خلع ترامب.. أو "نزق خلاق"!
4 ذو الحجه 1438
أمير سعيد

لو كانت:
حادثة دهس المرأة التي حصلت في مدينة شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا، جنوب شرقي الولايات المتحدة الأمريكية، والتي قام فيها يميني متطرف بدهس مجموعة من المتظاهرين المناوئين لمظاهرة حاشدة ضمت آلافاً من المؤيدين للجماعات العنصرية البيضاء بينها "كوكلكس كلان" و"النازيون الجدد" في المدينة، ما أسفر عن مقتل امرأة وإصابة 19 آخرين بجراح.. لو كانت في زمن أوباما أو بوش أو أي من رؤساء الولايات المتحدة لكان الرئيس قد ظهر على الفور مع ذويها مستدراً عطف الأمريكيين، ومجيره له لحشد تأييد جديد له باسم مناهضة الأخطار المحدقة بالولايات المتحدة، ومنها غياب قيم التسامح وشيوع العنف وصعود اليمين المتطرف.

 

لكن ترامب لم يكن ليفعل، ليس لأنه متعاطف مع الجناة - اليمين المتطرف الذي أضحى له ممثلاً في البيت الأبيض ودواليب الحكم الأمريكي - فحسب، بل أيضاً لأن قلب ترامب نفسه لا يتحرك لمثل هذه المواقف الإنسانية، ولا يأبه لمثل هذه الجرائم ولو وقعت فوق الأرض الأمريكية، ولأن طريقة تفكيره لا تستوعب بعد أن مثل هذه الحوادث تعد فرصة جيدة لمزايدة الساسة عليها والظهور بصورة أصحاب القلوب الرحيمة.

 

ترامب لم يفعل، كما لم يفعل كثيراً مما يتعين عليه عمله كرئيس للولايات المتحدة، بدا مخفقاً في معظم الملفات التي عالجها منذ إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية وحتى اللحظة الحالية التي يعيشها الرئيس الأمريكي محصوراً داخل جدران البيت الأبيض، وصلاحياته المحدودة التي أبقتها له مؤسسات الدولة في الوقت الراهن.

 

عشرات المواقف فشل فيها ترامب في الظهور كرئيس للولايات المتحدة، يمسك بأهداب السلطة على نحو صحيح يليق بالرؤساء، لاسيما رئيس الدولة العظمي، حتى غدا على مقربة من سيناريو الخلع الذي لم يعد مستبعداً عند كثير من الخبراء في الداخل والخارج الأمريكيين.

 

خلع ترامب:
حين يقال "خلع"؛ فإنما يشمل ذلك الإقالة أو الاستقالة (التنحي) ونحو ذلك، وكلها بمعنى واحد حيث لا يبدو ترامب من الشخصيات الزاهدة في السلطة التي تنزع إلى الاستقالة من تلقاء نفسها دون إرغام من دوائر صنع القرار المحيطة به.

 

لكن هل وصل ترامب إلى النقطة التي يتعين على دوائر صنع القرار الحقيقية في الولايات المتحدة، الكونغرس، البنتاجون، أجهزة الاستخبارات، عمالقة الاقتصاد في الولايات المتحدة (الشركات الكبرى)، خلعه عندها؟

 

من الناحية النظرية: نعم، وبكل تأكيد، فالأسباب كثيرة:

