هل لأمريكا خطة يثق بها ( الإسلاميون ) ؟
7 جمادى الأول 1426

الاضطراب الحاصل في التوجهات الأمريكية تجاه الحركات الإسلامية في العالم العربي، وخاصة مصر يتمثل في تأرجح الرؤى الأمريكية تجاه هذه الحركة وأنها بعد لم تستقر علي صيغة يمكن وصفها بأنها مبدأ DOCTRINE في سياستها مع الحركات الإسلامية ، والمبدأ في السياسة يعني اتفاق الأجنحة التي تصنع القرار الأمريكي وخاصة في مراكز التفكير الاستراتيجي الكبرى والتي تعرف باسم THINK- THANK على طريقة واضحة ومستقرة للتعامل مع الحركات الإسلامية في مصر والعالم العربي .<BR><BR> ونحن نزعم أن السياسة الأمريكية لم تتحدد بشكل واضح تجاه الحركات الإسلامية بعد ، وأن الأفكار التي تطلق علي عدم ممانعة وصول إسلاميين إلي السلطة في مصر بشكل خاص لم تنضج بعد وحتى أفكار الحوار مع الحركات الإسلامية المعتدلة لم تنضج بعد هي الأخرى ، ويمكن القول فعلاً: إن المحافظين الجدد يريدون التغيير في العالم العربي ، وإن رهانهم علي القوي العلمانية أو الأنظمة الاستبدادية أصبح مقطوعا عندهم بأنه رهان خاسر ، ومن ثم فلا مانع من التواصل مع الحركات الإسلامية لمعرفة أفكارها وما يجري داخلها ، وما هي رؤاها وأفكارها وهل هذه الرؤى والأفكار تمثل خطراً علي المصالح الغربية الاستراتيجية في المنطقة ، والتواصل هنا لا يكون بالحوار الرسمي ولكن ممكن أن يكون بشكل غير رسمي عبر الصحفيين ووسائل الإعلام وعبر دوائر الحوارات غير الرسمية والندوات وغيرها .<BR><BR> إذن نحن لدينا الآن عدة مستويات لمحاولة فهم الاقتراب الغربي من الحركات الإسلامية ، المستوى الأول هو مستوي التوصل إلى قناعة حول ضرورة متابعة الخطاب الإسلامي المعتدل مثل حركة الإخوان في مصر وبعض التيارات الإسلامية الجديدة مثل حزب الوسط ولكن المتابعة والفهم والحوار غير الرسمي هو المرحلة التي استقرت عليها الدبلوماسية الغربية حتى الآن ، أما مسألة وجود مبدأ أو سياسة مستقرة فلم يحدث ولا هو موجود ، ذلك أن الدبلوماسية الغربية لم تستطع أن تكون رأي حاسم في الموضوع يجعلهم يراهنون أو يقبلون بمجيء إسلاميين معتدلين إلي السلطة في مصر. <BR><BR>ولا بد لنا من فهم أن أوروبا لها رؤية مختلفة عن أمريكا في التعامل مع الحركات الإسلامية ، فأوروبا منذ وقت مبكر وقبل أن تعلن أنها مستعدة للحوار مع الإسلاميين المعتدلين وهي أسست ما يعرف باسم مجموعة الطوارئ الدولية INTRNATIONAL CRISES GROUP وهذه المجموعة تمولها جهات استخبارية بريطانية وترغب في محاولة فهم الحركات الإسلامية في مصر وشمال أفريقيا والعالم العربي كله ، وأوربا مهتمة بالحوار هي الأخرى لأنها تريد أن تحرر مصير التغيير في العالم العربي من قبضة المحافظين الجدد واندفاعاتهم التي تعرض المصالح الأوروبية في منطقة جنوب المتوسط وشرقه للخطر ، فأوروبا تحاول الحوار مع القوي الإسلامية مثل حماس وحزب الله للوصول إلي محاولة استقرار في المنطقة العربية علي صعيد الصراع العربي الإسرائيلي ومن يتابع تقارير مجموعة