العقبات الحقيقية في محادثات "أستانا"
27 ربيع الثاني 1438
خالد مصطفى

انتهت أمس الثلاثاء المحادثات المتعلقة بالأزمة السورية التي شهدتها العاصمة الكازاخستانية أستانا بإصدار بيان من الجهات الراعية للمحادثات في حين رفض وفد الثوار المشاركة في البيان وتحفظوا على عدد من النقاط التي جاءت فيه..

 

البيان الذي صدر من الدول الراعية كشف عن إنشاء آلية ثلاثية (بين روسيا وتركيا وإيران) لمراقبة وقف إطلاق النار بسوريا، وجاء في البيان أن إيران وروسيا وتركيا "تحث المجتمع الدولي على دعم العملية السياسية من أجل سرعة تنفيذ كل الخطوات المتفق عليها في قرار مجلس الأمن 2254"...

 

ودعمت الدول الثلاث الراعية للمحادثات، رغبة فصائل المعارضة السورية في المشاركة في الجولة المقبلة من المفاوضات التي ستجري في جنيف في الثامن من فبراير تحت رعاية الأمم المتحدة..وشدد البيان على أنه "لا يوجد حل عسكري للنزاع في سوريا، وأنه من الممكن فقط حله عبر عملية سياسية"....

 

من جهتها, أكدت المعارضة السورية، على لسان رئيس وفدها محمد علوش، أن لديها تحفظات على بيان أستانا، وأنها لن تقبل أن يكون لإيران رأي في مستقبل سوريا...وشدد علوش على أنه يدعم حلا سياسيا تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف بهدف إنهاء حكم بشار الأسد...وكشف علوش أنه قدم اقتراحا لروسيا بشأن وقف شامل لإطلاق النار في سوريا، ويتوقع ردا خلال أسبوع، مضيفاً: "إننا ملتزمون بوقف النار، وندعو بقية الأطراف للالتزام به"...واعتبر أن "الروس انتقلوا من مرحلة كونهم طرفاً في القتال ويمارسون الآن جهودا كي يصبحوا أحد الضامنين، وهم يجدون عقبات كثيرة من جماعة حزب الله وإيران والنظام السوري"....

 

تصريحات رئيس وفد الثوار للمحادثات كشفت عن العقبة الحقيقية لنجاح المحادثات وأي محادثات قادمة تتعلق بالشأن السوري وهي إيران ومليشياتها؛ فإيران لها مصالح عديدة من تدخلها في سوريا وهي تدعم نظام الأسد لأبعد مدى من أجل هذه المصالح وهي تعلم جيدا أن بقاء الأسد على رأس السلطة هو الضامن لتحقيق هذه المصالح بينما ترى روسيا أن مصالحها قد تتحقق بدون شخص الأسد وأن الأهم هو عدم إطالة أمد النزاع لأن هذا قد يخل بتوازنات كثيرة في المنطقة حرصت موسكو على الحفاظ عليها منذ تدخلها المباشر في سوريا...

 

محادثات أستانا حتى قبل انطلاقها كشفت تضاربا في المصالح بين القوتين الرئيسيتين اللتين تدعمان نظام الأسد وهما روسيا وإيران وإن كان الحديث عن هذا الموضوع يعود لأشهر سابقة إلا أنه بدا أكثر وضوحا مع  الدعوة للمحادثات ومحاولة إيران الاستفراد بالوفد المعارض ورفضها مشاركة أمريكا بينما أصرت موسكو على مشاركتها...الوفد السوري المعارض أكد قبيل توجهه للمحادثات أنه لن يقبل مناقشة أية تفاصيل سياسية تتعلق بمستقبل البلاد قبل الاتفاق على تثبيت وقف إطلاق النار وتنظيم إدخال المساعدات للمدنيين المحاصرين...

 

وخلال المحادثات التي كانت غير مباشرة وضح أن الوفد المعارض لا يثق في إيران وأنه لا يرى إمكانية قبولها كضامن لاتفاق وقف إطلاق النار وهو ما جعله يرفض التوقيع على البيان الختامي...الأيام القليلة القادمة ستظهر مدى جدية الرعاة في تنفيذ الآلية المتفق عليها لتثبيت وقف إطلاق النار, ولكن هذا لا يمنع من وجود إشكاليات كثيرة تشمل ما يجري في وداي يردى بريف دمشق وإصرار النظام على قصفها بحجة تأمين المياه للعاصمة..

 

كما أن هناك عددا من الفصائل لم تشارك في محادثات أستانا ولها تحفظات عليها وهو ما سيؤدي لخلافات داخل الصف الثوري قد يستغلها نظام الأسد ومليشياته لخرق الهدنة في أكثر من منطقة..كما ستظل قضية إدخال المساعدات الإنسانية عالقة حيث لم يشر إليها البيان الختامي.