على أبواب التوسع الأوروبي
21 ربيع الأول 1425

كتب الكثير وقيل الكثير عن التوسع الأوروبي الأخير، والذي كرس إلى ما لا رجعة فيه مسألة التعاون والوحدة الأوروبيين، بعد أزمنة طويلة من الخصام والشحناء والتقاتل الذي لم يترك ناحية من نواحي الحياة الأوروبية إلا و طالها وأثر فيها.<BR><BR> يحق لنا نحن العرب أن نتوقف عند الحدث الأخير بشيء من الفرح والتأمل، وقليل من الغيرة الإيجابية، كما يجب علينا أن نقف إزاءه وقفة حذر وعدم تسرع.<BR><BR>أما وقفة الفرح؛ فلأننا قد شهدنا أخيراً وعلى بعد جغرافي ليس منا جد بعيد، أمماً شتى توحد صفوفها بعد كل تلك الخصومات التاريخية الدامية،وبرغم كل الفروقات اللغوية والثقافية، مما يعيد لنا شيئاً من الأمل بإمكانية إعادة التفكير بوحدة عربية على المدى البعيد البعيد.<BR> و أما وقفة التأمل؛ فلأن آليات تحقيق الوحدة الأوروبية تستحق بالفعل الإعجاب والتقدير، حيث استطاعت عبر جهود سنوات طويلة أن تضع الشعوب الأوروبية على الطريق الصحيح، والذي هو الأضمن لمستقبل جيد للقارة الأوروبية ، هذه النتائج جاءت بالكثير الكثير من التعب والسهر والجهود المضنية لمفكرين وسياسيين أوروبيين عملوا بإخلاص وبصمت حتى أثمرت جهودهم إلى النتيجة الحالية، وهم لا يزالون يطمحون إلى المزيد.<BR> وأما الغيرة الإيجابية فنحن لا نحسد أحداً على نعمة ولا إنجاز، لكن نحن بالتأكيد أولى بالأوروبيين من وحدة مصيرية كالتي حققوها ولا داعي لأن نعدد ما يجمعنا من عوامل مصيرية فكلنا يعلمها، لكن لو بدأنا بالقليل من التفكير والتأمل فتلك هي الخطوة الأولى على نفس الطريق .<BR> وقد تمت في الماضي محاولات وحدة عربية هللت لها الجماهير طويلاً وابتهجت بها كثيراً ، لكنها لم تدم؛ لأنها كانت تغلب الخيال والأحلام على الوقائع والأحداث، وكانت ممعنة في الحماس الزائد ، حتى إذا تعرضت لعوامل ونوائب الدهر لم تصمد ولم تستطع أن تجابه المستجدات . <BR> وأما وقفة الحذر وعدم التسرع؛ فلأننا ننتظر من الوحدة الجديدة أن تقارع العملاق الأميركي المهيمن على العالم اليوم ؛ لأننا بكل بساطة نعتقد أن وجود القطبين أفضل من الهيمنة المتفردة على العالم ، وهذا صحيح إلى حد ما، لكن الأمور ليست بهذه البساطة ، فالتجمعات الإقليمية والدول العظمى لا تنطلق في سياساتها الخارجية من مبدأ إحقاق الحق وإنصاف المظلوم ، لكنها تنطلق أولاً وأخيراً من مصالحها وحساباتها ، فإن وافقت تلك الحسابات والمصالح حقاً لنا أو لغيرنا كانت تلك القوى معه، وإن لم توافقه فإنها ستعرض عنه ولا تلتفت إليه ، وهذا قد حدث في أنحاء كثيرة من المعمورة.<BR><BR>على أننا ليس لدينا الكثير من الوقت للتفكير والتأمل والتنظير ، فالوحدة الأوروبية مدت أيديها حتى وصلت إلى أبوابنا وحدائقنا ، بينما نحن نغط في الذهول والخمول.<BR><BR>ونحن إذا نظرنا إلى الواقع الدولي نجد أن هناك الكثير من المؤسسات والهيئات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تجمع الدول القطرية في أنحاء المعمورة كلها ، لكنها عربياً شديدة الضعف - إن كانت موجودة أصلاً- ولا ترى لها أي أثر على الواقع العملي لشعوبنا المقهورة.<BR>نحن لا نحلم بالكثير فقد علمتنا الأيام أن نتواضع في أحلامنا ولا نتوقع الكثير، وأن ننتظر طويلاً لننال الشيء القليل ، لكن ربما حان الوقت لمجرد التفكير في شيء اسمه وحدة عربية تزيل فقط تعقيدات المرور أمام المواطنين العرب بين الدول العربية ، بعدما صار الوصول إلى الصين أسهل من التنقل بين دولتين عربيتين متجاورتين.<BR><BR> هناك حوادث كثيرة مرت مع بعض المواطنين العرب عمقت الشعور بالمرارة لديهم، وجعلتهم يكفرون بكل ما يسمى وحدة عربية، بل يزهدون بالأخوة نفسها ، فعندما تسمع كيف يسمح للغرباء بالتجول في بعض البلاد العربية بحرية ، بينما يمنع المواطن العربي من تلك الميزة لأسباب عجيبة غريبة لا هو تسبب في إيجادها ولا يعرف أحد متى تنتهي ، ما دام يتحكم في الأمور من يرى العالم من زاويته الخاصة ، عند سماع كل ذلك تفهم أن المسألة تحتاج إلى الكثير من العلاج والعمل لردم الهوة ، وهو الأمر الذي نجح الأوربيون في تحقيقه.<BR><BR> <BR><BR> <BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><br>