في صباح يوم التاسع من نيسان عام 2003م، انتشى الأميركيون وعملاؤهم، بدخول عاصمة الرشيد، محتلِّين مُغتَصِبين، رافعين شعاراً مُضلِّلاً: حرية العراق!.. وذلك بعد ممارسة سلسلةٍ من أكاذيبِ صهاينة الإدارة الأميركية وتابعهم البريطانيّ (طوني بلير)، وبعد إطلاق بُـهتان أذنابهم الممالئين والخونة والمتواطئين والعملاء، والأبواق الأميركية الصنع والإيرانية المنشأ؟!.. بَدءاً من أكذوبة (أسلحة الدمار الشامل) العراقية، وانتهاءً بأكذوبة (تحقيق الديمقراطية)، ومروراً بأكاذيب: البناء، والإعمار، والتحرير، وإسقاط الدكتاتورية، والرخاء، والاستقرار، والأنموذج العراقيّ المشرِق لكل أقطار المنطقة، والقضاء على الإرهاب!..
كانت حصيلة احتلال العراق عاراً على جبين أميركة، وفضيحةً يَندى لها جبين الإنسانية، سقطت فيها مزاعم طغاة العصر، فإذا العراق الذي زعموا تحريره، بلداً مُدَمَّراً، ودولةً طائفيةً صفويةً فاشلة.. وسجوناً مظلمةً زُجَّ فيها مئات الآلاف من أحرار العراق وحرائره.. وانتهاكاتٍ مروِّعةً ترتكبها القوات المحتلّة والحكومات العميلة المتعاقبة.. وجرائم طائفيةً، تقترفها ميليشيات خائنة حاقدة تتدرّب في إيران الصفوية الشيعية، ويخطِّط لها المحتلُ الأميركيّ ويشجّعها ويدعمها ويستخدمها لتحقيق مؤامراته، لا يشبهها إلا الجرائم الشنيعة التي يقترفها –هذه الأيام- طغاةُ سورية الطائفيون، بدعمٍ ومشاركةٍ فعّالةٍ روسيّةٍ إجراميةٍ ومجوسيةٍ إيرانية.. ومئاتٍ من مليارات الدولارات المنهوبة.. وتمييزاً طائفياً شيعياً حكومياً في أبشع صوره.. وتزويراً مذهلاً للانتخابات بأنواعها ومستوياتها.. وحكومةً مزدوَجة العمالة للاحتلالين: الأميركيّ، والصفويّ المجوسيّ الإيرانيّ.. وأجهزةً حكوميةً فاسدةً من اللصوص والنهّابين والقَتَلَة والمجرمين والموتورين الطائفيين.. وانهياراً مخيفاً في مستوى التعليم المدرسيّ والجامعيّ.. وتوقّفاً كاملاً للتطوّر الزراعيّ والصناعيّ.. وتخلفاً صحياً وطبياً.. وانتشاراً للأمراض والأوبئة.. وملايين العاطلين عن العمل.. ومئات المساجد المدمَّرة.. وشعباً مُشَرَّداً يعيش معظمه تحت خط الفقر.. وانعداماً كاملاً شاملاً للأمن والاستقرار!..
* * *
ورد في وثائق (ويكيليكس) المنشورة منذ ست سنوات، أنّ (نوري المالكي) هو شيعيّ طائفيّ يرأس ميليشياتٍ طائفيةً للموت والتعذيب في العراق.. وهو مسؤول -حتى ذلك الوقت- عن اختفاء أكثر من خمسة عشر ألف عراقيّ، وعن قتل أكثر من مئةٍ وخمسين ألفاً من أهل السنة العراقيين.. وعن جرائم ضد الإنسانية، كفيلةٍ بجرِّه إلى محكمة العدل الدولية، عشرات المرات!.. وإضافةً إلى ذلك كلِّه، فلا يحق تكليفه –حسب قوانين الانتخابات الديمقراطية- بتشكيل وزارةٍ للعراق.. لكنّ (نوري أو جواد المالكي) الساديّ السفّاح، كان خيار أميركة وإيران معاً، بدعمٍ وتأييدٍ من قِبَلِ نظام الحكم الطائفيّ النصيريّ في سورية!..