-    الأزمة الخاصة بإدارة الرئيس ترامب غير مسبوقة، فمعظم من حول الرجل تركوه، أو أجبروا على تركه، وعدد الاستقالات والإقالات في البيت الأبيض صارت مزعجة بدرجة كبيرة، وأبرزها كان إقالة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي، واستقالة مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب والمحرك الرئيسي لخطط ترامب لسياسة التعاون الوثيق مع موسكو مايكل فلين، واستقالة كبير موظفي البيت الأبيض رينس بريبوس، واستقالة المتحدث الرسمي في البيت الأبيض شون سبايسر الذي استقال مؤخرًا احتجاجًا على تعديل في فريق الاتصالات الحكومي، وإقالة مدير الاتصالات في البيت الأبيض أنتوني سكاراموتشي بعد مرور 10 أيام فقط من توليه مهام منصبه، ومن قبله في ذات المنصب كان مايك دوبكي الذي كان قد قدم استقالته في مايو الماضي بعد مرور 3 أشهر فقط على توليه منصبه، وأخيراً وبعد الأحداث العنصرية في مدينة شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا، إقالة ستيف بانون كبير مخططي الاستراتيجيات السياسية في البيت الأبيض ككبش فداء لتصريحات ترامب الرخوة تجاه العنصريين، ثم استقالة ثلاثة من من لجنة المصنعين الأمريكيين في المجلس الاستشاري في البيت الأبيض، المعنية بإسداء النصح للرئيس الأمريكي بشأن أفضل سبل تطوير وإنعاش الصناعات في البلاد، وهم الرئيس التنفيذي لشركة "إنتل" للتكنولوجيا بريان كرزانيتش، الرئيس التنفيذي لشركة "أندر أرمور" للمنتجات الرياضية كيفن بلانك، رئيس مجلس إدارة ومدير شركة "ميرك وشركاه" للأدوية كينيث فريزر، ومؤخراً – وليس آخراً - دانيال كامين الذي عمل كمبعوث لوزارة الخارجية الاميركية منذ عام 2016 الذي استقال في أعقاب الأحداث العنصرية معتبراً في خطاب استقالته أن ترامب "أضر بمكانة الولايات المتحدة في الخارج واستدامة الكوكب"!.  

 

-    التحقيقات في ملف علاقة الرئيس وأركان حملته الرئاسية مع الروس، وعلاقة فوز الرئيس بالانتخابات بالدعم الروسي لحملته، وعلاقاته الاستثمارية ونحوها مع الروس والرئيس الروسي بوتين تحديداً. وهي مسألة إن بلغت حد توجيه الاتهام للرئيس الأمريكي فإنه غالباً ستفضي إلى تنحية أو إقالته، وستعد حالئذ فضيحة كبرى للولايات المتحدة الأمريكية، ليس من جهة تعريض منصب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية للاهتزاز فحسب، بل كذلك تعريض الدولة العظمى برمتها لفضيحة اختراق خارجي كبرى. وبالطبع؛ فإن ثمة مصيبة كبرى تنتظر إدارة الرئيس إذا ما ثبتت التهمة، وهي جريمة إخفاء تلك العلاقة بالأصل، والتي تعد كارثة سياسية وأخلاقية كبيرة. ويتبعها حرف العدالة عن مسارها الصحيح، ودور الرئيس في ذلك. وهذا إن ظل احتمالاً؛ فإن ثبوت إخفاء مساعدي الرئيس هذه العلاقة مع الروس هي حقيقة لم تعد خافية، وتؤكدها جهات التحقيق الثلاث.

 