الأزمات الدولية يصل إلي أن أوروبا تحاول إيجاد بديل إسلامي ولكنه ليس الإخوان المسلمون هي تراهن علي مجموعة الوسط في مصر وهي مجموعة لا تملك تياراً ولا يمكنها أن تمثل خيارا أو رهانا في المرحلة المقبلة خاصة وأن هذه التقارير مجرد كلام وإنما الحوار بحق وحقيق وبجد سيكون بعد الانتخابات البرلمانية القادمة ومن سيمكنه تحقيق إنجاز حقيقي فيها . <BR><BR>أما أمريكا ومراكزها البحثية وأصدقائها المهمين في مصر مثل سعد الدين إبراهيم وطارق حجي وغيرهم من البحاثة والدارسين فهي تخطف فكرة وتبني عليها لكنها بعد قليل تراجعها وترجع عنها إلي فكرة أخري ومن ثم فالموقف الأمريكي مضطرب وليس لديه كما قلنا مبدأ ، أي لم يتكون لدي الأمريكان خطة واضحة لها قدرة العمل وحدها وتصبح خطة معتمدة مقبولة من جميع الأطراف في الإدارة ومراكز التخطيط الاستراتيجي .<BR><BR>وقد فوجئت بما قاله دانييل بايببس في برنامج حوار مفتوح بقناة الجزيرة وكنت مشاركاً فيه ، لقد فوجئت فعلاً بما قاله ، فهو قال بالحرف الواحد كلاماً يعد مفاجأة لنا وتجعلنا ندقق في المصطلحات فربما تكون الرموز الاصطلاحية مختلفة ، بايبس قال مثلاً : إنهم في أمريكا حتى الآن لم يستطيعوا تحديد من هو عدوهم هل الإسلام أم الإسلام الراديكالي أم الإرهاب ؟ وهو يقول: إنه منذ ثلاث سنوات حتى الآن أي منذ سبتمبر عام 2001 م وحتى اليوم لم يستقروا في أمريكا على تحديد من هو العدو ، وهو يرى أن التركيز على الديموقراطية من جانب المحافظين الجدد هي من أجل محاصرة الإسلام الراديكالي وفق المنظور الأمريكي . <BR><BR>لكن النقطة الأخطر التي أثارها دانييل بايبس هي أن الحركة الإسلامية المعتدلة التي تقصدها أمريكا هي الحركة التي لا تدعو لتطبيق الشريعة والإيمان بالجهاد وحين سئل عن نماذج لذلك ذكر أن النماذج التي يراها تعبيراً عن الإسلام المعتدل هي نموذج محمود طه في السودان وفرج فوده في مصر ، وحين سئل مباشرة عن هل الإخوان جماعة معتدلة اعتبرها راديكالية، وقال: لا هي جماعة غير معتدلة؛ لأن لديها رؤية لدولة تحكم بالشريعة والجهاد وتكون تحت سيطرة الراديكاليين الإسلاميين .<BR><BR>إذن مفهوم الإسلام المعتدل عند الأمريكيين مختلف عن الاعتدال عندنا في العالم العربي هم يريدون ناساً لا يحكمون بالشريعة ولا يؤمنون بالجهاد وضرب نماذج هي علمانية أو مرتدة ومن ثم فالاعتدال عند الأمريكيين هو دولة علمانية يحكمها منتسبون للإسلام . <BR><BR>مانود قوله: لا يجب الرهان على التصريحات الأمريكية فيما يتصل بعملية الحوار مع الإسلاميين أو قبول الإسلاميين في السلطة أو إدماجهم في الحياة السياسية خاصة في مصر ، فكل هذه تصريحات لا تخفي وجود تيار إسلامي متجذر في الشارع وأنه لا يمكن تجاهله ولكنها ليست سياسة أمريكية بعد تصل لحد المبدأ ، ومن ثم فرهان الإسلاميين الحقيقي يجب أن يكون على شعوبهم وعلى الشارع الإسلامي ومن قبل ذلك تمسكهم بمنهجهم ومبادئهم التي هي مجال للصراع الحقيقي بين عالمنا الإسلامي والعالم الغربي.<BR><br>