لم يبذل الليبيون تضحيات جسيمة للتخلص من طاغيتهم الهالك معمر القذافي، لكي يرضخوا لقذافي آخر شر من سابقه، يجري تصنيعه على أعين مخابرات الغرب والشرق، في تكرار سمج لتعليب زعامات عميلة بثياب زائفة، وهو مسلسل بدأ مع أتاتورك ومر بمحطات عبد الناصر وحافظ أسد والقذافي .
فما مستقبل العميل خليفة حفتر الذي اتخذه أعداء ليبيا رأس رمح لطعن شعبها وإجهاض ثورته، والذي توافق عليه الخبث الأمريكي والحقد الروسي تماماً مثل طاغية الشام بشار؟
الغلاف داعش !!
تفيد أحدث الأنباء عن تعهد موسكو وواشنطن –معاً!!-بتحديث وتشغيل سلاح الجو الليبي القديم الموروث القذافي لصاح قوات خليفة حفتر.
ويقال:إن هذا القرار الإجرامي جاء ثمرة مشاورات جرت بصورة سرية في العاصمة الأردنية عمان بين مسؤولين أمريكيين وروس ومستشارين عسكريين يعملون مع حفتر على اساس تشغيل الطائرات المتبقية في سلاح الجو الليبي وصيانتها وتزويد العاطل عن العمل منها بالقطع المناسبة والذخائر.
وكان حفتر قد طالب الحلفاء الدوليين له بتزويده بقذائف روسية الصنع تصلح لقاذفات سلاح الجو الليبي حتى يعزز قواته في مدار العمليات.
ووافق الأمريكيون على الطلب فيما تم تخصيص الدعم المالي واللوجستي اللازم لإعادة تشغيل قاعدتين جويتين على الأقل كانتا قد خرجتا من الخدمة.
ويبدو أن حفتر في طريقه لتلقي دعم وإسناد غير مسبوقين خصوصا بعد ربط احتياجاته اللوجستية والتسليحية بالجيش المصري باتفاق مع الرئيس عبد الفتاح السيسي .
الهدف من هذا الدعم الماكر مساندة عمليات هجومية واسعة النطاق ستبدأ قوات حفتر بشنها ابتداء من مدينة بنغازي بدعم مصري كبير .
والذريعة النمطية التي يسوِّق بها الغرب وعبيده جرائمهم ضد المسلمين صارت مادة للسخرية لأنها تزعم توجيه ضربات لداعش، لكنها الحقيقة تقتل أهل السنة تحديداً بمن فيهم الشيوخ والنساء والأطفال والرجال العزل، وهذا ما يفعله الطيران الأمريكي العادي والـمُسَيَّر(من دون طيار) في كل من:أفغانستان واليمن وسوريا والعراق!!
التلميع فرنسي
لأن روسيا فاشلة في الترويج للطغاة بسبب إرثها الاستبدادي المستمر وفظاظة دبلوماسيتها وفجاجة إعلامها؛أوكلت مهمة تلميع العميل حفتر إلى فرنسا، التي يصر الغرب كله على تقديمها باعتبارها مهد الحريات في العصر الحديث!!
مع أن سجلها الدموي الوحشي في التعامل مع الشعوب الضعيفة، أشد سواداً من سائر شركائها الغربيين الدمويين.
فقد أكدت السفيرة الفرنسية لدى ليبيا، بريجيت كورومي، أن حفتر، هو جزء من حل الأزمة بالبلاد وقالت كورومي إن فرنسا تدعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج والاتفاق السياسي الموقَّع في الصخيرات الذي يحتاج إلى معالجة بعض «الخلل» الذي يتطلب اتفاق الليبيين، مشيرة إلى ضرورة دعم المؤسسة العسكرية والحرس الرئاسي، وأضافت السفيرة الفرنسية أن فرنسا تدعم الاتفاق السياسي الموقَّع في الصخيرات، وهو هيكل مهم للحل السياسي لكن يوجد به بعض الخلل، ولا بد من إيجاد حلول لإدخال الأطراف الرافضة للاتفاق ونجمع جميع الليبيين، ونوهت بأن الاتفاق أخرج 3 مؤسسات هي المجلس الرئاسي، ومجلس النواب ومجلس الدولة، لأن مجلس النواب انتهت مدته واتفاق الصخيرات شرع استمراره، وفرنسا تدعم هذه الأجسام جميعها ولا بد من تعديل الإعلان الدستوري ليبدأ تطبيق الاتفاق فعليًّا.
وأشارت السفيرة، بريجيت كورومي إلى أن فرنسا تعمل على المستوى السياسي في ليبيا، ولا تواجد لأي من جنودها على الأراضي الليبية، مبينة أن هناك تعاونًا في مجال الحرب على الإرهاب. من جهة أخرى طالب المبعوث الأمريكي إلى ليبيا جوناثان واينر، من وصفهم باللاعبين الإقليميين بمساعدة ليبيا على إنهاء أزمتها والاتفاق على صفقة كبيرة لتنفيذ الاتفاق السياسي حسب تعبيره.
