يبدو "المسرح" الدامي في سوريا لمن ينظر على سطحه أقرب إلى مسرح اللامعقول بعبثه وانعدام المنطق بين شخصياته وفي حوارهم المفكك والقريب من الهذيان..
فخلال أسبوعين فقط ينقلب الموقف الرسمي الأمريكي على نفسه بزاوية قدرها 180 درجة، إذ ينتقل من إقرار طاغية الشام على كرسيه المحطم (إسقاط بشار لم يعد أولوية لواشنطن) إلى تصريح وزير الخارجية الأمريكي نفسه-قبل ساعات- (أن عهد العائلة الأسدية انتهى)!!
فما حقيقة ما يُدَبَّر للشام في دهاليز المجرمين الكبار؟
كيماوي متوقع!!
يرجح أن السيناريو الخطير سيسير في خط أكثر وضوحاً وتماسكاً من التهريجات السابقة، بعد أن نضجت الطبخة المتوحشة بتشريد 14 مليون سوري -99% منهم من أهل السنة!!- وقتل مليون وتغييب نحو نصف مليون منهم في سراديب التعذيب الهمجي، ومحاصرة من تبقى منهم في مناطق محددة سلفاً، وتجميع أكثريتهم في إدلب وريفها ليتم تصفيتهم في مرحلة لاحقة باعتبارهم حاضنة شعبية لتنظيم القاعدة!!
نقطة البدء قد تكون بتحريض بشار على استعمال السموم الكيماوية في الغوطة الشرقية، لكي يتاح لواشنطن شن مزيد من الضربات -الموجعة نسبياً هذه المرة- وتحريك ضباط كبار من طائفة القتلة لاغتيال بشار وشقيقه ماهر، بذريعة أن استمرارهما في نهجهما سيقضي على النصيرية كلياً.. وهذا كلام منتشر أصلاً في الطائفة الكريهة، ولذلك يسهل تسويقه إعلامياً!!
وقد يتم استهداف الطاغية مباشرة لكي ينتهي في نظر أذياله "بطلاً" ولكي يتم منع السوريين بعد مهلكه من فتح ملفاته وملفات أبيه من قبل، وهي ملفات كفيلة بنشر نتن لا يتسع له المحيط الهادي!
بدأتُ أرجح هذا الاحتمال منذ استماعي لادعاء بوتن قبل ساعات أن "الإرهابيين" يخططون لاستخدام السلاح الكيماوي في منطقة قرب دمشق، واتهام النظام بذلك، لتقديم ذريعة لضربه!!
يعزز من هذا المسار المحتمل ما قاله قبل يومين الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل ثلاثة أيام من أن "الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات إضافية إذا لزم الأمر وبالطريقة المناسبة، من أجل مواصلة الدفاع عن المصالح الوطنية المهمة"، وتصريحات السيناتور جون ماكين، أن بشار الأسد "لن يسقط إثر الضربة الأمريكية أو بفعل ضربات صاروخية أخرى، بل سيتم إسقاط النظام من قبل الجيش السوري الحر عبر قوات مدربة ومجهزة من الجيش الحر الذي سينطلق نحو دمشق انطلاقاً من المناطق الآمنة التي سيتم إنشاؤها قريبًا"!!.
البدائل العميلة
أخيراً اقتنع الصهاينة بأن بشارهم استنفد أغراضه فمزق سوريا ودمرها وشرَّد العدو الحقيقي وهو الغالبية السنية وجلب القتلة الطائفيين الذين تضمن إمبراطورية أبي لؤلؤة المجوسي أنهم سيواصلون مهمة العائلة الأسدية في حراسة الكيان الصهيوني، وذلك ما ينطق به تاريخ القوم، والذي تباهى به مؤخراً وزير خارجيتهم جواد ظريف عندما تفاخر بأن المجوس أنقذوا اليهود ثلاث مرات!!
وأما البديل فجاهز ومهيأ، حيث سيقام نظام حكم بتحالف الأقليات النجسة مع النصيريين، الذين سيتم ترسيخ سيطرتهم تحت شعار الدجل: إنقاذ "مؤسسات الدولة"!!
بالطبع، سيتم استبعاد كبار القتلة الذين احترقت أوراقهم مع احتراق أوراق عائلة بشار وعائلة مخلوف.. لكن الطائفة الحاقدة مليئة بالقتلة غير المشهورين، وجميع مفاصل الجيش والمخابرات في أيديهم..
وهناك شهود زور جاهزون من المنتسبين إلى عائلات مسلمة، وهم يتراوحون بين زنادقة يبغضون الإسلام جذرياً ولذلك تحالفوا مع النصيرية والمجوس والصليبيين الروس، وبين علمانيين سفهاء يرون أن الإسلام يقتصر على العبادات المحض كالصلاة والصيام ...
يضاف إلى ذلك النفعيون الزئبقيون الذين يدورون في فلك القوي ..
وتلك الشراذم متاحة حتى في صفوف الجيش الحر، الذي جرى اختراقه من أجهزة المخابرات الدولية والإقليمية منذ سنوات .. وسيتم إلحاق هؤلاء بالجيش الجديد/القديم لتلميع وجه النظام بقناعه الجديد، ولكن لن يكون لهم أي دور فعلي وكأنهم عادوا إلى الجيش الأسدي الذي انشقوا عنه من قبل.
وأما في الجانب السياسي فما أكثر منصات البؤس التي تضم حشوداً من الذين يسيل لعابهم منذ سنوات إلى أي منصب ولو كان شكلياً ..
أمريكا جاهزة على الأرض
تسيطر قوات المارينز الأمريكية الغازية حالياً على أهم ما في الشمال السوري حيث ثروات النفط والغاز والزراعة، وأدواتها ملاحدة الكرد الماركسيون-!!- مستعدون لتنفيذ ما تطلبه واشنطن منهم من دون مناقشة.
وأمريكا جاهزة كذلك في الجنوب، حيث الاحتكاك الممكن مع الاحتلال الصهيوني للجولان المبيع، فهي تمسك بزمام أكثر الفصائل من خلال غرفة الموك، والتي من خلالها فرضت تجميد جبهة درعا منذ سنتين ونصف سنة ..
وحليفتها بريطانيا أنشأت قاعدة حيوية في منطقة (التنف) ذات الأهمية الفائقة، لأنها تقف على رأس مثلث حدودي بين سوريا وكل من الأردن والعراق! وإلى جانب الإنكليز فصائل تابعة سيتبين دورها الخطير عند تشكيل النظام الجديد، والذي سيكون غالباً ذا طبيعة عسكرية قمعية تحت شعار استعادة الأمن وبسط سلطة "الدولة" وإطلاق عملية إعمار مدروسة تحت الهيمنة الغربية المحض.
وسوف يتركون لروسيا الجزء الذي يعنيها من الكعكة في الساحل حيث الوجود النصيري التابع .