحا أو تغييرا استراتيجيا في تركيبة عوامل القوة في لبنان،إلا إذا ولجت طرق العنف ،فاستبعدته كنمط مباشر ورئيس في الصراع ،بسبب انه يفقدها ما تحقق لها في مرحلة ما قبل تفجر الصراع الداخلي الراهن ،وباعتباره طريقا لا يمكن "النجاح" فيه بسبب الأوضاع والتوازنات العربية والدولية والإقليمية ،خاصة وان ثمة وجود لقوات عسكرية أجنبية على الأرض اللبنانية .وهنا تقاطعت مصالح المعارضة مع ما وصلت آلية أطراف الحكم في لبنان ،بأنها وفق الوضع الراهن ،قد حققت ما استهدفته –في هذه المرحلة –وان تطور الصراع إلى ابعد من ذلك ،حتى لو أدى إلى أضعاف المعارضة استراتيجيا وتكتيكيا ،لكنه لن تحقق لها أهداف بأفضل مما هي عليه الآن .<BR>وصل الطرفان –وبالتزامن مع رؤية عربية وإقليمية ودولية –أن لا حل إلا بالوصول إلى حالة تهدئة حتى وان كانت "حالة مؤقتة" يمكن العودة بعدها إلى حالة الصراع مجددا إذا تغيرت المعادلات الحاكمة لتوازنات القوى حاليا.<BR>وفى الحالة الفلسطينية ،فقد وصل طرفا الصراع إلى أن إيغالهما في الصراع الداخلي إلى درجة الحرب الأهلية ، لن يحقق لأي منها أي مكاسب بل هو على العكس سيحقق لكلاها خسارة استراتجية لا يمكن تعويضها على صعيد الأهداف المباشرة لكلا الطرفين كل على حده .كما يمكن القول أيضاً ،بأن كل منهما كان حقق من خلال الصراع بعضا من المكتسبات التي رأى أن يحافظ عليها من خلال عملية التهدئة !<BR>عباس ودحلان وبقية الانقلابيين في حركة فتح ،وصلوا إلى نتيجة أن حماس أقوى مما تصوروا –في ضوء تجربة الصراع -وان هذا الصراع إذا تطور أكثر من هذا ووصل إلى درجة الصراع العسكرى المفتوح والحرب الأهلية ،فان نتيجته ستكون عزل "الانقلابيين" في داخل فتح وعزلها عربيا ،حتى لو فازوا برضاء أعلى من الصهاينة والأمريكان ،كما هؤلاء وصلوا إلى أن النتيجة الاستراتيجية للصراع –العسكري . في أقصى حالات "انتصارهم "سينتهى إلى "انعزالهم " في الضفة -دون كل الأرض الفلسطينية -والتي هي أصلا موضع الصراع الراهن مع الكيان الصهيوني بما سيكشف وينهى دورهم ،ودون مكاسب .<BR>وهم من زاوية أخرى وجدوا أن توقيعهم للاتفاق والتوافق ،إنما يعيد إليهم جانبا مما فقدوه على صعيد "انفرادهم" بالتمثيل العربي والدولى "للشعب الفلسطيني "-منظمة التحرير وحدها المسئولة عن التفاوض –وهو ما كانت حماس قد بدأت في تحقيق انتصارات بشأنه ،كما هو الحادث في نجاح زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية للخارج –جرت محاولة فعلية لاغتياله عند العودة-وكذا بحكم أن رئيس المكتب السياسي خالد مشعل ،قد بدأ يحظى باعتراف "دولي" بدوره على مستوى تمثيل الشعب الفلسطيني عربيا ودوليا.<BR>أما حماس ،فهي وان كانت منذ البداية رافضة للانجرار إلى الحرب الأهلية ،فإنها رضيت بما تحقق من خلال التهدئة على صعيد الاتفاق على حكومة الوحدة الوطنية ،باعتبارها كانت قد عرضت واقترحت منذ بداية حصولها على الأغلبية في الانتخابات ، مسألة تشكيل "حكومة الوحدة الوطنية" سواء أكان ذلك "لقلقها" من موازين القوى وقتها أم كان ذلك لرؤيتها الاستراتيجية ضد القوى الفلسطينية المختلفة ،فى مواجهة العدو الصهيوني .