وهنا يفضح النفاق الغربي نفسه، فالغرب اعترف باتفاق الصخيرات وحكومة طرابلس، لكنه في الوقت ذاته يؤازر إجرام حفتر ويسعى إلى فرضه بالضغوط على الحكومة التي اعترف بها الغرب !!
التصدي الإفريقي
العنصر الذي غاب عن بال جميع المتآمرين الأممين والإقليميين على الثورة الليبية، كان هو العنصر الإفريقي الذي دأبوا على الاستخفاف به، لكنه فاجأهم بموقف صارم مؤخراً ضد القذافي المستنسخ :خليفة حفتر!! وكانت دلالة الموقف الإفريقي أشد قوة لأنه صدر في القاهرة التي كانت أبرز مساندي حفتر!!
ففي الاجتماع الدوري العاشر لوزراء خارجية دول جوار ليبيا الذي استضافته القاهرة بتاريخ 20 يناير/كانون الثاني 2017، والذي حضره مندوب الاتحاد الأفريقي ومندوب الجامعة العربية للملف الليبي وأمين عام الجامعة العربية ، صدرت عدة قرارات مهمة ، تصدرها رفض أي تدخل عسكري أجنبي في الأزمة الليبية لأنه سيعقد الأمور ويضر بالمنطقة كلها ، وهذا القرار يجهض أحلام حلفاء جنرال السوء بتدخل روسي لدعم حفتر وميليشياته التي يسميها الجيش الوطني الليبي ، والتي تسيطر على جزء من شرق ليبيا ، كما أن هذا القرار إدانة للإمارات ضمنيا لتكرار تدخل طائراتها في المعارك التي تدور هناك وقصف أهداف لمعارضين لحفتر راح ضحيتها مدنيون ، بحسب شهادات من الداخل الليبي . ومن القرارات المهمة في المؤتمر حصره الشرعية السياسية في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بطرابلس العاصمة ، والمنبثق عن اتفاق الصخيرات برعاية الأمم المتحدة ، وليس للحكومة المزعومة في طبرق التابعة لحفتر وكتائبه ، وأكد البيان أن أي عمل عسكري في ليبيا ينبغي أن يتم ـ حصريا ـ بقرارات من المجلس الرئاسي بما في ذلك الأعمال التي يقول أصحابها إنها موجهة ضد الإرهابيين !!
وأضاف البيان الختامي أن : ( مكافحة الجماعات الإرهابية في ليبيا يجب أن تكون في إطار الشرعية الدولية، وأن العمليات بهذا الخصوص يجب أن تكون بناء على طلب من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني وفقاً للشرعية الدولية وأحكام القرار رقم 2259 المعتمد من مجلس الأمن بتاريخ 23 ديسمبر 2015 وميثاق الأمم المتحدة) ، وهذا يعني أن أي تحركات عسكرية لم يأذن بها المجلس الرئاسي أو يأمر بها هي أعمال خارجة على القانون وبهذا تم سحب بساط مكافحة داعش من تحت أقدام الدجال حفتر وداعميه القريبين والبعيدين!!
ودول الجوار الإفريقي التي اتخذت هذا الموقف التاريخي هي: مصر وتونس والجزائر وتشاد والسودان والنيجر!!
أسرار التراجع المصري؟
لا يخفي النظام المصري دعمه المطلق لأطماع حفتر، فذلك معلن رسمياً، وتؤكده الزيارات المتلاحقة اليت يقوم بها حفتر إلى القاهرة وكانت آخرها قبل أيام حيث التقى مع المسئول المصري عن الملف الليبي رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمود حجازي.
لكن السيسي لم ينجح في إقناع أي دولة إفريقية مجاورة برهانه الأحادي على خليفة حفتر، وخاصة أن الجزائر وتونس تقفان ضد مشروع حفتر التمزيقي لأسباب تتعلق بأمنهما الوطني !!
كما أن ارتماء حفتر كلياً في حضن بوتن أثار توجساً في القاهرة، التي أخذت تعيد حساباتها في ما يبدو لأول مرة منذ ثلاث سنوات إزاء الأزمة الليبية!!
فأخذت توجه الدعوات لممثلي سائر الأطراف الليبية، ومن بينها وفود عن مصراتة والمجلس الأعلى للدولة، وريث المؤتمر الوطني السابق المعروف بمعارضته الشديدة لحراك حفتر العسكري.
كما قام وزير الخارجية المصري سامح شكري، بزيارة لتونس ليعلن في بيانٍ مفاجئ، أن موقف بلاده وتونس موحد تجاه الأزمة الليبية.
وقد اختلفت لهجة كبار المسؤولين في القاهرة، خلال زيارة السراج الأخيرة، إذ بدت أكثر ليونة، ولأول تخلى الفريق محمود حجازي، المكلف بالملف الليبي، عن ضرورة فرض حفتر، وصار الحديث يدور عن إمكان التشاور معه ”.