"عيد التحرير" اللبناني.. هل زالت معالمه؟!
6 رمضان 1427

لا ندري هل سيقيم الجنوب اللبناني في مايو المقبل الأعراس ويعلق الزينات احتفالاً بـ"عيد التحرير" الذي ارتبط بالانسحاب الصهيوني من الجنوب اللبناني قبل خمسة أعوام، وهل سيستمر "حزب الله" اللبناني في الاحتفال بما يدعوه نصراً حققه في الجنوب اللبناني حتى حلول هذا الموعد؟! كل ما ندريه الآن أن الجنوب اللبناني قد صار اليوم تحت الوصاية الدولية، واشترطت "إسرائيل" ألا تكون قوات اليونيفيل "إسلامية" أو على الأقل أن تكون قوة صغيرة نسبية قياساً إلى القوة الدولية في الجنوب بما يذكر ولو من حيث أسماء الدول المشاركة فقط لا دورها بطبيعة الحال بالإمارات الصليبية التي تكونت إبان الاحتلال الصليبي للشام قبل نحو عشرة قرون. <BR>ما السبب فيما حل بلبنان؟ الإجابة قد لا تجدها عند شيخ الأسرى اللبنانيين الدرزي سمير القنطار المتزوج من "إسرائيلية" والمتخرج من إحدى الجامعات العبرية أو رفيقيه الأسرى المتوقع مبادلتهم بأسيرين درزيين أيضاً من الجيش الصهيوني اقتنصهما "حزب الله" اللبناني في يوليو الماضي إثر عملية "الوعد الصادق" والتي استدعت حرباً تدميرية في الجنوب اللبناني، شنتها قوات "إسرائيلية" يبلغ ثلث قوامها ـ للمفارقة ـ من الدروز.. <BR>وقد لا تجدها أيضاً عند الأمين العام لـ"حزب الله" الطائفي اللبناني حسن عبد الكريم، الذي جاهر بأنه لو كان يعلم بحجم الحرب التدميرية تلك ما كان أشعل فتيلها عبر عملية "الوعد الصادق"، فهو لا يقدر الأمر حيثما يتوجب أن يقدره، أو هو مهموم بعدد الصواريخ التي ما زالت في جعبة ميليشياته والتي فاخر بأنه ما زال يحتفظ بعشرين ألفاً منها، ولو نام أحياء الجنوب في العراء ووري موتاهم الثرى، ولأنه استبق أي نقد بالحديث عن أنه لا يحارب حرباً "كلاسيكية" وبالتالي فلا غضاضة أن تتناثر أشلاء الجثث وتمتلئ المستشفيات بالجرحى ويتشرد أبناء الجنوب وتنتقص كثير من أطرافه احتلالاً وتواجداً دولياً، ما دام "حزب الله" لم يخسر قائده، وعاد من جديد ليطل من الضاحية الجنوبية بحماية فرنسية في مهرجان الانتصار الوهمي.<BR>وأقرب الإجابات للحقيقة ستجدها في تقرير صادر عن الأمم المتحدة، يرصد الجريمة بلغة الأرقام، فالضحايا هم 2050 قتيلاً و5815 جريحاً حالة الكثير منهم خطيرة وحرجة فضلاً عن أعداد كبيرة من المعاقين، وربع مليون مهاجر تركوا البلاد بصعابها ومشكلاتها بعد أن أضحى البقاء فيها لكثير منهم "جحيما" لا يطاق، والخسائر المالية التي تكبدها لبنان نتيجة العدوان الصهيوني بلغت 15 مليار دولار، بما يترجم بعودة لبنان 20 عاماً إلى الوراء، ما لم تتدفق المساعدات الدولية التي بدأت تصب في جدول "حزب الله" لا ضده، لاعتباره العدو الصديق أو الصديق العدو، ويقتصر رصد هذه الخسائر المادية على الجسور والطرق والمنازل والشركات والمطار. <BR>أما تدمير البلاد فالتقرير يتحدث عن بلدات سويت بالأرض أو كادت إذ لم يبق فيها بيت قائم، كبلدات بنت جبيل والخيام وعيترون وميس الجبل وصولا إلى القطاعات الجنوبية كلها.ويعلق التقرير على ذلك بالقول:" فالمنطقة تحولت إلى ركام كأن ضربها زلزال قوي بلغ سبع أو ثماني درجات على مقياس ريختير، بحيث أصبح الجنوب كومة من التراب والحجارة يستلزم أكبر جرافات العالم لإزالة الركام. أما الضاحية الجنوبية لبيروت فلم تكن أفضل حالاً من الجنوب أو بعلبك؛ لأن هناك أكثر من 400 بناية مدمرة بالكامل و300 جزئياً والأبنية الباقية متصدعة وغير صالحة للسكن."والتقرير يرصد كذلك "مليون ونصف المليون من اللبنانيين قد صاروا بلا مأوى" ينتظرون مساعدات في بدء موسم الشتاء يتم توزيعها بصورة انتقائية وبطائفية واضحة، فيما تقدر المستشفيات اللبنانية عدد قتلى "حزب الله" بنحو 375 قتيلاً، و 515 جريحاً، ولتكملة وجه الحقيقة نستعير إحصاء الكاتب البريطاني اليساري بصحيفة الإندبندنت والمراسل المخضرم في لبنان روبرت فيسك الذي تحدث في 26 من الشهر الماضي في تلك الصحيفة عن 180 مليون دولار وزعها الحزب في شيعته بالجنوب.. فالسبب فيما حل بلبنان وبتنفيذ هذه المقامرة هو تحقيق نصر من نوع آخر غير هذا الذي يدعيه عبد الكريم وينسفه التقرير الأممي.. نصر للحزب ذاته في الحرب مع "إسرائيل"، نصر لإيران، نصر على الحكومة اللبنانية.. ربما كل هذا أو بعضه، لكن في الحقيقة ووفقاً للمعطيات السابقة ليس نصراً للبنان يستأهل أن يقف عبد الكريم في شيعته يفاخر بما جلبه من خراب على لبنان وبما نسفه من "التحرير الوهمي" للجنوب اللبناني قبل 6 أعوام ونيف. <BR>إن من الطبيعي أن يعترف الخاسر بخسارته ما دامت نتائج المعركة واضحة للعيان مثلما هي مع الحرب اللبنانية التي وإن لم ينتصر فيها الصهاينة فإن ميليشيا "حزب الله" قد تراجعت وخسرت أراضٍ كثيرة، وخبأت سلاحها للحد الذي جعل أمين عام الحزب يتعهد للجيش اللبناني إن وجدتم سلاحاً ظاهراً فصادروه، ومن خجل من الاعتراف بالخسارة فلا أقل ألا يعير غيره بدموعه التي هي تنم عن وعي بما دار أو بما سيترتب على هذه المعركة والتي بدت مقدماتها المؤلمة من احتلال دولي وتحكم إيراني دفع ثمنه اللبنانيون وقبض الفرس الثمن.<BR><br>