<BR>لكنها أيضاً أيقنت من خلال الصراع أن لا أمكانية لحسم المعركة لمصلحتها من خلال التفاف كل القوى الأخرى حولها –حيث لا هى ولا الانقلابيون على حركة فتح سجلوا نجاحا في جذب الفصائل إلى صفهم في المواجهة-وهى لذلك اكتفت بما تحقق لها من اعتراف عربى وإسلامي ودولي بوجودها كطرف شريك في قيادة الشعب الفلسطينى وتمثيله على لمستويات العربية والإقليمية والدولية .<BR>وفى العراق ،فإن طرفي الصراع الخارجيين من اجل الاستيلاء والسيطرة على العراق أيقنا أن خلافهما وصراعهما إنما جرى لحساب الخطر المشترك عليها أو الطرف الذي تحالفا ضده منذ البداية –المقاومة التي هي الخصم الاستراتيجى لكيهما –كما أيقن الطرفان أن استمرار الأوضاع على وتيرة الخلاف والصراع بينهما باتت تهدد التحالف الحاكم الذي بدأت تتمايز في داخله مجموعات موالية لكلا الطرفين ،بما صار يهدد سلطة الاحتلال الموالية لكليهما بهذه الدرجة أو تلك.<BR>وكذا الأطراف الشيعية الموجودة في الحكم باتت تدرك أن صراع قوات الاحتلال مع دول المحيط الجغرافي للعراق أضحت تصعد من عزلتها في المحيط وأصبحت تهدد خطوط تواصلها مع الحلفاء في إيران إلى درجة تنذر بالتفكك الداخلي والعزلة الخارجية ،بما جعلها تسعى إلى درجة من التهدئة الداخلية أو بالدقة بما جعلها تسعى إلى توسيع تحالفاتها الداخلية ،والى تقريب المسافات بين الحلفاء في كل من إيران والولايات المتحدة باعتبارها الخاسر الأكبر من صراعهما .وقد كان لافتا أن عبد العزيز الحكيم هو أول من أطلق نداء الحوار الإيراني الأمريكي .<BR><font color="#0000FF"> توافقات مرحلية </font><BR>واقع الحال أن كل عمليات التهدئة ليست إلا تعبيرا عن "حدود وإمكانيات القوة" لدى كل الأطراف في تلك المرحلة ،حيث "حالة القوى وقدراتها أو عدم قدرتها على حسم الصراع بطريقة آمنة –لأي منها-واحتمالات أن تكون الخسائر اكبر في حال تصاعد الصراع ،هو ما دفع القوى إلى تقديم تنازلات أمام بعضها البعض ،والوصول إلى حالات متنوعة أو متعددة المسالك والصياغات لتسكين الصراعات وعدم وصولها إلى حالة الحسم العسكري .كما يمكن القول بأن حالات التهدئة الراهنة هي في بعضها مجرد حالات معقدة لتنظيم الصراع بين الأطراف المختلفة (وهو ما جرى بشكل خاص في فلسطين لحساسية أوضاعها ).<BR>وفى كل ذلك فإن المستقبل يشي باحتمالات واسعة لعدم استمرار حالات التهدئة والانقلاب إلى حالات صراع دموية ،خاصة في لبنان والعراق .