أي الخطابين أحق بالإصلاح ؟
7 ذو القعدة 1425

الحمد لله الذي قدر فهدى ، يبتلي عباده بما يشاء له الأمر وله الحكم وإليه يرجعون وهو على كل شيْء قدير ، وصلى الله على عبد الله ورسوله محمد وآله وصحبه.. وبعد :<BR><BR>قد اطلعت على بيانين كل منهما عنون بالإصلاح كتب الأول د / سعد الفقيه، وكتب الآخر د/ سفر الحوالي ، فأحببت المقارنة بينهما على النحو الآتي :<BR>أما أولهما فهو أشدهما خطراً ، مضموناً ودعوة ومآلاً يحدد مطالب ، ويتضمن تهديدات ويدعو إلى تجمعات تستعدي وتظهر التحدي ، ولا يخفى خطر هذه الروح لا سيما مع كثرة المتربصين ، وحسد الحاسدين وانتهاز الفرص للمنتهزين.<BR>وثانيهما : من عالم له معرفته وتمكنه من العلم ، شهرته تبلغ الآفاق، فقد أسفرت عن خير يا سفر ، وتحدث بفضلك من أقام ومن تلبس بسفر ( هكذا نحسبك ولا نزكي على الله أحداً )<BR> <BR>وأما د/ سعد الفقيه فمطالبه وخطاباته وجمهوره والكلمات التي تنطلق منها حركته تحتاج إلى وقفات ، ليس هذا موطنها ، لكني أحببت أن أقف بعض الوقفات فيما يخص من تتستهويه المطالب، ويسمع المقال، وربما تحمس لتنفيذ الفكرة، فأقول :<BR>1. إن التحدي وإثارة الخصومات بين المسلمين لا يجلب خيراً مهما بلغت فداحة الأخطاء والتاريخ يشهد بذلك، وما الذي نشر الأهواء إلا الخصومات .<BR><BR>في جو الخصومات تضيع الحقوق ويحضر الشيطان ومعاونيه فيوقدون النار ويقربون الحطب ، ويضيع صوت الناصح فالحذر الحذر ، لا بد من وقفة محاسبة ومراقبة وخشية من الله _عز وجل_ حتى لا ينزغ الشيطان بين المؤمنين ، وحتى لا يجد الأعداء بغيتهم في تفريق المؤمنين ، وإشغالهم بما هم في غنى عنه في هذه المرحلة، التي تكالب فيها الأعداء وكثر ضعف الأقوياء ، وتجاوز البعض على العلماء .<BR>2. هذه الفوضى والتجمعات التي لم نرها تحقق مصلحة خاصة في مجتمعنا ، وإنما في ظني فرصة سانحة يرتب لها الأعداء أو على الأقل يستثمرونها لتقوى الهوة بين الأمة ، وتتعمق الفرقة فيصبح كل حزب بما لديهم فرحون .<BR><BR>3. لقد تضمن أحد الخطابين استدلالاً بالآيات ، وحرصاً على تحقيق مصالح الأمة بالقدر المستطاع ، و لا يكلف الله نفساً إلاّ وسعها . فهو تذكير بالاهتداء بالوحيين ، وهذا دأب العلماء الناصحين فهنيئاً لأمة تملك مثل ألئك الأفذاذ ، فينبغي أن تصغي لمقالتهم ؛ لأنهم لمصلحتها يسعون ، وعن اجتماعها يذبون ، فلا يحسنون التعيير ، ولا المهاترات ، وليس دأبهم كثرة البيانات والتجمعات ، لكن مقالة تدبجها يد يملي عليها قلب استشعر النصيحة و فكر في مصلحة الأمة لا أخاله سيكتب إلا صدقاً ويوقع أثراً يرشد الموقف ، ويكشف الله به البلاء ، فنحن في مجتمع يصغي للعلماء ويقف عند حدود الله، لكن العبرة ينبغي أن يستشعرها كل من قصر في مواقفه ، وغفل عن قضاياه المصيرية ، فاقتربت منه البطانة ، وحرصت على التهويل ، واقتناص الفرص ، فربما صور له المصلحون مفسدين ، والناصحون كذبة ، والمنكرُ معروفاً ، والمعروفُ منكراً ، فيا من ولي من الأمر شيئاً صغيراً أو كبيراً ، استشعر هذه القضية وأعطها حقها من التأمل فقد ثبت عنه _صلى الله عليه وسلم_ من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال : "ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان : بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه ، فالمعصوم من عصمه الله" . رواه البخاري ، كتاب الأحكام .<BR><BR>فتأمل _رعاك الله_ هذه الوصية النبوية وأعطها حقها كائناً من كنت واجتهد في سؤال الحفظ ولن يتحقق إلا لمن حفظه الله ، نسأل الله أن يحفظ على المسلمين دينهم وأمنهم ، وجماعتهم ، وأن يوفقهم لإزالة ما علق بسماء ألفتهم من سحب متراكمة ودخان شوه منظرها وحجب بعض نجومها التي تضيء للناس الطريق.. آمين.<BR><BR>وأخيراً فإني أناشد العلماء الذين تعرف الأمة قدرهم أن يدلوا بدلوهم بعلم وتجرد وصدق حتى تنقشع الغمة ، وتنفرج الأزمة . <BR>ولنتذكر موقف سهيل بن عمرو ، وأبي بكر في الردة وأخرى في تاريخنا المجيد تطل علينا من سمائه العالية ، أسأل الله أن يحفظ على الأمة قوتها ويزيل كربتها وينصر المسلمين المستضعفين في كل مكان آمين .<BR><BR>عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى<BR>[email protected]<BR><br>