-    مصادمته لأهم الأجهزة الاستخبارية في بلاده: ويتبع ذلك الإعلام الذي لا يستلزم إفراده بنقطة مستقلة برغم أن ترامب عاداهما معاً منذ البداية، لأنه قلما يحيد الإعلام عن سطوة الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة أو غيرها، فلقد ظهرت تباشير هذه المعاداة، من طرف الأجهزة الاستخبارية كرد فعل على أفعال ترامب منذ بدء الحملة الانتخابية أو كفعل مبكر مناوئ له، مع إهمال وسائل الإعلام لحملته ومناوئتها له، ثم تفجير الاستخبارات الأمريكية CIA للمظاهرات ضده، والتي ظهر فيها ملثمون يرتدون الملابس السوداء يشعلون النار ويقذفون زجاجات المولوتوف على قوى الأمن على نحو مألوف في بعض دول العالم الثالث التي استخدمت مثل هذه الطريقة التي شجعت عليها أجهزة أمريكية بالأصل نظيراتها في تلك الدول. ثم توالى ظهور ألوان الصدام مع بدء التحقيقات في علاقة الروس بالرئيس الأمريكي، واتضاح دور الاستخبارات الأمريكية في تسريب بعض معلومات حول ذلك للصحافة ولجهات التحقيق الخاصة أيضاً، كذلك بدا واضحاً مع تسريب المكالمة التي دارت بين ترامب والرئيس المكسيكي والذي نشرته صحيفة واشنطن بوست القريبة من أجهزة الاستخبارات الأمريكية والتي توسل فيها ترامب لنظيره المكسيكي بينيا ألا يصرح للإعلام بأن المكسيك لن تدفع ثمن بناء الجدار بينهما ريثما يتم حل ذلك بتفاوض يرضي الطرفين على خلاف ما كان صرح به ترامب في حملته بتحميل مكسيكو ثمن بناء الجدار! أقال ترامب رئيس FBI وحاول تجيير أجهزة الاستخبارات لصالحه ففشل، ونجم عن ذلك عداء واضح، وسّع كثيراً من الهوة التي كانت موجودة بين تلك الأجهزة ووزارة الدفاع (البنتاغون) التي قيل إنها وراء وصول ترامب لسدة الحكم، إلا أنها بدأت هي الأخرى – على ما يبدو – تنفض يديها عنه لاسيما بعد تصريحاته غير الموفقة في الأحداث العنصرية مؤخراً، فقد نشر خمسة من قادة القوات المسلحة الأمريكية، وهم قادة الجيش والقوات الجوية والبحرية ومشاة البحرية (المارينز) ومكتب الحرس الوطني، بيانات على مواقع التواصل الاجتماعي "يدينون فيها بأشد العبارات النازيين الجدد والعنصرية"، حيث كانت رسائلهم مضادة بشكل غير عادي للقائد الأعلى ترامب، وفقاً لنيويورك تايمز الأمريكية، يضاف إلى ذلك التصريحات المتوالية من كبار قادة الاستخبارات الأمريكية السابقين رفضاً لممارسات ترامب، وآخرها ما أعرب عنه المدير السابق للاستخبارات الاميركية في عهد باراك اوباما جيمس كلابر من قلق حيال كون" دونالد ترامب قادرا بمفرده على اتخاذ القرار بهجوم نووي"، وتصريح الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية، فيل جيرالدي، لوكالة سبوتنيك الروسية أن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي وجه فيها اتهامات لباكستان، "يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة، لأن إسلام أباد يمكن أن تقوم على ضوء هذه التصريحات بقطع الطرق الهامة لإمدادات الولايات المتحدة وحلف الناتو إلى أفغانستان.. هذا خطاب غبي"!

 

-    علاقته المتعاكسة مع الكونغرس، وعلاقته الملتبسة مع الحزب الجمهوري: حيث بات كثير من الأعضاء في الكونغرس يصرحون علناً بأن الرئيس لابد أن يرحل، وكثير من أعضاء الحزب الجمهوري الذي جاء به إلى مقعد الرئاسة قد خذلوه في أكثر من مسألة، لاسيما عند تصويت السيناتور الشهير جون ماكين، أحد أركان الحزب، ضد مشروعه لإسقاط مشروع أوباما كير، ما أفشل واحداً من تطلعات ترامب الداخلية وجزء ركين من برنامجه الرئاسي الداخلي. كذلك التحقيق مع أركان حكم ترامب، ووصول تقارير استخبارية مضادة لترامب إلى الكونغرس، وارتفاع الأصوات المعارضة ضده، ومسائل أخرى عديدة تصب في خانة ابتعاد الكونغرس كثيراً عن ترامب حد القطيعة المتوقعة.

