من الذي يزرع؟ ومن يقطف الثمرة؟ !
1 جمادى الثانية 1425

<BR>المتتبع لحركات التحرر من الاستعمار المعاصر في البلاد الإسلامية يرى كثيراً منها يقف المعنى الجهادي من أقوى ما يذكيها ويغذيها.<BR>فمثلاً: جمعية العلماء المسلمين في الجزائر تمكنت من حشد جهود المسلمين هناك بل ألهبت عواطف المسلمين في كافة العالم ضد المستعمر الفرنسي، حتى تمكنت من إخراجه بعد أن قدمت مئات الألوف من النفوس وقودا ًلحركتها.<BR>ولكن هل استلمت الحكم بعد خروج المحتل ، ونفذت برنامجها الإصلاحي، وطبقت رؤاها الإسلامية ؟ !<BR><BR>الرئيس المصري جمال عبد الناصر من مكنه من الوصول إلى الحكم إلا الأخوان المسلمون ! فماذا كان تعامله معهم حين تمكن ؟ !<BR><BR>ومرة أخرى في الجزائر يفوز الإسلاميون بالانتخابات بعد جهود مضنية بذلوها في تهيئة المناخ العام لأن يقف في صفهم ويصوت لهم . <BR>واعترف العالم كله وشهد بذلك ، ولكن من الذي تولى وحكم ؟ !وإلى أين ذهب قادة جبهة الإنقاذ ؟ !<BR><BR>وهكذا الحال في كثير، أن لم يكن أكثر، البلدان الإسلامية تتكرر هذه المشاهد. <BR>يكدح الخيرون ويضحون حتى إذا أينعت الثمار، واندحر المحتل قفز العلمانيون إلى سدة الحكم من الأبواب الخلفية، وأودعوا قادة الجهاد غياهب السجون قتلاٌ و تعذيباٌ، بل ربما تجاوز الأمر ذلك فأثيرت حرب عصابات تستهدف الآمنين، وفي أبشع أسلوب، وتلصق بالإسلاميين !<BR><BR>في أفغانستان يسهم المجاهدون وبقوة في إسقاط الاتحاد السوفيتي، ويدخلون كابل، ويتولون الأمر كله فيها حيناٌ يسيراٌ من الدهر، ثم يجري بينهم ما يعلمه الجميع، فيثبت فشلهم، وتأتي حكومة طالبان بعدهم، ثم تسقط ليتول الأمر بعدهم علمانيون تعينهم وترعاهم أمريكا.<BR><BR>ويتكرر المشهد الآن نفسه في العراق ؛ فبعد سنة كاملة أو تزيد من إسقاط نظام البعث، يقف أمام أمريكا محاربون لم يحسبوا لهم حساباٌ، ويصبوا على المحتل ضربات موجعة، ومتتالية، ويسجل المجاهدون فيها صفحات من ضروب البطولة والعزة مرغت أنف أمريكا في التراب، وهو الآن يضطرها إلى إعلان نهاية الاحتلال ـ ظاهراٌ ! ـ وتسليم الأمر لحكومة وطنية ! اختارت أمريكا أسماء أعضائها وعينتهم والمجاهدون الذين ألجأوا أمريكا للفرار وجلبوا لها الحرج أمام العالم يظلون خارج الحلبة وكأنهم لم يكونوا شيئاٌ مذكوراٌ ومع أن الأوضاع لم تنته بعد في العراق ولم تتكشف تماماٌ إلا أن ملامح ضحك المحتل والعلمانين على المجاهدين المحررين حقيقة بادية على الساحة.<BR><BR>فأين المجاهدون ومن يمثلهم في مجلس الحكم الآن ؟ ! والخوف قائم، والترقب سيد الموقف من أن تتجدد تلك السيناريوات، وبإخراجات مختلفة لتطال غير العراق فحديث أمريكا عن التغيير لم يفتر، وقد ثبت لدى المستعمر أن أفضل وسيلة وأمضاها يمكن أن يتم بها التغيير إنما يكون بواسطة التيار الجهادي، فهل يفيق الجهاديون وهل يتنبهوا إلى الريموتات الخفية التي تتحكم بتحركاتهم ؟ <BR>وإلى أين تسير أعمالهم ومن المستفيد من تفجيراتهم وعملياتهم الاستشهادية وسياراتهم المفخخة ؟ !<BR><BR>دافع قوي ومحرك مؤثر يلحظه المراقب المسلم على التيار الجهادي هو غلبة العواطف، وردود الأفعال، والتخلص من آلام المعاصي لدى بعض أفراده لا يجد لها كفارة إلا الاستشهاد في سبيل الله، فيتلفت يميناٌ و يساراٌ لتهتف به حركات التحرر من الاستعمار الجديد، فيسارع إليها.<BR><BR>فيا أيها المجاهدون رفقاٌ بأمتكم، بل رفقاٌ بأنفسكم’ واعلموا أن الأمر جد وخطير، وكبير، إنه مكر عالمي تزول منه الجبال، فكونوا طرفاٌ لقدر الله في نصرة الدين وإعلاء كلمة المسلمين، ولا تكونوا طرفاٌ لقدر الله في التفاف المنافقين من جديد على أمتكم.<BR><br>