لست أفهم!
7 رمضان 1425

لا أفهم أن آلاف الأسرى من الفلسطينيين والعرب القابعين في ظروف تهد الجبال لا يجدون من يتكلم باسمهم ويدعو بجدية إلى إطلاقهم بينما تكاد مسيرة السلام المزعومة تتوقف على مصير جاسوس يهودي واحد في دولة عربية بحيث لا تبدأ الدولة اليهودية بمحادثات السلام إلا بعد تلقيها إشارات بقرب إطلاق سراحه.<BR><BR>لا أفهم أن تصبح المقاطعة التجارية والهجمات الإعلامية اليهودية سيفاً مسلطاً على رقاب الإعلاميين الغربيين بحيث صار من المحظور عليهم إظهار الواقع الفلسطيني المرير بحيادية، وأن تشترك الجهات الشعبية والرسمية اليهودية في حملات التهويل والتخويف هذه بينما لا نزال نحن العرب مختلفين حول جدوى وآليات المقاطعة الاقتصادية للشركات التي تساهم في دعم الكيان اليهودي.<BR><BR>لا أفهم أن تتقن الدولة اليهودية لعبة شد الحبال بين المعارضة والحكومة وإظهار كل تراجع صغير في الأراضي المحتلة كنصر عظيم انتزعه "المعتدلون ومحبو السلام" اليهود من "المتشددين" منهم، بينما لا تعرف شعوبنا ماذا يجري من حولها فضلاً عن أن يؤخذ برأيها في قضاياها المصيرية.<BR><BR>لا أفهم أن يتقاضى اليهود إلى اليوم تعويضات خيالية من دول عديدة لقاء ما يدعون أنها مجازر دامية جرت بحقهم خلال الحروب العالمية والصراعات الأوروبية، بينما يعترف القادة اليهود بإعدام آلاف الأسرى العرب خلال الحروب العربية الإسرائيلية ويمر الأمر كأنه حدث منذ أيام الاسكندر المقدوني، وبينما لا أحد يطالب بإيقاف النزيف اليومي للشعب الفلسطيني.<BR><BR>لا أفهم أن يطالب اليهود العرب الذين التحقوا بالكيان الصهيوني عند نشأته وكانوا عوناً له على قتال العرب أن يطالبوا بتعويضات عن الأراضي التي تركوها عند خيانتهم بينما الأراضي الفلسطينية تقضم وتصادر وتجرف يومياً وكان شيئاً لا يجري فوق هذه البلاد.<BR><BR>لا أفهم أن يصير كل تقدم علمي وتكنولوجي بسيط من أي دولة في المنطقة مثار تخويف وتهويل ووعد ووعيد بينما تعج الدولة اليهودية بالسلاح النووي المدمر ولا يطالب بإزالته إلا كتاب المقالات والزوايا الصحفية.<BR><BR>لا أفهم أن يقوم الخبراء الغربيون بصياغة مناهجنا التربوية ويحذفوا منها كل ما يعادي اليهود، بينما تحتفظ إسرائيل ببرامج تربوية هي الأكثر عنصرية في العالم.<BR><BR>لا أفهم أن تبدأ الدول العربية بإصلاحات سياسية واقتصادية وتربوية تحت تأثير الضغوطات الغربية المباشرة وغير المباشرة تلك الإصلاحات التي ينادي بها المخلصون والمصلحون منذ عقود طويلة دون جدوى أم أن المثل الذي يقول: " ناي الحي لا يطرب" يصدق فينا على الدوام.<BR><BR>لا أفهم أن تترك الجاليات العربية والمسلمة عرضة للحملات العنصرية، وهي التي لم تقصر يوماً في مساندة قضايا أمتها، بينما تنفق دول عربية المبالغ الطائلة لتحسين صورتها في عيون المجتمع الغربي.<BR><BR>لا أفهم لماذا يتخلى العرب والمسلمون عن مناصريهم من الغربيين الذين نذروا أنفسهم لمناصرة قضايانا المصيرية، وتعرضوا لأقسى حملات الإرجاف والتخويف، ثم لم يلقوا بعد ذلك إلا التجاهل والإعراض من أولئك الذين ضحوا بالكثير من أجلهم بينما يلتف اليهود حول بعضهم البعض التفاف السوار حول المعصم.<BR><BR>لا أفهم أن كل هذه الدول العربية عاجزة عن إنشاء قناة فضائية واحدة تخاطب الرأي العام العالمي وتوصل له ما حجبته الدعاية اليهودية عن ناظريه، بينما تعج شاشاتنا بالقنوات العابثة وقنوات اللهو والطرب، ويتنافس في إقامة المزيد منها المتنافسون.<BR><BR>لا أفهم لماذا لا يبادر أي نظام عربي بأي إصلاح ولو كان صغيراً، مع أن جميع تلك الأنظمة بحاجة للتأييد والمساندة من شعوبها، خصوصاً مع اشتداد الحملة الأميركية على المنطقة، واتضاح مصير من يقف في وجهها دون سند من شعبه.<BR><BR>ولا أريد أن أسترسل في سرد كل هذه المتناقضات والغرائب التي لا تنتهي؛ لأنها في الواقع أكثر بكثير من كل ما هو منطقي ومن كل ما هو مفهوم.. <BR><br>