اغتيال العقل الشيعي.. إلى متى يبقى بيننا غافلون!!
29 جمادى الثانية 1438
منذر الأسعد

ربما كان تقصيراً مني أني لم أطلع على كتاب: اغتيال العقل الشيعي للأستاذ علي الكاش الصادر قبل سنتين، وربما غاب عني عنوان هذا الكتاب المهم في زحمة المشبكة "النت" فلم أره إلا قبل أيام معدودات.

 

الكتاب ضخم الحجم -718 صفحة- وشامل واستقصائي بدرجة تبعث على الإعجاب، بجهد الكاتب وبحسن تصوره لطبيعة موضوعه الشائك، وهو ما يتجلى ابتداء من العنوان الفرعي للكتاب: دراسات في الفكر الشعوبي؛ ثم يتأكد في موضوعاته الدسمة، التي جاءت بلا تبويب من أي نوع، فعناوين الموضوعات تأتيك متوالية بلا ترتيب منطقي أو تاريخي. قد يكون سبب ذلك حرص الأستاذ الكاش على ألا ينفر منه القارئ المتعجل، وهذا حرص في غير محله، لأن القارئ المزاجي لن يقرأ سِفْراً بهذا الحجم مهما فعل المؤلف..هذا هو رأيي الشخصي الذي لا يلزمه في كل حال.

 

والكتاب لا يترك فرصة للسذج من المنتسبين إلى الإسلام الحق (أهل السنة) لكي يمضوا في تيههم بموقفهم الغريب من المجوس، بل إنهم بتضليل رؤوسهم ممن باعوا آخرتهم بدنياهم، يتعامون عن جرائم القوم الدموية في الشام والعراق واليمن فضلاً عن داخل إيران..

هنا تقام الحجة عليهم من مصادر المجوس بلغة صحافية مبسطة يفهمها أي قارئ صادق مع نفسه.

 

المؤرخون الغلاة

بعد تمهيد ممتاز استغرق 15 صفحة، يبدأ الكتاب ببيان أصناف المؤرخين الغلاة ويبحر في أسباب انحرافهم، ليلج بعدها إلى ظاهرة الطعن في مقدسات الإسلام وفي عظمائه، ثم يفتح ملف المثالب التي اختلقها الشعوبيون لبني أمية في أكثر من 80 صفحة، تليه مفاضلة بين الأمويين والعباسيين ومناقشة سريعة لتهافت تلك المواقف المؤدلجة.

 

نقاط حيوية

بعد ذلك تتدفق الموضوعات الجزئية متداخلة، وأختار أهمها:

-لولا عمر بن الخطاب ما كانت الخلافة لعلي
-من تسمى من أبناء الأئمة بأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة
-المصاهرة بين بني هاشم وبني أمية
-رأي الائمة في شيعتهم
-رأي الشيعة في أئمتهم وفي آل البيت
-مراسيم عاشوراء وما يرافقها من أفعال سادية
-شعار ثارات الحسين: ممن الثأر؟ وهل بقي ثأر؟
-من هم آل البيت؟
-آل البيت وفرق شيعية تعترف بخلافة أبي بكر وعمر، وفرق شيعية تكفر الإمام علي
-التعاون مع أعداء الأمة
-الانتحار الاستشهادي
-لو سأل الإمام علي لأنهى مسألة خلافة النبي
-أي من فرق الشيعة على صواب؟
حديث خم مأزق أدخل الشيعة في متاهة
حزورة عدد الأئمة
كراهية عائشة من جهة والأخذ بحديثها من جهة أخرى
تفضيل كربلاء على مكة ومزايدات الحج
أسطورة بساط الريح من اختراعات الأئمة
تفضيل فاطمة والمغالاة في أمرها
مشكلة الأرقام والمغالاة فيها
التشيع هل هو دين أم مذهب؟
كتب الإمامية وعصور تدوينها
-حقيقة تشيع العشائر في العراق وأسبابه
-تشيع إبليس وعشقه للإمام علي
-مسألة تحريف القرآن الكريم وصناعة السور البشرية
-الموقف المتناقض من ردة الصحابة
كبار الصحابة في النار وكسرى المجوس خارجها!
مهزلة المعجزات المنسوبة للأئمة
الكتب المقدسة عند الشيعة
كارثة الخمس
الفضائح الجنسية في العقيدة الصفوية
سحر الأئمة وأئمة السحر
الدبر والتعامل معه في الدين الشيعي
المواقف المتصاعدة تجاه النواصب من المخالفة إلى القتل
الإمام علي عند الشيعة والسنة
ابن سبأ حلقة الوصل بين اليهودية والصفوية
التمييز العنصري عند الأئمة
عقيدة الطينة وما أدراك ما الطينة؟
بيوت الله وبيوت الحسين
هل كسر عمر ضلع الزهراء أم كسر أنف المجوس؟
العصمة
هل يصلح الإمام المعصوم الحسن للخلافة؟
مكانة المرأة عند الشيعة
حديث سارية الجبل والشاب الأمرد
الإمام علي وابنه الحسن لم ينفذا النص الإلهي للإمامة
التقارب المذهبي أم التقارب الديني؟ تجارة رابحة للشيعة وخاسرة للسنة!
زواج المتعة، البغاء "المقدس"
المهدي المنتظر