 

-    الأزمات الخارجية التي أوقع فيها ترامب الولايات المتحدة، من أزمة المكسيك التي أخفق فيها في تحقيق مآربه وطموحاته الانتخابية، إلى الإساءة إلى حليف مهم في آسيا/باكستان، والتهديد الفارغ لكل من فنزويلا وكوبا، وخيبة الأمل التي منيت بها سياسته المعلنة تجاه إيران، وفشله في حل مشاكل الحليفة أوكرانيا مع الروس بعد احتلال الروس شبه جزيرة القرم الاستراتيجية بشكل مباشر وشرق أوكرانيا بشكل غير مباشر، وسياسته الملتبسة في "الشرق الأوسط" بصفة خاصة وعجزه عن حل أي مشكلة به حتى الآن، إلى التوريط القادم للجيش الأمريكي في أفغانستان مجدداً، وفشله الذريع أمام التمدد الصيني في شرق آسيا، وعلاقته المضطربة جداً مع الاتحاد الأوروبي الذي تفاجأ زعماؤه في أول لقاء لهم معه بحديثه "التجاري" معهم عن دفع مستحقات الحماية بدلاً من الحديث حول تحديات التوسع الروسي وقضايا المناخ المهمة ونحو ذلك! ويزيد الطين بلة أن كثيراً من سياسات ترامب تجاه الخارج مرت عبر موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، قفزاً على المسارات الطبيعية لتصريحات وبيانات البيت الأبيض المعتادة، ما اضطر الخارجية والدفاع إلى لملمة بعض المواقف، وإرغام الرئيس أحياناً على تراجعه عن مواقفه سواء الداخلية أو الخارجية، كمثل ما حصل في أزمات "الشرق الأوسط" والأحداث العنصرية في جنوب الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية وغيرهما.  

 

تقييد صلاحيات الرئيس:
هذا، وإن توفرت أسباب كثيرة – نظرياً- لإقالة أو إرغام الرئيس الأمريكي على التنحي؛ فإنه عملياً تجد منظومة المؤسسات الحاكمة في الولايات المتحدة في إنهاء فترة حكم الرئيس مبكراً قبل موعدها حرجاً كبيراً من عدة نواحٍ؛ ففي هذا عدة منزلقات:

 

الأول: أنها ستكون سابقة خطيرة، ستهز كثيراً من صورة الولايات المتحدة، وتعرض سياساتها الخارجية للخطر، وتفقدها كثيراً من ثقة الدول المؤثرة في العالم.

 

الثاني: أنه سيوقع النظام الديمقراطي نفسه في هوة فكرية عميقة، فالولايات المتحدة التي تقدم نفسها للعالم كقلعة كبرى للديمقراطية والحرية ستجد نفسها قد انتكست على الخيار الديمقراطي الذي جاء بترامب إلى السلطة بغالبية انتخابية كبيرة وبموافقة نسبة عالية من المحكمين لافتة للنظر، وسيترجم ذلك كإخفاق واضح للفكرة الديمقراطية لاسيما أنه لم يمض على حصوله على هذا الاكتساح الانتخابي الشعبي والنخبوي مدة طويلة.

 

الثالث: أنه سيغلق باباً ثالثاً من عقائد الحكم الأمريكية الأخيرة، وسيبرهن على ديمومة الإخفاق في برامج متنوعة، الجمهوري (بوش) المندفع نحو الحرب، الديمقراطي (أوباما) النازع إلى التهدئة والتعاون مع القوى الإقليمية في حكم العالم، وتنمية الداخل، والأخير لترامب الذي ينحو منحى براجماتياً جديداً، وستجد الولايات المتحدة نفسها أمام حالة انسداد في بناء الاستراتيجيات الكبرى، وقد كان من الأفضل لدى كثيرين أن تصوب تجربة ترامب لا أن تهدم تماماً بما يغلق هذا الباب أيضاً مبكراً.

 

من هنا، كان التفكير الذي بدت ملامحه تظهر في سياسة مؤسساتية تقلص نفوذ وصلاحيات الرئيس ترامب دون أن تطيحه من منصبه، وهي سياسة لجأت إليها مؤسسات الكونغرس والبنتاغون والاستخبارات والقوى الصناعية الكبرى حتى الآن.