قام المالكي بعد اندلاع ثورة الحرية والكرامة في سورية، بردّ الدَّيْنِ لحلفائه الطائفيين في دمشق، فتحالف –سراً- مع صنيعة المجوس: (داعش)، ودفعها لتكون خنجراً مغروزاً في خاصرة الثورة السورية، وسيفاً غادراً بأهل السنّة في العراق وسورية والمنطقة العربية والإسلامية، ليضيفَ إلى فضائحه مزيداً من الفضائح، فهذا الدَّعيّ وشيعته وحزبه الصفويّ، قدم إلى كرسيّ الحكم في العراق، على فوّهة مدفعٍ أميركيّ، متدثِّراً بعمامةٍ مجوسيةٍ فارسية، مُسلَّحاً بمزاعم القضاء على الدكتاتورية والاستبداد والإرهاب.. بينما نراه اليوم مع خَلَفِهِ العبادي يدعم –بكل الوسائل- أشد الأنظمة استبداداً وانتهاكاً في سورية، ويجاهر بالاعتراض على أي شكلٍ من أشكال الحماية الأممية للشعب السوريّ!.. فيما استهترت أميركة أوباما الدعيّة، بجرائم سفّاحي دمشق الدكتاتوريين، واتخذت الإجراءات كلها، لمنع الشعب السوريّ من الحصول على الوسائل التي يدافع بها عن نفسه، وردّ العدوان النصيريّ البشاريّ الروسيّ المجوسيّ!..
* * *
ذلك هو العراق (الأنموذج) الذي وعدت به أميركة وعملاؤها: عراق ممزَّق، تحكمه المافيات الصفوية المجوسية، وتتغلغل إيران الفارسية المجوسية في كل مفاصله، وتستوطن فيه فرق الموساد الصهيونيّ!.. عراق لا يعرف الأمن أو الاستقرار، تسوده شرائع الغاب والخراب!.. عراق تنهبه عصابات الشركات الأميركية وأذنابها وسماسرتها، وتضيع دماؤه وخيراته في ذمم دول الغرب الصليبيّ الحاقد، وتُزهَق أرواح أبنائه -كلَ لحظةٍ- في مذابح المحتلّ الأميركيّ وتحالفه العدوانيّ، وداخل مسالخ حُسينيّات أذنابه وحلفائه الصفويين، وعملاء الحشد المجوسيّ القادمين من بلاد فارس الصفوية الحاقدة الهمجية!..
لقد خسرت أميركة -بسبب عدوانها على العراق- أكثر من ستين ألف قتيل، ومئة ألف جريحٍ ومُعَوَّقٍ ومريضٍ نفسيّ، وأكثر من ألفي مليار دولار، وعشرات الطائرات الحربية، ومئات الدبابات والمدرّعات والآليات العسكرية والمدنية.. وتَفَكَّكَ تحالفها العدوانيّ، وأطيح برؤوس أكابر مجرميها واحداً إثر واحد، ولعل أهم الرؤوس الـمُطاحَة: (كولن باول) و(دونالد رامسفيلد) و(جون بولتون) و(بوش الصغير) و(ديك تشيني) و(كوندوليزا رايس).. وفوق ذلك كله، خسرت أميركةُ الهيبةَ، والمصداقيةَ.. وأُذِلَّت آلتها العسكرية التي طالما تفاخَرَتْ بها. أفلا تعتبر روسية المجرم بوتين في سورية اليوم، من الدرس العراقيّ البليغ؟!..
* * *
لعل أهم ما انكشف جرّاء احتلال العراق، هو هذا العناق الوثيق بين العدوَّيْن المشترَكَيْن للعرب والمسلمين، وانكشاف مشروعَيْهما المشبوهَيْن: الأميركيّ الصهيونيّ، والإيرانيّ الصفويّ المجوسيّ الفارسيّ.. ولن يتحرّر العراق من الاحتلال وعقابيله، إلا بردّ كيد العدوّ الإيرانيّ الصفويّ المجوسيّ الفارسيّ إلى نحره، لإسقاط مشروع المجوس الصفويين الإيرانيين إلى غير رجعة، بعد افتضاحهم وانكشاف خياناتهم للإسلام والمسلمين، وافتضاح نذالة عملائهم ومجرميهم وحاقديهم وسفهائهم.. لكل ذي قلبٍ من أبناء أمة العرب والإسلام، لاسيما في سورية المنتفِضة على طغاتها الخونة المستبدّين!.. وهكذا، سقطت أميركة في العراق عسكرياً وحضارياً، وسقطت إيران الصفوية الفارسية المجوسية فيه وفي سورية، سياسياً وثقافياً وأخلاقياً ودينياً وعسكرياً. وستسقط روسية الإجرامية مع حليفها المجوسيّ في سورية.
إنّ عناق المشروعَيْن العدوانيين: الأميركيّ الصهيونيّ، والصفويّ الفارسيّ المجوسيّ، في العراق، ثم عناق المشروعَيْن الإجراميَّيْن: الروسيّ الهمجيّ، والمجوسيّ الإيرانيّ، في سورية، سيقابله –بإذن الله- ربيعٌ مُزهِرٌ في بغداد والشام.. فيه يُعانِق سعد بن أبي وقّاصٍ خالدَ بنَ الوليد، وتلتقي نفحات أبي جعفرٍ المنصور روحَ صلاح الدين الأيوبيّ.. لاجتثاث الشرّ الصهيوني الصليبيّ، وسَحق دَجَلِ أبي لؤلؤة المجوسيّ، وباطنية الحشاشين والبشاريين، ومَن على خطاهم.. وشاكلتهم!..