<BR>الوضع في لبنان هو حالة أشبه بنزع الغطاء من فوق إناء يغلى على نار، دون إزالة مصدر النيران ،حيث الملفات التي يجرى التفاوض حولها لحظة كتابة هذا التحليل ،لتكون معالم وصلب حالة التهدئة أو التفاهم ،هي في واقع الحال لا تتعدى التعامل مع مظاهر الأزمة في مرحلتها المتأججة الأخيرة لكنها لا تمثل ولا تقترب من أسس الخلاف والصراع ،كما التهدئة ذاتها، تأتى على أرضية استمرار تماسك مكونات كل تحالف مع بعضها البعض وضد البعض الآخر في التحالفات الأخرى بما يعنى استمرار تماسك أطراف الصراع حول الصراع لا حول التهدئة،ويضاف إلى ذلك أن هذه التهدئة قد ثبتت وبتشديد على فكرة ارتباط الصراع في لبنان –تهدئة واشتعالا- بالوضع الإقليمى الذي هو عرضه أكثر من الوضع في لبنان للتفجر بحكم تعد ملفاته وتعقدها.<BR>والوضع في العراق هو حالة مرحلية بالتأكيد، سواء لان الطرفين المتحاورين –الولايات المتحدة وإيران-لا يملكان وحدهما عناصر التهدئة أو لان ملفات أخرى مفتوحة بين الطرفين ومتدخل فيها أطراف أخرى ،وكذا لان التهدئة تقوم بالأساس على استبعاد أصحاب القضية الأصليين وفى غيابهم ،بما يعنى استمرار الصراع كرافعة من روافع انهيار العلاقات بين الطرفين المتفاوضين وليس فقط عامل من عوامل اقترابهما من بعضهما البعض ،إذ حين تغرق السفينة ينجو كل فرد بنفسه .<BR>وإذا ذهبنا إلى الحالة الفلسطينية فنحن بالدقة أمام حالة من حالات تنظيم الصراع بين الطرفين –حتى لا يصل إلى التفجر العسكري المفتوح والحرب الأهلية الشاملة-وتلك حالة تترجم عوامل القوة والضعف لدى طرفى الصراع وهى بطبيعة الحال لا يمكن لها أن تكون حالة ثابتة بل هي متغيرة لاترباطها بعوامل خارج إرادة الطرفين ،كما التهدئة في ذاتها هي حالة يقف لها الطرف الصهيوني والأمريكى بالمرصاد كعامل ضغط وتفجير لها –وهو يملك ازوراقا هامة في الضغط وفى محاولة تغيير توازنات القوى التي فرضت التهدئة ،كما التهدئة في أهدافها الجوهرية لا تخرج عن محاولة الوصول إلى " فك الحصار" ولا تتخطى هذا الهدف حتى الآن ،وهو ما يعنى أن العوامل ذات المدى البعيد لا يشملها الاتفاق حتى الآن ،لتصبح بدورها عامل من عوامل التفجير ،كلما طرحت تلك القضايا .<BR>وهنا وفى الحصيلة لكل ما سبق ،فإن من الأهمية إدراك إننا الآن أمام حالة غير مسبوقة من وضوح طبيعة التحالفات في المنطقة ومن تبين عوامل القوة والضعف لدى الأطراف المؤثرة في الصراعات وفى إدارة الأزمات ،كما نحن أصبحنا أمام حالة من الارتباط بين الملفات المفتوحة أو الصراعات الجارية في المنطقة ،حيث جميعها أصبحت ملفا واحدا ،بما يعنى ان كل تطور في احدها يؤثر في الأخرى.<BR>كما يجب أن نلاحظ في محاولة التحليل والفهم ، أن الكيان الصهيوني ما يزال هو الطرف المراقب لتطور الأوضاع ،والذى يبدو أن الولايات المتحدة قررت في هذه المرحلة أبعاده عن التدخل المباشر بها .بما يجب الوضع في الاعتبار أن تحرك العدو الصهيوني في هذا الاتجاه أو ذاك سيكون له تأثيره على كثير من التفاهمات التي جرت أو يجرى ترتيبها .<BR>وكذا يجب الوضع في الاعتبار أن ثمة أطراف عربية لم تبد مواقفها بوضوح في بعض الملفات ،بما يجعلها ملفات مفتوحة ،حتى لو كانت حالة التهدئة قد أقرت لي هذا النحو أو ذاك وفى هذا الملف أو ذاك .<BR><BR><br>