 

إبداع وملاحظات

الكتاب ثري بالمعلومات الموثقة والمناقشات الجيدة بعامة، ولذلك يأسى المرء على غياب التنظيم فيه، مهما كانت دوافع المؤلف لذلك.

 

ومن النقاط التي تألق فيها الكاتب: نسفه خرافة سليم بن قيس الهلالي بمنطق تاريخي سديد ونفي وجوده -على الأقل عدم وجوده بالصورة السائدة رافضياً لأنها تعني أنه مولود سنة 3 هجرية بينما لا نجد لاسمه أي ذكر ولا إشارة ولو بين التابعين!!

 

كما يكشف تلاعب الرافضة الذي لم يتوقف.. فلما فضح علماؤنا دجل الكتاب المنسوب إلى ابن قيس (زعمه أن أبا الدرداء كان رسول معاوية لعلي في صفين التي وقعت 37 ه بينما توفي أبو الدرداء سنة 31) عمد القوم إلى حذف هذه الخرافة من الطبعات اللاحقة

 

وفي الكتاب المختلق تآمر خمسة من الصحابة منذ حجة الوداع لمنع تولية علي بعد وفاة النبي ومنهم معاذ الذي غاب عن حجة الوداع وعن تولية الصديق لأنه كان في اليمن!!

 

ومن مساخر القوم أن الهلالي يصر على أن عدد أئمة الرافضة 13!!

 

ومما وُفِّق فيه الكاتب كشف دس الرافضة بعض الكتب على أهل السنة كالإمامة والسياسة المفترى على ابن قتيبة المعروف بعدائه الشديد للرفض.. والكتاب مليء بالطوام كحديث مؤلفه الكذاب عن أحداث يزعم أنه عايشها مع أنها سبقت مولد ابن قتيبة بمئة وعشرين سنة.

 

ومن ذلك تخريفات مؤرخهم اليعقوبي الذي اختلق أن أبا طالب افتقد النبي ليلة الإسراء فقرر قتل 70 من رؤوس قريش!! بينما المقطوع به أن الإسراء حصل بعد وفاة أبي طالب.

 

وفي المقابل هناك نقاط أخرى، أتمنى على الأستاذ الكاش ألا يضيق صدره بها، وخاصة أنها تأتيه من موقع التقدير لجهده وطريقته في إقامة الحجة على القوم..

 

فليس من المقبول أن يقتصر الكاتب الكريم على كتابة حرف (ص) كلما ورد اسم النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

 

ووقعت أخطاء مطبعية لا ينجو منها كتاب بشري، وبعضها يؤدي إلى لبس كإيراد اسم القاضي المالكي المعروف أبي بكر بن العربي، هكذا: ابن عربي!! صحيح أن المطلع يدرك أنها غلطة مطبعية، ويميز جيداً ابن العربي صاحب: العواصم من القواصم، من ابن عربي داعية وحدة الوجود وصاحب الطوام الشركية والبدعية في كتبه العديدة.