التفكيك بالمراسلة .. حقيقة المبادرة الأميركية
8 محرم 1425

[email protected] <BR><BR>النصر بالرعب مما اختص به الله _عز وجل_ نبيه محمد _عليه الصلاة والسلام_ " نُصرت بالرعب مسيرة شهر " وفي مقابل ذلك اختص الله المنافقين بـ " الانهزام بالرعب " فلديهم قابلية عالية للتخاذل تجعلهم "يحسبون كل صيحة عليهم" ، وقد كثُر أتباع هذه الطائفة في عالمنا الإسلامي اليوم ، وأصبحوا طابوراً خامساً يروج لثقافة الانهزام باسم السلام وحقوق الإنسان " وإن يقولوا تسمع لقولهم " ..<BR><BR>ويريد هؤلاء أن يفرضوا ثقافتهم تلك على الأمة بأسرها ، ويريد الأمريكيون ذلك أيضاً ، فقد تبين لهم بعد تجربة العراق المريرة أن حرب العقول أهون كلفة وأبعد أثراً من حرب الجيوش ، ونحتاج هنا إلى لملمة بعض الأخبار المتناثرة :<BR> فأولاً : أعلن وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد أن أميركا لن تكسب حرب الإرهاب ما لم تكسب حرب الأفكار ، وثانياً : دشن القذافي التجربة الأولى للانهزام بالرعب على المستوى السياسي ،<BR> وثالثاً : يدرس الكونجرس مشروع قانون يقيد حرية تنفيذ دراسات حيادية عن الشرق الأوسط في الجامعات الأمريكية ، لتصبح المرجعية اليهودية مطلقة في بلورة الرؤية الأمريكية تجاه العالم الإسلامي ، ورابعاً : توالت مشاريع ومبادرات التغيير تنهمر على رؤوسنا كي نصبح أكثر ملائمة للعالم الجديد ، وبتعبير عمرو موسى : " إن السماء تمطر مبادرات كثيرة " وآخرها مبادرة الشرق الأوسط الكبير ، التي أطلقها البوق الأمريكي وتنادى البعض بأهمية طرحها للنقاش في القمة العربية القادمة ..<BR><BR>والذي يريد أن يفهم سر التناقض بين التأييد الأمريكي للطفرة الإعلامية العربية وبين مهاجمة أدائها في كثير من القضايا .. أمامه فرصة ذهبية ، فهذا الإعلام يوفره الأمريكيون ليعمل كجهاز استقبال محلي لبث البيت الأبيض ، ما أن تصدر الفكرة أو المبادرة حتى تلتقطها آلة الفرم الإعلامية الهائلة لتعيد إنتاجها في صورة منتجات فكرية متنوعة " تلحس " العقل العربي ، فهذا منتج بنكهة الجزيرة ، وهذا بطعم العربية ، وذاك طبيعي " مية المية "، وبديهي ألا يُفوِّت فيصل القاسم الفرصة ، فيروجها في معاكاساته لتنحصر أفهام العرب بين قوسين بعبارته الشهيرة " .. لكن في المقابل .. " دون أن يُعطي المجال لرؤية عقلية متوازنة ، بل يُنقب أحياناً عن حثالات بشرية تنثر رذاذها وعدواها في عقول المسلمين عبر الأثير بدعوى تمثيلها للرأي الآخر كما حدث في حلقة مناهج التعليم ..<BR><BR>ثم بعد أن تتشبع وتُحرث عقول العرب بالأفكار الأمريكية – وآخرها مبادرة الشرق الأوسط الكبير - يخرج علينا عباقرة آخرون في تناسق بديع يهزون رؤوسهم وينشدون في تناغم : " بأيدينا لا بأيدي الأميركيين " .. يعني فلنغير قبل أن نتغير ، ولنُحدِث قبل نُحدَث ، و من ثم تتوالى التنازلات بدعوى التغيير ومواكبة العصر ، وهذا ما يمكن أن نسميه التفكيك بالمراسلة ، فالأميركيون في هذه الحالة يفككون المنظومة العربية والإسلامية السياسية والقيمية بدون الحاجة إلى أية تدخلات عسكرية ، فقط ينبغي أن يتوافر الطابور الخامس بأعداد كافية ليهيئوا الأمة لتقبل وامتثال الأفكار والمصالح الأمريكية أولاً بأول عن طريق الترويج لمناخ الضغط والتهديد الأمريكيين ..<BR><BR>إن ظاهرة " الخشب المسندة " التي يمثلها طائفة من الكتاب والإعلاميين والمفكرين والمثقفين التي استشرت في عالمنا العربي تحتاج إلى وقفات ومواجهات ، فرُسل الرعب هؤلاء لن يتوقفوا إلا بعد أن يغيروا اتجاه قبلتنا إلى واشنطن ، وصدق الله إذ يقول " هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنَّى يؤفكون" ..<BR><br>