 

هناك تقليص واضح فيما يجري اليوم، لصلاحيات ترامب، حتى غدت وزارتا الدفاع والخارجية معنيتين أكثر برسم السياسة الخارجية وإعلانها وكبح جموح الرئيس وإرغامه على إعادة النظر في تصريحاته ومواقفه مؤخراً. وثمة سيناريو آخر يلوح أيضاً، يتمثل في نقل صلاحيات الرئيس بشكل فعلي إلى نائبه اليميني مايك بنس. وقد تجد تلك المؤسسات في جعل الرئيس "رمزاً" أكثر منه منفذاً بصلاحيات كاملة مندوحة عن إطاحته بشكل كامل، وفي إيلائه ملفات معينة هامشية تعويضاً جيداً عن تغييبه عن البيت الأبيض تماماً. هذا إذا لم تضق الحلقة أكثر حول عنق الرئيس الأمريكي وتظهر التحقيقات ما يتحسب له، أو تنهار إدارته من حوله بما يستحيل معه الاستمرار في منصبه.

 

لكن:
ثمة سؤال جوهري لابد ألا يغيب عن عقول المستشرفين لمستقبل الرئيس الأمريكي والولايات المتحدة بصفة عامة: هل كان سلوك الرئيس ترامب غائباً عن عيون قادة البنتاغون وأركان الحزب الجمهوري وبعض المؤسسات الصناعية العسكرية وغيرها التي دعمت ترشحه؟
هل يحدث شيء كهذا في الولايات المتحدة اعتباطياً؟

 

الولايات المتحدة التي أخرجت لنا مفهوم التغيير عبر "الفوضى الخلاقة"، والتي جمعت فيه بين الفوضى والإبداع كمفهومين متناقضين، ألا يمكنها أن تقدم أيضاً "الحماقة الخلاقة" إن جاز التعبير؟! أولم تستفد الولايات المتحدة في أكثر من ملف من طريقة الرئيس الأمريكي التي تبدو غريبة السلوك والتعبير، اقتصادياً وسياسياً، وحقق لها بعض النجاحات، ربما غير المسبوقة في ملابساتها؟

 

حتى إن كانت الإجابة لدى البعض هي "لا"، أليس لافتاً للنظر أن شخصاً غريب الأطوار كهذا، وإخفاقاً "مدنياً" كذلك يمكن أن يقدما لجنرالات البنتاغون هدية من ذهب في طموحاتهم نحو لعب دور أكبر في السياسة الأمريكية؟ ملفين غودمان بروفيسور الحكم في جامعة هوبكنز والباحث في مركز السياسة الدولية في واشنطن تحدث قبل عام في مقال له عن "عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية" الآخذة في النمو منذ ثلاثين عاماً تقريباً، وبرهن فيه على تسارع تلك العسكرة في إدارة حكم ترامب، والأمر لا يحتاج في الحقيقة لعدسات مكبرة لرؤية تناميه في إدارة ترامب ونفوذ الجنرالات في البيت الأبيض، حيث أشاد ترامب نفسه بذلك قائلاً إن "تعيين العسكري جون كيلي مؤخرا ككبير موظفي البيت الأبيض من شأنه ضبط الوضع"، وكذلك في وكالة الاستخبارات المركزية.

 

ربما لاح في مخيلة البعض أن هذا "النمط والسلوك الترامبي" استدعي خصيصاً لتحقيق مآرب لبعض القوى والمؤسسات في ظرف خاطف، لكن مهما يكن؛ فإن ما نراه اليوم قد يكون غائباً عن تقدير الكثير وربما منهم أساطين السياسة وعمالقة الصناعة وهوامير الاقتصاد، أو مجاوزاً لأسوأ تقديراتهم المتوقعة، ربما، لكن الحقيقة في كل ما تقدم التي لا يمكن الجدال حولها طويلاً، هو أن الولايات المتحدة تعاني تراجعاً استراتيجياً، وانحداراً أخلاقياً، وانسداداً سياسياً، والأهم من كل هذا أنها آلت إلى إفلاس حضاري حقيقي لا يمكن إنكاره أو جبر انكساره.